Skip to main content

حقوق الإنسان للعيش في تناغم وانسجام

15 تشرين الثاني/نوفمبر 2018

زارت نائب المفوّض الساميّ لحقوق الإنسان كايت غيلمور مانشستر من أجل إطلاق الاحتفالات العالميّة بالذكرى الـ70 لاعتماد الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان في 10 كانون الأوّل/ ديسمبر 1948.

 

ومن الطبيعي جدًا أن تطلق المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان شهر الاحتفالات، من مدينة مانشستر بالذات، كونها من أكثر المدن تنوّعًا في العالم، وذلك عبر سلسلة من محادثات تناولت موضوع "حقّنا في العيش في تناغم وانسجام"، وهي مواضيع تألفها المدينة كثيرًا.

وقد ركزت غيلمور، في أوّل حديث لها، على الطرق التي "أفضت بالتغيّرات العالميّة القائمة حاليًّا، بما في ذلك مواجهتنا الأزمات الإرهابيّة والماليّة العالميّة، بأن تنعكس انعكاسات خطيرة على أنظمة الحكم والتمتّع بالحقوق."

واعتبرت غيلمور أنّ العقد الاجتماعيّ بين الشعب والحكومة قد تمّ تحويره نتيجة السياسات الأمنيّة المفرطة، عقب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر وغيرها من أعمال الإرهاب الإجراميّة، وعقب إجراءات التقشف الجذريّة  التي تلت الأزمة الماليّة في العام 2008. وأشارت إلى أنّ هذه الأزمات والإجراءات عزّزت جوًّا من انعدام الثقة في ما بيننا، بما في ذلك انعدام الثقة في المؤسّسات العامة التي تعتمد عليها النظم الديمقراطيّة. فلا بدّ من مواجهة التطرّف القوميّ والعنيف عبر اعتماد نموذج سياسيّ متجدّد متجذّر في الألفة والحقيقة والأمل.

وتابعت قائلة: "لا يمكن حفظ أمل أيّ شخص ما دام هذا الأمل متجذّرًا في يأس شخص آخر. وعلينا أن نخبر مرّة جديدة قصة اتّحادنا الإنسانيّ، هذه القصة العظيمة والجاذبة والتمكينيّة والديمقراطيّة – وهي أعظم من قصة الكراهية المتنامية. وقصص الشجاعة في مواجهة الشدائد؛ والرأفة والرحمة في مواجهة الحرمان؛ والاتّحاد في مواجهة الاختلاف - هذه هي قصص مجتمعاتنا الأكثر حقيقة.

وفي وقت لاحق، زارت غيلمور جامعة مانشستر، وسلّطت الضوء على الدور المركزيّ الذي تلعبه المؤسسة في صقل مشاركة الشباب السياسيّة. فقد اضطلع الشباب/ الطلّاب، على مرّ التاريخ، بدور فاعل في تحقيق اختراقات سياسية أدّت إلى إدماج ديمقراطيّ أكبر وقدرة أفضل على التكيّف: فإيميلين بانكهورست من مانشستر، بدأت نشاطها في الحركة المطالِبة بحقّ المرأة في التصويت وهي كانت لا تزال في الـ14 من عمرها.

وأضافت غيلمور إنّه في ظلّ ارتفاع عدد الشباب اليوم في العالم أكثر من أيّ وقت مضى، حان الوقت "الآن من دون أيّ منازع" كي نسرّع عمليّة إشراك المفكّرين الشباب في طاولات صنع القرار فيساهمون في إيجاد حلول تؤدّي إلى احترام أكبر لأوجه الاختلاف وتركيز أفضل على قواسمنا الإنسانيّة المشتركة – واحترام أعمق لحقوق الجميع، بغضّ النظر عن "شكلنا ومن نحب ومن نعبد."

وتابعت قائلة: "لا تمنع حقوق الإنسان تنوّعنا – بل تحميه؛ ولا تحدّ من تعبيرنا المتنوّع – بل تضمنه؛ ولا تقيّد تمتّعنا بالثقافة أو المعتقد أو الرأي – بل تضمنه، والأهم من ذلك كلّه هو أنّ حقوق الإنسان تحدّد الشروط والظروف التي تتيح لنا ممارسة حقوقنا بدون أن نتعدّى على حقوق أي شخص آخر".

ثمّ أشارت غيلمور من جديد إلى أنّ الإفراط في التدابير الأمنيّة أنعكس على الحريّات المدنيّة والسياسيّة تمامًا كما فعلت إجراءات التقشّف الجذريّة التي انعكست على الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة "فأقامت شرخًا مؤذيًا بين النخب السياسيّة والناخبين السياسيّين – هو شرخ على مستوى الخبرات والتوقّعات والسلوك في وقت كنّا فيه بأمسّ الحاجة إلى الاتّحاد والتواصل."

وتحدّثت غيلمور، في مداخلتها الثالثة، عن أهميّة الحماية والضمانات ونطاقها، التي قدمها الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان للعالم خلال العقود السبعة الماضية. وذكرت التقدّم المحرَز في مجال الاعتراف القانونيّ بحقوق المرأة، وذوي الإعاقة والشعوب الأصليّة والمثليّين والمثليّات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهويّة الجنسانيّة وحاملي صفات الجنسَيْن – وهي اعترافات تؤكّد لنا جميعًا مبدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الأساسيّ القائل إنّنا "نولد جميعًا أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق".

وتعتبر غيلمور أنّه على الدول أن تبذل كلّ جهد ممكن فتساهم في منع الكراهية بدلاً من أن تنشرها وتواجه انعدام الأمن والخوف؛ وأن تعزّز ثقة الناس لا أن تقوّضها، وأن تنشئ مجتمعات شاملة وتعدديّة، لا أن تتّخذ تدابير من شأنها أن تهدّد فرص السلام والازدهار.

فقالت: "التطرف العنيف هو وليد العديد من الآباء – فهو وليد التمييز والظلم – الفعليّان والملموسان؛ ووليد الحرمان من الحقوق السياسيّة وعدم المساواة الاقتصاديّة. كما يصبح أكثر حدّة عندما لا يبقى للشباب سوى الاستبعاد؛ وعندما لا يقابَل الإيمان إلاّ بالازدراء؛ وعندما تُحرَم الهويّة من الكرامة؛ وعندما يُرفَض الانتماء."

وأضافت غيلمور قائلة: "لا تعذر أبدًا هذه الأسباب المتشابكة أعمال العنف المروّعة التي يرتكبها التطرّف، كما أنّها لا تبرّر أي عمل غير مشروع نقوم به جميعنا ردًا على التطرّف العنيف. علينا جميعنا أن نطالب بحقوق الإنسان وأن ندعمها وندافع عنها."

ويهدف شهر الاحتفالات الذي ترعاه المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان إلى "تسليط الضوء على مختلف السبل التي تساهم من خلالها حقوق الإنسان العالميّة في حياة الناس اليوميّة أينما وجدوا." وتُنظَّم هذه الأحداث الاحتفاليّة في 14 مدينة تغطّي سبع مناطق زمنيّة، على أن تُبرِز موضوعًا محدّدًا يتناول حقوق الإنسان خاص بكلّ منطقة. ويجري الحدث المقبل في سوفا في 16 تشرين الثانيّ/ نوفمبر.

15 تشرين الثاني/نوفمبر 2018


الصفحة متوفرة باللغة: