Skip to main content

دور المرأة في صقل الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان

06 آذار/مارس 2018

لقد تركت المرأة بصمة بارزة على الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان.

صقلت المرأة الإعلان منذ ولادته، من خلال الضغط لاعتماد حقوق محدّدة وإدراجها كمواد فيه، أو عبر تغيير صيغة النصّ بحدّ ذاته. وقد أشارت ربيكا أدمي، وهي من كبار المحاضرين في جامعة ستوكهولم في السويد إلى أنّ عمل المرأة ساهم في إضفاء الطابع العالمي على الوثيقة.

وأضافت قائلة: "يعوّض الخطاب المضاد الذي أسعى إلى عرضه، عن النقص في الدراسات حول حقوق الإنسان والمرأة عبر التاريخ، عائدًا بمفهوم حقوق الإنسان إلى الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان المتجذّر تاريخيًّا في النضالات السياسيّة والاقتصاديّة التي هدفت إلى تحرّير المرأة في العالم أجمع بعد الحرب العالمة الثانيّة."

وقد ألقت أدمي نظرة عن كثب على مشاركة المرأة في المراحل الأولى لانطلاق الحركة الدوليّة لحقوق الإنسان عامةً، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان خاصة، المتجليّة في عدد من الأبحاث الأكاديميّة. وتنشر دار Routledge كتابها المعنوَن "Women and the Universal Declaration of Human Rights" (المرأة والإعلان العالمي لحقوق المرأة) في وقت لاحق من هذه السنة. ويُطلَق خلال حدث يُنَظّم في مكتبة الأمم المتّحدة في نيويورك في مطلع شهر ديسمبر، قبيل يوم حقوق الإنسان.

المرأة تمهّد الطريق أمام حقوق الإنسان

ممّا لا شكّ فيه أنّ إلينور روزفلت هي أبرز امرأة ضمّتها لجنة الصياغة، وقد رأت أنّ دورها في صياغة الإعلان وضمان اعتماده أكبر إنجاز في حياتها. كما أنّها اعتُبِرَت من أجرأ المدافعين عن حقوق الإنسان، وهي تتمتّع بالمعارف السياسيّة والثقافيّة لحقيقها في عالم منقسم.

إلاّ أنّ أدمي تصرّ على أنّ مساهمات المرأة غير الغربيّة في صياغة الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان واعتماده بصيغته النهائيّة، لم تحظَ إلاّ بقدر قليل من الاهتمام. وتدافع أدمي في أبحاثها الأكاديميّة عن عمل المرأة الآتية من البلدان غير الغربيّة، مشيرةً إلى كيفيّة مساهمتهنّ في تمهيد الطريق أمام اعتماد حقوق الإنسان على المستوى الدوليّ وكلّ في بلده.

وأكّدت أدمي أنّ ثلاث مندوبات غير غربيّات لعبن دورًا أساسيًّا وأثّرن على الإعلان. هنّ منيرفا برناردو من الجمهوريّة الدومنيكيّة، وهنسا مهتا من الهند، وبغوم شايستا إكرام الله من باكستان.

فهنسا مهتا، بصفتها مندوبة في لجنة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان (بين العامَيْن 1947 و1948) ناضلت بكلّ ما أوتِيَت من قوة لتحقيق حقوق المرأة في الهند وخارجها. ومن المعروف على نطاق واسع أنّ فضل تغيير نصّ المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعود إليها، فهي من استبدل عبارة "يولد جميع الرجال أحرارًا ومتساوين" بعبارة "يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين."

وأوردت بريا رافيشاندران، وهي محلّلة سياسيّة من بنغالور، تقوم بأبحاث حول حياة نساء لعبن دورًا فاعلاً في تأسيس دولة الهند، وأعمالهن وتجمعها ضمن إطار مشروعها "15 for the Republic"، فقالت: "أعتبر أن إرثها الدائم هو تفانيها لفكرة أنّ المساواة بين الجنسَيْن هو حقيقة غير قابلة للتفاوض. وينبع كلّ عمل تقوم به من إيمانها هذا. فعملها في الأمم المتّحدة، وفي مجال التعليم في الهند، وكعضو في المجلس التشريعيّ، وكعضو مؤسّس وكسيّدة كوجارات الأولى مجبول بهذه الحقيقة."

ومنيرفا برناردو من الجمهوريّة الدومنيكيّة هي من الموقّعين على الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان في العام 1948. وهي دبلوماسيّة ومن قادة الحركة النسائيّة في أميركة اللاتينيّة والكاريبي، والدافع وراء تأسيس لجنة الأمم المتّحدة لوضع المرأة. وفي ما يتعلّق بالإعلان، هي من طالب بإدراج عبارة "المساواة بين الرجل والمرأة" في الدباجة بالإضافة إلى تعديلات أخرى.

بغوم شايستا إكرام الله من باكستان مندوبة في اللجنة الثالثة. وينبثق عملها على الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان من معتقداتها الراسخة الدينيّة والسياسيّة والاجتماعيّة. وقد طالبت باعتماد مواد في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان تركّز على الحريّة والمساواة والقدرة على الاختيار، كونها عضو في أوّل برلمان لباكستان المستقلة حديثًا. فقد دافعت مثلًا عن اعتماد المادة 16 بشأن المساواة في الحقوق عند التزوّج (معتبرةً ذلك السبيل إلى مكافحة زواج الأطفال والزواج بالإكراه).

وقد أشارت رافيا زكّا، الصحافية في صحيفة Dawn وهي أكبر وأعرق صحيفة في باكستان إلى أنّ التزامها المساواة ومشاركتها في الساحة الدوليّ من إرثها الدائم.

وأضافت قائلة: "عملها على الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان غاية في الأهمية لأنّه... بيّن أنّ النسويّة متجذّرة في باكستان. ويؤكّد ذلك لي ولجيلي أنّ بصمة المرأة هي جوهر ما يوحّد بلادي ويساهم في تماسكها."

خلفيّة التغيير

تمّت صياغة الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان عقب الفظائع التي ارتُكِبَت خلال الحرب العالميّة الثانية وعدم احترام حقوق الإنسان. وقد أوكِلَت مهمّة صياغة الإعلان إلى لجنة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، ولكنّ العديد من هيئات الأمم المتّحدة ساهمت في مضمونه، على غرار اللجنة الثالثة لجمعيّة الأمم المتّحدة العامة، بالإضافة إلى منظّمات أخرى غير حكوميّة من مثل الاتّحاد الدوليّ للجمعيّات النسائيّة الكاثوليكيّة.

وأشارت أدمي، من جهة أخرى، إلى أنّ صياغة الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان تمّت في وقت كانت فيه قوى الاستعمار على شفير الانهيار. وأضافت أنّ الممثّلات من النساء في العديد من لجان الأمم المتّحدة المختلفة أتين من هذه البلدان الحديثة الاستقلال وقد اختبرن عدم المساواة "ما ساهم في نجاحهنّ في تغيير كلمة "الرجال" واستبدالها بـ"جميع الناس" وإدراج مفهوم عدم التمييز على أساس النوع الاجتماعيّ في الإعلان (على الرغم من أنّهنّ أقليّة ولكنّهن لعبن دورًا فاعلًا)."

وأشارت فيرونيكا بيرغا، رئيسة قسم حقوق المرأة والنوع الاجتماعيّ في مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، إلى أنّ المساواة المتجذّرة في الإعلان لا تزال تصحّ حتّى اليوم.

وأضافت: "المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة، التي نصّ عليها الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، لا تزال واقعًا. فخلال السنة الماضية بقيت المرأة تدافع عن حقوقها وتعبّر عن رأيها في سياق مسيرات نسائيّة عالميّة وحركة #TimesUp وتستمرّ في تغيير العالم."

في 6 آذار/ مارس 2018

الصفحة متوفرة باللغة: