Skip to main content

نيلسون روليهلاهلا مانديلا

06 كانون الاول/ديسمبر 2013

"لقد مشينا معاً في طريق طويل جداً. وسافرنا معا للوصول إلى مقصد مشترك. والمقصد المشترك الذي كنا نتقدم نحوه يحدد السبب الجوهري لوجود هذه المنظمة العالمية. والهدف الذي سعينا إلى بلوغه هو تحقيق ما يتوق إليه الجنس البشري بأسره من كرامة إنسانية وإنجاز بشري،" قال مانديلا وهو يخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 1993.

ونيلسون مانديلا، الذي توفي في سن الخامسة والتسعين، قضى 27 سنة في السجن في جنوب أفريقيا لإدانته والحكم عليه مع سبعة أشخاص آخرين بالسجن مدى الحياة. وقد رفض عروض الإفراج المبكر عنه لأنها كانت دائماً مصحوبة بشروط. وفي عام 1990، عندما خرج في النهاية من أبواب سجن بولسمور وأصبح رجلاً حراً، تناولت البي بي سي بالوصف الرقص في الشوارع في جميع أنحاء البلد وأفادت بأن 000 50 شخص تجمعوا أمام مبنى البلدية في كيب تاون للاستماع إليه وهو يتكلم.

وهو زميل من جنوب أفريقيا، نشأ أيضاً في عصر الفصل العنصري، تقول نافي بيلاي وهي تشير إلى فلك الوقت: "عندما خرج من السجن كانت المشاعر عارمة مليئة بالكراهية والتمييز والرغبة في الانتقام ولكنه استبعد كل هذا بكلمات بسيطة فهمها الناس: القوا رماحكم وبنادقكم في البحر، لن يتكرر أبداً وجود عنصرية لدينا في هذا البلد. لم يكن هناك    انتقام – توفير حقوق الإنسان للجميع، واحترام جميع الحريات الأساسية. كانت هذه رسالته."

وكان عمر مانديلا 71 سنة عندما أُطلق سراحه، وظل ثابتاً في تصميمه على إنهاء نظام الفصل العنصري. "أحييكم جميعاً باسم السلام والديمقراطية والحرية للجميع، قال مانديلا في كلمته لمؤيديه. وشكر جميع الذين شنوا حملة لإطلاق سراحه في جنوب أفريقيا وخارجها على السواء "وقال "أضع السنوات المتبقية من عمري بين أيديكم."

حياة غير عادية

كانت حياة مانيلا غير عادية. روليهلاهلا داليبهونغا – مانديلا  اسمه الإنكليزي الذي أعطاه له مدرس _ درس القانون  في جامعة Afrikaner Witswaterand University، وانضم إلى المؤتمر الوطني الأفريقي، وبدأ في وقت مبكر جداً الدعوة إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي.

وفي عام 1952، أنشأ مكتب محاماة مع أوليفر تامبو، الرجل الذي تولى قيادة المؤتمر الوطني الأفريقي، ودعا الاثنان معاً إلى التغيير. ومع تفاقم العلاقات بين عتاة عنصريي النظام البيض والأغلبية السوداء، أصبحت الممارسة المستخدمة لتنفيذ الفصل العنصري أشد قسوة.

وجرى حظر المؤتمر الوطني الأفريقي بحكم القانون في عام 1960، في أعقاب إطلاق الرصاص على أكثر من 60 شخصاً كانوا يحتجون خارج قسم شرطة شاربفيل على قوانين تصاريح المرور التي تصدرها الدولة. وقد منعت تصاريح المرور فعلياً الاختلاط بين السود والبيض وقيدت بشدة حركة غير البيض.

وكانت مذبحة شاربفيل، كما أصبحت تُعرف، لحظة حاسمة في النضال ضد الفصل العنصري، أنهت المقاومة السلمية وأفضت بقيادة المؤتمر الوطني الأفريقي إلى اتخاذ قرارها باللجوء إلى ’ التخريب‘ لتحقيق التغيير.

وقد أُلقي القبض على مانديلا في عام 1962 وحكم عليه بالسجن خمس سنوات لمغادرته البلد على نحو غير مشروع وتحريض العمال على الإضراب. ومن ناحية ثانية، وجهت الحكومة إليه في عام 1963 تهماُ أخرى إليه، انطوت على احتمال صدور حكم بالإعدام: التخريب والخيانة العظمى والتآمر لقلب نظام الحكم.

وكلمته من قفص الاتهام عند بدء محاكمته في عام 1964 من أشهر الكلمات التي ألقاها. فقد وصف مانديلا ما كان المؤتمر الوطني الأفريقي يكافح من أجله بأنه "نضال من أجل الحق في الحياة"، ثم حدد مانديلا دوره: "خلال حياتي، كرست نفسي لهذا النضال الخاص بالشعب الأفريقي. لقد كافحت ضد هيمنة البيض وكافحت ضد هيمنة السود. وتمسكت بالمثل الأعلى لمجتمع ديمقراطي وحر يعيش فيه الجميع معاً في وئام وعلى أساس تكافؤ الفرص. إنه مثل أعلى آمل أن أحيا من أجله ولتحقيقه. ولكنه، إذا استدعى الأمر، مثل أعلى أنا مستعد للموت في سبيله." 

وقد حُكم على مانديلا بالسجن مدى الحياة، بيد أن المؤتمر الوطني الأفريقي، على الرغم من أن مانديلا لم يكن من الممكن رؤيته أو الاستماع إليه، ركز حملته ضد العنصرية عليه وطالب بإطلاق سراحه. واستجاب المجتمع الدولي، وفرض عقوبات على نظام جنوب أفريقيا، الذي رضخ للضغط في نهاية المطاف. وأطلق سراح مانديلا الرئيس ف. و. دي كليرك الذي رفع الحظر المفروض على المؤتمر الوطني الأفريقي وبدأ عملية إقامة ديمقراطية متعددة الأعراق.

وبعد ذلك مُنح مانديلا جائزة نوبل للسلام، وفي عام 1994 أصبح أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا.

وكرئيس، دعم مانديلا المثل العليا والمبادئ التي أعلنها أثناء محاكمته وسجنه وواصل إقامة الجسور عبر الانقسام العرقي. وقد ارتكز في النضال ضد الفصل العنصري على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكرس الحرية عند تحقيقها لتنفيذ الإعلان.

وأشرف مانديلا على تحويل جنوب أفريقيا من دولة فصل عنصري تخدم مصالح أقلية إلى دولة تلبي احتياجات جميع المواطنين دون تمييز وبدأ العملية التدريجية لبناء أمة قوس قزح حقاً. وسلم بالأهمية الحاسمة لوجود قضاء مستقل باعتباره دعامة للديمقراطية وشدد على أن مستقبل ديمقراطية جنوب أفريقيا يتوقف على المحكمة الدستورية المنشأة حديثاً.

وتشير بيلاي إلى أن مانديلا عزز بنشاط حقوق المرأة. وقد كانت امرأة أول المتحدثين في البرلمان المتعدد الأعراق. وبيلاي نفسها اختارها مانديلا وعينها كأول امرأة غير بيضاء في المحكمة العليا في جنوب أفريقيا. وتقول المفوضة السامية إنها تشعر بابتهاج شديد عندما تتذكر هذا وتفكر في مانديلا باعتباره شخصاً عزز حقوق المرأة. "يتعين أن تدرك أنه، في ذلك الوقت، كانت هناك مقاومة شديدة للتعيينات من هذا النوع وكان كثيرون يقولون إن السود غير جاهزين لهذه المسؤوليات،" تقول بيلاي.

وفي عام 2009، اتخذت الأمم المتحدة الخطوة غير المسبوقة المتمثلة في تحديد يوم دولي للاحتفال بإنجازات نيلسون مانديلا ومكانته العالمية. والقرار، الذي يوافق على أن يكون هذا اليوم 18 تموز/يوليه، يوم مولد مانديلا، يعرب عن التقدير لإسهامه البارز في إقامة جنوب أفريقيا دولة ديمقراطية دون تمييز عنصري أو جنسي. ويذكر القرار القيم التي آمن بها مانديلا وتفانيه في خدمة البشرية ويصف إسهامه في الكفاح من أجل الديمقراطية على الصعيد الدولي وفي الترويج لثقافة السلام في شتى أرجاء العالم.

"أفضل طريقة يمكننا تكريمه بها على كونه مصدر الإلهام هذا لنا جميعاً هي أن نطبق قيمه ونبذل قصارى جهودنا للعيش على نحو يحقق احترام حريات الآخرين وتعزيزها،" تقول بيلاي.

6 كانون الأول/ديسمبر 2013

 

الصفحة متوفرة باللغة: