Skip to main content

ليبيا: الرعاية الصحيّة تحت النيران بسبب النزاع

23 أيّار/مايو 2018

من المفترض أن تشكّل المستشفيات أماكن آمنة للشفاء والتعافي، ولكنّها في معظم مناطق ليبيا، مُستَهدفة بنزاع يسبّب لها وبصورة مستمرّة أضرارًا متزايدة، حيث تُستَهدَف المباني، وتُنهَب المعدّات، ويُهدَّد الموظّفون، ويخوَّفون ويُهاجَمون ويُخطفون.

وأخبر موظّف في مستشفى الزاوية التعليميّ قائلاً: "مارس رجل مسلّح كلّ الضغوط كي يعالج طبيبٌ قريبَه فورًا. وحاول الطبيب أن يشرح له أنّ هناك حالات طارئة أكثر خطورة إلاّ أنّ المقاتل أخرج مسدّسه وأطلق النار." وتجدر الإشارة إلى أنّ المستشفى يقع في شمال غرب البلاد.

وكان لاستمرار العنف ضدّ المرافق الطبيّة والموظّفين الصحيّين آثار كارثيّة على تأمين الرعاية الصحيّة في ليبيا، بحسب ما بيّنه تقرير جديد للأمم المتّحدة. فتقرير “ليبيا: الرعاية الصحيّة تحت النيران” هو تقرير مشترك أعدّته بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا ومكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان. وقد تناول سنة من سنوات النزاع في ليبيا (تمتدّ من 1 أيّار مايو 2017 حتّى 1 أيّار/ مايو 2018)، وسلّط الأضواء على هشاشة الخدمات الصحيّة في البلاد.

وأشار مثلاً إلى أنّ المستشفيات والمرافق الطبيّة تعرّضت، خلال الفترة المذكورة، إلى القصف أو عَلِقَت بين نيران الأطراف المتحاربة، ما أدّى إلى حالات قتل وأضرار في البنى التحتيّة وإقفال مؤقّت. كما أفاد التقرير بأن المرافق الطبيّة قد نُهِبَت.

وذكر موظّف في مستشفى الزاوية التعليميّ قائلاً: "يسرق المسلّحون المعدّات من المستشفى بصورة منتظمة. كما أنّ المقاتلين المصابين يصرّون أحيانًا على أخذ السرير معهم من المستشفى إلى المنزل بعد خروجهم. ولا يملك أحد السلطة أو القدرة على منعهم عن ذلك".

وشرحت ماتيلدا بوغنر، التي ترأس شعبة العدالة الانتقاليّة وسيادة القانون في مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، أنّها تأمل في إنقاذ بعض المرافق الطبيّة والموظّفين الصحيّين عبر تسليط الأضواء عمّا يجري.

وأضافت قائلة: "من المهمّ أن تستوعب المجموعات المسلّحة طبيعة المرافق الطبيّة والموظّفين الصحيّين المحميّة، وأن تدرك أنّه يمكن محاسبتها على الهجمات التي تنفّذها ضدّها. ونذكر (في التقرير) أنّه في العديد من الحالات حيث تمّ استهداف المرافق الطبيّة، لم يكن المهاجمون ممنونين من الخدمة. كما أنّ التقرير يبيّن كيف أنّ هذا النوع من الهجمات يعيق الخدمات الطبيّة، ويترك الجميعَ أسوءَ حالًا."

ومن المفترض أن تبقى المرافق الطبيّة والموظّفين الصحيّين بمنأىً عن أيّ تدخّل خلال النزاعات. وقد أعاد قرار اعتمده مجلس أمن الأمم المتّحدة في العام 2016 التأكيد على ذلك. إلاّ أنّ العاملين في الرعاية الصحيّة يتعرّضون أسبوعيًّا، وفي أصقاع الأرض كلّها، إلى الهجمات والمرافق تدمّرها النزاعات، بحسب ما أشارت إليه اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر. وقد أفاد تقرير أصدرته مؤخّرًا، أنّه منذ شهر أيّار/ مايو (أي بُعَيْد اعتماد قرار مجلس الأمن المذكور) حتّى اليوم، وقعت 1,200 حادثة عنف ضدّ مرافق رعاية صحيّة أو ضدّ موظّفيها في 16 بلدًا فقط.

ومن أجل مكافحة هذا الواقع، تحثّ بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا، بالتعاون مع مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان واللجنة الدوليّة للصليب الأحمر، القوّاتِ المسلّحةَ على الامتناع عن استهداف المدنيّين والبنى التحتيّة المدنيّة في هجماتها، وعلى التحقيق في أحداث العنف ضدّ مرافق الرعاية الصحيّة وعمّالها، ومحاسبة المرتكبين.

أمّا في ما يخصّ ليبيا، فتتخطّى التوصيات هذا المستوى، لتشجّع قادة المجموعات المسلّحة على التنديد بالعنف ضدّ مرافق الرعاية الطبيّة وعمّالها، وعلى منع استهداف مرافق الرعاية الطبيّة وعمّالها بالهجمات، أو أقلّه التخفيف من آثارها.

وعلى الحكومة أن تعتمد وتنفّذ تدابير تمنع أعمال العنف والهجمات على مقدّمي الرعاية الصحيّة الملتزمين حصرًا مسؤوليّاتهم الطبيّة، على حدّ تعبير بوغنر. وقد تنعكس هذه الخطوة مباشرة على سلامة مباني الرعاية الصحيّة والعاملين فيها.

وختمت قائلة: "قد يحثّ التركيز على ذلك الحكومة على التحرّك، فتحمي المستشفيات حماية خاصة في المناطق حيث يمكنها ذلك."

23 أيّار/مايو 2018


الصفحة متوفرة باللغة: