Skip to main content

ميانمار

واي واي نو، الناشطة من الروهنغيا، أعلنت قائلة: "أنا لست حرّة. مجتمعي ليس حرًّا. بلدي ليس حرًّا."

13 أيّار/مايو 2019

لم ترتكب واي واي نو أيّ جرم في حياتها، ولكن ما إن بلغت الـ18 من عمرها حتّى تمّ إبلاغها بأنّها ستُسجَن. كانت قد التحقت لتوّها بكليّة الحقوق عندما صدر الحكم بحقّ والدها، وبحّقها وبحقّ والدتها وأختها وأخيها.

ظنّ أفراد الأسرة أنّه سيتم إطلاق سراحهم بعد بضعة أشهر، لكنّهم في الواقع أُجبِروا على تحمل ظروف مزرية في سجن إنسين المكتظّ المعروف في ميانمار، وذلك مدّة سبع سنوات. أممّا أخوها فقد أُرسِل إلى سجن آخر.

ووفقًا للسلطات، فإنّ جريمة واي واي هي أنّها ابنة كياو مين، وهو مدرّس وناشط سياسيّ من ولاية راخين غرب ميانمار.

خلال العقود القليلة الماضية، تحوّل شمال ولاية راخين إلى بؤرة أزمة. وتنتمي عائلة واي واي إلى مجتمع الروهينغيا المهمّش، وهو مجتمع في راخين لا يزال يعاني الاضطهاد والنزوح الجماعيّ حتّى يومنا هذا. ومنذ منتصف العام 2017، فرّ ما يقارب المليون شخص من الروهينغيا إلى بنغلاديش المجاورة.

وفي آذار/ مارس 2019، وصفت مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت الوضع بأنّه ينطوي على "تمييز منهجيّ وقيود قاسية مفروضة على حرية التنقل"، عندما رفعت تقرير المفوضيّة إلى مجلس حقوق الإنسان بهذا الشأن.

وأخبرت واي واي قائلة: "عندما أصدر القاضي الحكم، لم أذرف دمعة، لأنّني لم أكن أرغب في أن أُظهر حزني أو ضعفي. ولم أرغب في أن يشعر والداي بالذنب بشأن ما حدث لنا. لكن، عندما وصلت إلى السجن مع أمي وأختي، بكينا معًا مدّة ثلاثة أيام.

وتابعت قائلة: "عندما بدأ تنفيذ العقوبة، كنت أحتاج إلى سنتَيْن بعد لأنهي دراستي في كلية الحقوق. ورحت أشعرت كلّ يوم، عندما تبدأ الصفوف، وكأنني أموت من الداخل. لا يجب أبدًا أن يدخل السجنَ أيُّ شاب إن لم يرتكب جريمة. مكانه ليس في السجن بل في الجامعة."

حصلت واي واي في نهاية المطاف على شهادة الحقوق بعدما خرجت من السجن، وتخرّجت من جامعة يانغون الشرقيّة. وتنظر إلى الماضي، إلى الوقت الذي أمضته في السجن وتصفه بـ"جامعة الحياة"، وتخبر كيف شكّل الحافز الأساسيّ لعملها كمدافعة عن حقوق الإنسان اليوم.

فتقول: "أدركتُ إلى أيّ مدى لا يزال التمييز ضد المرأة متجذّرًا في جميع جوانب حياتها: إن على مستوى الوصول إلى التعليم أم الرعاية الصحيّة أم الاقتصاد أم السياسة أم عمليات صنع القرار."

تجوب العالم اليوم وتتحدث علنًا عن محنة النساء والفتيات من الروهينغيا. قد زارت جنيف مؤخّرًا، وتحدّثت إلى لجنة الأمم المتّحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة.  ويُبرز تقريرٌ أصدرته اللجنة مؤخرًا حالة الدمار المروّعة التي تعيشها النساء والفتيات من الروهينغيا، كما يسلط الضوء على الفظائع المستمرة على نطاق واسع – من عنف جنسيّ، وحرمان من الجنسيّة، وتقييد حريّة التنقل، بالإضافة إلى الافتقار الشديد إلى الرعاية الصحيّة والتعليم والسكن.

وعلى الرغم من كلّ الدعوات والطلبات التي رفعتها الأمم المتّحدة والمجتمع الدوليّ مرارًا وتكرارًا، يؤكّد التقرير على أنّه "ما من دليل على اتّخاذ أيّ تدبير يمنع انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ويعالجها بشكل فعّال". وشدّد على أنّ سلطات ميانمار تواصل مثلاً إنكار ارتكاب أيّ عنف جنسيّ، فخلص إلى أنّه "ما من جهود حقيقيّة بُذِلَت" لمحاسبة الجناة.

ولاية راخين: عالمان مختلفان

انتقلت واي واي وعائلتها إلى يانغون في أوائل تسعينات القرن العشرين، عندما كانت لا تزال في الثامنة من عمرها. وهي تتذكّر دولة راخين مختلفة كلّ الاختلاف عن راخين اليوم. فقد ضمّت مدرستها مدرّسين وتلاميذ من مجتمعات دينيّة وثقافيّة مختلفة.

وتتذكّر قائلة: "لم أشعر كطفلة بأجواء الكراهية. كنا نعيش في المدينة، لذلك لم ندرك ما كان يحدث في المناطق النائية. ولكن في أوائل التسعينات، بدأت عمليّات الطرد المنهجي – فَفُصِل الموظفون العموميّون من الروهينغيا من عملهم، بمن فيهم المدرّسون والأطباء والمحامون وضباط الشرطة. أمّا اليوم فقد أمسى الوضع مختلفًا تمامًا: التغيير ليس طبيعيًّا، وهو مخيف."

بدأت تشعر بالتمييز كونها من الروهينغيا ومن المسلمين عندما أصبحت في المدرسة الثانويّة في يانغون. فواي واي رياضيّة واعدة، ولكنّها مُنعت من المشاركة في المسابقات الرياضيّة على المستوى الوطنيّ وعلى مستوى الولاية لأنّها مسلمة. كما أنّ المنهج لم يتناول إلا البوذيّة في ميانمار، ولم يعترف بأيّ ديانة أو ثقافة أخرى منتشرة في البلاد. ورفضت المدرسة أيضًا تسهيل حصولها على بطاقة الهوية الخاصة بميانمار، على الرغم من أنّها عالجت البطاقات نفسها للطلاب البوذيّين.

وأكّدت قائلة: "لقد فرضت الحكومة التمييز من خلال نظام التعليم، فتبنّاه المجتمع اليوم. والتمييز متأصّل للغاية في ميانمار وهو متجذّر في الثقافة والعقليّة والحياة اليوميّة".

النضال من أجل حقوق المرأة والفتاة

تقيم واي واي حاليًّا في الولايات المتّحدة الأميركيّة، وقد حصلت العام الماضي على ماجستير في القانون من جامعة كاليفورنيا في بيركلي. وتؤكّد على أنّ هدف حياتها هو الدفاع عن حقوق النساء والفتيات في مجتمعها في بلدها الأمّ.

لا تعتبر أنّها نجحت في الفرار إلى برّ الأمان لمجرد أنّها تعيش في الولايات المتّحدة. وتقول:  "أنا لست حرّة. ومجتمعي ليس حرًّا. وبلدي ليس حرًا. تعجز الكلمات عن وصف وضع الفتيات والنساء من الروهينغيا. وأعتبر أنّه من مسؤوليّتي أن أساهم في تحقيق الكرامة الإنسانيّة والاحترام والحريّة."

وقد أسّست منظّمتَيْن غير حكوميّتين، هما منظّمة شبكة السلام للمرأة - أراكان التي تركّز على بناء السلام في ميانمار، ومنظّمة العدالة للمرأة، وهي شبكة من محاميات يقدّمن المساعدة القانونيّة إلى النساء المحتاجات.

وتصف واي واي ما يحدث للنساء والفتيات في شمال ولاية راخين بأنه صدمة هائلة، وهو "تمييز انتقائيّ للغاية موجّه ضد شعب بأكمله."

وتقول إنّها تحلم براخين يحترم المرأة، ويبقيها آمنة ومأمونة، وتتمتّع فيه بحقوق وحريّات متساوية.

وتختم قائلة: "سأواصل العمل إلى أن يصبح هذا الحلم حقيقة."

الصفحة متوفرة باللغة: