Skip to main content

بيانات صحفية التحقيق المستقل

بؤرة الإهمال: لا تزال حماية المدنيين في سوريا مجرد وهم وفق لجنة التحقيق بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة

13 آذار/مارس 2023

جنيف (13 آذار/مارس 2023) – كانت أطراف النزاع في سوريا قد ارتكبت انتهاكات وتجاوزات بحق الشعب السوري في الأشهر التي سبقت الزلازل الأكثر تدميراً التي ضربت المنطقة منذ أكثر من قرن – حيث استمر نمط الإخفاقات في حماية المدنيين السوريين منذ عقد من الزمن.

وتميزت الاستجابة للزلازل الهائلة الأخيرة بإخفاقات إضافية أعاقت وصول المساعدات العاجلة والمنقذة للحياة إلى شمال غرب سوريا. وشملت هذه الإخفاقات الحكومة والأطراف الأخرى في الصراع وكذلك المجتمع الدولي والأمم المتحدة. فقد فشلوا جميعاً في التوصل إلى اتفاق حول وقف الأعمال العدائية فورًا. وفشلوا في السماح بالمساعدات المنقذة للحياة وتسهيلها من خلال أي طريق متاح، بما في ذلك فرق الإنقاذ والمعدات في الأسبوع الأول الحاسم بعد الزلزال. وشعر السوريون بأن من يفترض بهم حمايتهم تخلوا عنهم وأهملوهم في أشد الأوقات يأسًا. وتعلو اليوم أصوات كثيرة تطالب بإجراء تحقيق والمساءلة، وهي محقة بطلبها.

وتطلق اليوم لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا تقريرها الأخير قبيل الذكرى السنوية الثانية عشرة للأزمة السورية، لتوثيق الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في جميع أنحاء البلاد في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2022، بما في ذلك الوضع المروع الذي يعيشه السوريون خصوصًا على طول الجبهات في الشمال والشمال الغربي.

وصرح باولو بينيرو، رئيس لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، عند إطلاق تقرير اللجنة الأخير: "رغم العديد من الأعمال البطولية وسط المعاناة، شهدنا أيضًا فشلًا ذريعًا من قبل الحكومة والمجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، في توجيه الدعم المنقذ للحياة بسرعة إلى السوريين الذين كانوا بأمس الحاجة له." وأضاف: "يحتاج السوريون الآن إلى وقف شامل لإطلاق النار يحظى بالاحترام الكامل، ليكون المدنيون - بمن فيهم عمال الإغاثة - بأمان. فمن غير المفهوم  أن نكون الآن نحقق في هجمات جديدة حتى في نفس المناطق التي دمرتها الزلازل بسبب قسوة واستخفاف أطراف النزاع". وتشمل هذه الاعتداءات المبلغ عنها الهجوم الإسرائيلي الذي ضرب الأسبوع الماضي مطار حلب الدولي، وهو معبر للمساعدات الإنسانية.

وفي أعقاب الزلزال مباشرة، استغرقت الحكومة السورية أسبوعًا كاملاً للموافقة على وصول المساعدات المنقذة للحياة عبر الحدود. وأعاقت الحكومة والجيش الوطني السوري في فريق المعارضة وصول المساعدات عبر خطوط النزاع إلى المجتمعات المتضررة، بينما رفضت هيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا وصول المساعدات الآتية من دمشق.

وقال المفوض هاني مجلي: "نحن نحقق حاليًا في عدة مزاعم عن تعمد أطراف النزاع عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المجتمعات المتضررة". وأضاف: "مع تزايد المساعدات الآن، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى موافقة الأطراف على تسليم الإغاثة الإنسانية بشكل محايد ودون عوائق إلى المحتاجين، سواء عبر الحدود أم عبر خطوط النزاع".

فقد تدمرت مجتمعات بأكملها حيث تقدر الأمم المتحدة أن حوالى خمسة ملايين شخص يحتاجون إلى مأوى أساسي ومساعدات غير غذائية في الجزء السوري من منطقة الزلزال. وقبل زلزال 6 شباط/ فبراير، كان أكثر من 15 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية أكثر من أي وقت مضى منذ بداية الصراع.

ويقدم تقرير اللجنة، الذي تم إعداده قبل الزلازل المدمرة، ملخصًا للانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت ضد المدنيين في سوريا. وفي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وثقت اللجنة تزايد انعدام الأمن في درعا والسويداء وحماة، واستمرار الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري. وشملت انتهاكات حقوق الملكية إجراءات المصادرة والمزادات وحظر الوصول إلى الممتلكات.

وتعرض المدنيون الذين يعيشون في المنطقة الشمالية الغربية المتضررة من الزلزال بشكل خاص لهجمات مميتة وغير قانونية في الأشهر السابقة. ففي هجوم عشوائي وقع في تشرين الثاني/نوفمبر، استخدمت القوات الحكومية الذخائر العنقودية لضرب مخيمات النزوح المكتظة بالسكان في محافظة إدلب داخل المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة، مما أسفر عن مقتل 7 مدنيين وإصابة 60 آخرين على الأقل. وفي آب/ أغسطس، أدى هجوم عشوائي آخر باستخدام صواريخ أرضية غير موجهة إلى مقتل 16 مدنياً وإصابة 29 آخرين في سوق مزدحم والمنطقة المحيطة به في الباب شمال شرق حلب. وفي تموز/يوليو، دمرت غارت جوية شنتها القوات الجوية الروسية منزلاً مدنيًا في الجديدة في جسر الشغور مما أسفر عن مقتل 7 أفراد من عائلة واحدة وإصابة 13 مدنيًا آخرين. وتستمر هذه الفظائع ضمن نمط طويل الأمد من الهجمات العشوائية التي قد ترقى إلى جرائم حرب.

وعلاوة على ذلك، وجدت اللجنة أن ظروف العودة الآمنة والكريمة لا تزال غير قائمة. فقد مُنع بعض السوريين من العودة بشكل صريح، واعتُقل آخرون بشكل تعسفي أو مُنعوا من الوصول إلى منازلهم عند عودتهم إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

وفي الشمال الشرقي، تواصل قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد احتجاز 56000 شخص بشكل غير قانوني، معظمهم من النساء والأطفال، ممن يشتبه في صلتهم العائلية بمقاتلي داعش في مخيمي الهول والروج حيث تستمر الأوضاع في التدهور. ولدى اللجنة أسباب معقولة للاعتقاد بأن المعاناة التي لحقت بهم قد ترقى إلى مستوى جريمة حرب تتمثل في ارتكاب اعتداء على الكرامة الشخصية، وتدعو إلى التعجيل بإعادتهم إلى أوطانهم.

وفي غضون ذلك، قامت هيئة تحرير الشام في إدلب وفصائل الجيش الوطني في غرب حلب بتعذيب الأشخاص واحتجازهم بشكل تعسفي، بما في ذلك بطريقة ترقى إلى الاختفاء القسري. وظلت الحريات الأساسية مقيدة وتم إسكات الأصوات الناقدة في هذه المناطق. وتلقت اللجنة تقارير متعددة وذات مصداقية تفيد بأن هيئة تحرير الشام نفذت إعدامات رمياً بالرصاص. وفي المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني السوري، وثقت اللجنة عمليات أخذ الرهائن والنهب ومصادرة الممتلكات.

وإضافة إلى ذلك، دأبت الجماعات المسلحة في المناطق المتضررة من الزلزال على تقييد حقوق النساء والفتيات. ووفق المفوضة لين ويلشمان: "إن معظم من يفتقر إلى مأوى اليوم في هذه المناطق هم من الفتيات والنساء بينما يعيل عدد كبير منهم أسرهنّ. لذا يجب توسيع نطاق المساعدات مع أخذ التأثير الجنساني للأزمة في الاعتبار".

وفي ظل هذه الأجواء القاتمة، هناك بصيص أمل للعائلات السورية التي تبحث عن أقاربها المفقودين. فلطالما دعمت اللجنة دعوات العائلات لتأسيس كيان دولي مستقل من أجل دعم البحث عن المفقودين وعائلات الناجين، وترحب بالخطوات الأولى في هذا الاتجاه. وفي وقت لاحق من هذا الشهر، من المقرر أن يقدم الأمين العام إحاطة عن قضية المفقودين في سوريا للجمعية العامة للأمم المتحدة.

"هذه دعوة للتحرك"، وفق السيد بينيرو الذي أضاف أن "هذه مسألة تؤثر على الناس من جميع الأطياف السياسية والجغرافية في سوريا وينبغي أن تؤدي الإحاطة المرتقبة للأمين العام إلى اتخاذ إجراءات ملموسة  دون مزيد من التأخير".

وستقدم اللجنة تقريرها أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف يوم الثلاثاء 21 آذار/مارس.

النهاية

لطلبات وسائط الإعلام:

يوهان إركسون، المستشار الإعلامي للجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية johan.eriksson@un.org /+ 41(0) 76 691 0411 

تود بيتمان todd.pitman@un.org /+41 (0) 76 691 1761  

باسكال سيم simp@un.org +41 (0) 22 917 9763 /  أو

ماثيو براون matthew.brown@un.org +41 (0) 76 453 50 55

 

الصفحة متوفرة باللغة: