Skip to main content

البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

محاضرة في معهد حقوق الإنسان بجامعة قوانغتشو: حقوق الإنسان في العالم - دور التعددية

25 أيّار/مايو 2022

مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت تشارك في حدث نُظِّم في مقرّ الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا، في 3 أيلول/ سبتمبر 2021 © رويترز

أدلى/ت به

ميشيل باشيليت، مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان

المكان

قوانغتشو، الصين

صباح الخير.

أشكر معهد حقوق الإنسان بجامعة قوانغتشو على استضافتي.

ويسعدني أن أتحدّث إليكم اليوم.

فأنا أقدر كثيرًا تبادل الآراء والمعلومات مع الطلاب. على الرغم من أنّ خبرتي المهنية طويلة، ومن أنّني أصبحت جدّة، أحب أن أعرّف عن نفسي بأني شخص راكم الشباب لا شخصًا كبير السنّ.

شخص راكم الشغف والطاقة والإمكانيات والأمل.

لقد عايش جيلكم تغيرات جذرية.

بعضها إيجابي، وبعضها الآخر ينطوي على الكثير من التحديات.

ومنها التحولات الديموغرافية الجذرية داخل بلادكم وعلى المستوى العالمي، والترابط الاقتصادي المتزايد، والتقدم الرقمي السريع، والجائحة الصحية العالمية وعواقبها الاجتماعية والاقتصادية، وتغير المناخ.

وأن تجدوا مكانكم ضمن هذه التغييرات من أكبر التحديات التي تواجهونها على الإطلاق.

لهذا السبب يبقى التثقيف في مجال حقوق الإنسان أمر بالغ الأهمية.

فالتثقيف في مجال حقوق الإنسان يدعونا جميعنا إلى المشاركة في حوار حول كيفية ترجمة حقوق الإنسان إلى واقعنا الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي.

كما يقدم حلولاً عملية للتحديات التي يواجهها الناس. ويمكّن الأفراد من تحديد حقوق الإنسان التي يتمتّعون هم وغيرهم بها، ومن المطالبة بها والدفاع عنها. ويشكّل بالتالي استثمارًا ثابتًا في بناء مستقبل عادل وسلمي ومنصف للجميع.

نعيش في أوقات يسودها الشكّ وعدم اليقين والتقلّبات، وتتقاطع فيها أزمات عالمية متعددة. ويؤدي تغير المناخ، والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة في جميع أنحاء العالم، والنزاعات والتوترات في البلدان في جميع أنحاء العالم، إلى دفع الملايين من منازلهم الآمنة، وإلى تعريض الكرامة والحياة البشرية لخطر جسيم.

كما أتت تداعيات جائحة كوفيد-19 على التوظيف والصحة والإسكان مدمرة. فالبنك الدولي قد توقع سقوط أكثر من 198 مليون شخص في براثن الفقر المدقع خلال العام 2022 بسبب كوفيد-19. وتشير التقديرات اليوم إلى أنّ أسعار المواد الغذائية العالمية وحدها ستؤدي إلى ارتفاع قدره 65 مليون شخص إضافي إلى هذا المجموع.

وكما هي الحال دائمًا، فإن آثار ذلك تكون الأشد على الأكثر تهميشًا واستبعادًا. أيّ على النساء والأقليات والأشخاص ذوي الإعاقة والأطفال والمهاجرين.

لكن في خضم هذه التحديات كلّها، نرى أيضًا منارات الأمل.

ونشهد قوة الشباب الهائلة.

فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، ألهمتني حركات وأعمال الشباب الذين يتحدون التمييز والظلم وعدم المساواة.

لقد شهدنا مظاهر دامغة تبرهن التزام الشباب بالمساواة والعمل المناخي وحقوق الإنسان.

كما يؤثر الشباب على المناقشات البالغة الأهمية على المستويَيْن الوطني والدولي، ويحفّزون التغيير الاجتماعي، بما في ذلك عبر المطالبة بمقعد على الطاولة ومساءلة الحكومات والشركات عن تقاعسها عن العمل.

ذكاؤهم وإبداعهم وشجاعتهم شهادة على القيمة الفريدة للشباب في تشكيل لا مستقبلنا فحسب بل أيضًا حاضرنا.

ومن المكونات الأساسية التي تسمح للشباب بأداء دورهم هذا، الحيّز المدني المفتوح، حيث يمكنهم التعبير عن آرائهم والسعي إلى التغيير.

وفي النداء إلى العمل من أجل حقوق الإنسان وفي الخطّة المشتركة، عبّر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن حاجة الشباب إلى حيّز للمشاركة في القرارات التي ستشكل مستقبلهم، وهو أمر حاسم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

إذًا كيف يمكننا التأكد من أن المكاسب التي حققناها لن تضيع هباءً؟

بيّنت لي تجربتي، لا بل أثبتت لي، أنه ما مِن بلد يمكنه مواجهة التحديات العالمية بمفرده.

نحن بحاجة إلى بعضنا البعض.

وعلينا جميعنا، حكومات وأفراد على حدّ سواء، أن نجرؤ على إطلاق هذا الحوار وعلى الانخراط في المشاركة.

وفي حين ما مِن جواب سحري للقضاء على الأزمات المختلفة التي نواجهها، فإننا نملك الأدوات لنخرج منها أقوى.

فتعددية الأطراف تولّد حيّزًا للحوار على الصعيدين الإقليمي والعالمي من أجل التوصل إلى اتفاقات واقعية قابلة للتنفيذ. كما تشكّل مفتاحًا للنهوض بحقوق الإنسان والتنمية المستدامة للجميع.

وعندما تكون التعددية مترسّخة في حقوق الإنسان، سواء أكانت الحقوق المدنية أم السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم الثقافية المتأصلة فينا جميعنا كبشر، أنا مقتنعة تمامًا أن مثل هذا الإجراء يمكّننا من تحقيق خطوات عملاقة إلى الأمام.

أود أن أركّز اليوم على ثلاث من قضايا حقوق الإنسان العديدة التي يواجهها عالمنا.

بإمكان الصين، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن وثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة لحفظ السلام ودولة مساهمة رئيسية بقوات، أن تؤدّي دورًا بارزًا في المناقشات المتعددة الأطراف وأن تساهم في تحقيق تقدم مجدٍ في هذه المجالات.

اسمحوا لي أن أبدأ بمجال السلم والأمن.

فالسلم هو وعد ميثاق الأمم المتحدة الأساسي وأحد المنافع العامة العالمية الرئيسية التي أُنشئت الأمم المتحدة من أجل تحقيقها.

ومع ذلك نشهد توترات عرقية وانقلابات عنيفة ونزاعات مطولة في جميع المناطق، وقد تفاقمت جميعها بسبب تطور تقنيات الأسلحة بسرعة. وأمّا الهجوم المباشر الأخير على التوجيهات الأساسية لميثاق الأمم المتحدة فيجب أن يثير قلقنا جميعنا.

فقد شهد العقد الماضي اتجاهًا مقلقًا نحو النزاعات، حيث تم انتهاك قوانين الحرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في سوريا وأوكرانيا وإثيوبيا واليمن وميانمار على سبيل المثال لا الحصر.

فالمستشفيات تتعرّض للاعتداءات، واستخدام الأسلحة العشوائية لا يميز بين جنود ومدنيين، بمن فيهم الأطفال.

كما يُطرد الملايين من الأشخاص من منازلهم الآمنة، ويتعرّض حقهم في الحياة للتهديد، ويُحرم الأطفال من الوصول إلى الصحة والتعليم، وتُحرم المجتمعات من الأمان والقدرة على التطور.

وكما أوضحْتُ أمام مجلس حقوق الإنسان في وقت سابق من هذا العام، يأتي الاستثمار في العمل المتعدّد الأطراف والقائم على حقوق الإنسان بثماره حلولًا سريعة وفعالة، لا سيّما في خضّم الأزمات.

ويُعتَبَر الرصد المستقل والإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان عبر اتّباع بمنهجية صارمة، طريقة حاسمة وغير منحازة لجمع معلومات دقيقة عن النزاعات وأثرها على الشعوب. ومن خلال هذه الأساليب يمكننا إثبات الحقيقة واتخاذ خطوات نحو المساءلة.

كما أن منع نشوب النزاعات في المستقبل يعتمد بشكل كبير على إجراءات عملية وهادفة لحماية حقوق الإنسان. وهذا يشمل معالجة الحرمان النظمي من حقوق الإنسان، مثل القوانين والممارسات التمييزية القائمة منذ زمن طويل أو انتهاك الوصول إلى الحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية.

إن الإطار الدولي لحقوق الإنسان وآليات تنفيذه، هي الأدوات التي نملكها لمساعدة الدول على تحديد هذه الثغرات، وكيفية معالجتها على أفضل وجه. بالإضافة إلى ذلك، يجسّد الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة تمامًا الروابط بين السلام والعدالة والمؤسسات الشاملة والتنمية المستدامة.

والأهم من ذلك كلّه، فإنّ الحيّز المدني الشامل والمفتوح يساعد الدول على تحديد الثغرات والحلول المتعلقة بكيفية حماية حقوق الإنسان للحفاظ على السلام والتنمية.

ما يقودني إلى القضية الثانية التي أرغب في تناولها اليوم وهي التنمية المستدامة. إن مبدأَي المساواة وعدم التمييز مترسّخان في صميم خطّة عام 2030 وأهداف الأمم المتّحدة للتنمية المستدامة. وقد التزمَتْ الدول ’بشمل الجميع من دون أي استثناء‘، و’بالوصول إلى الأكثر إقصاءً أولاً‘ وبإيلاء المجموعات المهمّشة اهتمامًا خاصًا.

وتتمثل القوة الأساسية لخطّة عام 2030 في أنها تجمع جميع دول العالم معًا، وتدعو كل منها إلى توسيع قواها الشاملة، حتى تتمكّن من التحول معًا ومواجهة تحدياتنا المشتركة. ومع ذلك، فإن أزمة الكوكب وكوفيد-19 والنزاعات المستمرة أعاقت تحقيقنا جميع هذه الأهداف.

وأنا مقتنعة بأن تحقيق المساواة فورًا يمكن أن يعيدنا بسرعة إلى المسار الصحيح.

ما يعني ضمان أن نبي اقتصادًا يفيد الجميع، ولا سيّما الأكثر تضررًا، أي المستبعدين والذين يتعرضون للتمييز. أي أولئك الذين لا صوت لهم وقوتهم التفاوضية محدودة.

ما يعني إقرار ميزانيات تناسب من لم يتمّ شمله، لضمان وصوله إلى المستويات الأساسية من الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية والتعليم للجميع.

ما يعني مزيدًا من الشفافية في القرارات الخاصة بالميزانية والإنفاق، وبالشركات التي تدفع حصةً عادلة، والمزيد من الضرائب التصاعدية، وإصلاحات هيكلية تخفف من عدم المساواة في السلطة الاقتصادية والسياسية.

والأهم من ذلك كلّه، معالجة التمييز المبطّن على أساس الأصل العرقي أو الإثني أو الديني أو اللغوي أو أي أساس آخر. ويتطلب ذلك استعراض القوانين والسياسات والممارسات التي تميز على هذه الأسس وتعديلها، والتحقيق في انتهاكات الحقوق ومنعها، وضمان المشاركة الشاملة في صنع القرار مع الاحترام الكامل للتقاليد الثقافية أو الدينية أو غيرها.

كما أن النساء اللواتي يعشن في فقر بعيدات كلّ البعد عن الحياة العامة، وتثقل كاهلهنّ القيود المفروضة على وصولهن إلى الموارد الاقتصادية والتنقل والمعلومات. ويجب أن يُمنَح تعزيز مشاركتهنّ في صنع القرار الأولوية. وفي وقت سابق من هذا العام، وخلال زيارة قمتُ بها إلى أفغانستان، أصررتُ على أنه لا يمكن معالجة الأزمة الإنسانية الخطيرة في البلاد إن لم تدلُ المرأة بدلوها.

ولن تكون التنمية مستدامة إلاّ في حال قمنا بدمج حقوق الإنسان وحماية البيئة في سياسات التنمية وخططها بمشاركة المتضررين.

ويعتبر دور الصين حاسمًا في هذا المجال، عندما يتعلق الأمر مثلاً بأهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالبنية التحتية ومؤسسات تمويل التنمية.

فوفقًا للبنك الدولي، على البلدان النامية أن تستثمر حوالى 4.5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي كي تحقّق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالبنية التحتية وتلبي غايات تغير المناخ العالمية.

إلاّ أنّ الحصول على البنية التحتية الصحيحة ليس بالأمر السهل حتى في أفضل الحالات.

ففي العديد من البلدان، وثّقت مفوضيّتنا الكثير من مشاكل حقوق الإنسان المرتبطة بالنقل والطاقة ومشاريع البنية التحتية الأخرى على المستوى العالمي.

لقد لحظنا أن شفافية بعض المشاريع محدودة، فيما انطوت مشاريع أخرى على قدر قليل من التشاور مع المجتمعات المحلية أو على عمليات إخلاء قسري وفقدان ثقافة الشعوب الأصلية وسبل عيشها، أو على قمع أصوات المجتمع المدني وعنف جنساني، أو على تصميم لا يراعي النوع الاجتماعي ورسوم استخدام لا يمكن تحملها وعمالة قسرية وعمالة أطفال وضرائب أثرها سلبي.

في العام 2018، دعوتُ وزراء المالية في مجموعة العشرين إلى دمج اعتبارات حقوق الإنسان بشكل أفضل في تطوير البنية التحتية. وفي العام التالي، أصدرت مجموعة العشرين سلسلة من المبادئ الخاصة بجودة الاستثمار في البنية التحتية، طالبت فيها بأن "يحترم تصميم البنية التحتية وتسليمها وإدارتها حقوق الإنسان". (المبدأ 5.2)

وكي يكون الاستثمار في البنية التحتية مستدامًا وقادرًا على المواجهة والصمود، نحتاج إلى معايير اجتماعية وبيئية رفيعة، وإلى بذل العناية الواجبة لمراعاة حقوق الإنسان. لذا من المشجّع أنّ نرى مؤسسات تمويل التنمية تسعى بشكل متزايد إلى دمج حقوق الإنسان في سياساتها التشغيلية.

وألحظ الالتزام الراسخ في خطة العمل لحقوق الإنسان في الصين، وأن الحكومة تشجع الشركات الصينية على "الالتزام بالمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في تجارتها واستثماراتها الخارجية، وبذل العناية الواجبة لمراعاة حقوق الإنسان، والوفاء بمسؤوليتها الاجتماعية عن احترام حقوق الإنسان وتعزيزها."

أمّا المبادئ التوجيهية الصينية لبذل العناية الواجبة في سلاسل التوريد المعدنية المسؤولة فتستند بشكل صريح إلى المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان وتحتوي على إرشادات صارمة بشأن العناية الواجبة على أساس المخاطر، وتعتمد على قوة المعايير الدولية. وتقدم المبادئ التوجيهية هذه نموذجًا ممتازًا يمكن تكييفه وتطبيقه قطاعات البنية التحتية.

أنتقل أخيرًا إلى القضية التالية التي أرغب في إثارتها هذا الصباح، وهي تغير المناخ.

تشير التقديرات إلى أن واحدة من كل ست حالات وفاة مبكرة ناجمة عن التلوث. كما يتشرد عشرات الملايين من الأشخاص كل عام بسبب تغير المناخ. ويهدد فقدان التنوع البيولوجي بانهيار النظم البيئية بأكملها. وتبيّن آخر التقارير الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بكلّ وضوح بأننا نتجه نحو كارثة.

لقد دُقَّ ناقوس الخطر منذ زمن بعيد.

وتمامًا كما هي الحال بالنسبة إلى القضايا الأخرى التي نناقشها اليوم، فإنّ تغيير المناخ يؤثّر بشكل غير متناسب على من يعيش حقيقةً أوضاعًا هشّة، على غرار النساء والشباب والأقليات والأشخاص ذوي الإعاقة. العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية هم أنفسهم من الشعوب الأصلية أو أعضاء في المجتمعات المحلية أو يمثلونها.

وتترافق حماية البيئة مع حماية حقوق من يدافع عنها. فيجب الإصغاء إلى أصواتهم وحمايتها. وقد أكّد قرار مجلس حقوق الإنسان 40/11 أن عمل المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية مرتبط بالتمتع بحقوق الإنسان وحماية البيئة والتنمية المستدامة.

كما أقر المجلس مؤخرًا في قراره 48/13، بأن البيئة النظيفة والصحية والمستدامة هي حق من حقوق الإنسان العالمية. وبأن التدهور البيئي وتغير المناخ هما أزمتان مترابطتان لحقوق الإنسان، ودعا الحكومات إلى مواصلة النظر في هذه المسألة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أكثر من 150 دولة تعترف بالحق في بيئة صحية وتحميه. آمل أن تنضم الصين إلى هذه المجموعة. فكلٌّ من الهواء الذي نتنفسه والطعام الذي نأكله والماء الذي نشربه، وصحتنا ورفاهيتنا وبقاؤنا حتّى يعتمد في الواقع على بيئة نظيفة وصحية ومستدامة.

على المجتمع الدولي أن يتصرف وهدفٌ وحيد نصب عينيه وأن يتضامن من أجل نشر كل الموارد الممكنة لحماية وإعمال حق الإنسان في بيئة صحية.

أحبائي،

تتمثل إحدى أفضل الطرق لوضع الأشخاص وحقوقهم في صميم عملنا بشكل هادف، في ضمان الحق في المشاركة وتوفير حيّز للحوار.

وأرحب في هذا الصدد بواقع أن الحق في المشاركة السياسية هو أحد المجالات التي تحظى باهتمام معهدكم الكريم.

لماذا المشاركة مهمة جدًا؟

عندما يتم إشراك مختلف شرائح المجتمع في المناقشات، يتمّ إدراك القضايا وفهمها بطريقة أعمق. ومع تعدّد الأصوات واختلافها، بإمكان الدول تحديد الثغرات في القوانين والسياسات بشكل أفضل، للتأكد من أنها أكثر عدلاً.

فتعكس القوانين والسياسات حالة الأشخاص الذين من المفترض أن نخدمهم، وتصبح المصالح المتضاربة أكثر توازنًا.

ويتمّ الإبلاغ عن المشاكل بسرعة وإيجاد حلول تناسب الجميع وتفي بأهداف المساواة.

وعندما تكون القرارات أكثر استنارة واستدامة، تصبح المؤسسات العامة أكثر فعالية وشفافية وخضوعًا للمساءلة.

أشجعكم على الاطلاع على مبادئ الأمم المتّحدة التوجيهية للدول بشأن الإعمال الفعال للحق في المشاركة في الشؤون العامة، وهي مجموعة من التوصيات للدول حول كيفية تحقيق هذا الحق على أرض الواقع.

قد تدركون ما هي الركائز الثلاث للأمم المتحدة. هي السلم والأمن، والتنمية وحقوق الإنسان.

وإذا نظرنا في الأحداث في جميع أنحاء العالم، وآمل أن ألهمكم على القيام بذلك اليوم، يبدو لي أنه يمكننا تحقيق أهدافنا بشكل أفضل إذا فهمنا الروابط بين هذه الركائز الثلاث. فمن خلال حقوق الإنسان، بما في ذلك الحقّ في التنمية يمكننا أن نحقّق سلامًا مستدامًا. وحقوق الإنسان والمساواة وسيادة القانون هي الرافعات التي تحققّ التنمية والسلام.

أدرك تمامًا أن العالم يكون أفضل عندما نعمل معًا بهذه الطريقة، رجالًا ونساءً، كبارًا وصغارًا، أفرادًا من مختلف المجتمعات وعبر المجتمعات ومن كافة البلدان في جميع أنحاء العالم.

مفوضيّتنا ملتزمة بمواصلة لعب دورها الحاسم في تشكيل التعددية في مجال حقوق الإنسان وتشجيع المشاركة البناءة.

ومساهماتكم بالغة الأهمية، فنحن بحاجة إلى إبداعكم وتصميمكم من أجل التوصّل إلى حلول ترتكز على الإدراك الأساسي بأننا جميعنا نستحق الكرامة والاحترام والعدالة على قدم المساواة.

ومن أجل تعزيز الحس بإنسانيتنا المشتركة في موازاة احتضان تنوعنا وتقدير قيمته.

وأتطلع إلى مناقشتنا اليوم.

وشكرًا.

الصفحة متوفرة باللغة: