الضحايا "الخفية": أطفال الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام
10 تشرين الأول/أكتوبر 2013
"اسمي تانيا. وقد وُلدت في السجن... وتم تسليمي إلى أبي في اليوم نفسه. وكان والداي ناشطين سياسيين. وفي آذار/مارس 1984، عندما كان عمري سنة واحدة فقط، سُلم جثمان أمي البالغة من العمر 28 سنة إلى أسرتنا ونُفي أبي بعد ثلاثة أيام. ولم أعش قط حياة أسرية وأنا كشابة لا أعرف معنى أن تكون لي أم... وأحث شخصياً جميع البلدان، التي لم تصدق بعد على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على أن تفعل ذلك وأتوق إلى يوم لا يُعدم فيه آباء أو أمهات ولا يُحرم فيه طفل من إعالة والديه له. (روت تانيا قصتها في حلقة نقاش مجلس حقوق الإنسان بشأن حقوق الإنسان لأطفال المحكوم عليهم بالإعدام أو المنفَّذ فيهم حكم الإعدام، أيلول/سبتمبر 2013)
وتتوافر بضع دراسات تصف تجربة أطفال المحكوم عليهم بالإعدام أو الأطفال المنفَّذ حكم الإعدام في أحد والديهم أو في كليهما. بيد أن من الواضح، من المعلومات المتاحة، أن الأطفال الذين فقدوا والديهم بسبب أحكام السجن الطويلة الأمد أو عمليات تنفيذ أحكام الإعدام يعانون من حزن وصدمة في الصميم وعلى الدوام. والفقدان يمكن أن يكون كارثياً لأن الأطفال كثيراً ما يُتركون بلا دعم من أي نوع: بلا منزل أو مقدمي رعاية أو تعليم. وكثيراً ما يواجه هؤلاء الأطفال، الذين لا يعرف أحد عدد الموجودين منهم، الإذلال والتمييز داخل مجتمعاتهم المحلية.
وفي خطاب ألقته نائبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان، فلافيا بانسيري، أمام حلقة نقاش مجلس حقوق الإنسان بشأن حقوق الإنسان لأطفال المحكوم عليهم بالإعدام أو المنفَّذ فيهم حكم الإعدام، استرعت الانتباه إلى الاتجاه المتنامي نحو إلغاء عقوبة الإعدام. وقالت "إن أكثر من 150 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 إما ألغت عقوبة الإعدام وإما لا تمارسها."
ومن ناحية ثانية، قالت بانسيري إن الدول التي تواصل استخدام عقوبة الإعدام "يلزم أن تنظر في كيفية معالجة عواقب استخدامها على المجتمع ككل، وبصفة خاصة على أسر الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام أو المنفَّذ فيهم حكم الإعدام."
وتصف أخصائية حالات إفرادية لدى منظمة “morning tears” ، التي تعمل في عدد من البلدان مع أطفال المحكوم عليهم بالإعدام أو بالسجن لمدة طويلة، تجربة الأطفال المعهود إليها برعايتهم في مشروع في زهينغيهو، عاصمة مقاطعة هينان في الصين. "لا أحد يريدهم عادة، حتى أسرهم وأقاربهم – لا أحد يريدهم فعلاً ومعظمهم من أسر فقيرة. والأطفال الذين يأتون هنا يمكثون عادة سنة على الأقل ولكنهم، في حالات كثيرة، يبقون عشر سنوات أو أكثر."
وقالت مارتا سانتوس بايس، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف ضد الأطفال، في ملاحظات قُرأت بالنيابة عنها على المجلس، "الحكم على أحد الوالدين بعقوبة الإعدام يقوض التمتع بمجموعة كبيرة من حقوق الطفل. ومن المهم للغاية أن تحظى حالة أطفال الذين يواجهون عقوبة الإعدام بالاهتمام والعمل العاجلين اللازمين."
ودعا مدير النقاش برتراند دي كرومبروغي، الممثل الدائم لبلجيكا لدى الأمم المتحدة في جنيف، إلى اتباع "نهج قائم على حقوق الإنسان" وقال "ينبغي ألا يكون على الأطفال تحمل تبعة ما فعله آباؤهم." وقال إن الدول ينبغي أن تتحمل المسؤولية عن النتائج غير المتعمدة لنظم العدالة الجنائية لديها.
وعدد أطفال الذين يواجهون عقوبة الإعدام غير معروف، وفقاً لما ذكرته ساندرا جونز÷ الأستاذة المساعدة في جامعة روان، ولكنها قالت إن تجاربهم "مؤلمة". وقالت إن هؤلاء الأطفال يشعرون بأنهم وحيدون بشكل فظيع، وينزعون إلى عزل أنفسهم والمعاناة من خزي داخلي. وكثيراً ما يشعر هؤلاء الأطفال بأنه يجب عليهم الدفاع عن الآباء المسجونين، ويعيشون في حالة خوف في انتظار سماع أنهم قُتلوا. ويتعين عموماً على هؤلاء الأطفال التعامل مع مشاكل نفسية كثيرة – الاكتئاب والقلق والمشاكل السلوكية والعدوانية - قالت جونز. ويواصل كثيرون من هؤلاء الأطفال حياتهم في ظل هذه المشاكل النفسية إلى أن يصبحوا مجرمين.
وتساعد منظمة Wells for Hope، وهي منظمة غير حكومية مقرها في أوغندا، الأطفال الذين يوجد أحد والديهم في السجن وذلك بتزويدهم بالتعليم والرفاه العام. وطبقاً لما ذكره فرانسيس سوبي، المدير التنفيذي للمنظمة، فإن هناك، على الرغم من أن آخر حالة إعدام في أوغندا نُفذت في عام 1999، 408 أشخاص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام. وقال إن أطفال السجناء الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام يظلون بعيداً عن الأنظار وإن بعض الأشخاص ما زالوا يعتقدون أن ذنب الوالدين ينبغي تقاسمه مع أطفالهما.
ودعا سوبي الدول إلى النظر في إقامة نظم عدالة جنائية مراعية للأطفال تسمح بالاتصال بين الأطفال ووالديهم الموجودين في السجن.
وقالت نسرين زريقات، من المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن، إن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان يمكنها الاضطلاع بدور فعال في حماية حقوق الإنسان لأطفال السجناء الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، وبصفة خاصة بتيسير زيارات السجون.
وشدد الأستاذ خورخي كاردونا، من لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، على أن مصالح الطفل الفضلى ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عندما يُحكم على أحد الوالدين بالإعدام. وقال إن الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الطفل ملزمة قانوناً بإجراء هذا التقييم في كل مرة يُتخذ فيها قرار بخصوص طفل.
ومحنة أطفال الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام أو المنفَّذ فيهم حكم الإعدام يجري أيضاً تناولها في أحدث تقرير أصدره الأمين العام للأمم المتحدة بشأن مسألة عقوبة الإعدام. ويقول التقرير إن هناك حاجة ملحة "لدراسة آثار نظام عقوبة الإعدام برمته، بما في ذلك الآثار الاجتماعية والاقتصادية والنفسية على أطفال من أعدموا أو المحكوم عليهم بالإعدام."
وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر، وهو اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، دعا المقرر الخاص المعني بخالات الإعدام خارج القضاء، كريستوف هينز، والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، خوان إ. منديز، المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود العالمية لإبعاد الدول عن عقوبة الإعدام إلى الأبد.
"لا يزال هناك عدد من الدول التي يتواصل فيها إعدام الأشخاص في انتهاك للمعايير التي يفرضها القانون الدولي،" قال الخبراء وهم يعربون في الوقت نفسه عن قلقهم البالغ إزاء الاستئناف الذي حدث مؤخراً لحالات الإعدام في عدد من الدول، بعد فترات طويلة من التقيد بالوقف الاختياري لعقوبة الإعدام.
10 تشرين الأول/أكتوبر 2013