البيانات آليات متعدٓدة
العقد الدولي للمنحدرين من أصل أفريقي، الإجتماع الإقليمي لأوروبا وآسيا الوسطى وأميركا الشمالية
المنحدرون من أصل أفريقي
23 تشرين الثاني/نوفمبر 2017
خطاب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين
23 تشرين الثاني/نوفمبر 2017
أصحاب السعادة،
حضرة المحاضرين والمشاركين الكرام،
أيها الزملاء والأصدقاء الأعزاء،
يشرفني أن أكون معكم هذا الصباح وأن أشارك في افتتاح هذا الاجتماع المخصص لحقوق المنحدرين من أصل أفريقي. ففي مختلف أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى وأميركا الشمالية، لا يزال المنحدرون من أصل أفريقي يواجهون التمييز في القانون وفي الممارسة، بدءاً من الأحياء السكنية والمدارس وصولاً إلى أماكن العمل والتمثيل السياسي والعدالة. وسواء كانوا من سلالة ضحايا الرق الذين تمَّ جلبهم إلى أميركا الشمالية وأوروبا ضد إرادتهم أو من المهاجرين الجدد، يُحرم المنحدرون من أصل أفريقي في أكثر الأحيان من حقوقهم ويتعرضون للاستبعاد والذل والتفقير نتيجة التمييز العرقي.
ومثلما يذكرنا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يولد جميع البشر متساوين في الكرامة والحقوق. ولا يوجد مبرر أياً يكن على الإطلاق للأشكال المتعددة والمتداخلة للتمييز الذي يعطي المرأة المنحدرة من أصل أفريقي الوصول إلى الرعاية الصحية ذات الجودة المتدنية ويقدم إلى الأطفال المنحدرين من أصل أفريقي مستويات تعليم سيئة جداً في مدارس غير مستوفية للمعايير؛ ما يحرم الرجال والنساء المنحدرين من أصل أفريقي على حدٍّ سواء من فرصة متساوية للحصول على عمل لائق؛ ويجعل مصير عدد متفاوت من المنحدرين من أصل أفريقي يميل إلى حالة من التهميش المتميزة بالفقر والعنف.
وحتى الآن في مختلف أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى وأميركا الشمالية، تبيَّن لبعثات الخبراء التابعة للفريق العامل المعني بالمنحدرين من أصل أفريقي والفرق العاملة ذات الصلة؛ والمقرر الخاص المعني بالعنصرية؛ والمقررة الخاصة المعنية بشؤون الأقليات؛ ولجنة القضاء على التمييز العنصري؛ وبعض الخبراء من الهيئات الإقليمية الأوروبية والأميركية حال من التمييز الواسع النطاق والراسخ بشدة والمتجذر بعمق في القوانين والسياسات والممارسات والمؤسسات.
وفي الولايات المتحدة الأميركية، التي تتواجد فيها أكبر جالية من المنحدرين من أصل أفريقي في هذا التجمع الإقليمي، تسود حالات عدم المساواة الناجمة عن أجيال من الرق والتمييز المباح، بالرغم من الإنجازات التي حققها الحراك المعني بالحقوق المدنية والتغييرات اللاحقة في الأطر القانونية. ولا يزال المنحدرون من أصل أفريقي يواجهون مستويات متفاوتة من الفقر؛ وعدم المساواة في الخدمات؛ وحتى معدل أمد حياة متدن بشكل ملحوظ. وتعاني النساء المنحدرات من أصل أفريقي عدم المساواة في الحصول على الخدمات الصحية، ما يؤدي إلى حالات حادة من عدم المساواة في المحصلات الصحية للنساء والأطفال الصغار. لقد أعربت أيضاً عن قلقي بشأن الممارسات المتعلقة بالتنميط العنصري وأنماط العنف الذي ترتكبه الشرطة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى فرض عقوبة الإعدام بشكل متفاوت على المنحدرين من أصل أفريقي وسواهم من الأقليات العرقية. وإنه لمن المشجع رؤية بعض الأشخاص الذين يدافعون عن حقوقهم. في هذا السياق، أتوقف عند الدور الريادي لحركة "حياة السود مهمة" وأشيد به، وذلك بجذبها الاهتمام إلى الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان، وأضم صوتي إليها في ما يتعلق بالمساءلة الكاملة لقوات الشرطة في كل الدول.
أودُّ الإشارة أيضاً إلى مخاوف خطيرة بشأن العنصرية الممنهجة ضد السود في نظام العدالة الجنائية الكندية، بما في ذلك الأدلة على أنماط مكثفة من التنميط العنصري بفعل إنفاذ القانون. لقد تحدثت بإسهاب بشأن مخاوفي العميقة لجهة انتشار التمييز ضد الأقليات في أنحاء العديد من الدول الأوروبية. وفي الكثير من الدول، تبدأ أنماط التمييز ضد المنحدرين من أصل أفريقي من التعليم في مدارس غير مستوفية للمعايير يمارس فيها المعلمون وغيرهم من الأطفال تنميطاً قائماً على الإهانة والتسلط وصولاً إلى عدم المساواة في الرعاية الصحية والظلم الفادح على مستويي العمالة والممارسات المتعلقة بالإسكان. وفي العديد من الدول عبر أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى، تترك أيضاً العدائية المتنامية ضد الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم أجانب أو مهاجرون تأثيراً متزايداً على المنحدرين من أصل أفريقي، بما في ذلك تفاقم حوادث جرائم الكراهية والعنف. أما في أميركا الشمالية، فإنني أشعر ببالغ القلق بشأن التمييز في الحصول على العدالة والمعاملة من قبل الشرطة ومن خلال الأنظمة القضائية. وينتشر التنميط العنصري الذي يمارسه المسؤولون عن إنفاذ القانون على نطاق واسع مع أعداد متفاوتة ضئيلة جداً لمنحدرين من أصل أفريقي يجري توقيفهم من قبل الشرطة في عدد من الدول، وفق عدة دراسات.
ومن أولى الخطوات لمعالجة التمييز الاستماع إلى تجارب الأشخاص الذين تعرضوا للتهميش. وفي العديد من الدول الأوروبية، لا يزال تمثيل المنحدرين من أصل أفريقي منقوصاً في الإعلام، ناهيك عن الحياة السياسية. ويتم محو حياتهم اليومية وتاريخهم وهوياتهم على نحو كبير من الروايات الوطنية والوقائع التاريخية الرسمية والكتب الدراسية، وإلى حدٍّ ما أيضاً من الهوية الثقافية الوطية، بالرغم من الشهرة التي يحظى بها عدد من الكتاب والمفكرين والمبدعين المنحدرين من أصل أفريقي في كل دولة. ويعتبر هذا الأمر مخزياً ومضراً للغاية على مستويات عدة، لا سيما بالنسبة إلى حقوق الأشخاص الذين يتم كبحهم. لكن بصفتي طالباً في مجال التاريخ في ما مضى، يؤسفني أيضاً انتشار الفشل في العديد من الدول في الاعتراف بواقع وإرث تجارة الرق والاستغلال الاستعماري اللاحق لأفريقيا، بما في ذلك ما يتعلق بالمساهمة في ازدهار الكثير من المدن والموانىء. ومن المهم كشف الحقيقة بشأن الماضي من أجل التمكن من رؤية ما يحدث في الحاضر بوضوح؛ ومن الضروري الاعتراف بوجود كل طفل وناضج يشكل جزءاً من القصة المكشوفة لمجتمع ما.
أصحاب السعادة،
يشكل التمييز العائق الأكثر تعبيراً والأكثر شمولية بالنسبة إلى حقوق الإنسان. ويترك ندوباً بالغة لدى الأشخاص والأجيال. لكن التمييز يضر أيضاً بكل المجتمع. فهو يعمق عدم الثقة ويرمي الشك في كل الجوانب ويمزق النسيج الاجتماعي إرباً ويخلق المظالم التي تتآكل كل حس بالانتماء وقيم مشتركة. وإنه لمن الملح والمهم أن يتم تغيير هذه القوى من أجل صالح الأفراد المعنيين ومن أجل القيم وحيوية الدول التي نعيش فيها.
يقوم العقد الدولي للمنحدرين من أصل أفريقي على هدم الأسوار بين المجتمعات والسماح لكل فرد من أفراد المجتمع بالحصول على حقه غير القابل للتصرف وعلى المساواة في الحقوق، لأننا – جميع البشر – متساوون ولدينا حق متساوٍ في الكرامة، ولأن كل دولة في العالم تحتاج إلى أن تكون قادرة على الاعتماد على المهارات والمساهمات لكل فرد من أفرادها، ولأن الإدماج يبني بالفعل مجتمعات قوية، بل مجتمعات قوية لأنها عادلة. ويأتي البحث عن وضع حدٍ للظلم والذل بفعل التمييز في صلب ولايتي ومهام مكتبي. فنحن نطور استراتيجيات تدعم العقد وتعمل على تمكين المنحدرين من أصل أفريقي وتتيح الاعتراف بحقوقهم وتساعد على تحقيق العدالة. ويشمل عملنا دعم الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز حقوق المنحدرين من أصل أفريقي وبرنامج للزمالة وتقديم بعض الهبات الصغيرة إلى المجتمعات الأهلية، بالإضافة إلى إعداد التقارير حول بعض النواحي المواضيعية المتنوعة المتعلقة بالتمييز العنصري الذي يعانيه المنحدرون من أصل أفريقي. وتسعى منظومة الأمم المتحدة أيضاً إلى زيادة التوعية وتعزيز العمل الملموس. لكننا نستطيع أن نحقق نتائج أفضل وسنفعل ذلك خلال السنوات السبع المقبلة من العقد.
يجب أن تكون دعوتنا أقوى؛ وتوجهينا أكثر تحديداً وإقناعاً؛ ويجب أن نضاعف مشاركة المنحدرين من أصل أفريقي أنفسهم في مبادراتنا من أجل تنفيذ العقد والقضاء على التمييز. وإنني أتطلع إلى نقاشات مثمرة على مدى اليومين المقبلين. وأؤكد لكم إنني سأستمر إلى جانب مكتبي في الإعراب عن مخاوفنا وفي الدعوة إلى بناء سياسات وممارسات للدول والمساعدة فيها، والتي من شأنها دعم المساواة في الحقوق لجميع الناس.
شكراً لكم.