Skip to main content

هدم الجدران لحياة مستقلّة

25 أيّار/مايو 2018

وُلد ماتيو شاتولان قبل أوانه، في الأسبوع الـ25 بعد الحمل. وقد تسبّبت رؤيته النور مبكرًا إلى إصابته بشلل دماغيّ، وهو اضطراب حركيّ يجعله يعتمد على دعم الأخرين كي يتمكّن من الأكل، والشرب، والاستحمام، ودخول الحمّام والمشاركة في العديد من الأنشطة الاجتماعيّة.

ويقول شاتولان ممازحًا: "إن وقعت يدي أو رجلي عن الكرسي، أحتاج لأحد كي يعيدها إلى مكانها."

التحق شاتولان في مدرسة ابتدائيّة تتبع نظام التعليم الفرنسي التقليديّ؛ ويظنّ أنّه أوّل تلميذ يعاني حالة حادة من الشلل الدماغيّ يدخل هذا النظام. فلم تكن مسيرته التعليميّة خالية من العوائق: واضطرّ على تغيير 26 مدرسة ابتدائيّة قبل التحاقه بواحدة بشكل كامل.

وفي مرحلة لاحقة، عندما رغب في متابعة تعليمه في مجال الحقوق، لم تقبل أيّ جامعة فرنسيّة في باريس حيث كان يعيش، طلب دخوله. ويعود سبب ذلك بصورة أساسية إلى أنّه لم يكن لديه مساعد يدعمه بدوام كامل. وخشيت الجامعات أن يساعده زملاؤه فتتحمّل الدولة مسؤوليّة وقوع أيّ حادث ناجم عن الرعاية التي يقدّمها الطلّاب.

ويتذكّر قائلاً: "شكّلت الجامعة الأميركيّة في باريس مخرجي من هذا المأزق، حيث يمكن فرض القانون الخاص بالأميركيّين ذوي الإعاقة، لا سيّما المادة المتعلّقة بمناهضة التمييز."

"ولسنوات عدّة، تطوّع زملائيّ من الطلاّب، والأساتذةُ والموظّفون لتقديم يد العون لي."

ولكنّ الأوضاع ازدادت تعقيدًا عندما قرّر شاتولان أن يتابع فصلاً جامعيًّا خارج فرنسا – على غرار ما يقوم به آلاف الأوروبيّين سنويًّا. وبعد سنوات من انتقاله إلى لندن، خسر منافع الضمان الاجتماعي الفرنسيّ، وبالكاد حصل على أي مساعدة من المملكة المتّحدة. وعلى الرغم من هذه الانتكاسة، حصّل شاتولان شهادتَي ماستر.

وعاد اليوم شاتولان إلى فرنسا، وقد بلغ الـ30 من عمره، وفتح صفحة جديدة من حياته. واستقرّ في مون بوليي في شقّته الخاصة. وفي نيسان/ أبريل 2018، منحته الهيئة المحليّة للإعاقة في مون بوليي Maison départementale des personnes handicapées دعمًا متواصلاً على مدار 24 ساعة للعيش مستقلاً.

ويشير شاتولان قائلاً: "يُرسَل عادة الأشخاص الذي يحتاجون مساعدة متواصلة على مدار 24 ساعة، للعيش في مؤسّسات رعاية متخصّصة. ومن الممتاز أن نشهد اليوم بدء التغيير في هذه السياسة، والدليل على ذلك هو حالتي."

يعيش ما لا يقل عن 200,000 راشد و100,000 طفل من الفرنسيّين ذوي الإعاقة في مؤسسات للرعاية الداخليّة في فرنسا، وحوالى 6,500 آخرين في بلجيكا المجاورة.

وقد حثّت خبيرةُ الأمم المتّحدة المعنيّة بحقوق ذوي الإعاقة، كاتالينا ديفانداس، فرنسا، عقب زيارتها الرسميّة لها في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2017، على إنهاء التمييز الممارَس ضدّ ذوي الإعاقة، وإقفال كافة المؤسّسات القائمة تدريجيًّا.

وتعتبر اتّفاقيّة الأمم المتّحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الإدخال إلى مؤسّسات الرعاية غير شرعيّ: لا بل تنصّ على الحقّ في العيش المستقلّ، وبكرامة، وبحريّة واستقلاليّة؛ وإدماجهم في المجتمع بشكل كامل؛ وتمتعهم بالحقّ في التنقّل.

ومن أجل تحقيق العيش المستقلّ، يجدر مدّهم بكافة الوسائل الضروريّة التي تسمح لهم بالقيام بخياراتهم والتحكّم بجوانب حياتهم، وباتّخاذ كافة القرارات التي تعني حياتهم، بما في ذلك عدم فرض أيّ ترتيبات حياتيّة عليهم.

وفي العام 2017، أصدرت المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان وللمرّة الأولى، حكمًا بإخراج شخص من مؤسّسة رعاية وتأمين الدعم له كي يتمكّن من العيش المستقلّ في المجتمع.

وقد شكّل تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إن على مستوى الاتّحاد الأوروبيّ أم على مستوى الدول الأعضاء، أولويّة بالنسبة إلى مكتب الأمم المتّحدة الإقليميّ لحقوق الإنسان في أوروبّا، وذلك منذ إنشائه في العام 2009.

ويتمحور قسم أساسيّ من عمل المكتب حول الحقّ في العيش المستقلّ والإدماج في المجتمع. كما يعمل المكتب من أجل ضمان استخدام هيكليّات الاتّحاد الأوروبيّ وصناديق الاستثمار للانتقال من الرعاية في المؤسّسات إلى الرعاية من المجتمع، وليس لبناء مؤسّسات الرعاية أو تجديدها.

وقد أشارت بريجيت فان هاوت، الممثّلة الإقليميّة لأوروبّا في مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، قائلة: "الإدخال إلى مؤسّسات الرعاية شكل من أشكال التمييز والإقصاء الاجتماعيّ، ويؤثّر للأسف على العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة، والأطفال والمسنيّن في أوروبّا. ويشكّل نضال ماتيو شاتولان، وانتصاره في نهاية المطاف سابقةً بالنسبة إلى كلّ من يرغب في العيش المستقل."

قد التحق شاتولان مؤخّرًا بمكتب الأمم المتّحدة الإقليميّ لحقوق الإنسان كمتطوّع يعمل على الإنترنت. وهو أيضًا عضو في لجنة الشباب التابعة إلى المنتدى الأوروبيّ للإعاقة. ويتمنى أن يتعاون مع نظام الأمم المتّحدة للحقوق والسلطات الفرنسيّة من أجل المضيّ قدمًا بوضع حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في بلاده وخارجها.

25 أيّار/مايو 2018


الصفحة متوفرة باللغة: