حقوق الإنسان هي المسار إلى الحلول من أجل مستقبلنا المشترك
25 أيلول/سبتمبر 2024
في عالمنا الذي يتطور بسرعة خارقة، تقدم الإنجازات التكنولوجية والعلمية لمحات مغرية لغدٍ أكثر إشراقًا، غد يعمّه السلام والازدهار والتقدم للبشرية وكوكبنا على حد سواء.
إلّا أنّ واقعنا الأليم المترسّخ في التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، والنزاعات المروعة، واتساع فجوة عدم المساواة والركود في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى المخاطر المحتملة الناجمة عن التقدّم التكنولوجي نفسه وأزمة المناخ التي تزداد إلحاحًا، يخفّف من وهج هذا الوعد.
وقد أوضح مفوض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك قائلًا: "غالبًا ما تبدو هذه العقبات الشاقة عصية على الحل، ما يؤدي إلى تآكل الثقة الاجتماعية والشعور الخطير باليأس لدى الكثيرين. ولا يمكن لأي بلد أن يحلّ منفردًا المشاكل العالمية القائمة. فالتعاون الدولي المترسّخ في حقوق الإنسان، يشكّل أفضل وسيلة لحل التحديات الهائلة التي تواجهنا ولإحداث تغيير إيجابي اليوم وفي المستقبل."
شكّل إيجاد أرضية مشتركة لمستقبلنا المشترك الغرض من القمة من أجل المستقبل التي عُقدت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في 22 و23 أيلول/ سبتمبر. وفي افتتاح القمة، وبعد مفاوضات طويلة ومكثفة انخرطت فيها جميع الدول، اعتمد قادة العالم ميثاقًا من أجل المستقبل، يهدف إلى تعزيز النظام المتعدد الأطراف بغية معالجة التحديات العالمية بشكل أفضل. وقد أتت حقوق الإنسان، نظرًا إلى أهميتها المحورية في التصدي لمثل هذه التحديات، مترسّخة في جميع فصول الميثاق الخمسة، وهي التنمية المستدامة وتمويل التنمية، السلم والأمن الدوليين، العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتعاون الرقمي، الشباب وأجيال المستقبل، تحويل الحوكمة العالمية.
كما اعتمدت القمة وثيقتين أخريين ملحقتَيْن بالميثاق من أجل المستقبل، هما الاتّفاق الرقمي العالمي وإعلان الأجيال المقبلة.
“
خيارنا واضح، وهو اعتناق القوة الكاملة لحقوق الإنسان والوثوق بها باعتبارها السبيل إلى العالم الذي نصبو إليه، وهو عالم أكثر سلامًا ومساواة واستدامة.
“
مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك
وقد سبق القمة من المستقبل يوما عمل (في 20 و21 أيلول/ سبتمبر) تخلّلهما عشرات الحلقات النقاشية المتنوعة والشاملة والفعاليات الجانبية بمشاركة الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والسلطات المحلية والإقليمية والشباب وغيرها من الجهات الفاعلة الأخرى. وشاركت المفوضية في استضافة حدث جانبي بحث في أهمية حقوق الإنسان المحورية في تنفيذ الميثاق.
وشدّد تورك قائلًا: "فيما تجتمع جميع دول العالم في الأمم المتحدة لمناقشة مستقبلنا المشترك، فلنتذكّر أنّه بإمكان حقوق الإنسان أن تُحدِث تحولاً في المجتمعات كافة ومجتمعنا العالمي. فهي تقدم حلولاً عملية لمشاكل ملموسة، اليوم وفي المستقبل."
وفي مستقبل قائم على التعاون الدولي، لا غنى عن نظام متين لحقوق الإنسان، يستجيب بشكل حاسم للمشاكل ويقدّم حلولًا أفضل للناس والكوكب.
وتابع تورك قائلًا: "يشكّل السلم والأمن والتنمية وحقوق الإنسان ركائز الأمم المتحدة وأسس الرفاه الجماعي في المستقبل. ولا يمكن الحفاظ على إحداها من دون الأخرى، فهي متساوية في الأهمية ومترابطة ويعزز بعضها بعضًا."
ويقدم بيان الرؤية الذي أطلقه تورك تحت عنوان "حقوق الإنسان: مسار إلى الحلول"، إطارًا بارزًا لمعالجة التحديات الحالية والمستقبلية، وهو يتماشى تمامًا مع الميثاق من أجل المستقبل. وتقدم الوثيقة ثماني رسائل أساسية تهدف إلى ضمان أن تبقى حقوق الإنسان محور الجهود المبذولة من أجل السلام، والاقتصادات التي تركز على الناس، والحوكمة الفعالة، والتقدم الرقمي والعلمي المسؤول.
مبادرة يقودها الشباب من أجل المستقبل
خلال أيام العمل، شاركت المفوضية السامية أيضًا في إدارة جلسة رئيسية ركزت على الشباب باعتبارهم أصحاب حقوق أساسيين وأصحاب مصلحة فاعلين في قيادة التغيير المستدام.
وقد أوضح تورك قائلًا: "الشباب هم عوامل رئيسية لإحداث تغيير الإيجابي، وينبغي أن تتاح لهم فرص مجدية من أجل تشكيل المستقبل. وعلى الحكومات أن تعزّز مشاركتها الهادفة في عملية صنع القرار وأن تدعم المنظمات التي يقودها الشباب وأن تيسّر الحوار بين الأجيال."
“
إنّ حقوق الإنسان ليست في أزمة، على حدّ ما يتناهى غالبًا إلى مسامعي. بل القيادة السياسية المسؤولة عن إعمالها على أرض الواقع هي التي تواجه أزمة.
“
مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، القمّة من أجل المستقبل
وقد شارك المفوض السامي خلال القمة وأيام العمل في العديد من الفعاليات، حيث طرح حل المشاكل من منظور حقوق الإنسان على مجموعة واسعة من القضايا بدءًا من تفكيك هياكل السلطة الذكورية وصولًا إلى إدارة التكنولوجيات الرقمية مرورًا بمكافحة الكراهية والتمييز ضد مجتمع الميم-عين.
كما حثّ تورك جميع صناع السياسات على ضمان أن يأخذ كل قرار يعتمدونه بعين الاعتبار تأثيره على حقوق الإنسان وكوكبنا والأجيال المقبلة.