Skip to main content

مكافحة الرقّ بالحقيقة

30 تشرين الثاني/نوفمبر 2018

يعتبر ليوناردو ساكاموتو، الناشط في مجال مكافحة الرقّ، أنّ المعلومات تشكّل مصدر قوّة. وقد شهد كيف يمكن الصحافة أن تكشف الاستغلال وسوء المعاملة، وأن تفتح الأبواب أمام استعادة الحريّة والكرامة.

فقال: "تكمن قوّة القرن الـ21 في القدرة على تمكين العمّال عبر مدّهم بالمعلومات المناسبة. وعندما يحصلون على المعلومات ويتبادلونها في ما بينهم، تتغيّر حياتهم التي لم تعرف إلّا الاستغلال والإساءة."

لا يزال حوالى 40 مليون شخص حول العالم مستعبدًا، بحسب ما جاء في تقرير منظّمة العمل الدوليّة. وقد أقرّت البرازيل بأعمال السخرة أمام الأمم المتّحدة في العام 1995. ومنذ ذلك الحين، تم إطلاق سراح أكثر من 53,000 شخص، لكن مئات الآلاف لا يزالون رهن العبوديّة والاسترقاق.

وأشار ساكاموتو قائلاً: "بصفتي صحفيّ، غطّيت العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في البرازيل. وعاينت الكثير من حالات الاسترقاق، والأطفال العالقين في مصانع الشقاء التي تستغلّهم. وقد حفّزني لقائي بهؤلاء الأشخاص، ورؤيتي استغلالهم بلا رحمة، ومعايشة تأثير ذلك المدمّر على حياتهم، على تكريس حياتيّ لمكافحة الرقّ."

ويواصل ساكاموتو، الذي ينتمي إلى المنظّمة غير الحكوميّة Reportér Brasil، مواجهة الشركات التي تمارس السخرة عبر رصد سلاسل التوريد الخاصة بها. وتستخدم المنظمة مزيجًا من التكنولوجيا الحديثة، على غرار الطائرات بدون طيار، كي تراقب مواقع الإنتاج التي تعتمد أساليب العمل الجبري، أو "البوتات" كي تراقب السجلات عبر الإنترنت فتعثر على روابط تثير الشكّ في سلسلة التوريد. كما تعتمد من جهة أخرى، على الأساليب القديمة البسيطة، مثل تعقّب الشاحنات التي تغادر المواقع حيث يعمل الرقيق. وعند الحصول على الأدلّة المطلوبة، تجتمع المنظّمة مع الشركات وتحفّزها على التزام حقوق الإنسان والتصدي للانتهاكات والإساءات المرتكبة على مستوى سلاسل التوريد الخاصة بهم.

وقال ساكاموتو: "يبقى من التحدّيات الكبرى أن نبرهن للشركات أنّ مكافحة الرقّ والسخرة ليست من الأعمال الخيريّة، بل يجدر بها أن تكون محور كلّ عمل"، مشيرًا إلى أنّ "بناء سمعة العلامة التجاريّة عمليّة بطيئة جدًّا، ولكنّ تقويضها عمليّة سريعة جدًّا".

مساعدة الضحايا

منذ العام 2014، ساكاموتو عضو في مجلس إدارة صندوق الأمم المتّحدة الاستئمانيّ للتبرّعات الخاص بأشكال الرق المعاصرة. وكلّ عام، يساعد الصندوق، الذي تديره مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، عشرات الآلاف من ضحايا الرقّ المعاصر في جميع أنحاء العالم، من خلال تقديم المنح إلى منظمات تقدم المساعدة مباشرة إلى ضحايا الرقّ.

ووصف ساكاموتو الدعم الذي قدمه الصندوق للمستفيدين منه بأنه "متجذّر في مكان وقوع المشكلة. هو يقدّم فرصة لتغيير حياة الضحايا. كما يتيح إمكانية تغيير الحياة". وفي العام 2018، وافق مجلس الإدارة على دعم 29 مشروعًا في 27 بلدًا، بلغ حجمه الإجماليّ 500,000 دولار أميركيّ. وقد ساعدت هذه المشاريع حوالى 10,000 ضحيّة من ضحايا أشكال الرق المعاصرة.

ولكن، على الرغم من نجاح المشاريع التي تم تمويلها، تراجع حجم التبرعات للصندوق - من حدّ أقصى بلغ 900,000 دولار أميركيّ تقريبًا في العام 2009، إلى حوالى 500,000 دولار أميركيّ في العام 2018. ويعود سبب ذلك، بحسب ساكاموتو، إلى أنّ الدول لم تعد تعتبر حقوق الإنسان أولويةً، ما يتّسم للأسف بقصر النظر، لأنّ تعزيز حقوق الإنسان يشكّل جزءًا أساسيًّا من التنمية المستدامة. وينصح ساكاموتو بأن يغتنم الجميع فرصة الاحتفال بالذكرى الـ70 لاعتماد الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، هذه الوثيقة التي انبعثت من فظائع الحرب العالميّة الثانية، لإعادة التأكيد على حقوق الإنسان كقيمة أساسيّة لكلّ شخص وكلّ دولة.

وتابع ساكاموتو قائلاً: "يبدو أنّنا على وشك أن ننسى لماذا احتجنا إلى إعلان حقوق الإنسان أصلاً، ليذكرنا بأفضل ما فينا جميعنا. علينا أن نعتبر كل إنجاز في مجال حقوق الإنسان، بابًا نجحنا في فتحه بعد الكثير من التضحيات، فاخترق جدار القمع والظلم. هو باب يُغلَق في وجهنا من جديد في حال فشلنا في مراقبته عن كثب."

التزام لا يتزعزع

حصل السيد ساكاموتو على عدّة أوسمة لقيامه بهذا العمل. ففي العام 2006، حصل على أول جائزة لمكافحة الرقّ والسخرة في البرازيل، كما رشّحته منظّمة "صحفيّون بلا حدود" في العام 2016 والعام 2017، لجائزة "المواطنون الصحفيّون"، وتم اختياره ليكون بطلًا لوزارة الخارجيّة الأمريكيّة، يعمل ضدّ العمل القسريّ.

وعلى الرغم من ذلك، استهدفه العديد من حملات الترويج الخبيثة باعتباره مدافعًا عن حقوق الإنسان. وقد فاز بدعوى تشهير جنائيّة، ولكنّ المضايقات لا تزال مستمرة حتى اليوم.

وفي مواجهة هذه المصاعب، يبقى ساكاموتو أكثر التزامًا بقضيّته.

ادعموا صندوق الأمم المتّحدة الاستئمانيّ للتبرعات الخاص بأشكال الرق المعاصرة. اكتشفوا المزيد هنا حول الصندوق والمنظمات التي يدعمها.

30 تشرين الثاني/نوفمبر2018

الصفحة متوفرة باللغة: