Skip to main content

البيانات آليات متعدٓدة

استعراض المفوض السامي لحقوق الإنسان لأنشطة مكتبه وآخر المستجدات في مجال حقوق الإنسان

مراجعة شاملة لحقوق الإنسان عالمياً

08 آذار/مارس 2017

الموضوع الثاني: التقرير السنوي والإحاطة الشفهية في الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان

8 آذار/مارس 2017

حضرة رئيس مجلس حقوق الإنسان،
أصحاب السعادة،
أيها الزملاء والأصدقاء الكرام،

 تشكل مقولة "نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن نؤكد من جديد إيماننا... بما للرجال والنساء من حقوق متساوية" أحد البنود المأخوذة من ديباجة ميثاق الأمم المتحدة. ونحن نحتفل اليوم بالشجاعة والقوة التي تنطوي عليها التحركات التي تقوم بها النساء، في كل أنحاء العالم، سعياً إلى تحقيق المساواة، في ما يتعلق بحقِّهن في التعليم والعمل والتصويت – وفوق كل ذلك حقِّهن في اتخاذ قراراتهن الخاصة. وتعتبر إنجازاتهن عظيمة، فيما يوصف تحركهنَّ بالاستثنائي، وقد شهدت عليه التظاهرات التي حصلت في الحادي والعشرين من كانون الثاني/يناير. أحيِّي جهودهن، خصوصاً في ظل حجم التحديات التي لا تزال المرأة تواجهها حول العالم، والتي كنت قد أثرتها في بيان أصدرته مسبقاً بمناسبة يوم المرأة العالمي.وأنا على يقين بأن كل الوفود ستوليه اهتماماً كبيراً.

           
حضرة الرئيس،

أودُّ أن أبدأ حديثي بالإشارة إلى بعض الدول التي، بالرغم من اختلاف كبير في الحالات المعنية بحقوق الإنسان في ما بينها، إلا أنه يسرُّني أن أشيد ببعض الاتجاهات التي تحصل فيها.

في غامبيا، أثني على عمل أعضاء الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا القائم على المبادىء، وذلك بدعمهم التوصل إلى نهاية سلمية للانتخابات الرئاسية في كانون الأول/ديسمبر، في الوقت الذي بدا فيه العديد من القادة الآخرين في العالم متشبثين للبقاء في السلطة بأي ثمن. وبعد سنوات من القمع الذي تعرَّض له المجتمع المدني وأطراف المعارضة والإعلام، التزم الرئيس الجديد آداما بارو علناً بالدفاع عن حقوق الإنسان من خلال اعتماد حيِّز كبير من الإصلاحات، بما في ذلك قراره القاضي بإبقاء غامبيا جهة من الجهات المنضوية في المحكمة الجنائية الدولية وتعهده بإنشاء لجنة من أجل تقصي الحقائق والمصالحة.

في أوزبكستان، بعد سنوات من الانتشار الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان، وفي عهد الرئيس الجديد ميرزيوييف، تمَّ صياغة سلسلة من القوانين والمصادقة عليها بما يتماشى مع توصيات آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. أما آخر المستجدات، فكانت في تشرين الأول/أكتوبر، حيث حدَّد مرسوم بشأن الإصلاح القضائي والقانوني الشروط المتعلقة بإجراء المحاكمة العادلة والمحاكمة وفق الأصول القانونية وتلك الخاصة باستقلال القضاء. وسيشكل تطبيق هذه القوانين العامل الرئيسي لضمان حدوث التطورات الإيجابية بما يصبُّ في صالح كل سكان البلاد. ومن بين السجناء الآخرين الذين تمَّ الإفراج عنهم، محمد بكجانوف، وهو أحد الصحافيين الذين تعرَّضوا لأطول فترة من السجن في العالم، وقد أُطلق سراحه منذ أسبوعين بعد أن أمضى 18 عاماً في السجن، على أنه قضى القسم الأكبر من هذه الأعوام في الحبس الانفرادي.

أثني على جهود تونس المستمرة لوضع حقوق الإنسان في صلب المرحلة الانتقالية التي تخوضها وعلى تعاونها المثالي مع مكتبنا القطري. ويجدر بي التوقف خصوصاً عند التزام الحكومة بوضع ودعم قوانين متقدمة حول التمييز العنصري والعنف ضد المرأة، والتي من شأنها أن تؤشر إلى تحسن مهم في حصول العديد من الضحايا على العدالة. وفي ظل وضع أمني على درجة كبيرة من التحدي، تبرهن رغبة تونس في دمج حقوق الإنسان في عمليات مكافحة الإرهاب أن التعاون الفعال للدول الأعضاء مع مكتبنا – بما في ذلك الاستجابة إلى التهديدات الأمنية – ليس ممكناً فحسب، بل يفيد أيضاً الجميع.

وفي اليونان ، قام الرئيس بافلوبولوس منذ أسبوعين بزيارة مركز للاجئين وقال للأطفال من العراق وسوريا وأفغانستان "نرحب بكم. أنتم جزء منا، وستبقون هنا طالما تدعو الحاجة إلى ذلك، إلى أن ينتهي كابوس الحرب". وفي قارة غنية جداً تبدو مصممة على إعادة أعداد كبيرة من المهاجرين، حتى إلى ظروف قد تكون خطيرة جداً، إن ذاك التصريح الذي يعبِّر عما يجب أن يكون حساً عالمياً وتعاطفاً أساسياً يستحق كل الثناء لأنه يصدر عن دولة تشكو ضائقة اقتصادية.

حضرة الرئيس،

لقد شهد العام المنصرم إراقة دماء بالغة على يد جماعات متطرفة وإرهابية، وأغتنم هذه الفرصة لأدين مجدداً بقوة كل هذه الأشكال من العنف، وفي كل حالة من الحالات. ولن يتطرق بياني اليوم إلى التفاصيل المتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان في أفغانستان أو كولومبيا أو قبرص أو غواتيمالا أو غينيا أو هندوراس أو ليبيا أو سري لانكا أو سوريا أو اليمن، بما أن المجلس سيتلقى إحاطات في هذا الشأن من مكتبنا خلال هذه الجلسة وفي الجلسة العليا التي تُعقد حول سوريا في الأسبوع المقبل. وكما تعلمون، واجه مكتبنا صعوبة في الدخول إلى بعض المناطق. لقد طرحت هذه المسألة أمام المجلس في أيلول/سبتمبر، مشيراً إلى دول عدة من بينها إثيوبيا وسوريا ومنطقة جنوب شرق تركيا وفنزويلا وجانبي خط المراقبة بين الهند وباكستان في ولاية جامو وكشمير. وفي العديد من المناطق حيث تلقينا مؤشرات عن انتهاكات حادة، وحيث لا يزال طلب الوصول إليها مرفوضاً، بدأ مكتبنا إجراء عمليات رصد عن بعد وإرسال بعثات تقصي حقائق إلى دول مجاروة، وهي موثقة في تقارير نعتزم نشرها علناً، كما سأعدُّ تقريراً إضافياً في هذا الشأن في حزيران/يونيو.

حضرة الرئيس،

أصدرت في الشهر الفائت تقريراً مثيراً للقلق حول مدى خطورة ووحشية العمليات التي ارتكبتها قوات الأمن في ميانمار بحق شعب الروهينغا من الرجال والنساء والأطفال في ولاية راخين. وبدأت هذه العمليات في تشرين الأول/أكتوبر، بعد ورود تقارير تفيد عن اعتداء مهاجمين مسلحين على ثلاثة حواجز لحراس الحدود. وبما أن ميانمار رفضت طلب مكتبنا بالوصول إلى المنطقة، فقد جمع تقريرنا معلوماته من بعثة تابعة لمكتبنا في بنغلاديش، التي هرب إليها قرابة 73 ألف لاجىء من الروهينغا. ووجدت البعثة دلائل حسية وشهادات موثقة عن عمليات قتل جماعي، بما في ذلك الرضَّع والأطفال وكبار السن غير القادرين على الهرب، وعن إحراق قرى برمتها؛ وعمليات قتل بالرصاص؛ واعتقال جماعي؛ واغتصاب ممنهج وعنف جنسي؛ وتدمير متعمد للغذاء ومصادر الطعام. ويبدو أن ما وصفته قوات الأمن "بعملية مكافحة تمرد" كان يهدف في الواقع إلى طرد شعب الروهينغا من ميانمار كلياً، كما قال المقرر الخاص المعني بهذه المسألة.

ويبدو إلي أن وحشية الانتهاكات التي أوردتها التقارير في موازاة خلفية حادة وطويلة الأمد من الاضطهاد ترقى إلى احتمال ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما يستوجب التفات المحكمة الجنائية الدولية إليها. لذلك، أحث المجلس على أن ينشىء لجنة تحقيق واحدة على الأقل للنظر في أعمال العنف التي ارتُكبت بحق الروهينغا، لا سيما خلال العمليات الأمنية منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2016. وأكرِّر مجدداً طلبنا الدائم بفتح مكتب تابع للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في البلد.

في الفليبين، أفادت التقارير عن مقتل أكثر من سبعة آلاف شخص منذ أن أطلق الرئيس حملة لمكافحة المخدرات في أواخر تموز/يوليو. أنا قلق على نحو خطير بشأن هذه المسألة. فقد بدا أن التصريحات التي أدلى بها الرئيس تشجع عمليات الإعدام خارج نطاق القانون بحق الأشخاص المشتبه بتورطهم في الاتجار بالمخدرات – بما في ذلك إقراره بنفسه أنه تورط شخصياً في قتل مجرمين مشتبه بهم عندما كان رئيس بلدية دافاو. وقد تؤدي هذه المسيرة الخطيرة إلى زيادة العنف أكثر فأكثر، وأنا أدعو إلى إجراء تحقيق سريع ومستقل وموثوق في كل عمليات القتل التي حصلت. أما عملية التوقيف الأخيرة التي طالت المدافعة المخضرمة عن حقوق الإنسان، عضو مجلس الشيوخ ليلى دي ليما، والتي لاحقت تحقيقات بشأن عمليات الإعدام خارج نطاق القانون، فتثير القلق من أن الأشخاص الذين يسعون إلى العدالة سوف يُحاكمون – بل حتى يُضطهدون. كذلك، تبرهن الخطط الهادفة إلى وضع قانون من أجل تخفيض السن الأدنى للمسؤولية الجنائية إلى تسع سنوات عن التجاهل التام لالتزامات الدولة بموجب القانون الدولي.

في كمبوديا، أظهرت مرحلة ما قبل الانتخابات مجموعة من التهم والتهديدات بحق أعضاء من الجهات المعارضة وأشخاص يمارسون حرية التعبير. وتتيح التعديلات الطارئة على قانون الأحزاب السياسية، والتي أقرَّها البرلمان أخيراً من دون مشاورة عامة، تعليق عمل الأحزاب لمدة غير محددة فعلياً من دون مراعاة الأصول القانونية، وهي بعيدة كل البعد عن معايير حقوق الإنسان المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات. أما الاعتقال التعسفي ما قبل مرحلة المحاكمة للمدافعين عن حقوق الإنسان من الرابطة الكمبودية لحقوق الإنسان والتنمية، فقد تجاوزت مدته عشرة شهور راهناً من دون أي بوادر محاكمة تلوح في الأفق. وتشير عمليات القمع بحق المدمنين على المخدرات والمتاجرين بها والمداهمات لأشخاص يعيشون أو يعملون في الشوارع إلى أن آلاف الاشخاص يُعتقلون الآن في ظروف غير مناسبة، فيما لا يستفيد العديد منهم من محاكمة وفق الأصول القانونية. وأشدِّد على ضرورة تدعيم انتخابات موثوقة بضمانات بأن المحاكم ستكون مستقلة وحيادية وأن الحريات المتعلقة بالتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات ستكون محمية.

لقد صرَّحت حكومة الصين عن نيتها لعب دور قيادي في هذا المجلس. وحتى هذه النقطة، حققت الصين إنجازاً لافتاً بانتشال مئات الملايين من شعبها من الفقر على مدى 30 عاماً الماضية والاستثمار في الرعاية الصحية الشاملة وجودة التعليم وحماية كبار السن. وإن تصريح الصين عن التزامها بسيادة القانون مرحب به أيضاً، خصوصاً عندما يتلاءم مع معايير حقوق الإنسان الدولية، على أن يشمل ذلك احترام دور المدافعين عن حقوق الإنسان. لكنني أتأسف بشأن ترهيب واعتقال المحامين والنشطاء الذين يسعون إلى خير مجتمعهم وأمتهم. أشعر بالقلق أيضاً إزاء حالات القيود المفروضة على الحقوق الثقافية والدينية، لا سيما في شينجيانغ والتيبت، وسوف أستمر في التواصل مع الصين من أجل حوار بناء حول أهمية القضايا المعنية بحقوق الإنسان.

أشعر بقلق بالغ باستمرار إزاء التقارير الواردة عن الانتهاكات الحادة التي يعانيها سكان جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية. هذا الوضع يجب أن يتغيَّر بشكل ملح. وأنا أتطلع قدماً لدراسة التقرير الذي أعدته مجموعة الخبراء المستقلين. كما أرحب بانضمام جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وآمل أن تؤدي إلى التزام أكبر بالآليات.

في التفاتة إلى إيران، أشعر بالأسف إزاء القيود التي فرضتها الحكومة على حرية الدين والمعتقد، والممارسات الضارة لزواج الأطفال، الذي لا يزال مشرعاً ومنتشراً على نطاق واسع في أنحاء البلاد. وأشير، عقب التزام مع الحكومة، إلى وقف أحكام الإعدام الوشيكة بحق شابين، فيما لا يزال 80 شخصاً على الأقل مدرجين على لائحة الإعدام. وتُنفَّذ غالبية أحكام الإعدام نتيجة جرائم مرتبطة بالمخدرات، والتي لا ترقى إلى مستوى "الجرائم الأكثر خطورة". وفي الشهرين الماضيين، أفادت التقارير عن تنفيذ 116 حكماً بالإعدام، فيما أُعدم أكثر من 530 شخصاً عام 2016.

في الوقت الحاضر، توقف 80 بالمئة من الدول الأعضاء عن إعدام الأشخاص، سواء رسمياً أو بوقف اختياري غير رسمي. وتعتبر إيران من بين أربع دول مسؤولة عن نحو 90 بالمئة من أحكام الإعدام المنفذة حول العالم؛ أما الدول الأخرى، فهي الصين - حيث تفيد التقارير بأن عدد أحكام الإعدام بالآلاف سنوياً؛ والسعودية؛ وباكستان – التي تراجعت في كانون الأول/ديسمبر عام 2014 عن الوقف الاختياري الذي قررته مسبقاً واستأنفت عقوبة الإعدام. كذلك، تراجعت البحرين وغامبيا وأندونيسيا والأردن والكويت أخيراً عن التزامات رسمية وغير رسمية بالوقف الاختياري لعقوبة الإعدام. تؤسفني هذه الاتجاهات العكسية إلى حدٍّ كبير، وكذلك ما صرَّحت به جزر المالديف وبابوا غينيا الجديدة وتركيا، كما رأينا في الأمس، والفليبين عن نيتها إعادة العمل بعقوبة الإعدام. في المقابل، صادقت كل من توغو وجمهورية الدومينيكان وساو تومي وبرنسيب على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وانضمت إليه.

حضرة الرئيس،

في تركيا، تستمر القنابل وغيرها من الهجمات الإرهابية الصادمة ضد المدنيين في حصد الأرواح، وهو ما أدينه، وأنا أتفهم تماماً أن السلطات تعمل في بيئة تملؤها التحديات في كثير من النواحي. لكنني أخشى من أن الإجراءات المتخذة في إطار حالة الطوارىء تبدو كأنها تستهدف من ينتقدون هذه السلطات وليس الإرهاب. أما واقع أن آلاف الأشخاص طُردوا أو أوقفوا أو اعتُقلوا أو حوكموا عقب محاولة الانقلاب - بما في ذلك العديد من النواب المنتخبين بشكل ديمقراطي والقضاة والصحافيين، فهو يثير قلقاً جدياً بشأن مدى الوفاء بضمانات المحاكمة وفق الأصول القانونية. ومن أجل مصداقية الاستفتاء حول تعديل الدستور المرتقب في نيسان/أبريل، سيكون من الضروري بشكل خاص ضمان حيِّز من النقاش المفتوح الخالي من الترهيب. ولا تزال أوضاع حقوق الإنسان في جنوب شرق تركيا مثيرة جداً للقلق. وبالرغم من عدم إمكانية الوصول إلى المنطقة، إلا أن إجراءات الرصد عن بعد التي قام بها مكتبنا دلَّت على مؤشرات موثوقة بوقوع مئات القتلى، لافتة إلى إجراءات أمنية متفاوتة في الرد على هجمات العنف. وسيتم إصدار تقرير يفصِّل هذه المسألة وغيرها من المؤشرات حول انتهاكات خطيرة.

وفي حين أقرُّ بالجهود الجبارة التي بذلتها العديد من الجهات الفاعلة في منطقة المتوسط لإنقاذ أشخاص من الغرق في البحر، أنا قلق جداً بشأن الدعوات المتزايدة داخل الاتحاد الأوروبي لإنشاء مراكز تهيئة خارج القارة أو مخيمات في شمال أفريقيا وأماكن أخرى، وإشراك جهات خارجية في قضايا الهجرة مع قليل من الاعتبار لحقوق الإنسان. على سبيل المثال، قد يكون المهاجرون الذين قُبض عليهم في البحر من قبل خفر السواحل الليبي أو وكالات مماثلة عرضة للمزيد من العنف. وأكرِّر مجدداً أهمية الالتزام بالمبدأ القائم على ضرورة عدم إعادة الأشخاص إلى دول قد يواجهون فيها التعذيب أو الاضطهاد أو التهديد لحياتهم. ورحَّب العديد من الأشخاص العاديين في أوروبا بالمهاجرين وأعربوا عن دعمهم لهم، لكن القادة السياسيين يبرهنون بشكل متزايد عن عدم مبالاة قاسية بمصيرهم. وأشعر بالقلق خصوصاً إزاء روايات عامة بشعة يبدو أنها تهدف عمداً إلى إثارة الخوف والذعر العام، بوصفها هؤلاء الأشخاص الضعفاء على أنهم قوم غزاة مجرمون.

في الأسبوع الماضي، أعلن رئيس وزراء المجر، وفق التقارير، أن "التجانس العرقي" هو مفتاح للنجاح الاقتصادي. لا يوجد مجتمع متجانس، على الأقل في كل أوروبا الوسطى، وهذه المفاهيم السامة حول ما يسمى بالنقاء العرقي تعيدنا إلى الوراء إلى حقبة عانى خلالها الكثير من الناس بوحشية، بما يشمل المجريين. في الأمس، أقرَّ البرلمان المجري مشروع قانون يفرض نقل كل المهاجرين إلى منطقة خارج السياج الحدودي للبلاد، ما سيؤدي إلى احتجاز كل طالبي اللجوء في المنطقة نفسها طوال مدة إجراءات اللجوء المطبقة في البلاد، وهذا ما لا يرقى إلى مستوى المعايير الدولية. وكما هي الحال في بولندا، واصلت الحكومة المجرية تقويض المجتمع المدني والقضاة وتعزيز نفوذ الحكومة على الإعلام. وفي كلا البلدين، حدَّت التغييرات التشريعية من استقلال المحاكم الدستورية. وفي دول أعضاء أخرى في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا، قوبلت المعاهد القضائية التي جرت العادة على احترامها بشكل كبير بانتقاد عميق، وتعرضت في بعض الحالات للانتهاك. وأنا قلق بشأن ميل مستقبلي في هذا الاتجاه الذي قد يشكل خطراً على استقلاليتها في العمل.

بالنسبة إلى الاتحاد الروسي، أشعر بالقلق من أن يكون القانون الاتحادي لمكافحة النشاط المتطرف قد استُخدم للحد من حرية التعبير، بما في ذلك الممانعة السياسية، وكذلك حرية الدين، بسبب تعريف غامض وغير محدد لنشاط التطرف. وتمَّ أيضاً إدراج عقوبات أكثر قسوة بالنسبة إلى جرائم مرتبطة بالتطرف. وقد يترك هذا الأمر تأثيراً شديداً على عمل المجتمع المدني برمته. وأحث باستمرار على إبطال قانون "الوكلاء الأجانب"، الذي يضر بأنشطة المجتمع المدني، وعلى ما أعتقد، بأنشطة المجتمع ككل. كما يؤسفني التشريع الصادر في الشهر الفائت والقاضي بعدم تجريم العنف داخل الأسرة إذا ما أسفر عن "ضرر ضئيل". ولا يختلف العنف المنزلي عن غيره من أشكال العنف في ضرورة قيام نظام العدالة الجنائية باعتماد الاستجابات المناسبة.

حضرة الرئيس،

أشعر بالأسف إزاء العنف والتدمير في جنوب السودان الذي يتوسع فيه انتشار الجوع. وكما ذكرني نائب الرئيس الأول في الأسبوع الماضي، لقد تأسست الدولة من دون رغبة بقيام حقوق للإنسان، لكن تمَّ التخلي عن هذه الفكرة مع وجود سكان ينتمون إلى المزيد من القبائل، في خضم حصار تتسع رقعته أكثر فأكثر في البلاد، ومع الضرر الذي أصابهم جراء الأعمال الوحشية وتورطهم في الصراع. وتورطت قوات المعارضة – بما في ذلك الجيش الوطني – على نحو متكرر بجرائم حرب مزعومة شملت عمليات قتل واغتصاب وعنف جنسي وابتزاز وحالات اختفاء ونهب وحرق منازل. ومن الضروري إجراء المساءلة المناسبة لهذه الجرائم. ويقلقني القمع الصارم لحرية التعبير وعمليات التوقيف التعسفي والاعتقال من دون محاكمة، ومن دون السماح بتدخل بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان. وأُطلقت تهديدات بحق ممثلي المجتمع المدني الذين اجتمعوا ببعثة مجلس الأمن في مقرنا في جوبا في أيلول/سبتمبر الماضي.

لقد أعدَّ مكتبنا أخيراً تقريراً عن عدد من الانتهاكات الحادة لحقوق الإنسان في إقليمي كاساي ولوماني في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأثني على مبادرة الحكومة سريعاً إلى بدء إجراءات التحقيق والمساءلة بشأن بعض مزاعم القتل المنسوبة إلى قوات من الجنود وتقديم المساعدة إلى مكتبنا. وعلى ضوء التقارير المتكررة عن حدوث انتهاكات خطيرة واكتشاف ثلاث مقابر جماعية إضافية أخيراً، أحث المجلس على إنشاء لجنة تقصي حقائق للنظر في هذه المزاعم. وسيرصد مكتبنا عن كثب التطورات القضائية في ما يتعلق بأعمال ارتكبتها قوات الأمن والتي أدَّت إلى مقتل أكثر من مئة شخص في أيلول/سبتمبر وكانون الأول/ديسمبر. ولم يتحقق أي تقدم ملموس في سياق الاتفاق السياسي الذي أُبرم في 31 كانون الأول/ديسمبر والذي جاء نتيجة الوساطة الجديرة بالثناء التي قام بها مجلس الأساقفة الوطني.

في بوروندي، أشعر بالقلق من أن الحيِّز الديمقراطي قد قُضي عليه الآن فعلياً. إذ تشير التقارير باستمرار إلى ارتكاب قوات الأمن وميليشيا إيمبونيراكور انتهاكات وإساءات فادحة لحقوق الإنسان، بما في ذلك المزاعم المتزايدة بشأن حالات الاختفاء القسري والتعذيب والاعتقالات الجماعية التعسفية. ويشكل القرار الأخير بالإفراج عن 2500 معتقل إشارة إيجابية، لكن لا يزال مئات الأشخاص يقبعون في السجن بسبب معارضتهم الفعلية أو المفترضة للحكومة. وعقب إصدار تقرير بعثة الأمم المتحدة للتحقيق المستقل بشأن بوروندي في أيلول/سبتمبر 2016، أوقفت حكومة بوروندي تعاونها مع مكتبنا في بوروندي بما علَّق الاستعراض الجاري لمذكرة التفاهم التي تجمعنا.

أشعر بقلق بالغ إزاء التدهور الخطير لأوضاع حقوق الإنسان في المناطق الشمالية والوسطى من مالي، بما في ذلك موبتي وسيغو. وتواصل الجماعات المتطرفة قمعها الوحشي، بما في ذلك عمليات القتل المستهدف والإعدام بإجراءات موجزة والعنف الجنسي والهجمات على المدارس وإجبار آلاف الأشخاص على الهرب من المنطقة. ومن الضروري أن تنفِّذ كل القوات الوطنية والدولية عمليات مكافحة الإرهاب بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. حين تنتهك عمليات مماثلة حقوق الإنسان، فإنها تضعف التأييد الشعبي لها – وهذا ما يمكنه أن يقوِّي الجماعات المتطرفة حصراً. وتعتبر الهجمات المتزايدة ضد القوافل الإنسانية وممثلي المنظمات الوطنية والدولية مثيرة جداً للقلق أيضاً، بما أنها تحرم هذه المناطق من الخدمات الضرورية. وثمة حاجة ملحة إلى ضمان المساءلة عن هذه الانتهاكات وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في المنطقة.

حضرة الرئيس،

في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد مرور نصف قرن على الاحتلال الإسرائيلي، ومع الإذلال الذي يتعرَّض له شعب آخر بفعل هذا الاحتلال، يتفشى تراكم الإحباط على نطاق واسع، فيما اتساع رقعة التمييز يحرم الفلسطينيين حقوقهم الأساسية. لقد دعوت مراراً إلى إنهاء الاعتقال المطول من دون محاكمة لعدد كبير من المعتقلين. وبالرغم من قرار مجلس الأمن 2334، إلا أن الحكومة الإسرائيلية سمحت ببناء أكثر من 5500 وحدة استيطانية جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ بداية السنة. وأقرَّ الكنيست في الشهر الفائت قانوناً "يضفي الشرعية" بموجب القانون الإسرائيلي على بؤر استيطانية بُنيت على أراض يملكها فلسطينيون. ويرقى ذلك إلى مستوى مصادرة للممتلكات الخاصة ويشكل انتهاكاً للقانون الدولي. ويستمر حصار إسرائيل لغزة، والذي يرقى إلى مستوى عقاب جماعي، في حرمان السكان من الحصول حتى على السلع والخدمات الأساسية. وفي حين أكرِّر تحذيري بشأن الصورايخ غير الموجهة التي تطلقها جماعات فلسطينية مسلحة بشكل متقطع من مناطق مأهولة بالسكان باتجاه مناطق يسكنها مدنيون في إسرائيل – وهي انتهاكات للقانون الإنساني الدولي – أشعر بالقلق على نحو مشابه من أن ردود إسرائيل لا ترقى في كثير من الأحيان إلى مبادىء التمييز والتناسب والتحوط. ولا يمكن لسياسات مماثلة أن تضع الأرضية الصلبة للسلام والأمن اللذين لكل الإسرائيليين وكل الفلسطينيين الحق بتوقعهما. وفي دولة فلسطين، يشعر مكتبنا بالقلق أيضاً إزاء زيادة استخدام السلطة الفلسطينية وسلطات غزة للاعتقال الإداري والتعسفي، مع زيادة المزاعم بشأن التعذيب وسوء المعاملة في الضفة الغربية وغزة بحق المعارضين السياسيين والصحافيين والناشطين. وفي غزة، تواصل المحاكم إصدار أحكام بالإعدام وتُنفَّذ الإعدامات في ظل انتهاك للسياسة الفلسطينية. وسوف تحصلون على إحاطة شاملة أكثر في هذا الشأن لاحقاً خلال هذه الجلسة.

يستمر الصراع في العراق في التسبب بوقوع عدد كبير من الإصابات والخسائر في الأرواح بين المدنيين. ويتلقى مكتبنا وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق تقارير يومية عن الأعمال الوحشية التي يرتكبها تنظيم داعش ضد المدنيين، بما في ذلك ضد محاولات السكان للهروب من مناطق تقع تحت سيطرة تنظيم داعش. وفي مناطق استعادتها القوات الحكومية من تنظيم داعش، تمَّ تحديد 20 موقعاً على الأقل لمقابر جماعية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2016، وعلى ضوء الجرائم الجسيمة التي ارتُكبت في العراق، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، أحث على أن يتم جمع وتوثيق كل هذه الدلائل عن الانتهاكات المحتملة. وفي ما يتعلق بالعمليات المنفذة في الموصل، تبذل الحكومة العراقية جهوداً للالتزام بمبادىء القانون الإنساني الدولي. وأحث الحكومة على متابعة رصد سلوك قوات الأمن العراقية. ومن الضروري أيضاً أن تعدِّل الحكومة القانون الجنائي كي تضمن أن المحاكم المحلية تحظى بالاختصاص في ما يتعلق بالجرائم الدولية. كما أشجع أيضاً على الحوار المسهب داخل المجتمعات وفي ما بينها لإعادة بناء الثقة المتبادلة ودعم المصالحة الوطنية. ويبدي مكتبنا حماسة لمساعدة الحكومة في بناء معاهد القضاء الوطنية ما يمكن أن يذلِّل القضايا الأكثر تحدياً التي تواجهها، بما في ذلك الحاجة إلى إعادة إحياء إنفاذ القانون وسيادة القانون في المناطق التي جرت استعادتها من تنظيم داعش.

في مصر، يجري كم أفواه المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والإعلاميين المهنيين بشكل منهجي من خلال الاعتقالات والمحاكمات وحظر السفر والأوامر بإغلاق المقرات وإجراءات عقابية مالية صارمة. ويؤسفني بشكل خاص الإقفال الإلزامي الأخير الذي طال مركزاً يُشهد له برعايته للضحايا والناجين من التعذيب والعنف. وأسفر العنف المتزايد ضد الأهداف العسكرية والمدنية في سيناء من قبل جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم داعش والاشتباكات مع قوات الأمن عن مئات الإصابات بين صفوف المدنيين وأثار تهجيراً مقلقاً من المنطقة. وتلقى مكتبنا تقارير عن مزاعم بشأن حالات اختفاء قسري وأعمال تعذيب وسوء معاملة للمعتقلين. وأحث السلطات على الاعتراف بهذا الأمر، ففي كل الدول التي تواجه تحديات أمنية وتطرفاً عنيفاً، إن حرمان الأشخاص من حقوقهم لن يجعل الدولة أكثر أماناً، بل في مزيد من حال عدم الاستقرار.

في البحرين، فرضت الحكومة المزيد من القيود على المجتمع المدني والجماعات السياسية منذ حزيران/يونيو 2016، بما في ذلك الترهيب والاعتقالات وعمليات الاستجواب وحظر السفر والأوامر بإقفال مقرات. وأكرِّر أن هذا القمع لن يقضي على المظالم التي يتعرض لها السكان؛ بل سيزيدها. وأشعر بقلق بالغ إزاء الزيادة في مستويات انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة. وأناشد حكومة البحرين اتخاذ إجراءات ملموسة لبناء الثقة، بما في ذلك السماح لمكتبنا والمكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة بالقيام بزيارات سريعاً.

حضرة الرئيس،

أشعر بقلق متزايد إزاء الاستقطاب المتطرف في فنزويلا مع استمرار القيود المفروضة على حرية التنقل وحرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير وحرية الاحتجاج السلمي. أشعر بالقلق أيضاً لغياب استقلال سيادة القانون والنقص في المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. ويتلقى مكتبنا باستمرار تقارير عن عمليات اعتقال تعسفي وترهيب لقادة المعارضة، وأكرِّر دعواتي لإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، الذين نعتقد أن العديد منهم اعتقلوا بشكل تعسفي. وفيما تتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في فنزويلا، وردت إلينا تقارير عن زيادة ملحوظة في أعداد الفنزويليين الذين يقصدون دولاً مجاورة، وأنا أحث السلطات على ضمان الدعم المناسب. ويضر النقص في الأدوية والغذاء في أنحاء البلاد وارتفاع الأسعار بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية بشكل حاد. ونحن نرحب بجهود الوساطة التي يبذلها الفاتيكان ونشجع على مزيد من الاحترام لحقوق الإنسان كأرضية مشتركة لاستئناف الحوار السياسي.

في الولايات المتحدة الأميركية، أشعر بقلق إزاء طريقة تعامل الإدارة الجديدة مع عدد من القضايا المعنية بحقوق الإنسان. ثمة حاجة إلى قيادة أقوى وأكثر اتساقاً لمواجهة ما برز أخيراً من تمييز ومعاداة للسامية وعنف ضد الأقليات العرقية والدينية. وإن التشهير بجماعات بأكملها مثل المكسيكيين والمسلمين والإدعاءات الكاذبة حول ارتكاب المهاجرين جرائم بمعدلات تفوق تلك التي يرتكبها المواطنون الأميركيون، كلها أمور ضارة وتحرِّض على إساءة المعاملة بدافع كراهية الأجانب. وأشعر بالذعر إزاء محاولات الرئيس لترهيب أو تقويض الصحافيين والقضاة. كما أشعر بالقلق إزاء سياسات جديدة للهجرة تحظر استقبال الأشخاص من ست دول ذات غالبية مسلمة لمدة 90 يوماً، بالإضافة إلى سياسات تزيد بشكل كبير عدد المهاجرين المعرضين لخطر الترحيل الفوري – من دون أن تؤخذ بالاعتبار السنوات التي أمضوها في الولايات المتحدة أو الجذور العائلية. وهذه الأمور من شأنها أن تزيد بشكل واسع اللجوء إلى الاعتقال، بما يشمل الأطفال. ويمكن أن ترقى عمليات الترحيل العاجلة إلى عمليات طرد وإعادة قسرية بشكل جماعي، بما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، إذا اتُخذت من دون ضمانات المحاكمة وفق الأصول القانونية، بما في ذلك التقييم الفردي. وأشعر بالقلق خصوصاً من التأثير المحتمل لهذه التغييرات على الأطفال الذين يواجهون واقع كونهم قيد الاعتقال أو قد يرون أسرهم مفككة.

وفي أجزاء عديدة من أميركا الوسطى واللاتينية، يواجه الأشخاص الذين يلتزمون بالدفاع عن الحقوق في الأراضي والبيئة في وجه الصناعات الاستخراجية ومشاريع التنمية خطراً محدقاً، بما في ذلك القتل والهجمات العنيفة. ومن بين هؤلاء الأشخاص نذكر العديد من زعماء مجتمعات الشعوب الأصلية الذين لا تزال حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تُنتهك بشكل كبير في أنحاء المنطقة، بالرغم من تبني الإعلان الأمريكي بشأن حقوق الشعوب الأصلية في العام الماضي. ولا يجب تمويل مشاريع تنمية من دون التداول والتشاور بشكل عام مع المجتمعات المتضررة منها مباشرة والمتحررة من الخوف. ويترك الانتشار الواسع للعنف الجنائي في المنطقة، والذي يتضاعف جراء الشوائب التي تسود النظام القضائي والعمليات الأمنية تأثيراً حاداً ومميتاً على إدارة السجون. ففي البرازيل، تسبب عنف العصابات بمقتل أكثر من مئة معتقل خلال مدة أسبوعين في كانون الثاني/يناير. وفي هايتي، توفي أكثر من 40 معتقلاً في الشهرين الماضيين نتيجة سوء في الرعاية الصحية والتغذية. وتعتبر مكافحة الاكتظاظ الحاد والأنظمة المستقلة للإدارة داخل السجون من بين أهم التوصيات المعنية بحقوق الإنسان التي يجب طرحها بصورة ملحة.

حضرة الرئيس،

قد يكون عام 2017 عاماً محورياً في كثير من النواحي. فهل ستدفع الهجمات الوحشية التي ترتكبها الجماعات الإرهابية بالحكومات إلى الرد عليها بعمليات أمنية من العيار الثقيل بشكل أكبر، بما يزيد أرجحية حدوث انتهاكات على حساب حقوق الإنسان؟ وهل سيواصل الشعبويون حصد المكافآت عما هو مخزَّن من الخوف وخيبة الأمل؟ وهل سيدفعون إلى جانب قادة آخرين من ذوي العقول الاستبدادية بالنظام الدولي إلى حافة الهاوية؟ أم سيكون هناك ما يكفي من الأشخاص الذين يدركون بوضوح وعمق ما هو على المحك – الذين يرون أن كل الحقوق القائمة على النظام عرضة للهجوم – ويعاكسون القوى النابذة التي تهدِّد بتحطيم المؤسسات الإقليمية والدولية؟ وهل سيعملون على تعزيز القوى الجاذبة المركزية التي تحتاجها خطة عام 2030 بصورة ملحة، وذلك لوضع حد للفقر المدقع والعودة بالفائدة على كل المجتمعات؟

إن العمل في هذا المجلس، في هذه المرحلة، أو من خلال الأمم المتحدة، لا يمكن أن يكون ذو معنى إلا إذا عكس بدقة الحيِّز الأبعد منه، من ثمَّ غيَّر هذه الظروف نحو الأفضل. وهناك في الخارج، سيبدأ عام 2017 بإجابتنا عن السؤال، ببساطة، وأيضاً مملوءاً بطاقة ونتيجة ألا وهي: هل سنستمر بالعمل سوياً من أجل تحسين كل شيء للجميع؟ أو هل سنتخلَّى لأسباب ضيقة متنوعة عن النهج المتعدد الأطراف؟ عندئذ، يبدو أن السؤال سيكون يا حضرة الرئيس ما يلي: هل نحن معاً جميعاً أم سنسقط سوياً نحو الهاوية؟

شكراً جزيلاً

الصفحة متوفرة باللغة: