تقارير عن ازدياد الأعمال الانتقامية ضد الأشخاص الذين يتعاونون مع الأمم المتحدة
20 كانون الاول/ديسمبر 2019
يكمن الخبر السيء، بحسب أندرو غيلمور، مساعد الأمين العام لحقوق الإنسان، الذي يغادر الأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2019 بعد 30 عاماً من الخدمة، في أن التقارير بشأن الأعمال الانتقامية نتيجة التعاون مع الأمم المتحدة في ازدياد. ومنذ عام 2016، يعتبر غيلمور المسؤول الأممي الرفيع المستوى المكلف بالتعامل مع هذه القضية في الأمم المتحدة.
وفي عروض تقديمية أمام مجلس حقوق الإنسان في أيلول/سبتمبر 2019 وفي نشاط جانبي للجمعية العامة للأمم المتحدة مع الدول الأعضاء والمجتمع المدني في نيويورك في تشرين الأول/أكتوبر 2019، قال غيلمور إن عدد الدول المذكورة في أحدث تقرير للأمم المتحدة، حيث نحظى بموافقة لنشر الحالات، ازداد مما معدله 15 إلى 20 دولة بحسب التقرير سنوياً ابتداءً من عام 2010 إلى 48 دولة هذا العام.
وقال غيلمور للجمعية العامة للأمم المتحدة "يواجه الناس حول العالم عقوبات نتيجة تعاونهم مع الأمم المتحدة، ومع الهيئات والولايات والآليات التي تنشئها الدول الأعضاء"، مؤكداً "لطالما بدا لي قيام الدول الأعضاء بتنفيذ معظم هذه العقوبات خطأ فادحاً". وأشار غيلمور إلى أن أشكال الأعمال الانتقامية التي يتعرض لها الناس واسعة النطاق، ابتداءً من الأمور الأخف وطأة مثل الحظر على السفر والمضايقات إلى حوادث أكثر خطورة مثل التعذيب والتوقيف والاعتداء الجنسي وحتى الموت. وهناك أيضاً قدر كبير من حملات التشهير عبر الإنترنت، وهي ظاهرة جديدة نسبياً، على حدﱢ قوله.
ولفت غيلمور إلى اتجاه جديد في الأعمال الانتقامية مفاده أن الدول تواظب على رفض المزاعم المقدمة إليها، وتقول إن المعاملة التي يلقاها المستهدفون من الأفراد والمنظمات غير الحكومية لم تكن مرتبطة بالتعاون مع الأمم المتحدة، بل بقضية "أمنية" محلية. وقال غيلمور لمجلس حقوق الإنسان، مشدداً على الأمر ذاته في نيويورك "إن العديد من الأفراد الذن تبادلوا معنا معلومات أو حضروا إلى اجتماعاتنا تمَّ اتهامهم رسمياً 'بالإرهاب' أو لومهم نتيجة 'تعاونهم مع كيانات أجنبية' أو اتهامهم 'بالإساءة إلى سمعة الدولة أو أمنها'".
وقال غيلمور في مقابلة "من أكثر النواحي إحباطاً في هذه الولاية، وثمة العديد من الأمثلة المشار إليها في تقرير الأمين العام، أن الحكومات نادراً ما تعترف أنها قامت بعمل انتقامي. وهذا الرفض أحمق وأعمى وشامل تقريباً لتعترف بأنها ربما نفذت أعمالاً انتقامية. وأودُّ أن أحثَّ فعلياً، من أجل المساءلة وحق الناس في تقديم الشكاوى، على أن نثير هذه القضية".
لكن ثمة استثناءات مهمة لفرادى الدول التي تتعامل مع هذا الأمر بجدية، سواء باتخاذ إجراءات بشأن المزاعم المقدمة إليها مع القيام بتحقيقات أو من خلال طرح تدابير مع حماية الضحية المزعومة المعنية. وشجعت دول أخرى على تعاون المجتمع المدني مع الآليات الدولية واعترفت بالحق في تقديم شكوى في قوانينها وسياساتها الوطنية. وتبدي المفوضية السامية لحقوق الإنسان حماسة لتسليط الضوء على الممارسات الجيدة، التي تمَّ إيجازها في الشروط العامة لتقرير الأمين العام، وتأمل في أن يكون هناك المزيد من الأمثلة مع مرور الوقت.
واستخدمت دول أخرى الأمم المتحدة لدق ناقوس الخطر حول اتجاهات عالمية، وحثَّت على المساءلة وتعزيز الاستجابة من كل مجالات منظومة الأمم المتحدة. وتدين هذه الدول وتحذر من نطاق المشكلة، التي تترك أثراً لا مفرَّ منه على الخطاب العالمي الخاص بالعديد من القضايا، مثل التنمية والبيئة وحماية المدنيين في حالات النزاع ومنع الإرهاب ومكافحته. وفي السنوات الثلاث التي وضع التقارير حولها في هذا المجال، أكد غيلمور أنه كانت هناك بعض النتائج الإيجابية. فأشار أولاً إلى أن زيادة عدد الدول التي تطالها المزاعم أمر يبين أن الأمم المتحدة حسَّنت قدرتها على توثيق الحالات والاتجاهات وعلى الوصول إلى المزيد من الضحايا. كما دعم الحوار مع الآليات الرئيسية مثل هيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة، وعزز التعاون مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بانتظام.
كما تمَّ تحقيق تقدم في اكتساب المزيد من الجمهور داخل الأمم المتحدة لاستيعاب مشكلة الأعمال الانتقامية، وتوجيه انتباه المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى الحالات، وفق غيلمور، الذي أشار إلى أن العديد من المنظمات أصبحت أكثر انسجاماً مع هذه القضية. وقال "يسرني أن مبادرات مهمة حصلت داخل منظومة الأمم المتحدة لتطوير التوجيه وتوعية الموظفين وتحسين الإبلاغ. وبالإضافة إلى (مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان)، ثمة العديد من منظمات الأمم المتحدة التي تثير هذه القضية مع تحسين السياسات ومبادرات الحماية".
وفي أسابيعه الأخيرة في الأمم المتحدة، أكد غيلمور أنه مقتنع أن وضع حدﱟ للأعمال الانتقامية ينبغي أن يكون في صلب مسؤولية المنظمة، بما في ذلك موظفيها وهيئاتها الحكومية الدولية ووكالاتها، إنما خصوصاً الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وقال "يقع العبء الحقيقي على كاهل الدول الأعضاء. وأودُّ أن ألفت بكل احترام إلى أنكم أنتم، أيها الدول الأعضاء، من ينبغي أن يضمن أن لا يتم استهداف الشجعان من المدافعين عن حقوق الإنسان والضحايا الذين يدلون بشهادات إلى الأمم المتحدة بوحشية نتيجة تعاونهم مع هذه الهيئات والولايات نفسها التي قمتم بتأسيسها".
اطلع على المزيد من المعلومات بشأن الأعمال الانتقامية
شاهد شريط فيديو بشأن الأعمال الانتقامية
20 كانون الاول/ديسمبر 2019