Skip to main content

ضحايا نوتشيكستلان: نداء صارخ من أجل تحقيق العدالة

08 شباط/فبراير 2018

انقضى عام ونصف منذ أن توفي ابن سيرجيو لونا البالغ من العمر 23 عاماً خلال تظاهرة حدثت في مدينة نوتشيكستلان الصغيرة، الواقعة في الولاية المكسيكية أواكساكا.

وقال لونا "أنا أتمنى فعلاً ألا يقاسي أي والدين ما قاسيناه".

حدث ذلك في حزيران/يونيو 2016 عندما اتخذت الشرطة تدابير بهدف وقف مسيرة احتجاجية نفذتها نقابة للمعلمين في إطار توسع نطاق الاحتجاجات ضد الإصلاح الذي خصصته الحكومة في مجال التعليم. وطالت العملية الكبرى التي قادتها الشرطة أنحاء المدينة وتضمنت إطلاقاً للنيران. وعندما انتهت، جُرح أكثر من مئة شخص وقُتل ستة أشخاص، من بينهم ابن سيرجيو لونا. من جهته، يتذكر خافيير لونا، شقيق أوسكار الأحداث قائلاً "عندما أُطلقت النار على أوسكار، من بُعد، حاولت أن أنقله إلى المركز الطبي. لكن الشرطة أقفلت مدخله ونزف حتى الموت. لقد شكل ذلك اللحظة الأكثر خيبة للأمل في حياتي".

وكان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في المكسيك يتابع القضية منذ البداية، موثقاً الانتهاكات في نوتشيكستلان نفسها، مسانداً جهود الوساطة وناشراً عدداً من البيانات العلنية بشأن القضية. وقال جان جاراب، ممثل مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في المكسيك "إنها قضية رمزية، ووضع حلٍّ لها سيكون مهماً ليس بالنسبة إلى الضحايا الذين استُهدفوا مباشرة، بل أيضاً بالنسبة إلى المجتمع المكسيكي ككل. فهي ستُظهر إذا ما كانت السلطات مستعدة لتحمل مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان في سياق الاحتجاجات الشعبية أو أن تقليد الإفلات من العقاب ولفلفة القضايا سينتصران مجدداً".

وفي أعقاب المأساة على الفور، ساعد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في المكسيك في تنظيم عدة موائد مستديرة، بالتعاون مع المؤسسة الوطنية المكسيكية لحقوق الإنسان ومكتب أمين المظالم في أواكساكا من أجل تفعيل الوساطة بين الحكومة والناجين بما أن العديد منهم كانوا يشعرون بالخوف من الذهاب إلى مكتب المدعي العام المكسيكي (PGR بالإسبانية) من أجل أن يشهدوا، متهيِّبين من حصول أعمال انتقامية ضدهم.

وبعد مراجعة الفيديوهات الخاصة بذاك اليوم، بالإضافة إلى شهادات الشهود، عثر المكتب على أدلة لاستخدام القوة المفرطة من جانب الشرطة تجاه سكان المدينة، بحسب جاراب. وأظهرت الفيديوهات التي حصلت عليها المفوضية السامية لحقوق الإنسان استخدام الشرطة للأسلحة النارية. فضلاً عن ذلك، توسع نطاق انتهاكات حقوق الإنسان ليشمل أشخاصاً غير متورطين في الأحداث. فقد ألقت الشرطة الغاز المسيل للدموع من مروحيات الهليكوبتر على حي بعيد عن مسرح الاشتباكات، ما أضرَّ بقاطنيه، بما في ذلك الأطفال. كما اعتقلت الشرطة في ظروف مهينة لعدة ساعات إحدى الأسر التي كانت تحضر مأتماً. وفي هويتزو، الواقعة على بعد 25 كيلومتراً من نوتشيكستلان، قام المكتب بمقابلة رجل مسن لم تكن له أي علاقة بالاحتجاجات، وقد روى كيف ضُرب بوحشية من قبل الشرطة. والجدير بالذكر أن السكان المحليين قد قاسوا تاريخاً طويلاً من المظالم وسوء المعاملة على يد السلطات.

وفي أيلول/سبتمبر 2016، عرض أمين المظالم التابع لأواكساكا، أرتورو بيمبرت، تقديم شهادات الضحايا إلى المدعي العام في مكتبه الخاص، بحضور المسؤولين للجنة المعنية بحقوق الإنسان ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وكان ذلك بمثابة طريقة لكسر حاجز الخوف بين الضحايا المحليين ومكتب المدعي العام. لكن هذا الأمر لم يحدث، بحسب سانتياغو أمبروزيو، وهو أستاذ يترأس لجنة ضحايا نوتشيكستلان. وقال "لقد بدا أن مكتب المدعي العام أعطى موافقته، لكنه تراجع بعدئذ وركز حصراً على جمع شهادات الشرطة".

ولم تتمكن الأسرة لونا من تقديم شهادتها إلى مكتب المدعي العام في مكتب أمين المظالم لأواكساكا إلا في كانون الأول/ديسمبر 2017، بعد مرور 15 شهراً على الحادثة، وفق أمبروزيو الذي أضاف "لكن حتى هناك، عامل الموظفون التابعون لمكتب المدعي العام الضحايا بعدائية". من جهته، أشار أمين المظالم بيمبرت إلى أن هذا الأمر لم يحصل إلا في اليوم ذاته الذي تمَّ فيه تيسير وصول الضحايا إلى ملف الدعوى الرسمي. وقال "إنه ملف ضخم مؤلف من 21 مجلداً، ولا تتضمن هذه المجلدات كلها سوى بيانات الشرطة التي تجرِّم الضحايا. وإن صوت الضحايا أنفسهم غائب كلياً فيها".

في غضون ذلك، عوضاً عن العدالة، كان الضحايا يتعرضون للمزيد من المضايقات من قبل السلطات، بحسب أمبروزيو. وكان هناك العديد من أحداث الترهيب. على سبيل المثال، حاول رجال يركبون سيارة مجهولة اختطاف خافيير لونا، وفق ما أفادت به أسرته. وقال والده سيرجيو "نحن نعيش في خوف مستمر". وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، نشرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في البلاد توصية تؤكد فيها على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها السلطات، بما في ذلك العمل على استخدام القوة المفرطة. ودعا التقرير إلى تحديد المسؤوليات التي تتحملها سلسلة القيادة برمتها.

8 شباط/فبراير 2018

الصفحة متوفرة باللغة: