Skip to main content

البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

حدث جانبي رفيع المستوى في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة لمناسبة الذكرى الثلاثين للبروتوكول الاختياريّ الثانيّ الملحق بالعهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة

02 تموز/يوليو 2019

الدورة 41 لمجلس حقوق الإنسان
بيان افتتاح تلقيه مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت

في 2 تموز/ يوليو 2019

 

أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزاء،

يسعدنا أن ننضمّ إليكم اليوم من أجل افتتاح هذا الحدث الجانبيّ الرفيع المستوى للاحتفال بالذكرى الثلاثين للبروتوكول الاختياريّ الثانيّ الملحق بالعهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة.

لقد شهد شهر كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي ذكرى أخرى، هي الذكرى الـ70 لاعتماد الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان.

عندما تم التوقيع على البروتوكول الاختياريّ الثانيّ، لم تلغِ رسميًّا إلاّ عشر بلدان فقط عقوبة الإعدام. أمّا اليوم، فقد ألغى حوالى 170 دولة، بنظمها القانونيّة وتقاليدها وثقافاتها وأديانها المختلفة، عقوبة الإعدام إن على مستوى القانون، أم على مستوى التنفيذ. وقد أشارت منظّمة العفو الدوليّة أنّ 19 دولة فقط من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتّحدة نفّذت عمليّات إعدام العام الماضي.

من الصعب التفكير في قضيّة من قضايا حقوق الإنسان الأخرى، نجحت في إحراز هذا التقدم السريع والصارخ للغاية. كلّنا ثقة بأنّه من الممكن إلغاء عقوبة الإعدام على مستوى العالم أجمع.

تشكّل المعاهدة التي نحتفل بها اليوم أحد أهم المعالم من مسيرتنا نحو إلغاء عقوبة الإعدام على المستوى العالميّ. وقد اعتُمِد البروتوكول الاختياريّ الثانيّ في كانون الأوّل/ ديسمبر 1989. ويشرّفنا أن نتشارك الحديث اليوم مع من صاغها، السيّد مارك بارون بوسويت، ومع مفوّضَيْ اللجنة الدوليّة لمناهضة عقوبة الإعدام.

ويبيّن البروتوكول جليًّا أنّ اتّفاقات ومعاهدات حقوق الإنسان تشكّل مصدر قوّة – لا مجرّد حبر على ورق.

تشير المادة 6 من العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة أوّلاً، تمامًا كما البروتوكول نفسه، إلى إلغاء عقوبة الإعدام بعبارات تؤكّد جليًّا على أنّ الإلغاء أمر مرغوب فيه. وأتى البروتوكول كخطوة منطقية لاحقة - فأدّى اعتماده إلى ارتفاع عدد البلدان التي كرّست إلغاء عقوبة الإعدام في قوانينها.

ويُعتَبَر البروتوكول بمثابة منارة وضمانة، كما هو حال معاهدات حقوق الإنسان جميعها. ويشجّع الدول على اتّخاذ خطوة أساسية نحو إعمال حقوق الإنسان إعمالاً كاملًا، من خلال إلغاء هذه العقوبة القاسية. ويؤكّد على أنّ المسيرة نحو إلغاء عقوبة الإعدام هي مسيرة في اتّجاه واحد، وما من إمكانيّة أبدًا للدول الأطراف الـ87، بالعودة عن قرارها.

ماذا عن الدول الـ19 التي لا تزال تنفّذ عقوبة الإعدام؟ فقد وجدت إحدى الدراسات التي أُجرِيَت في الولايات المتّحدة أنّ 4 في المائة أقلّه من المحكوم عليهم بالإعدام، أبرياء1 ، وأنّ معظم الدول الأخرى التي تُطبِّق عقوبة الإعدام، تطبّقها بقدر أقلّ من الشفافيّة، وبضمانات أقلّ للإجراءات القانونيّة. ويمكننا أن نفترض أنّ نسبة أكبر من الأشخاص الذين أعدموا، لم يرتكبوا الجريمة المتّهمين بارتكابها. فالخطر في الوقوع في خطأٍ لا عودة عنه غير مقبول أبدًا. ونرغب في أن نكرّر بأشد لهجة أنّ أشخاصًا أبرياء يُقتَلون.

قال دوستويفسكي إنّه يمكن الحكم على المجتمع من خلال كيفيّة تعامله مع سجنائه. ويمكننا أيضًا أن نحكم على مدى التزامنا بأيّ مبدأ من خلال كيفيّة تطبيقه على أكثر مَن نختلف معه. لا يمكن الأشخاص الذين ارتكبوا أخطر الجرائم، وهم في قبضة الدولة، التسبّب بالمزيد من الضرر للمجتمع.

وقد أشار التعليق العام على الحقّ في الحياة الذي اعتمدته اللجنة المعنيّة بحقوق الإنسان السنة الماضية إلى أنّ تزايد عدد الدول الموقّعة على البروتوكول الاختياري الثانيّ، أو التي أعلنت وقف العمل الاختياريّ بعقوبة الإعدام، قد يوحي بأننا نتقدّم تدريجيًّا نحو اتّفاق عالميّ بأنّ عقوبة الإعدام تشكل عقوبة قاسية، لاإنسانية ومهينة.

فلنتشجّع جميعنا على مواصلة الكفاح من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، حتّى تعترف كلّ الدول بأنّ عقوبة الإعدام قاسية، ولا تتفق مع الالتزام المبدئي بحقوق الإنسان.

ستواصل الأمم المتّحدة دعوة كلّ الدول، في كلّ مناطق العالم، كي تلغي هذه العقوبة القاسية. ويمكننا أن نحقّق أكبر تقدّم ممكن من خلال العمل معًا، ومن خلال تمكين المجتمع المدنيّ من الاضطلاع بدور الريادة على أرض الواقع. ونتطلّع إلى رؤية المبادرات والشراكات الجديدة التي ستأخذنا إلى المراحل التالية من مسيرتنا نحو إلغاء عقوبة الإعدام. وستحظى هذه الحركة دومًا بدعم مفوضيّتنا الكامل.

وشكرًا.

__________

1/ Samuel R. Gross, Barbara O’Brien, Chen Hu, and Edward H. Kennedy, Rate of false conviction of criminal defendants who are sentenced to death, Proceedings of the National Academy of Sciences, May 20, 2014 111 (20) 7230-7235; 2014, https://doi.org/10.1073/pnas.1306417111

الصفحة متوفرة باللغة: