Skip to main content

بيانات صحفية المفوضية السامية لحقوق الإنسان

بيلاي تعرب عن قلقها إزاء العنف في مصر و"المشاكل الكبيرة" التي تطرحها مسودة الدستور

العنف في مصر و مسودة الدستور

07 كانون الاول/ديسمبر 2012

جنيف - (7 ديسمبر/ كانون الأول 2012)

أعربت المفوَّضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، نافي بيلاي، يوم الجمعة عن قلقها تجاه تصاعد التوتر و الوفيات والإصابات الأخيرة خلال الاحتجاجات المتصلة بمشروع الدستور في مصر، و افتت أيضا" الانتباه إلى عدد من المشاكل الرئيسية في النَّص الذي من المقرر أن يعرض للاستفتاء في 15 ديسمبر/كانون الاول.

و رحبت بيلاي بدعوة الرئيس مرسي للحوار يوم الخميس ولكن أسفت أنه لم يحدث تقدم كبير على القضايا الجوهرية المتعلقة الدستور.

و عبرت المفوَّضة السامية عن مخاوف جدية بشأن سير العملية المُفْضِية إلى الاستفتاء، وقالت أنَّ مكتبها قام بتحليل دقيق لمضمون مشروع الدستور، فضلا عن رصد عملية صياغة الدستور.

و قالت بيلاي "إن عدم المشاركة الشاملة لمختلف الجهات الفاعلة في مصر في عملية صياغة الدستور لهي مسألة تثير قلقا كبيرا، وهي سبب ضمن الأسباب الرئيسية للحالة الكارثية التي تطورت في مصر خلال الأسبوعين الماضيين"، و "هذا آخر ما تحتاجه مصر خلال هذه الفترة الانتقالية الصَّعبة، ولكنني أعتقد أنّ الناس مُحقِّين في ما يُبدونه من قلق شديد حول ما يجري ، ليس فقط بشأن طريقة سير العملية التي تم اختزالها ، ولكن أيضا بشأن بعض العناصر الواردة بنص المشروع وأخرى يفتقد إليها.

وأشارت المفوضة السامية إلى أن مشروع الدستور يتضمن بعض العناصر الهامة الإيجابية بما فيها على سبيل المثال، تحديد مدة الرئاسة بأربع سنوات، و تضمين الحق بإنشاء الجمعيات والمؤسسات المدنية.

وقالت بيلاي "لقد نص مشروع الدستور على ضمانات لبعض حقوق الإنسان"، " لكن هناك سهو وغموض يبعثان على القلق الشَّديد، فالحماية المتضمنة في المسودة في بعض المجالات أضعف مما هي عليه في دستور 1971 الذي من المفترض أن يحل محله. وعلى سبيل المثال فإنني أعبر عن قلقي الشديد لخُلُوِّ المشروع الحالي من أي إشارة إلى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها مصر، والتي يتعين عليها التمسك بها، بينما نَصَّ دستور 1971 على الوضع القانوني لهذه المعاهدات. "*

واضافت بيلاي "يؤسفني أيضا أن يشير مشروع الدستور، في العديد من أحكامه، إلى التشريعات المعمول بها حاليا في البلاد والتي يمكن أن تكون مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وأعتقد أنه ينبغي أن ينص الدستور بوضوح علوية تطبيق القانون الدولي على القانون الوطني وذلك لمنع القوانين الوطنية اللاحقة أو الحالية من تقويض القانون الدولي أو التعارض معه ".

وفي حين لاحظت المفوَّضة السَّامية أنَّ مسودة الدستور تكفل المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات دون أي تمييز، إلا انَّها لاحظت كذلك أن المسودَّة "لا تحظر صراحة التمييز على أساس النوع الاجتماعي والجنس والدين والأصل"، بينما حافظت على نفس الصيغة التي تضمنها دستور 1971 بخصوص تكريس مبادئ الشريعة كمصدر رئيسي للتشريع وفقه القضاء.

و ذكرت بيلاي " يضمن مشروع الدستور حرية المعتقد، ولكنه يذكر فقط الديانات السماوية الثلاث، مما أثار مخاوف جميع الفئات الدينية الأخرى بما في ذلك الأقليات المقيمة مثل البهائيين"، "وهذا ما يجعل هذا النص أقل شمولية من دستور عام 1971، ويفتح الباب أمام الإنتهاكات لإلتزامات مصر بموجب القانون الدولي التي تهدف لضمان حق الجميع في حرية الفكر والإعتقاد والدين."

و ذكرت بيلاي "إن كانت حرية الصحافة مضمونة إلى حد ما، إلا أن تقييدها في نص الدستور الحالي تضمن احترام الحياة الخاصة والأمن القومي. أما الرقابة على الصحافة فهي محظورة ، إلا في أوقات الحرب، وفي حالة حشد القوات المسلحة. بينما يبدو دور المجلس الوطني للإعلام في تنظيم هذه المهنة مثيرا للجدل.

و أظافت بيلاي :"أنا منشغلة أيضا بمضمون المادة 198 التي تحظر محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، إلا أنها تنص على استثناء فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب ضد القوات المسلحة وفقا للقانون، إذ تبدو هذه المادة متعارضة مع المعايير الدولية بسبب التأويل الواسع للجرائم التي يمكن في ظلها محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في القوانين الوضعية القائمة".

و ذكرت بيلاي : "إن المادة 232 من نص المشروع تحاول دسترة قانون قُضِي بعدم دستوريته من طرف المحكمة الدستورية العليا، وهو أمر مُؤسف للغاية"، وأضافت: "هذه المادة، التي تدعو إلى عزل قادة الحزب الوطني الديمقراطي المنحل لمدة 10 سنوات، تُؤدي إلى حرمان مجموعة واسعة النطاق من الشعب من حقوقها السياسية. إنَّ عملية العدالة الإنتقالية، بما في ذلك التدقيق مع كبار المسؤولين في الماضي، لهي ضرورية للتأكد من أنهم لم يتورطوا في انتهاكات حقوق الإنسان. ولكن فرض الحظر دون إجراء أي عملية من هذا القبيل يمكن أن يؤدي إلى حرمان مصر من خدمات بعض السياسيين من ذوي الخبرة العالية والإداريين الذين ليسوا مذنبين بأي جريمة أو جنحة خطيرة تبرر استبعادهم من المشاركة في الحياة العامة".

وأعربت بيلاي عن قلقها إزاء عدم وجود أي ضمانة لاستقلال المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والتفويض الموكل لها في مصر وفقا لمجموعة من المعايير الدولية المعروفة باسم مبادئ باريس.

وذكرت بيلاي "حتى يكون لحقوق الإنسان معنى في أي مجتمع، يجب أن يضمنها القانون وتطبقها المحاكم المستقلة"، وقالت المفوضة السامية، مشيرة إلى المخاوف بشأن المادة 176 من مسودة الدستور، "هذا الحكم يمثل أيضا خطوة خطيرة إلى الوراء مقارنة بدستور عام 1971، الذي ينص على أنه لا يمكن عزل قضاة للمحكمة الدستورية من مناصبهم"، و أظافت: "إن مشروع الدستور ينص على تعيين قضاة المحكمة الدستورية العليا مباشرة من قبل الرئيس، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إعطاء السلطة التنفيذية نفوذا مفرط على السلطة القضائية. إنَّ تركيز السلطة في يد الرئيس- طبق أحكام الإعلان الدستوري للرئيس- يضعف استقلال القضاء ".

و لاحظت بيلاي " و لقد قَوَّضت جِديَّة عملية تصويت الجمعية التأسيسية على النص النهائي للدستور، السرعة التي تمت بها ومن ثم تقديمه لعناية الرئيس إضافة إلى عديد الظروف المحيطة بالعملية، وساهمت في الفوضى التي تعيشها القاهرة ومدن أخرى. " واضافت "هناك حاجة لاتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الثقة في هذه العملية، و في أهم شأن في البلاد وهو دستور جديد وهو أساس كل شيء."

انتهى

* مصر دولة طرف في المعاهدات الدولية التالية لحقوق الإنسان: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، و اتفاقية القضاء على التمييز العنصري، واتفاقية العمال المهاجرين، واتفاقية حقوق الطفل.

الصفحة متوفرة باللغة: