Skip to main content

تبديد الغموض الذي يكتنف الهجرة: إعطاء صوت للملايين

23 تشرين الأول/أكتوبر 2013

"من غير المقبول جعل المهاجرين يضحون بأرواحهم في سعيهم للتخلص من الفقر أو التمييز،" قالت رئيسة حقوق الإنسان في الأمم لمتحدة، نافي بيلاي، أثناء حوار رفيع المستوى بشأن الهجرة والتنمية، عُقد في تشرين الأول/أكتوبر أثناء الدورة الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في الصباح نفسه الذي أودت فيه مأساة القارب التي حدثت في لامبيدوسا بحياة مئات المهاجرين. وكان على متن القارب المكتظ 500 مهاجر، معظمهم من الإريتريين والصوماليين، عندما اندلعت النيران فيه وغرق في البحر الأبيض المتوسط. وتورد التقارير أن 137 مهاجراً فقط نجوا.

وقال فرانسوا كريبو، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، "إذا واصلت البلدان تجريم الهجرة غير النظامية من غير أن تعتمد قنوات قانونية جديدة للهجرة، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالمهاجرين ذوي المهارات المنخفضة، وبذلك تحد من الإمكانيات المتاحة لملتمسي اللجوء والمهاجرين للوصول بأمان وانتظام إلى جهات مقصودة آمنة، لا يمكن إلا أن يزداد عدد المهاجرين الذين يخاطرون بأرواحهم على متن قوارب مكتظة وغير صالحة للملاحة بشكل خطير على طرق بحرية محفوفة بالمخاطر."

ووجه الهجرة آخذ في التغير. فهناك اليوم أكثر من 232 مليون مهاجر في جميع أنحاء العالم ونصفهم تقريباً نساء. وواحد من كل عشرة مهاجرين دون سن الخامسة عشرة. ومن المقدر أن 50 مليوناً منهم مهاجرون غير نظاميين. ولئن كان المهاجرون يواصلون الانتقال من البلدان النامية إلى أمريكا الشمالية وأستراليا وأوروبا، فإن هناك اليوم مهاجرين مماثلين لهم في العدد يتنقلون بين بلدان في أفريقيا وأمريكا الوسطى واللاتينية وآسيا. "وإذا تجمعوا معاً لتكوين بلد، فسيكون هذا البلد خامس أشد البلدان اكتظاظاً بالسكان في العالم. بيد أن هؤلاء السكان يظلون بعيدين عن الأنظار وصامتين إلى حد بعيد،" قالت بيلاي.

وأثناء مناقشات المائدة المستديرة، قالت بيلاي إن المهاجرين غير النظاميين الفقراء وذوي المهارات المنخفضة "يخشون الشكوى، ويُحرمون من الحقوق والحريات التي نعتبرها أمراً مسلماً به، ويتعرضون بشكل غير متناسب للتمييز والتهميش." وبسبب عدم وجود فرص للهجرة النظامية، فإن المهاجرين كثيراً ما يقوم المهربون أو المتجرون بإدخالهم على نحو غير نظامي، ويمكن أن يتعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان أو الجرائم العنيفة أو الخطف أو الابتزاز.

وشددت بيلاي على أهمية ضمان حدوث تحول نموذجي في الطريقة التي بها نتكلم عن المهاجرين ونتصرف حيالهم. وقالت بيلاي إنهم ليسوا أكباش فداء ملائمة فحسب أو مجرد عمالة رخيصة ويمكن الاستغناء عنها بسهولة. وأضافت قائلة إن جميع المهاجرين يحق لهم التمتع بحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي ودعت جميع الدول إلى أن تنفذ على نحو فعال الآليات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (ICRMW).

ويتطلب إطار حقوق الإنسان من الدول، كما أوضحت بيلاي، أن تفي بالتزاماتها، "بما في ذلك تفكيك الحواجز التي تعيق المشاركة الكاملة للجميع، بمن فيهم المهاجرون، في الحياة الاقتصادية والاجتماعية." ويعني وجود إطار لحقوق الإنسان أنه ستجري مراعاة حالة المهاجرين الضعفاء واحتياجاتهم فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والتعليم. وأشارت بيلاي إلى أن إعمال الحق في الصحة يقتضي من الدول تمكين المهاجرين من الحصول على خدمات الرعاية الصحية. وبالمثل، فإن المهاجرات اللائي يقعن ضحايا للعنف المنزلي ينبغي أن تُقدَم إليهن المساعدة اللازمة للوصول إلى العدالة دون خوف من عواقب الهجرة.

كما سلطت بيلاي الضوء على مسألة احتجاز المهاجرين حيث يُحتجز الأطفال والكبار على السواء إلى أجل غير مسمى أو لفترات طويلة في أوضاع متدنية." وقالت بيلاي "كثيراً ما يكون المهاجرون الأشخاص الوحيدين في البلد الذين يمكن احتجازهم دون أن يكونوا قد ارتكبوا جرماً يمكن التعرف عليه ودون إشراف قضائي ومراجعة قضائية." والنهج القائم على حقوق الإنسان يشجع الدول على استنباط وتنفيذ بدائل لعمليات احتجاز المهاجرين غير النظاميين. وقالت بيلاي "لا يمكن الدفاع أخلاقياً عن بقاء الأطفال وآبائهم قيد الاحتجاز لشهور أو سنوات بسبب عدم وجود التأشيرة الصحيحة لديهم."

وأثناء اجتماع جانبي منفصل عُقد في نيويورك، تناولت بيلاي قضايا حقوق الإنسان الرئيسية التي تؤثر على هجرة الأطفال. وللأطفال صوت خاص بهم وينبغي عدم معاملتهم على أنهم "ضحايا سلبيين لعملية الهجرة،" قالت بيلاي. وسيقرر أطفال ومراهقون كثيرون الهجرة على نحو مستقل للتخلص من الفقر أو التمييز، وسيتعرضون لعنف بدني ونفسي وجنسي أثناء رحلاتهم الصعبة والخطيرة.

كما دعت بيلاي إلى ضرورة القيام على نحو عاجل بوضع برنامج عمل بشأن الهجرة، قائم على حقوق الإنسان، يضع الناس في صميم النقاش العالمي. "يلزم بشكل عاجل أن نبدد الغموض الذي يكتنف الهجرة ونعرض صورة أدق للهجرة المعاصرة،" قالت بيلاي. "ولكي نفعل هذا، يلزم أن نركز بدرجة أقل على تدفقات المهاجرين وأعدادهم وموجات الهجرة في حد ذاتها، وبدرجة أكبر على حقوق الإنسان الفردية وحالة المهاجرين أنفسهم."

وتحل هذا العام الذكرى السنوية العشرون للمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، الذي أفضى إلى اعتماد إعلان وبرنامج عمل فيينا وإنشاء منصب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان من أجل الإشراف على الإطار الدولي لحقوق الإنسان، وتعزيز حقوق الإنسان، وحماية الأفراد من إساءة المعاملة.

و اللجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (CMW) هي هيئة الخبراء المستقلين التي ترصد تنفيذ الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم من جانب دولها الأطراف. وقد عقدت دورتها الأولى في آذار/مارس 2004.

23 تشرين الأول/أكتوبر 2013

الصفحة متوفرة باللغة: