الوصول إلى العدالة شكل من أشكال إعادة تأهيل ضحايا التعذيب
13 نيسان/أبريل 2018
أعلنت نائب مفوّض الأمّم المتّحدة الساميّ لحقوق الإنسان، كايت غيلمور ما يلي: "منذ سبعين عامًا، انبعث من حالة الذعر المتفشيّة وليس من أيّ ازدهار السائد، وعدٌ واضح لا لبس فيه. ولم تتمّ صياغته في أجواء من التهنئة بل من العار – فالإعلان العالميّ لحقوق الإنسان هو أوّل وثيقة دوليّة تحظّر التعذيب بكلمات واضحة لا عودة عنها."
وقد شدّدت غيلمور على ذلك خلال حلقة نقاشيّة بشأن وصول ضحايا التعذيب إلى العدالة، انعقدت في جنيف. وشكّل الحدث جزءًا من ورشة عمل للخبراء، نظّمها صندوق الأمم المتّحدة للتبرّعات لضحايا التعذيب، جمع متخصصين في إعادة التأهيل، وضحايا، وخبراء دوليّين ومجموعات من المجتمع المدنيّ، وذلك بهدف تبادل الخبرات وأفضل الممارسات من أجل تحقيق وصول ضحايا التعذيب إلى العدالة.
ومنذ العام 1981، دعم صندوق الأمم المتّحدة للتبرّعات لضحايا التعذيب منظّمات المجتمع المدنيّ حول العالم، كي تتمكّن سنويًّا من تأمين المساعدة القانونيّة والطبيّة والنفسيّة والاجتماعيّة إلى حوالى 50,000 ضحيّة من ضحايا التعذيب. كما يستقبل الصندوق ورش عمل لتبادل المعارف تتناول مختلف جوانب المساعدة التي يجدر تقديمها إلى ضحايا التعذيب. وقد ركّزت ورشة العمل هذه السنة على وصول الضحايا إلى العدالة.
وأشار رئيس الصندوق، ميكولاج بيترزاك، إلى أنّ الوصول إلى العدالة شكلٌ من أشكال استعادة الكرامة بالنسبة إلى ضحايا التعذيب. فعندما تتحقّق العدالة، "يتمّ التأكيد على أنّ التعذيب جريمة وحظره مطلق ويحقّ للضحايا بالإنصاف والتعويض."
وأضاف قائلاً: "ليس الإنصاف وإعادة التأهيل من الأعمال الخيريّة والإحسان؛ بل هما من الحقوق التي يضمنها القانون الدوليّ."
في العام 2002، سُجِن حسن بييتي مدّة ستّة أشهر في ليباريا وتمّ تعذيبه. ثمّ أطلِق سراحه ونُفي قسرًا إلى الولايات المتّحدة. وبعدما استقال تشارلز تايلور، أدرك بيليتي أنّ أحدًا لم يُحاسب على أيّ من جرائم الحرب التي ارتُكِبَت خلال النزاع. فقرّر أنّه لا بدّ من تحقيق ذلك. وعاد إلى ليباريا وأنشأ مشروع العدالة والأبحاث الدوليّة من أجل توثيق الجرائم المرتَكَبة، واستخدام الأدوات القانونيّة المتوفّرة لملاحقة المتّهمين بارتكاب جرائم حرب أينما وجدوا في العالم. وقد ساعد صندوق الأمم المتّحدة للتبرّعات لضحايا التعذيب المجموعة على تحقيق هدفها.
وأشار بيليتي قائلاً: "وَثِقَ الصندوق بنا عندما لم يثق بنا أحد... وقد ساعدتنا الأموال التي قدّمها لنا منذ ستّة سنوات على ملاحقة ليبيّين ارتكبوا جرائم حرب وهربوا إلى بلجيكا، وسويسرا، والولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة، وعلى سجنهم."
ومجموعة "رابطة جدّات ساحة أيار/ مايو" الأرجنتينيّة من أوّل المجموعات التي موّلها صندوق الأمم المتّحدة للتبرّعات لضحايا التعذيب منذ العام 1984. وقد أعلنت رئيستها المشهورة إستلّا بارنس دي كارلوتو، أنّ السلطات والصحافة اعتبرَتْهنّ "عجوزات مجنونات" عندما بدأن بالمطالبة بالعدالة لحوالى 300,000 شخص، بما في ذلك أطفال، وبالمعلومات المتعلّقة بهم، وقد اختفوا قسرًا خلال الحكم العسكريّ. ولكن ليس بعد اليوم.
وأضافت: "ندرك اليوم أنّ النضال ضدّ الإفلات من العقاب لارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة ليس كفاح شعب منفرد: هو نضال مشترك وواجب دوليّ. وقد تمكّنت العجوزات المجنونات اللواتي استخفّ بهنّ الجيش الأرجنتينيّ، من نسج شبكات حول العالم. وأدّت بنا إلى حيث نحن اليوم معكم، نبذل كلّ جهد من أجل أن تخدم خبرات جدّات وأمّهات الأرجنتين المؤلمة قضيّةً محدّدة. وهي ألاّ تحزن أيّ أمّ في العالم بعد اليوم بسبب اختفاء ابنها أو ابنتها، وألا تبحث أيّ جدّة عن أيّ حفيد أو حفيدة اختُطِف، وسلب وحرم من الحقيقة وبالتاليّ من الحريّة."
ومن جهته، أشار رئيس لجنة الأمم المتّحدة لمناهضة التعذيب المُشارِك في الحلقة النقاشيّة، جنس مودفيك، إلى ما يلي: "من الضروريّ أن نتذكّر أنّ إعادة تأهيل ضحايا التعذيب ليست من الخدمات الصحيّة السياسيّة فحسب، بل يمكنها أيضًا أن تؤدّي إلى إحصاءات مهمّة حول التعذيب والمرتكبين وأساليب التعذيب يمكن استخدامها في أنشطة المناصرة."
واليوم، وبعد مرور حوالى أربعة عقود على إنشاء صندوق الأمم المتّحدة للتبرّعات لضحايا التعذيب، أصبح يشكّل أحد الأركان الأربعة لمناهضة التعذيب المتوفّرة لدى الأمم المتّحدة، وهي لجنة مناهضة التعذيب، والمقرّر الخاص المعنيّ بمنع التعذيب، واللجنة الفرعيّة لمنع التعذيب، على حدّ تعبير السفير كارستن ستور، ممثّل الدانمارك الدائم لدى الأممّ المتّحدة.
وأضاف: "تعمل هذه الأركان مجتمعةً من أجل مكافحة التعذيب بصورة مستمرّة."
كما أعلن أنّ الحكومة الدانماركيّة ستزيد من حجم تبرّعاتها إلى الصندوق فتبلغ 5 ملايين كرونة دانماركيّة (ما يعادل حوالى 800,000 دولار أميركيّ) بهدف مساعدة الصندوق على الاستمرار في عمله الناجح. وقد ساعد الصندوق، في خلال 40 سنة تقريبًا، أكثر من 630 منظمة في 80 بلدًا بميزانيّة بلغت 180 مليون دولار أميركيّ.