Skip to main content

التعقيم شكل من أشكال "العنف الممنهج" ضد الفتيات ذوي الإعاقة

03 تشرين الثاني/نوفمبر 2017

لم يكن عمر ليلاني موير أومالي يتعدى أحد عشر عاماً تقريباً في ذاك الصيف من عام 1955 عندما تركتها والدتها على أدراج مدرسة التدريب المحلية المخصصة لأمراض الإعاقة العقلية الكائنة في ريد دير، ألبرتا، كندا. وافتقرت هذه الفتاة خلال طفولتها إلى الحب وتعرضت للإهمال من قبل أم لم تكن ترغب أبداً في أن يكون لديها ابنة.

أمضت موير أومالي عشر سنوات في تلك المؤسسة حيث خضعت قبل بضع سنوات من عتقها من هذا المكان ̓لاختبار ذكاءʻ خلُص إلى أنها "بلهاء". أما مجلس ألبرتا المعني بأبحاث تحسين النسل، فقد اعتبرها "مصدر خطر من شأنه نقل ذرية القصور العقلي أو الإعاقة العقلية، وأيضاً عاجزة عن أن تتمتع بالذكاء الوالدي لرعاية الأبناء". وحين تزوجت موير أومالي ووجدت صعوبة في أن تصبح حاملاً، علمت أثناء زيارة قامت بها إلى الطبيب أنها خضعت للتعقيم في سن المراهقة وأنه لم يعد بإمكانها إنجاب الأطفال. وتتذكر الشابة أنها أجرت عملية عندما كانت تعيش في مدرسة التدريب المحلية؛ وقيل لها آنذاك إن ما حصل هو استئصال زائدتها الدودية.

وبعد مرور 30 عاماً على مغادرتها مدرسة التدريب المذكورة، نجحت موير أومالي في مقاضاة حكومة مقاطعة ألبرتا بشأن الظلم الذي لحق بها جراء عملية التعقيم والأضرار الناجمة عنها، فوضعت بذلك حداً لما وصفه القاضي في قضيتها بأنه نظام تعقيم "غير قانوني ومهين ومشين". وكشفت القضية أن حوالى ثلاثة آلاف امرأة خضعن للتعقيم بين العامين 1928 و1972 بموجب قانون لمنع "النساء ذوي الإعاقة العقلية" من الإنجاب. وأمضت موير أومالي الفترة المتبقية من حياتها وهي تدافع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنشر الوعي بشأن محنة الناجيات من سياسة تحسين النسل في ألبرتا حتى وفاتها في عام 2016 عن عمر 72 عاماً.

ويعرِّف قاموس موسبي الطبي التعقيم بأنه "عملية أو فعل يجعل الشخص غير قادر على الإنجاب". ويحصل التعقيم القسري عندما يخضع الشخص للتعقيم بعد رفضه هذا الإجراء، وذلك من دون علمه أو إعطائه فرصة للإعراب عن موافقته المسبقة. ويستمر تنفيذ هذا الإجراء وغيره من الإجراءات بحق الفتيات والشابات ذوي الإعاقة اليوم، بحسب ما أشارت كاتالينا ديفانداس، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في أحدث تقاريرها في هذا الشأن.

ويبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة نحو مليار شخص وهم يتعرضون لأوضاع غير مؤاتية اجتماعياً على نطاق واسع في أنحاء العالم. وقالت ديفانداس إن الإعاقة تسود بين النساء بنسبة أكبر من الرجال وإن التداخل بين العمر اليافع والإعاقة والجنسانية يؤدي إلى أشكال خطيرة من التمييز وانتهاكات محددة لحقوق الإنسان ضد الفتيات والشابات ذوي الإعاقة.

وكتبت ديفانداس في تقريرها تقول "تتعرض الفتيات والشابات ذوي الإعاقة للتعقيم القسري وغير الطوعي بشكل متفاوت لأسباب عدة، بما في ذلك تحسين النسل وتنظيم الحيض ومنع الحمل". أضافت "تظهر الدراسات أن تعقيم النساء والفتيات ذوي الإعاقة مستمر في الانتشار وبمعدل أعلى بثلاثة أضعاف عن المعدل المسجل لدى الأشخاص السليمين عموماً".

وتعترف الأمم المتحدة بأن التعقيم القسري بحق الأشخاص ذوي الإعاقة شكل من أشكال التعذيب؛ لكن الأنظمة التشريعية في العديد من الدول تسمح للقضاة والمهنيين المعنيين بالرعاية الصحية وأفراد الأسر والأوصياء بالموافقة على إجراءات التعقيم باسم الأشخاص ذوي الإعاقة "لمصالحهم الخاصة". كما أشارت ديفانداس إلى أن الأهل والمهنيين المعنيين بالصحة يستخدمون أحياناً وسائل منع الحمل للتحكم بالحيض. وتتلقى الفتيات والنساء ذوي الإعاقة حقناً أو يخضعن لزراعة اللوالب في الرحم التي تعتبر أقل عبئاً على الأسر ومن يقدمون الرعاية.

ومن بين الممارسات الأخرى المثيرة للقلق الإجراءات الجراحية مثل عمليات استئصال الرحم التي تجرى مجاناً للفتيات والنساء ذوي الإعاقة للتخلص من الألم وعدم الارتياح اللذين يشعرن بهما جراء الدورة الشهرية التي ليس بإمكانهن تحملها وكذلك للفتيات والنساء اللواتي لا يعانين الإعاقة. كما يتزايد إجراء علاجات الأستروجين لإعاقة نمو الفتيات واكتسابهن الوزن ومنع دخولهن سن البلوغ. وقالت ديفانداس "تشكل هذه الممارسات انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بما يتخطى كثيراً المسائل المعنية بالرعاية والطفولة؛ فهي تعطي الأولوية لمصالح مقدمي الرعاية على حساب الضرر والحرمان لكرامة الشخص وسلامته".

وأشارت المقررة إلى أن هذه الممارسات نُفذت غالباً كتدبير وقائي مناهض للضعف إزاء الانتهاك الجنسي وبناءً على مغالطة مفادها أن التعقيم سوف يمكِّن الفتيات والشابات ذوي الإعاقة اللواتي "يعتبرن غير مؤهلات للأمومة" من تحسين جودة حياتهن من دون "عبء" الحمل. وقالت "لا يحميهن التعقيم ضد العنف أو الانتهاك الجنسي ولا يزيل التزام الدولة بحمايتهن من انتهاك مماثل". أضافت "يشكل التعقيم القسري ممارسة مرفوضة مع تبعات طويلة المدى على سلامة الفتيات والشابات ذوي الإعاقة جسدياً وعقلياً ويجب القضاء على هذه الممارسة وتجريمها على الفور".

وتوصي ديفانداس الدول بوضع تعليم جنسي شامل وخدمات صحية يمكن أن تحصل عليها الفتيات والشابات ذوي الإعاقة. كما حثَّتهن على القيام بحملات توعية من أجل تغيير مفهوم المجتمع بشأن الصحة الجنسية والإنجابية وحقوق الفتيات والشابات ذوي الإعاقة والقضاء على كل أشكال العنف ضدهن. وشدَّدت قائلة "ليس بإمكان الفتيات والشابات ذوي الإعاقة تطوير هوياتهن وتحقيق إمكانياتهن الكاملة إلا عندما تتم تلبية احتياجاتهن ويشعرن بالأمان".

3 تشرين الثاني/نوفمبر 2017

الصفحة متوفرة باللغة: