انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام "مخصّص للفقراء"
16 تشرين الأول/أكتوبر 2018
أمضى ندومي أولاتوشاني 20 عامًا من حياته وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بحقه في تينيسي، في الولايات المتّحدة، لجريمة لم يرتكبها. فأمضى بالإجمال 27 عامًا في السجن، "مقيدًا بالسلاسل ومكبلاً بالأصفاد مثل وحش من وحوش القصص الخياليّة".
وفي اجتماع تناول الفقر والحقّ في التمثيل القانونيّ وعقوبة الإعدام عُقد في مقر الأمم المتّحدة في نيويورك في 25 أيلول/ سبتمبر، أخبر ندومي الحضور قائلاً "طوال ذلك الوقت، لم ألتقِ يومًا شخصًا غنيًّا ينتظر دوره لتنفيذ حكم الإعدام بحقه". وتقرَّر مصير أولاتوشاني، هذا الشاب الأسود البشرة والفقير، في اللحظة التي كُبّلَت يداه فيها واقتيد ليواجه محاكمة على جريمة ارتُكبت في تينيسي، وهي ولاية لم يسبق أن وطأتها قدماه قبلاً. فحكمت عليه بالإعدام هيئةُ محلّفين أعضاؤها جميعهم من ذوي البشرة البيضاء على الرغم من شهادات أفادَت بأنّه كان يحتفل بعيد ميلاد والدته مع العائلة والأصدقاء في ميسوري ليلة وقوع الجريمة. ولم يتمكن من استعادة حريته إلا بعد ثلاثة عقود تقريبًا، لأن أسرته وأصدقاءه والمتعاطفين معه لم يتخلّوا عن قضيته.
وأشار قائلاً: "من الصعب أن تتخيل أن أيّ شخص عاقل يتحلّى بذرّة إنسانيّة يمكنه أن يدعم عقابًا من شأنه قتل أناس أبرياء".
أمّا خبير الأمم المتّحدة المستقلّ المعنيّ بمسألة الفقر وحقوق الإنسان فيليب ألستون، فقال من جهته إنّ عقوبة الإعدام تعلوها لافتة كبيرة كُتب عليها "مخصّص للفقراء" .
وأكّد قائلاً: "إنّ عقوبة الإعدام مخصّصة لمن لا يستطيع تفادي الاعتقال وتحمّل تكاليف التمثيل القانونيّ والاستئناف اللائق، ولا يمثّل أي قوّة وازنة بنظر الحكومة".
وشدَّد على أن الفقر يتسبّب بانتهاك مجموعة كبيرة من حقوق الإنسان، ودعا إلى اعتماد مقاربة شاملة لمعالجة العلاقة المتجذّرة بين الفقر وانتهاكات حقوق الإنسان.
وبدورها، قالت مسؤولة قضائيّة رفيعة المستوى من كينيا، ماري آن نجو، إن غالبية ما يزيد عن 800 شخص بانتظار تنفيذ حكم الإعدام في كينيا، منذ آذار/ مارس 2018، من الفقراء غير المتعلّمين أو بالكاد حصلوا على أيّ تعليم، ويعيشون في مناطق ريفيّة، حيث مستويات المعيشة أكثر انخفاضًا عادة. ومن أصل 142 رجلاً و25 امرأة من السجناء الذين ينتظرون دورهم في طابور الإعدام، لم يحصِّل التعليم الجامعي إلا رجلًا واحدًا وامرأة واحدة. مع الإشارة إلى أنّ محكمة كينيا العليا فرضت مؤخّرًا قيودًا على تنفيذ عقوبة الإعدام.
وأشار العديد من المتحدّثين إلى أن المرأة الأكثر عرضة لعقوبة الإعدام من الأكثر حرمانًا. فأعلنت إيطاليا ما يلي: "ما من شكّ في أنّ كلًّا من التمييز القائم على التنميط الجنسانيّ ووصمة العار والمعايير الثقافيّة والأبويّة الضارة والعنف القائم على النوع الاجتماعيّ، يترك تأثيرًا سلبيًّا على وصول المرأة إلى العدالة على قدم المساواة مع الرجل".
ونظّمت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان وغيرها من هيئات الأمم المتّحدة والعديد من الدول من كافة المناطق ومنظّمات المجتمع المدني، حملات من أجل إلغاء عقوبة الإعدام كليًّا. وقد أدَّت في العام 2007، وبدعم من 104 دول، إلى اعتماد الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة قرارًا تاريخيًّا ينصّ على وقف العمل بعقوبة الإعدام.
ويدعو القرار الدول إلى اتّخاذ إجراءات لإلغاء عقوبة الإعدام. وقد ارتفع عدد الدول التي تدعم القرار إلى 117 دولة مع حلول العام 2016. وانخفض عدد الدول التي تصوِّت ضد القرار بشكل ملحوظ من 54 إلى 40 دولة. ومن المرتقب أن يجري آخر تصويت على وقف العمل بعقوبة الإعدام في فترة لاحقة من هذا العام.
وقال مساعد أمين عام الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان أندرو غيلمور: "لقد تمّ تسجيل تطورات إيجابيّة بالغة الأهميّة في ما يتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام على المستوى العالميّ، مع قيام 160 دولة بإلغائها أو بالتوقف عن تنفيذها. لكن عمليّات الإعدام التي لا تزال تُنفَّذ تستهدف الفقراء بشكل غير متناسب"، واصفًا شهادة أولاتوشاني على أنّها من أشدّ الشهادات تأثيرًا تمّ إدلاؤها يومًا في الأمم المتّحدة.
أمّا مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت فقد أشارت من جهتها إلى أنّ حقوق الإنسان تربط مباشرة أهداف التنمية المستدامة بالفقر وسيادة القانون واستخدام عقوبة الإعدام التي تستهدف حصرًا تقريبًا الفقراء. وقالت: "إذا كنّا عاجزين عن تحقيق العدالة للفقراء عندما تهدّد عقوبة الإعدام حياتهم، كيف يمكننا أن نوفّر سيادة القانون الضروريّة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟"
ودعت باشيليت الحكومات إلى دعم حقوق الإنسان القائمة على سيادة القانون، مؤكدة أنّها شرط أساسيّ لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة والتغلب على الفقر وحماية حقوق الإنسان.
16 تشرين الأول/أكتوبر 2018