Skip to main content

البيانات والخطابات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

أوكرانيا: باشيليت تطالب بحماية المدنيين وتكثيف الجهود من أجل التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار

05 أيّار/مايو 2022

في 29 نيسان/ أبريل 2022، زارت بعثة الأمم المتحدة لرصد حقوق الإنسان في أوكرانيا موقع سقوط صاروخين في شارع تاتارسكا 13 في كييف. وقد سقط الصاروخان في حوالى الساعة 20:11 من مساء 28 نيسان/ أبريل مستَهدفَيْن على ما يبدو مجمع مصنع أرتيما المقابل للشارع. وبحسب التصريحات الرسمية نُقل 10 أشخاص إلى المستشفى مصابين بجروح. © مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان

أدلى/ت به

ميشيل باشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

في

إحاطة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بآخر المستجدات

المكان

نيويورك

سيّدتي الرئيسة،

لأكثر من ثماني سنوات، أي منذ 15 آذار/ مارس 2014 بالتحديد، ترصد مفوصّيتنا عبر بعثة رصد حقوق الإنسان في أوكرانيا الوضع في البلاد. وقد أصدرنا حتى اليوم ما يقارب 50 تقريرًا دوريًا وموضوعيًا.

وفي 24 شباط/ فبراير 2022، نجحنا في التكيّف بلمح البصر مع بيئة عمل مختلفة تمامًا. ومثل الملايين من الأوكرانيين، انتقل موظفو المفوضيّة إلى مناطق أخرى من البلاد، ولكنّني فخورة جدًا بهم لأنّهم لم يتوقفوا عن عملهم ولو ليوم واحد. ولدى البعثة حاليًا موظفون ميدانيّون في أوزغورود وكييف ولفيف ودنيبرو ودونيتسك وأوديسا. كما تقوم البعثة بزيارات ميدانية إلى مناطق مختلفة من البلاد، بما في ذلك مناطق كييف وتشرنيهيف خلال الأسبوع الماضي وحده.

وتواصل البعثة التحقق من الادعاءات المتعلقة بانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، المُرتَكَبَة في سياق الاعتداء المسلح الروسي على أوكرانيا.

ويرتبط العديد من هذه الادعاءات بانتهاكات قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.

وبناءً على عمل البعثة، قدّمت مفوضيتنا إحاطة إعلامية بشأن أوكرانيا إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في نهاية شهر آذار/ مارس، وستقدم تقريرًا عن حالة حقوق الإنسان في أوكرانيا يغطي الفترة الممتدّة بين 24 شباط/ فبراير و15 أيار/ مايو، خلال الدورة المقبلة للمجلس المنعقدة في حزيران/ يونيو. وقد لخَّصْتُ في بياني الصحفي بشأن أوكرانيا الصادر في 22 نيسان/ أبريل آخر النتائج التي توصلنا إليها.

يؤلمني أن أؤكّد أنّ كل مخاوفنا لا تزال قائمة، وأنّ الوضع آخذ في التدهور.

سيّدتي الرئيسة،

اليوم هو اليوم الحادي والسبعون من تصعيد الأعمال العدائية، ما يوسع النزاع المستمر منذ ثماني سنوات ليشمل جميع المناطق في البلاد.

وأمست التقارير عن الحوادث المميتة، على غرار الاعتداء على المستشفى رقم 3 والمشاهد المروّعة في ماريوبول وفي محطة السكك الحديدية في كراماتورسك وفي المناطق السكنية في أوديسا، شائعة بشكل صادم. ولا يبدو أن نهاية هذه المآسي وشيكة، بحسب ما تشير إليه التقارير اليومية بشأن القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.

وينقل فريقنا الميداني الصدمة والذهول اللذين يعيشهما كلّ شخص تحدّثنا إليه، وقد شهدوا بأغلبيتهم العظمى وبأمّ العين الانتهاكات أو وقعوا ضحيتها بأنفسهم.

وبدلاً من أن أحاول أن أصف ما عاشوه، اسمحوا لي أن أستخدم كلماتهم. فقد أنشأ سكان ماريوبول قناة للتواصل على تطبيق تليغرام بهدف مشاركة المعلومات بشأن أقاربهم الذين لقوا حتفهم في المدينة:

وأقتبس منها: "قُتِل أمام زوجته وأولاده"، "ظلت جثّتها تحت ركام منزلها، ولم نتمكن حتى من دفنها"، "توفي عمي متأثرًا بجروحه الناتجة عن الشظايا ونزف حتّى الموت، ولا أعرف أيّ تفاصيل أخرى سوى أنه دُفن في مقبرة جماعية."

يمكنني أن أشارككم المزيد من الرسائل بعد.

الأسبوع الماضي، في 28 نيسان/ أبريل تحديدًا، وخلال زيارة أمين عام الأمم المتحدة العاصمة كييف ولقائه رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، أصيبت المدينة بصاروخين. وقُتِلَت امرأة واحدة على الأقل، وهي صحفية، خلال الاعتداء وأصيب أربعة مدنيين. وكان فريق من المفوضية السامية لحقوق الإنسان في كييف في ذلك اليوم أيضًا، يستعد لزيارة بوتشا. وفي اليوم نفسه، تأكدنا من مقتل 22 مدنيًا وإصابة 40 آخرين بجروح في مناطق أخرى من أوكرانيا.

أعضاء المجلس الكرام،

في أوكرانيا، وثّقَت مفوضيتنا سقوط 6,731 ضحية مدنية منذ بدء الاعتداء المسلح الروسي في 24 شباط/ فبراير. وندرك تمامًا أن الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.

وقد تسبب بمعظم هذه الخسائر استخدامُ الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة النطاق في المناطق المأهولة بالسكان، مثل القصف بالمدفعية الثقيلة والقذائف والغارات الجوية، تمامًا كما أفادت به مفوضيّتنا أكثر من مرّة.

وتوثّق مفوضيّتنا أيضًا العواقب المدمرة للنزاع على مجموعة من حقوق الإنسان الأخرى. ففي المناطق المحيطة بمدينة كييف، استهدفت القوات الروسية في أواخر شباط/ فبراير ولمدة خمسة أسابيع ذكورًا مدنيين اعتبرتهم مريبين. واعتُقل عدد من الرجال وضُربوا وأُعدموا بإجراءات موجزة، وفي بعض الحالات نُقلوا إلى بيلاروسيا وروسيا، بدون علم أسرهم، واحتُجزوا قبل المحاكمة. والتقى موظفو مفوضيّتنا بالأُسر التي تبحث عن أقاربها الذكور المفقودين، في محاولة يائسة منها لمعرفة مكان وجودهم، وما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة، وكيف يمكنهم استرجاعهم. وتم إطلاق النار على الأُسر أثناء محاولتها الهروب في قوافل. وفي بعض المناطق، كان عبور الشارع محفوفًا بالمخاطر، حيث أطلق القناصة أو الجنود النار على كل من حاول المرور. وتقوم السلطات المحلية بتجميع قوائم القتلى والمفقودين، وتواصل استخراج الجثث، وتأخذ الحمض النووي من الأقارب، بينما تحاول أيضًا إعادة وصل الكهرباء والمياه في هذه المناطق.

وفي المناطق الأخرى التي تسيطر عليها القوات المسلحة الروسية والجماعات المسلحة الموالية لها، على غرار مناطق خاركيف ودونيتسك ولوهانسك وزابوريزهزهيا وخيرسون، نواصل توثيق الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري المحتمل لممثلي السلطات المحلية والصحفيين والناشطين في المجتمع المدني والجنود المتقاعدين في القوات المسلحة والمدنيين الآخرين على يد القوات المسلحة الروسية والجماعات المسلحة الموالية لها. وحتى 4 أيار/ مايو، وثّقت مفوضيّتنا 180 حالة من هذا القبيل، وفي نهاية المطاف تم العثور على خمسة من هؤلاء الضحايا متوفّين. كما وثّقنا الاختفاء القسري لثمانية أشخاص يُعتبرون من الموالين لروسيا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

ووردت إلى موظفي مفوضيّتنا معلومات عن حالات اغتصاب نساء من قبل القوات المسلحة الروسية في المناطق التي كانت تحت سيطرتها، بالإضافة إلى مزاعم أخرى عن ممارسة الطرفَيْن في النزاع العنف الجنسي. ومع ذلك، فإن وصمة العار التي تحيط بالاغتصاب والعنف الجنسي لا تزال تمنع الضحايا وأسرهم من الشعور بالأمان عند الإبلاغ عن هذه الحوادث. ما يثبت جهارًا أهمية توفير خدمات الدعم الكافية والآمنة للضحايا.

وتشير أدلة مروّعة إلى عمليات التعذيب وسوء المعاملة والإعدام بإجراءات موجزة لأسرى الحرب، التي ارتكبها طرفا النزاع. وتقوم مفوضيتنا بجمع مثل هذه الأدلة، وسيتم تضمينها في تقاريرنا المستقبلية.

السبيل الوحيد لوقف هذه الفظائع هو أن تحترم القوات المسلحة بالكامل التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

ومن الضروري للغاية أن تعطي جميع الأطراف تعليمات واضحة لمقاتليها من أجل حماية المدنيين والأشخاص العاجزين عن القتال، ومن أجل التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية.

وعلى من يتولى قيادة القوات المسلحة أن يوضح لمقاتليه أن أي شخص يثبت تورطه في مثل هذه الانتهاكات سيحاكم ويحاسب. والمساءلة تتطلّب الحفاظ على الأدلة ومعالجة الرفات البشرية معاملة لائقة.

سيدتي الرئيسة،
أعضاء المجلس الكرام،

تزداد قائمة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني الدولي طولاً يومًا بعد يوم. لا يمكننا أن نسمح بعد اليوم بسقوط المزيد من الضحايا.

فوقف إطلاق النار ليوم واحد فقط يمكنه أن ينقذ حياة ما لا يقل عن 50 مدنيًا من أطفال ونساء ورجال، بمن فيهم العديد من كبار السن.

إن وقف إطلاق النار ليوم واحد فقط سيمنع إصابة بين 30 و70 مدنيًا بجروح، وسيحمي 12 آخرين من الإصابة بإعاقة.

إنّ وقف إطلاق النار ليوم واحد فقط يسمح لعدة آلاف من المدنيين بمغادرة المناطق التي هم محاصرون فيها حاليًا بسبب الأعمال العدائية، والانتقال إلى برّ الأمان.

والأهم من ذلك كلّه، أن وقف إطلاق النار سيبيّن جليًا أنّ الرعب والترويع في أوكرانيا يمكن أن يتوقفا. ومن الضروري للغاية أن تتوقف الأعمال العدائية القائمة حاليًا بشكل نهائي.

سيّدتي الرئيسة،

إنّ مناصرة المساءلة هي حجر أساس لعمل مفوضيتنا.

فإذا تم تقديم مرتكبي الانتهاكات ضد المدنيين والأشخاص العاجزين عن القتال إلى العدالة، سيفكر الجناة المحتملون مرتين قبل أن يشنّوا اعتداءات غير قانونية مماثلة أو يرتكبوا أعمال عنف مخلّفين وراءهم المزيد من الضحايا.

وتساهم المساءلة أيضًا في عملية التئام جراح الضحايا وأسرهم والمجتمع ككل.

وأنظمة العدالة الوطنية هي الأكثر أهمية. وأدعو جميع الأطراف في النزاع إلى التحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، التي يُزعم ارتكابها من قبل مواطنيها ومن قبل قواتها المسلحة، وأرحّب بالجهود التي تبذلها أوكرانيا في هذا المجال.

إن مفوضيّتنا ملتزمة تمامًا بدعم تلك الأنظمة وعمل لجنة التحقيق المعنية بأوكرانيا، وبالتعاون مع مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وآليات العدالة الدولية الأخرى، بما يتماشى وأطر الأمم المتحدة المعمول بها.

دعونا نلتزم بوضع حد لهذا النزاع العبثي العقيم. ويجب أن نبقى ثابتين في جهودنا الرامية إلى إحلال السلام وأن نكون حازمين في تحقيق العدالة.

الصفحة متوفرة باللغة: