Skip to main content

البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

خبير من الأمم المتحدة يحذّر من أن انعدام الأمن يؤثّر بصورة مأساوية على حقوق الإنسان والشؤون الإنسانية في هايتي

20 أيلول/سبتمبر 2024

سجناء في سجن جيريمي في غراند آنس، هايتي. 18/09/2024
© المفوضية السامية لحقوق الإنسان/ ماريون موندان

مؤتمر صحفي في بورت-أو-برنس، هايتي، 20 أيلول/ سبتمبر 2024

قبل عام تقريبًا، وقفتُ أمامكم ورسمتُ صورة قاتمة لحالة حقوق الإنسان في هايتي. أمّا اليوم فيؤسفني أن أقول إن جميع المؤشرات لا تزال مقلقة للغاية. أوّلها وأكثرها إثارة للقلق انعدام الأمن.

فعلى الرغم من الحظر الدولي المفروض، لا تزال الأسلحة والذخائر تُهرّب إلى داخل البلاد، ما يمكّن العصابات من تنفيذ هجمات واسعة النطاق وبسط سيطرتها ونفوذها على مناطق جديدة.

وخلال زياراتي إلى جنوب البلاد، في لي كايي وجيريمي، لاحظتُ أنّ المناطق التي لم تتأثر في السابق بعنف العصابات تتأثر اليوم به بشكل مباشر، في ظلّ التضخم المتسارع والنقص في السلع الأساسية وتدفّق النازحين داخليًا ما يزيد من ضعف السكان، لا سيما الأطفال والنساء. وعواقب ذلك على حقوق الإنسان والشؤون الإنسانية مأساوية للغاية.

ومن جهة أخرى، تفتقر الشرطة إلى القدرة اللوجستية والتقنية لمواجهة العصابات. وقد أكّد شرطي في مركز شرطة جيريمي قائلًا: "الوضع عصي على المعالجة. ومهمّتنا مستحيلة."

ونشرت بعثة الدعم الأمني المتعددة الجنسيات، التي أذن بها مجلس الأمن الدولي في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، حتى اليوم أقل من ربع الوحدات المخطط لها. كما أن المعدات التي تلقتها غير كافية تمامًا كما مواردها.

وفي موازاة ذلك، لا يزال السكان يعانون من انتهاكات حقوق الإنسان. وقد تصاعد العنف الجنسي، الذي تستخدمه العصابات كسلاح للسيطرة على السكان، بشكل بالغ في الأشهر الأخيرة. كما استفحل اتجار العصابات بالأطفال وتجنيدهم قسرًا، الذين غالبًا ما تستخدمهم من أجل تنفيذ هجمات ضد المؤسسات العامة وعمليات الشرطة. أمّا الشباب في هايتي فيفقدون الأمل في مستقبل أفضل.

وخلال زيارتي، التقيت بشباب هايتيين من أعضاء العصابات السابقين الذين أخبروني أنهم يشعرون وكأنّهم محتجزون كرهائن. وقد أخبرني أحدهم قائلًا: "عندما تشعرون بالجوع، لا يمكنكم التفكير في أي شيء آخر، ولا يمكنكم حتى الاستسلام للخوف."

وعندما سُئلوا عما يطمحون إليه، أشاروا إلى حياة طبيعية ووظيفة وإلى ذهاب الأطفال إلى المدرسة وإلى ما يكفي لإعالة أنفسهم وعائلاتهم. وبفضل دعم إحدى منظمات المجتمع المدني، تمكنوا من ترك العصابة ومن تحصيل وظيفة.

غالبًا ما تؤدّي منظمات المجتمع المدني دور الدولة في توفير الاحتياجات الأساسية للسكان الذين يفتقرون إلى كل شيء. وهذه هي الحال على وجه التحديد في الأحياء التي تسيطر عليها العصابات، لكن أيضًا في مخيمات النازحين وفي السجون، وتحديدًا في الأماكن التي ينبغي على الدولة أن تبذل كل جهد ممكن لحماية الفئات الأكثر ضعفًا فيها. ويعمل حاليًا 28 في المائة فقط من الخدمات الصحية بشكل طبيعي في هايتي، ويعاني خمسة ملايين شخص تقريبًا من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وقد تحدثنا في مخيم النازحين المعروف بـMission Église de Dieu de Dieu la Conquête، إلى فتاة صغيرة مصابة بفقر الدم لم تأكل منذ يومين. وهي تمضي أيامها جالسة على الأرض في الحر الخانق في انتظار العودة إلى المنزل. ولم تذهب إلى المدرسة منذ أكثر من عام. وعلى غرارها، تشير شهادات النازحين داخليًا إلى أن أمنيتهم الوحيدة هي العودة إلى ديارهم، "كي يعيشوا أقلّه كما كانوا يعيشون من قبل." في هايتي اليوم ما لا يقل عن 700,000 نازح داخليًا. وأكثر من نصفهم من الأطفال.

ماذا يمكنني أن أخبركم عن السجون؟ الوضع أسوأ مما كان عليه قبل عام خارج بورت-أو-برنس. ففي سجن ليه كايي جنوب البلاد، هناك 853 محتجزًا في سجن سعته الإجمالية تبلغ 200 سجين؛ أمّا في سجن جيريمي ف470 محتجزًا في سجن سعته 50 سجينًا. ينامون على أرضيات مغمورة بمياه الأمطار والقذارة. وفي بعض الأحيان لا يتناولون الطعام لعدة أيام. وقد توفي هذا العام عشرات السجناء في ظلّ هذه الظروف. و84 في المائة من السجناء على الأقل هم رهن الاحتجاز المطوّل قبل المحاكمة.

أرحب بجهود رئيس الوزراء لمنحه مكافحة الفساد الأولوية. فالفساد ينخر في النظام على كل مستوى من مستويات التسلسل الهرمي، وفي القطاعات كافة، وفي مقدمتها النظام القضائي. أمّا الوسائل لمكافحة الفساد فمتوفّرة، لكنّه غالبًا ما يُساء استخدامها، وهي ممارسة يشجعها الإفلات شبه الكامل من العقاب. فمن أصل 94 تحقيقًا أجرته وحدة مكافحة الفساد على مدى السنوات العشرين الماضية، لم يؤدِ سوى تحقيق واحد حتى اليوم إلى إدانة شخص واحد. والتزام السلطات في هذا الصدد، بإنشاء "وحدات قضائية متخصصة" لمكافحة الفساد والجرائم الجماعية، بما في ذلك العنف الجنسي، حاسمٌ لمعالجة هذا الوضع بشكل فعال.

الحلول متوفّرة وهي موجودة أصلًا. لكن يجب مضاعفة الجهود على الفور. فمن ناحية، نحن بحاجة إلى تحميل الدولة مسؤولية مكافحة الفساد وسوء الإدارة، اللذين لا يزالان يُغرقان البلاد في أزمة إنسانية غير مسبوقة. ومن ناحية أخرى، من الضروري للغاية تضييق الخناق على العصابات من خلال منح بعثة الدعم الأمني المتعددة الجنسيات الوسائل التي تمكّنها من دعم عمليات الشرطة الوطنية الهايتية بفعالية، وكذلك تنفيذ التدابير الأخرى التي نص عليها مجلس الأمن، بما في ذلك نظام العقوبات وحظر الأسلحة المحدّد الهدف.

يجب وضع حدّ فوري لهذه المعاناة المستمرة. إنّه سباق مع الزمن.

للحصول على المزيد من المعلومات وطلبات وسائل الإعلام، الرجاء الاتّصال

في جنيف:
رافينا شامداساني
+ 41 22 917 9169 / ravina.shamdasani@un.org
في نيويورك:
لورا جيلبير
+1 917-208-6656 / gelbert@un.org

تابعونا وشاركوا أخبارنا على

تويتر: @UNHumanRights
وفيسبوك: unitednationshumanrights 
وانستغرام: @unitednationshumanrights

الصفحة متوفرة باللغة: