Skip to main content

البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

حدث جانبيّ خلال الدورة الـ42 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة تناول "تحدّيات المساعدة التقنيّة، التي تعيق تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، استنادًا إلى خبرتنا في توغو"

16 أيلول/سبتمبر 2019

بيان لمفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت

جنيف، في 16 أيلول/ سبتمبر 2019

 

أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،

إنّ التعاون التقنيّ وبناء القدرات والاستشارات التي تقدّمها مفوضيّتنا أساسيّةٌ لولايتنا، ولا تُقدّر بثمن بالنسبة إلى جميع أهداف حقوق الإنسان. نحن ممتنّون لهذا الحدث الذي يسمح لنا بمناقشة جوانب عملنا في هذا المجال، والإصغاء لتعليقاتكم وأفكاركم.

يشكّل التعاون التقنيّ الفعّال أحد مفاتيح الوقاية. فَيَقينا من الحرمان والمعاناة، ومن التمييز والتهميش، ومن التوتّرات الاجتماعيّة والعنف والصراعات، ويخفّف من حدّتها.

ونسعى في هذا السياق إلى توحيد أعمال جميع الآليّات الدوليّة لحقوق الإنسان، عبر الاعتماد على توصيات هيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة والاستعراض الدوري الشامل وقرارات المجلس وعمل المفوضية المتميّز.

ونسعى أيضًا إلى تحقيق تأثير شامل متكامل لما نقوم به. فالموارد محدودة دائمًا، ومن المستحيل لبرنامج تعاون تقنيّ واحد أن يأتي بحلول لجميع التحدّيات التي يواجهها سكان البلد المعنيّ. غير أنّ التفاعل حقيقيّ الهادف بين مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة الوطنيّة حيويّ لتعزيز الثقة فيما بينها، واحترام سيادة القانون وتوليد سلسلة متتالية من الآثار الطويلة الأجل، ما يؤدّي إلى مزيد من التنمية المستدامة، وحوكمة أكثر شموليّة وشفافية ودعم أقوى لحقوق الإنسان.

في العام 2006، أنشأنا في توغو مكتبًا قطريًّا، عقب توقيع القادة السياسيّين الاتّفاق العام للسلام. لقد عملنا بثبات ومثابرة، وبتعاون وثيق تدريجيّ مع السلطات والمجتمع المدنيّ مدّة تسع سنوات، إلى أن أجبرتنا مشاكل الميزانية على إغلاق مكتبنا في العام 2015. ومنذ ذلك الحين، واصلنا تقديم الدعم من جنيف ومكتبنا الإقليميّ في داكار، وانطوى ذلك على نشر فريق من الخبراء على المدى القصير، نناقش عمله أدناه.

لقد قدّم مكتبنا القطريّ الدعم لاعتماد تدابير تشريعيّة أساسيّة تساعد الحكومة على وضع إطار قانونيّ يتناسب والمعايير الدوليّة، وحماية حقوق الإنسان بشكل أكثر اتّساقًا. واشتملت مجالات العمل الأساسيّة على اعتماد قانون جنائيّ جديد، ومدوّنة جديدة خاصة بالأسرة، توفّر حماية أكبر لحقوق المرأة، بالإضافة إلى تنقيح قانون الانتخابات وقانون العقوبات. كما تمّ تنقيح الإطار القانونيّ للهيئة الوطنيّة لحقوق الإنسان، كي يحقّق قدرًا أكبر من الاستقلال ويوسّع نطاق ولايتها فيشمل منع التعذيب.

وبذلنا كلّ جهد ممكن كي نعزّز حقوق الإنسان في سياق الانتخابات التي دائمًا ما تولّد التوتر والعنف. وفي هذا السياق، شاركنا في عمليّات وساطة واسعة النطاق بين السلطات والأحزاب السياسيّة والمتظاهرين والمجتمع المدني.

كما درّبنا المئات من مراقبي حقوق الإنسان وساهمنا في نشرهم، ومعظمهم من المجتمع المدنيّ والمجتمعات المحليّة. وقد شكّلوا، مع حلول العام 2015، شبكة قويّة ومتطلعة تضم حوالى 800 مراقب لحقوق الإنسان من مختلف أنحاء البلاد. والغرض المباشر من الشبكة هو رصد انتهاكات حقوق الإنسان وتجاوزاتها والإبلاغ عنها، بما في ذلك في سياق الانتخابات. وبالإضافة إلى ذلك، أصبح مئات الأشخاص على دراية كاملة بالقانون الدوليّ لحقوق الإنسان، ومتنبّهين لحقوق من حولهم، وقادرين على معالجة شواغل حقوق الإنسان مع المسؤولين الوطنيّين الذين تعاملوا معهم، والجهات الدوليّة الفاعلة. بمعنى آخر، شاركنا في تعزيز الجسر الذي يربط بين المجتمع المدنيّ والسلطات الوطنيّة، على المدَيَيْن القريب والبعيد.

وقد شكّل دورُنا الرياديّ في دعم إنشاء لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في توغو مجالَ آخر لعملنا الأساسيّ. ولا يزال عدد من توصيات اللجنة ينتظر التنفيذ الكامل. ومع ذلك، نعتبر أنّ عمل هذه الهيئة والتقارير العامة التي صدرت عنها تشكّل بحدّ ذاتها علامة بارزة لشعب توغو، ما يبيّن جليًّا أنّ لكلّ شخص الحقّ في العدالة، بغض النظر عن طبقته الاجتماعيّة أو مجموعته العرقيّة أو نوعه الاجتماعيّ.

والتنمية المستدامة قضيّة أساسيّة في كل بلد. أما في توغو، فهي مهمّة للغاية لحياة 7,9 مليون شخص في البلاد ورفاههم. لقد عملنا بالتعاون الوثيق مع زملائنا في فريق الأمم المتّحدة القطريّ وبمشاركة المجتمع المدنيّ كي نعزّز النهج القائمة على حقوق الإنسان ونحقّق الأهداف الإنمائيّة للألفية. وما زلنا حتّى اليوم نبذل كلّ جهد ممكن في هذا الاتّجاه ضمن سياق خطة العام 2030.

أصحاب السعادة،

سيعرض أشخاص آخرون حاضرون بيننا اليوم خبرة توغو خلال هذه السنوات التسع من تعاوننا المتبادل، لأنّ تعاوننا لم يكن يومًا باتجاه واحد. فكلّ مَن شارك في هذه الجهود دائمًا ما يستخلص عِبَرًا من الخبرة التي عاشها، بمن فيهم مفوضيّتنا.

نسلّط الضوء بشكل خاص على "الجسر" المذكور أعلاه، بين المجتمع المدنيّ والمسؤولين الحكوميّين، الذي نقدّره كلّ التقدير، ونشجّع على الاستمرار في التركيز على الحوار والشراكة في توغو. ويشكّل هذا النهج جزءًا أساسيًّا من العديد من برامجنا الخاصة بالتعاون التقنيّ. وتُعتبَر علاقات الثقة والاحترام المتبادل بين السلطات والمجتمع المدنيّ حيويّة لكلّ مجالات الحكم وحقوق الإنسان. فكلٌّ من الانتخابات والتنمية، وحقوق المرأة، والعدالة، وحقوق الأشخاص المحرومين من الحريّة، وقضايا أخرى مثل التمييز بين فئات عرقيّة معيّنة، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وجميع الآخرين، والحوار الذي ينطوي على إصغاء كلا الطرفَين، والمشاركة التعاونيّة، أساسُ جميع الجهود المثمرة الرامية إلى التحسين. لقد شهدنا ذلك بشدّة خلال تجربتنا في توغو.

استخلصنا أيضًا العديد من العِبَر المثمرة من علاقتنا الوثيقة مع فريق الأمم المتّحدة القطريّ. فرَصْدُنا حقوق الإنسان خلال الانتخابات، ووساطتُنا بين الجهات الفاعلة السياسيّة، وزياراتُنا أماكن الاحتجاز، والعديد من المهام الأخرى في توغو، جرت دومًا بالتعاون الوثيق مع أعضاء هيئات الأمم المتّحدة الأخرى.

ولم يعزّز هذا التعاون قدرتنا فحسب بل عزّز أيضًا الاهتمام والتفاهم المتبادلَين بين وكالات الأمم المتّحدة. فالزيارات المشتركة التي قمنا بها إلى السجون مع منظّمة الصحّة العالميّة، على سبيل المثال لا الحصر، أفادتنا جميعنا ويسّرت وصولنا إلى أماكن الاحتجاز، ومكّنتنا من تعزيز حقوق الإنسان من منظور مختلف. ونحاول أن نعيش هذا التعاون الوثيق والنوعيّ مع زملائنا في الأمم المتّحدة في جميع المواقف الأخرى.

ومن بين العِبَر الأخرى المتعدّدة التي تمكّنا من استخلاصها من هذه التجربة الغنيّة، أنّ خبرتنا هذه التي دامت تسع سنوات بيّنت، عندما تفاقمت التوتّرات في أواخر العام 2017، أنّ استجاباتنا تفاعليّة وفعّالة، على الرغم من أنّنا اضطررنا على إغلاق مكتبنا في توغو بكلّ أسف. فبعدما تنبّهنا لإشارات إنذار مبكرة، وبموافقة الحكومة، نشرنا بسرعة اثنين من موظّفي حقوق الإنسان وخبير دستوريّ مدة أربعة أشهر. وقد ساعدت هذه الخطوة في التخفيف من حدّة الوضع بشكل فاعل، وقد وأتت نتيجة علاقات التفاهم والثقة المتبادلة التي تم إرساؤها خلال وجودنا في البلاد.

وعلى الرغم من أنّ حقوق الإنسان تعاني نقصًا في الموارد، وأنّنا مضطرّون أحيانًا إلى وقف عملنا في بعض البلدان قبل وصول مهامنا إلى خواتيمها، وعلى الرغم من حالات مماثلة أخرى، يبقى لِعملِنا تأثير كبير ودائم على المدى الطويل.

أصحاب السعادة،

عرضنا بإيجاز عددًا من جوانب عملنا الكثيرة التي تمكّنا من إنجازها في توغو. ونودّ أن نعرب عن امتناننا العميق لسلطات توغو وشعبها، ونشكرهما على ثقتهم الكبرى وجهودهم الهائلة وترحيبهم الحار بموظفينا. ونواصل تقديم التوجيه والدعم إلى المسؤولين عند مواجهتهم تحدّيات في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك على مستوى الحقّ في التجمع السلميّ والحوار مع الجهات الفاعلة السياسيّة وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان. كما نواصل علاقاتنا مع المجتمع المدنيّ والجهات الفاعلة في مجال الإعلام لمساعدتهم على الحفاظ على حقوق وكرامة جميع النساء والرجال والأطفال في البلاد.

إنّنا نتطلّع إلى آرائكم وتعليقاتكم على هذه التجربة.

وشكرًا.


الصفحة متوفرة باللغة: