البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان
المفوّضة السامية تُطلع مجلس حقوق الإنسان على آخر المستجدّات في مجال حقوق الإنسان وتسلّط الضوء على عدد من المخاوف وعلى التقدم المحرز في جميع أنحاء العالم
27 شباط/فبراير 2020
جنيف، في 27 شباط/ فبراير 2020
سيّدتي الرئيسة،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،
يشرّفنا أن نطلع هذا المجلس على عمل مفوضيّتنا، وعلى النهج الذي اعتمدناه لمواجهة التطورات الأخيرة في مجال حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
لن نركّز في كلمتنا هذه على حالة حقوق الإنسان في البلدان التي تشكّل محور كلمات أو تقارير أخرى ترفعها مفوضيّتنا خلال هذه الجلسة، وهي
أفغانستان،
وجمهورية إفريقيا الوسطى،
وكولومبيا،
وقبرص،
وجمهورية الكونغو الديمقراطية،
وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية،
وإريتريا،
وغواتيمالا،
وهندوراس،
وإيران،
وليبيا،
وميانمار،
ونيكاراغوا،
وسيريلانكا،
وفنزويلا،
واليمن، بالإضافة إلى تقريرنا عن المساءلة في
الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أودّ أن أستهلّ كلمتي بمناقشة أجريناها قبل بضعة أسابيع في مخيّم للنازحين في إيتوري، وهي مقاطعة غنية بالنفط والذهب في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولكنّها شعبها عانى الفقر واليأس العنف المتكرّرة خلال العقد الماضي.
فالعديد من الأشخاص الذين تحدّثنا إليهم كانوا مبتوري الأطراف وقد شاهدوا أفراد عائلاتهم يُذبحون. ومن بينهم رجل تمّ انتشاله من كومة من الجثث. ولكنّهم طالبوا بكلّ قوّة ووضوح بتحقيق العدالة واحترام حقوق الإنسان. وحتى وسط هذه المعاناة والدمار المروّعين، سعت مجموعة من المتطوعين الكونغوليين ضمن إطار منظّمة Solidarité Féminine pour la Paix et le Développement Intégral وبكلّ ما أوتيت من قوّة، وشهرًا يلو الآخر، إلى مشاركة السلع، ورعاية الجرحى، وساهمت في تدريب الناس على تطوير مهارات جديدة وفي بلسمة جراحهم.
لقد ألهمنا هذا السعي لإيجاد حلول إيجابية، والسخاء والتضامن بين هؤلاء الأشخاص حتى عند مواجهة تحديات هائلة. ونعتبر هذا السعي نهجًا يمكن لنا جميعًا أن نتّبعه.
سيدتي الرئيسة،
نشكر حكومة السودان على تعاونها المميّز معنا لإنشاء مكتبنا القطري، ونثني على التزامها بالعدالة واتّخاذها تدابير سريعة تعزّز الوصول إلى الرعاية الصحية والمدارس. كما أنّها شكّلت لجانًا مستقلّة للتحقيق في قمع الاحتجاجات التي جرت في حزيران/ يونيو الماضي، والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي ارتكبتها الحكومات المتعاقبة منذ العام 1989. على الرغم من أنّ اتفاقًا بشأن عمليات العدالة الانتقالية والمصالحة قد أُبرِم، بما في ذلك إنشاء محكمة جنائية خاصة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في دارفور، ما زلنا نشعر بالقلق حيال الوضع الأمني في دارفور. وندعو المجلس إلى مساندتنا في تقديم الدعم والتعاون التقني للحكومة السودانية والمجتمع المدني السوداني.
في جنوب السودان، إنّ تشكيل حكومة انتقالية أعيد تنشيطها هو بمثابة خطوة إلى الأمام. ولكن، من أجل تحقيق سلام دائم، يجب مواجهة ثلاثة تحديّات لحقوق الإنسان. أوّلها تحقيق العدالة: يجب أن تمتنع الحكومة عن تأخير إنشاء المحكمة المختلطة، وأن تدعم التحقيقات والمحاكمات التي تقوم بها المؤسسات المحلية المستقلّة. ثانيها: معالجة العنف بين الطوائف فورًا. وثالثها، رفع القيود المفروضة على الحريات الأساسية، ووضع حد للمضايقات والاعتقالات التعسفية ومراقبة الأشخاص والجماعات التي تُعتَبَر منتقدة للحكومة.
في الكاميرون، نلحظ الخطوات التي اتّخذتها الحكومة عقب الحوار الوطني المنعقد في تشرين الأول/ أكتوبر، بما في ذلك إطلاق سراح أكثر من 400 معتقل، والتشريعات الجديدة بشأن الثنائية اللغوية واللامركزية، التي تمنح "وضعًا خاصًا" للمناطق الشمالية والجنوبية الغربية. وقد سجلت بعثة تقييم قامت بها مفوضيّتنا إلى المنطقة في أيلول/ سبتمبر انتهاكات وتجاوزات خطيرة لحقوق الإنسان في كلتا المنطقتين ارتكبتها قوّات الأمن وعناصر مسلّحة انفصالية. ووافقت الحكومة على التعاون في تنفيذ توصياتنا. ويؤكد الهجوم المزعوم على قرية منذ أسبوعين، الذي خلّف العديد من القتلى المدنيين، بمن فيهم أطفال، على أهمية اتّخاذ إجراءات سريعة تضمن أن تكون التحقيقات في أي حادث من هذا القبيل مستقلّة ونزيهة وشاملة وتؤدي إلى محاكمة.
في بلدان الساحل، ولا سيما في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، تسبّبت الهجمات التي شنّتها جماعات متطرّفة عنيفة في مقتل أكثر من 4,000 شخص في العام 2019، ما يعادل ارتفاعًا بنسبة 500 في المائة عن العام 2016، وفقًا لما ذكره الممثّل الخاص للأمين العام لغرب إفريقيا ومنطقة الساحل. ولهذا الواقع عواقب إنسانية تثير القلق البالغ، بما في ذلك النزوح الجماعي والانتكاسات على مستوى التنمية. وسُجِّلَت أيضًا هجمات طائفية في مالي. كما تبرز حاجة واضحة في البلدان الثلاثة جميعها، لاعتماد نهج تتجاوز النطاق العسكري، وتعالج الأسباب الجذرية الكامنة وراء التطرّف العنيف، بما في ذلك الفقر المدقع وعدم المساواة والإقصاء والنقص في المساءلة وحماية حقوق الإنسان. وبالإضافة إلى التعاون مع القوّة المشتركة للمجموعة الخماسية لبلدان الساحل بهدف إنشاء إطار للامتثال لحقوق الإنسان، تواصل مفوضيّتنا العمل في جميع أنحاء المنطقة على قضايا الحكم والهجرة وتغيّر المناخ والعدالة والتنمية وحقوق النازحين. ونخطّط لافتتاح مكتب قطري جديد في النيجر هذا العام، ونتوقع تعزيز تعاوننا ووجودنا في بوركينا فاسو.
في نيجيريا، تتسبّب الهجمات المتزايدة وعمليات القتل التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا بوكو حرام، وغيره من الجماعات الجهادية، بالإضافة إلى تلك الناجمة عن الاشتباكات بين المزارعين والرعاة، في وقوع خسائر في صفوف المدنيين. كما يساهم الخطف والمطالبة بفدية والعنف الجنسي والجنساني في انعدام الأمن، وسط انقسامات إثنية ومناطقية ودينية مترسّخة في جميع أنحاء البلاد. ومن الضروري أن تنفّذ قوّات الأمن جميع عملياتها في امتثال كامل لمعايير حقوق الإنسان. كما نشجّع كلّ التشجيع على اتّخاذ تدابير محدّدة تهدف إلى التصدي لتغير المناخ والسيطرة على استخدام الأراضي، إلى جانب اتّخاذ إجراءات أوسع نطاقًا تدعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتحلّ بعض الأسباب الجذرية لدوّامات العنف هذه. ونحثّ على اتّخاذ إجراءات تضمن اعتراف قوّات الأمن بالعمل الإنساني للجهات الفاعلة من المجتمع المدني وتحميه.
في غينيا، أدّت المظاهرات الأخيرة التي طالبت بانتخابات نزيهة وشفّافة، واحتجّت على استفتاء دستوري مثير للجدل، إلى سقوط عشرات القتلى. وتشير التقارير أيضًا إلى أنّ الانقسامات العرقية تتعمق، في ظلّ تزايد التحريض على الكراهية والعنف على وسائل التواصل الاجتماعي وفي التجمعات السياسية. ويمكن أيّ تصعيد إضافي لهذه الأزمة أن يولّد أضرارًا خطيرة. وقد أبلغت المنظمة الدولية للفرانكفونية عن عدد من المخالفات الخطيرة في سجل الناخبين، لذا نحثّ السلطات على تجنب المزيد من الاضطرابات وضمان أن تكون العملية الانتخابية شفّافة وشاملة.
في بوروندي، يثير قمع المعارضة والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية، في سياق الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجتمعية المُقَرَّر إجراؤها في أيار/ مايو، قلقنا البالغ.
سيّدتي الرئيسة،
في سوريا، تتسبّب الهجمات على إدلب وحلب وحماة في نزوح المدنيين على أوسع نطاق شهدته السنوات التسع الماضية، عقب هجوم عسكري شنته الحكومة السورية بدعم من حلفائها. فقد أُجبِر حوالى مليون شخص على الفرار خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وفي الأسبوع الأول من هذا الشهر، سجلّت مفوضيّتنا وقوع ما لا يقل عن 100 قتيل في صفوف المدنيّين، وجرح كثيرين آخرين، نتيجة للغارات الجوية والهجمات الأرضية التي شنتها القوّات الحكومية وحلفاؤها. كما قُتل سبعة مدنيين نتيجة الهجمات الأرضية التي شنّتها الجماعات المسلّحة غير الحكومية. ومنذ شهر كانون الثاني/ يناير، أصيبت 10 منشآت طبية و19 منشأة تعليمية مباشرة أو غير مباشرة. وتفاقم الوضع الإنساني لمئات الآلاف من الأسر بسبب إغلاق معبرَيْن مخصّصَيْن لدخول المساعدات الإنسانية.
في العراق، استُخدمت الذخيرة الحيّة بشكل متكرّر ضد المتظاهرين العزّل، ما أسفر عن مقتل أكثر من 450 شخصًا منذ تشرين الأوّل/ أكتوبر. كما احتجَزَت قوّات الأمن آلاف الأشخاص في سياق المظاهرات، بدون احترام الإجراءات القانونية الواجبة. وأفادت التقارير بأنّ بعض المحتجزين تعرّضوا لسوء المعاملة. وتبقى المظالم السياسية والاقتصادية التي لم تتم معالجتها محور موجة المظاهرات هذه، ونشجّع الحكومة على معالجة المطالب بصورة مجدية بدلاً من الردّ عليها بالعنف.
في الأراض الفلسطينية المحتلّة، تشكّل الخسائر في الأرواح في العام 2019، وسقوط آلاف الجرحى، بمن فيهم العديد من الأطفال، نتيجة استخدام القوات الإسرائيلية الذخيرة الحيّة، مصدر قلق بالغ لنا. وقد تضاعف حجم خطط بناء المستوطنات الإسرائيلية الجديدة في الأراضي المحتلّة خلال العام الماضي، مع التأكيد على أنّ المستوطنات في الأراضي المحتلة غير قانونية بموجب القانون الدولي. بالإضافة إلى ذلك، ترافق التوسع الاستيطاني العام الماضي مع أعلى مستوى من العنف مارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين منذ العام 2013.
وتقلقنا أيضًا القيود المتزايدة المفروضة على الحيّز المدني في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، حيث يتم استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين بالاعتقالات وحظر السفر وسوء المعاملة وحملات التشهير والعقوبات الإدارية وعرقلة التمويل.
ويشكّل الاستخدام المتزايد لعقوبة الإعدام في مصر، حيث أفادت التقارير بالحكم بالإعدام على 37 شخصًا هذا الشهر وحده، مشكلة خطيرة. وما زلنا نشعر بقلق بالغ حيال استمرار تطبيق المادة 122 من قانون الطفل، التي تسمح بفرض عقوبة الإعدام على الأحداث وقت ارتكاب الجريمة المزعومة. وتتكثّف القيود المفروضة على حريّة التعبير وحريّة الإعلام، وعلى الحقّ في التجمع السلمي، وتتجلّى في اعتقال واحتجاز أكثر من 4,000 شخص في سياق المظاهرات السلمية منذ أيلول/ سبتمبر. وتثير حالات الاختفاء القسري المبلَّغ عنها والمضايقات المنهجية للمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والنقابات العمالية وأفراد أسرهم الكثير من القلق أيضًا.
نشجّع المملكة العربية السعودية على اغتنام فرصة انعقاد قمة مجموعة العشرين لهذا العام في الرياض، كي تسلّط الضوء على التقدّم الذي أحرزته في تنفيذ التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان. كما نشجّع الأُطر التشريعية على دعم حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، واستعراض الأحكام الصادرة بحقّ الذين أدينوا لتعبيرهم عن آرائهم، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان والزعماء الدينيون والصحفيون. وندعو إلى إطلاق سراح العديد من النساء اللواتي طالبن بشكل شرعي وسلمي بإصلاح السياسات التمييزية في البلاد، وإلى تحقيق الشفافية الكاملة في الإجراءات القضائية الجارية، والمساءلة الشاملة عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
سيدتي الرئيسة،
تؤجج عدم المساواة المترسّخة المظاهرات في العديد من البلدان. وقد تؤدي ردود فعل قوّات الأمن العنيفة إلى تقويض ثقة الرأي العام في النظم الاقتصادية والسياسية.
في شيلي وإكوادور، وفي العديد من الأماكن الأخرى، تبرز ضرورة ضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في سياق المظاهرات، ومعالجة أسبابها الجذرية، وهي عدم المساواة. في كلا البلدين، قدّمت مفوضيّتنا توصيات إلى الحكومات والمجتمع المدني باعتماد خريطة طريق مستدامة تسترشد بمعايير حقوق الإنسان.
لقد أرسلنا مؤخرًا بعثة إلى بوليفيا، وتقوم مفوضيّتنا أيضًا بتعزيز المشاركة وبدعم جهود الأمم المتّحدة للتغلّب على الأزمة الاجتماعية والسياسية السائدة حاليًا. وقد أسفرت الأزمة التي تلت الانتخابات العام الماضي عن مقتل 35 شخصًا وإصابة 800 آخرين، معظمهم خلال عمليات نفّذها الجيش والشرطة. وتشكّل قاضاة العشرات من المسؤولين الحكوميين السابقين والأفراد المرتبطين بالإدارة السابقة مصدر قلق بالغ لنا.
في البرازيل، تُرتَكَب الهجمات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات القتل التي تستهدف بمعظمها قادة السكان الأصليين، في ظلّ التراجع الملحوظ عن سياسات حماية البيئة وحقوق الشعوب الأصلية. وتبرز أيضًا عمليات استيلاء متزايدة على أراضي الشعوب الأصلية والمنحدرين من أصل إفريقي، وجهود لتجريد عمل المجتمع المدني والحركات الاجتماعية من شرعيّتها.
تتقاعس الولايات المتّحدةالأميركية عن حماية البيئية، بما فيها المجاري المائية والأراضي الرطبة. وقد تصّب حاليًا الملوثات غير المعالجة مباشرة في ملايين الأميال من المجاري والأنهار، ما يعرّض النظم الإيكولوجية ومياه الشرب وصحة الإنسان للخطر. كما تقوّض حقوقَ الإنسان أيضًا معاييرُ انبعاثات وقود السيارات الأكثر انخفاضًا، والتراخي في التنظيمات الخاصة بصناعات النفط والغاز.
وتثير سياسات الهجرة الأميركية الصارمة مخاوف كبيرة في مجال حقوق الإنسان. ويجب ألا يُخَفَّض عدد الأشخاص الذين يحاولون دخول البلاد في ظلّ تجاهل كامل للحماية التي يؤمّنها حقّ اللجوء وحقوق المهاجرين. كما تشكّل حالة الأطفال المحتجزين مصدر قلق بالغ لنا.
سيدتي الرئيسة،
في حين أُطلِق سراح بعض الزعماء السياسيين في جامو وكشمير، وفي حين قد تعود الحياة إلى طبيعتها في بعض الجوانب، لا تزال التقارير تشير إلى أنّ حوالى 800 شخص لا يزالون رهن الاحتجاز، بمن فيهم القادة السياسيون والنشطاء. وقد أدّى انتشار الجيش المكثّف إلى تعطيل المدارس والشركات وسبل العيش، ولم تُتَّخَذ أي إجراءات لمعالجة مزاعم استخدام قوّات الأمن القوة المفرطة وارتكابها غيرها من الانتهاكات الخطيرة الأخرى لحقوق الإنسان. وقد استعادت الحكومة الهندية قسمًا من خدمات الهاتف المحمول والإنترنت، بعد قرار مهم اتخذته المحكمة العليا الهندية، لكنّ السلطات تواصل فرض قيود مفرطة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
أمّا في الهند عامة فيشكّل قانون تعديل الجنسية الذي تم تبنيه في كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي مصدر قلق كبير لنا. فقد عبّر الهنديون بأعداد هائلة، ومن جميع المجتمعات وبطريقة سلمية في أغلب الأحيان، عن معارضتهم القانون ودعمهم التقاليد العلمانية المترسّخة في البلاد منذ عقود طويلة. ونشعر بقلق بالغ حيال التقارير التي تشير إلى تقاعس الشرطة عن مواجهة الهجمات التي تشنها الجماعات الأخرى على المسلمين، وكذلك التقارير السابقة عن استخدام الشرطة القوّة المفرطة ضد المتظاهرين المسالمين. وقد اتّسع نطاق هذه الأحداث حاليًا فتحوّلت إلى هجمات موسّعة بين الطوائف أدّت إلى مقتل 34 شخصًا منذ الأحد الواقع فيه 23 شباط/ فبراير. نناشد جميع القادة السياسيين كي يضعوا حدًا للعنف وإراقة الدماء.
لا تزال الأقليات الدينية في باكستان تواجه العنف والهجمات المتكرّرة على أماكن العبادة، والتمييز في القانون والممارسة. وعلى الرغم من التوصيات التي رفعتها الآليات الدولية لحقوق الإنسان، لم تعدّل أو تلغِ الحكومة أحكام القانون الخاص بالتجديف التي أدّت إلى عنف ضد الأقليات الدينية، وإلى اعتقالات تعسفية وملاحقة قضائية. ولا تزال عقوبة الإعدام إلزامية عند التجديف، وفي كانون الأول/ ديسمبر، حكمت محكمة مولتان على جنيد حفيظ بالإعدام بتهمة التجديف، بما يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
في كمبوديا، ما زلنا نتلقى تقارير عن أعمال تخويف ضد المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، ما يعيق القدرة على الرصد والإبلاغ، بما في ذلك أمام هذا المجلس. كما يستمر استهداف النقاد والمعارضين السياسيين بتدابير قمعية، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي وسوء الاستخدام الواضح للقوانين الجنائية. وفي حين نرحّب بتعاون السلطات مع مفوضيّتنا على مستوى الأنشطة التقنية وبناء القدرات، ندعو الحكومة إلى احترام التزامها بدعم جميع حقوق الإنسان لشعبها، بما في ذلك حرية الإعلام، وحياد سيادة القانون، والحقّ في المشاركة بحريّة في الشؤون العامة بمنأىً عن الاضطهاد.
في بنغلاديش، نشجّع العمل على تعزيز استقلال ونزاهة القضاء واللجنة الوطنية المعنية بحقوق الإنسان. إن الادعاءات المستمرّة بالتعذيب والاعتقالات التعسفية وارتكاب حوالى 400 جريمة قتل خارج نطاق القضاء العام الماضي مثيرة للقلق، وكذلك هي التقارير بشأن تخويف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنقابيين، والقيود المفروضة في سياق الانتخابات المحلية الأخيرة. ولا بدّ من إصلاح قانون الأمن الرقمي. وتتمتّع بنغلاديش بسجلّ جدير بالثناء من العمل مع الأمم المتّحدة، لا سيّما في استقبال اللاجئين من الروهينغيا، وسنسعى إلى تقديم المساعدة لتنفيذ كافة الإصلاحات المطلوبة.
إنّ مبادرة منغوليا إلى اعتماد قانون شامل للمدافعين عن حقوق الإنسان، بالتعاون مع المجتمع المدني، لملهمة، ونتطلّع إلى رفع هذا القانون سريعًا إلى البرلمان. ونرحّب أيضًا بموافقة البرلمان الشهر الماضي على تشريع ينشئ آلية وقائية وطنية مستقلة تابعة للجنة الوطنية المعنيّة بحقوق الإنسان في منغوليا.
نيبال أمام منعطف حاسم آخر على مستوى عملية العدالة الانتقالية. ونحثّ السلطات على بناء الثقة في هذه العمليات من خلال التشاور الحقيقي مع مجموعة واسعة من الجهات المعنيّة، بما في ذلك مجموعات الضحايا والمجتمع المدني عامةً.
ونرحب بخطة العمل الوطنية في تايلاند بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وهي الأولى من نوعها في آسيا. ولكنّنا نشعر بقلق من أنّ المدافعين عن حقوق الإنسان ما زالوا يواجهون مضايقات قضائية. كما نلحظ أن مشروع قانون بشأن التعذيب والاختفاء القسري قيد الدراسة، وسيكون من المهم جدًّا ضمان امتثاله للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
نرحّب بالدعوة التي وجّهتها إلينا الحكومة الصينية لزيارة الصين هذا العام، بما في ذلك شينغيانغ. ونستمر في طلب الوصول غير المشروط لفريق متقدّم استعدادًا لهذه الزيارة المقترحة. ونسعى إلى التعمّق في تحليل حالة حقوق الإنسان في الصين، بما في ذلك وضع أفراد أقلية الويغور.
لقد تسبّب وباء فيروس كورونا في موجة من التحيّز الخطير ضد الصينيّين وضدّ الأشخاص من شرق آسيا. ندعو الدول الأعضاء إلى بذل قصارى جهدها لمكافحة هذا التمييز وغيره من أشكال التمييز الأخرى.
سيدتي الرئيسة،
حماية بيئتنا أمر أساسي للتمتع بجميع حقوق الإنسان. نرحّب بروح القيادة التي عبّر عنها الاتّحاد الأوروبي في تبنيه الاتّفاق البيئيّ الجديد في كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي، الذي يجمع بين العمل الطموح ضمن الاتحاد الأوروبي وتكثيف العمل الخارجي، فيُشرِك بالتالي كلًا من الدبلوماسية المعنيّة بتغيّر المناخ والتعاون البيئي المعونة الخضراء. ويؤدي تنفيذ هذه الخطة إلى تعزيز التمتّع بالحق في بيئة صحيّة بشكل ملحوظ، ونشجّع في هذا السياق على اتّخاذ تدابير اجتماعية قوية تضمن أن تشمل عمليّات الانتقال العادلة الجميع من دون أيّ استثناء.
في كازاخستان، نلحظ خطط الرئيس لإجراء تغييرات تشريعية وسياسية هامة تضمن المزيد من الحريات المدنية والسياسية، بما في ذلك قانون جديد بشأن التجمعات السلمية. ويمكن مفوضيّتنا أن تقدّم الخبرة في مجال معايير حقوق الإنسان فيما يتعلق بالإصلاحات المعلن عنها. كما التزم الرئيس بتوقيع البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بعقوبة الإعدام. نتطلّع إلى تنفيذ هذه الإصلاحات، ونحثّ الحكومة على الامتناع عن ممارسات إنفاذ القانون التي تنتهك الحق في التجمع السلمي والحماية من الاحتجاز التعسفي.
ونتطلّع أيضًا إلى إجراء مناقشات مع المسؤولين في تركمانستان، عقب البيان الذي أدلى به الرئيس مؤخرًا ومفاده أن البلاد ستعزز تعاونها مع مفوضيّتنا ووكالات الأمم المتحدة الأخرى. ونأمل أن نتمكن من المساعدة في اتّخاذ إجراءات تدعم الحريات الأساسية.
لا يزال الناشطون الحقوقيون والعاملون في مجال الإعلام والأشخاص الذين يُعتَبَرون من منتقدي الحكومة في تركيا يخضعون للمحاكمة نتيجة التشريعات والسياسات التي اعتُمِدَت أثناء حالة الطوارئ وبعدها. ولا يزال تطبيق تشريعات مكافحة الإرهاب والتدابير ذات الصلة، التي لا تحترم المعايير الدولية، تقيّد حقوق الرأي العام في المشاركة وحرية التعبير والإعلام والتجمع. وننوه باعتزام الحكومة تعديل قانون مكافحة الإرهاب لمعالجة آثاره الضارة، على الرغم من أنه ما من دليل حتى اليوم عن المضي في هذا الاتجاه. إن إعادة اعتقال السيد عثمان كافالا مؤخرًا، والمحاكمة البارزة المستمرة لـ11 مدافعًا عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الأعضاء السابقون في منظمة العفو الدولية، هما من أحدث الأمثلة على البيئة المعادية للناشطين في مجال حقوق الإنسان في تركيا. نشجّع على اتّخاذ إجراءات سريعة وحاسمة تدعم حقوق الإنسان، بما في ذلك عبر ضمان استقلال القضاء، لا سيما في ظلّ استمرار التحديات في وجه الفصل بين السلطات. ونتطلّع إلى مواصلة تعاوننا مع تركيا لإنشاء مؤسّسة وطنية فعّالة ومستقلّة معنيّة بحقوق الإنسان ووضع خطة عمل وطنية خاصة بحقوق الإنسان.
تقوّض التشريعات التي تم اعتمادها مؤخرًا في بولندا استقلال القضاة والمحامين، وتسمح بطرد القضاة وتفرض عقوبات صارمة على المدعين العامين والمحامين والقضاة الذين ينتقدون التغييرات القضائية التي فرضتها الحكومة. كما برز ارتفاع حاد في حجم الإجراءات التأديبية ضد القضاة، والعديد من الدعاوى القضائية ضد صحفيين ووسائل إعلام غير تابعة للحكومة. واعتمدت عشرات البلديات المحلية قرارات تعلن فيها أنها "مناطق خالية من أيديولوجية المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين".
في الاتحاد الروسي، أدّت التعديلات الجديدة على تشريعات العام 2012 بشأن المجتمع المدني والمعروفة باسم قانون "العملاء الأجانب" إلى توسيع نطاق تطبيقها لتشمل الأفراد الذين يوزعون وسائل إعلام أجنبية، أو ينشرون مواد إعلامية، بينما يتلقون أموالًا من خارج البلاد. وتأثير ذلك مرعب على حرية التعبير وغيرها من أشكال مشاركة الرأي العام الأخرى في صنع القرار. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، قضت المحكمة العليا بضرورة حلّ إحدى أقدم مجموعات حقوق الإنسان في روسيا، وهي حركة روسيا من أجل حقوق الإنسان، بعدما أفيد بأنّها رفضت اتّخاذ الإجراءات المطلوبة بموجب قانون "العملاء الأجانب".
أمّا الأجانب المشتبه في علاقتهم مع تنظيم الدولة الإسلامية، فيجب إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية ما لم تتم محاكمتهم على جرائم تحدّدها المعايير الدولية، بحسب ما أشرنا إليه سابقًا في العديد من المناسبات الأخرى. لقد بدأت بعض الدول في إعادة مواطنيها، وندعو المجتمع الدولي إلى يم الدعم لها. وقد عانى الأطفال على وجه التحديد من انتهاكات خطيرة لحقوقهم. ويجب أن تحتلّ إعادة تأهيلهم وحمايتهم ومصالحهم الفضلى الأولويّة. وقد أعدّت مفوضيّتنا، بالتشاور مع وكالات الأمم المتّحدة الأخرى، إرشادات بشأن الردود القائمة على حقوق الإنسان على أوضاع المقاتلين الأجانب وعائلاتهم، مع توصيات محدّدة بشأن النوع الاجتماعي والعمر. ونحن على أهب استعداد لتقديم المزيد من المساعدة في هذا المجال.
في العديد من دول المواجهة في أوروبا، وعلى طول حدودها، لا نزال نشهد معاناة المهاجرين التي يمكن الوقاية منها. وعلى جميع دول المواجهة، بما في ذلك تلك التي تقع على طول خطّ البلقان، أن تفي بكامل التزاماتها الدولية، وأن تزيل الحواجز القانونية والإجرائية التي تحول دون تحديد احتياجات الحماية لجميع المهاجرين.
تتزايد عمليات صدّ المهاجرين، التي تنتهك الحقّ في طلب اللجوء ومبدأ عدم الإعادة القسرية، على الكثير من الحدود. كما يتم عزل عشرات الآلاف من النساء والرجال والأطفال المهاجرين في ظروف رهيبة لا ترقى إلى المعايير المفروضة، وفي ظلّ أنظمة رديئة لتحديد نقاط الضعف. علينا أن نقوم بما هو أفضل من ذلك بكثير.
وأخيرًا، سيدتي الرئيسة، نتقدّم بفائق احترامنا إلى الفرق الطبية في جميع أنحاء العالم التي تتعامل مع فيروس كورونا،COVID-19، الذي يشكل تهديدًا خطيرًا للحقّ في الحياة والصحة في كل مكان من العالم. إن أزمة صحية مثل هذا الوباء هي بمثابة اختبار لقدرات مجتمعاتنا في مواجهة الأزمات، ويقدّم إطار حقوق الإنسان إرشادات أساسيّة من شأنها أن تعزّز فعالية التصدّي للأزمة.
ومن أجل مكافحة الفيروس بشكل فعّال، علينا أن ننفّذ جميع تدابير الصحّة العامة بدون تمييز من أي نوع، مع التركيز على الشفافية ونشر المعلومات لتمكين الناس من المشاركة في حماية الصحة. ويجب أن يكون الحجر الصحي، الذي يقيّد الحق في حرية الحركة، متناسبًا مع المخاطر ومحدودًا زمنيًا وآمنًا. كما يجب حماية حقوق الأشخاص الخاضعين للحجر الصحي، بما في ذلك الحقّ في الغذاء وفي المياه النظيفة، والحقّ في المعاملة الإنسانية، والوصول إلى الرعاية الصحية، والحق في الحصول على معلومات، وفي حرية التعبير.
ويدعم وجودنا الميداني جميع الجهات المعنية في تعزيز حقوق جميع الأشخاص المتضررين. ومن المحتمل أن يكون الأشخاص الذين يعيشون في مؤسسات جماعية، بما في ذلك العديد من كبار السن والأشخاص المحرومين من حريتهم، أكثر عرضة لهذه العدوى، ونؤكد على مخاوفنا حيال وضعهم ووضع غيرهم من الفئات الضعيفة.
أصحاب السعادة،
لقد أثارت كلمتي اليوم بعض المخاوف الخطيرة للغاية، وسننظر فيها بمزيد من الدقة والتفصيل خلال هذه الجلسة. نطلب من الدول الأعضاء أن تتعاون للتصدي لهذه القضايا، من خلال إجراءات متضافرة ومثمرة، وأن تساند الدول التي حققت تقدمًا يستحق الثناء في مجال حقوق الإنسان.
شكرًا سيّدتي الرئيسة.