Skip to main content

البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

الدورة الصيفية لـ Quo Vadis Europa الجامعة الدولية مينينديز بيلايو، سانتاندير، إسبانيا

28 تموز/يوليو 2021

English

كلمة رئيسية لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت

في 28 تموز/ يوليو 2021

أطيب تحياتي لكم جميعًا، وجزيل شكري للممثل السامي للشؤون الخارجية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيف بوريل على هذه الدعوة.

غالبًا ما يشير محللو السياسات الخارجية إلى نوع من المنافسة بين الانخراط المبني على المبادئ خدمةً لحقوق الإنسان، والواقع المرّ للمصالح الاقتصادية أو الجيوستراتيجية أو الأمنية.

ولكن من الواضح أن الالتزام الحقيقي بحقوق الإنسان هو المفتاح لتعزيز مصالح الاتحاد الأوروبي من جهة، والسلام والأمن والاستقرار العالمي من جهة أخرى.

أرحب بالتزام الاتحاد الأوروبي بترسيخ حقوق الإنسان في صميم التعددية المحسّنة والقائمة على القواعد. وتمامًا كما ورد في رسالة الاتحاد الأوروبي الأخيرة بشأن التعددية، يُعتَبَر الاتحاد الأوروبي "حليفًا طبيعيًا" للأمم المتحدة في دعم وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

وكما أشار الأمين العام أنطونيو غوتيريش أمام البرلمان الأوروبي الشهر الماضي، نحن بحاجة إلى تعددية شاملة، تسعى الدول إلى تحقيقها ولكنها متجذّرة في تفاعل مفتوح ومتكرر وحقيقي مع الشباب والنساء والسلطات المحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

إن مفوضيّتنا حريصة على تعميق علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق هذه الأهداف.

أنا مقتنعة تمامًا اليوم، في ظلّ هذه الأوقات الحرجة التي تجتاح العالم بأن تجذير تحليلنا للأحداث في إطار حقوق الإنسان، واعتماد نهج سياساتي قائم على حقوق الإنسان، يشكّلان العاملين الأساسيّين اللذين سيبنيان مجتمعات أكثر قدرة على المواجهة والصمود.

فقد واجهنا، خلال الأشهر الـ18 الماضية، سلسلةً من التحديّات الاستثنائية للغاية، حيث تضخّمت تداعيات حائجة كوفيد-19 الاجتماعية والاقتصادية المتعددة بسبب الانقسامات ونقاط الضعف الكامنة في مجتمعاتنا. وعلى الرغم من أن الجائحة آخذة في الانحسار في بعض البلدان على ما يبدو، قد يكون انحسارها مؤقتًا في حين ستستمر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى على الأمد البعيد.

نحن بحاجة إلى أن نرى بوضوح مدى الأضرار الحاصلة، وأن نفهم ماهية الدوافع الكامنة وراءها. نحن بحاجة إلى هذا الوضوح لأنه من الملح للغاية أن ندرك الدروس التي يعطينا إياها كوفيد-19 وأن نستخلص العبر منها قبل أن تنهك مجتمعاتنا بشكل لا يمكن العودة عنه. نحن بحاجة إلى إعادة البناء، لكن إلى إعادة البناء بشكل مختلف.

نحن بحاجة إلى أنظمة أكثر فاعلية، ومؤسسات أكثر شمولاً، وسياسات تحترم وتصون كرامة كل فرد في المجتمع وحقوقه، فنكون جميعنا أقوى. لقد تناهى إلى مسامعكم جميعًا شعار إعادة البناء بشكل أفضل، الذي أصبح في بعض الأوساط بمثابة هتاف فارغ لا معنى له. على الرغم من ذلك، أؤكّد لكم من جديد أنّنا بحاجة ماسة لإعادة البناء. لا يجب أن يتمنّى أو أن يسعى أيّ مجتمع إلى العودة إلى ما كانت عليه الحياة من قبل. علينا أن نقوم بما هو أفضل من ذلك.

بعبارة أخرى، هذا هو أفضل وقت على الإطلاق كي ننظر في دور الاتحاد الأوروبي كمروّج للقيم والديمقراطية في العالم. ولربما هذه اللحظة محورية في تاريخ العالم، وفي تاريخ أوروبا، وفي تاريخ حقوق الإنسان.

لقد برزت بعض الإشارات التي تنذر بالخطر حتّى قبل تفشيّ الجائحة. وفي وقت كان التقدم غير المسبوق نحو القضاء على الفقر وتفكيك التمييز وضمان التنمية المستدامة ضمن المجتمعات الشاملة، في متناول اليد، لاحت في الأفق مخاطر عالمية تهدّد حقوق الإنسان وكوكبنا.

لقد طبعت الحرب والعنف والتشرّد مناطق واسعة من عالمنا، تمامًا كما فعل التمييز وعدم المساواة من كل شكل ونوع، والفساد واستغلال السلطة.

لقد ضرّرت بيئتنا بشكل صارخ لا يمكن العودة عنه. ولا تزال حملات قمع الحريات الأساسية تقيّد الحيّز المدني في العديد من المجتمعات، وغالبًا بدعم من أدوات المراقبة الرقمية. ومن خلال برنامج حماية المدافعين، مدّ الاتحاد الأوروبي آلاف الناشطين حول العالم الذين تُنتهك حقوقهم، بشريان حياة ووفّر لهم الحماية. وتشكّل حماية الحيّز المدني وحرية الإعلام ودعم سيادة القانون داخل الاتحاد الأوروبي، مفتاحًا لمصداقية الاتحاد الأوروبي باعتباره جهة فاعلة عالمية في مجال حقوق الإنسان.

فقد تفشّى كلّ من كره الأجانب والعنصرية والتحيز الديني والعرقي والكراهية، وانطلق من الزوايا المظلمة حيث لَجَمَتْه عقود عديدة من التقدم في مجال حقوق الإنسان. كما شهدنا تصاعد التعصب والكراهية، بما في ذلك داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، اللذين أثارهما غوغائيّون يستفيدون من بثّ الذعر في نفوس المواطنين الذين يشعرون بأنّ حكوماتهم لا تخدم مصالحهم وتتجاهل مخاوفهم.

تقوّض كلّ هذه التحديات في مجال حقوق الإنسان نسيج المجتمع. فعندما بدأ كوفيد-19 بالتفشيّ، تغلغل عبر خطوط التصدع هذه التي لا تزال تساهم في تسريع أضراره وتضخيمها.

فقد تأثر كل جانب من جوانب حياة الأشخاص الذين يعانون أصلاً أوضاعًا هشة، حيث تعرضوا بشكل غير متناسب للعدوى والموت، وفقدان سبل العيش والتعليم والخدمات الأساسية والتمييز المتزايد.

لقد شهدنا ارتفاعًا حادًا في معدل وفيات الأمهات، وانخفاضًا في معدّلات تلقيح الأطفال. وفي العام 2020، أدّت الاضطرابات في الخدمات الصحية بسبب الجائحة إلى 228,000 حالة وفاة إضافية للأطفال وإلى حوالى 11,000 حالة وفاة إضافية للأمهات، في جنوب آسيا وحدها.ولم يتمكن الأطفال من الأُسَر ذات الدخل المنخفض من متابعة الصفوف التي أُعطيَت حصرًا عبر الإنترنت فاضطروا على ترك المدرسة. ويبدو أن عمالة الأطفال والإتجار بهم يتزايدان بشكل ملحوظ. وقد فقدت النساء وظائفهن بشكل غير متناسب وشهدن زيادة في أعباء الرعاية التي يقدّمنها. كما يواجه المنحدرون من أصل أفريقي أو من الأقليات العرقية أو الدينية صعوبات متزايدة وتمييز مفرط.

حيثما نظرنا نشهد تراجعًا في الأبعاد التاريخية، ولربما بقدر انتكاسة تخسّرنا عشر سنوات في التقدم الثمين نحو أهداف حقوق الإنسان الأساسية. وإليكم هذه النقطة الأساسية الإضافية: في العديد من الأماكن، ما زلنا لا نبحث عن هذا النوع من المعلومات.

فأغلبية السياسات التي اعتمدتها الدول للاستجابة للآثار الاجتماعية والاقتصادية لكوفيد-19 مثلاً، لا تلحظ على الإطلاق المنظور الجنساني. ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن حوالى 13 في المائة فقط من السياسات التي شملها الاستطلاع قد عالجت القضايا المحددة التي يقوم عليها الأمن الاقتصادي للمرأة.

من الضروري للغاية أن تأخذ أي استجابة لأزمة غير مسبوقة وبهذا الحجم في الاعتبار الآثار غير المتناسبة على مجموعات معينة من السكان كي تكون فعالة. لكن في العديد من البلدان، وربما في معظمها، ما من بيانات مفصلة متوفّرة. ولا يمكننا أن نرى هذه الآثار، ولا يمكننا تضمين هذه الحقائق في الاستجابات السياساتية. وتجبر الحكومات نفسها على التصرف كما لو أن سكانها متجانسون، بغض النظر عن الدخل أو الجغرافيا أو السياق الاقتصادي أو العوائق الاجتماعية الضخمة مثل التمييز النظمي. ولهذه الثغرات في البيانات عواقب وخيمة على حياة الناس.

بالإضافة إلى ذلك، يقوّض كوفيد-19 القدرات الإحصائية. ففي البلدان المنخفضة والمتوسّطة الدخل، شهدت 9 مكاتب إحصائية وطنية من أصل 10 تخفيضًا في التمويل بسبب الجائحة. وقد طَلبَتْ ثلاث وسبعون دولة دعمًا خارجيًا لمواجهة التحديات الجديدة على مستوى البيانات، مثل جمع البيانات عن بُعد.

هذه هي إذًا النقطة الأولى التي آمل أن تفكروا فيها: من أجل صنع سياسات تعالج بفعالية أنواع الأضرار المختلفة التي يسببها كوفيد-19، نحن بحاجة إلى بيانات دقيقة ومصنفة. وفي الواقع، نحتاج إلى أن تتقاطع تلك البيانات مع العوامل والطبقات المتعددة للحرمان والظلم والتمييز التي تخلق مجتمعةً الضعف. ماذا يحصل للمسنات من السود؟ ماذا يحصل لأطفال الروما، وأطفال الروما ذوي الإعاقة وفتيات الروما؟

اعْتَدْتُ على صنع السياسات. فقد كنت رئيسة جمهورية ووزيرة دفاع ووزيرة صحة في بلادي. أدرك تمامًا التحديات التي ينطوي عليها إعداد مؤشرات حقوق الإنسان. وسأخبركم بما يحدث على الأرجح مع هؤلاء الأشخاص. بالنسبة إليهم جميعًا، ما من بيانات متوفّرة بشأنهم، وبالتالي ما من سياسات تعالج مشاكلهم المحددة، وهم لا يزالون يُستَبعدون أكثر فأكثر من دون شملهم بالجهود المبذولة على الإطلاق.

هذا غير كافٍ أبدًا. لا بل يضر بنا جميعنا. نحن بحاجة إلى أن تتّحد المجتمعات لإعادة بناء نسيج اجتماعي أكثر قدرة على المواجهة والصمود، وأكثر تماسكًا وشمولاً، لا نسيجًا أكثر تمزقًا وهشاشة ويغصّ بالمظالم. وتواصل مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان تعزيز الروابط المؤسسية والتعاون بين المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والنظم الإحصائية الوطنية، كي تصبح حقوق الإنسان مهمة للجميع. كما ندعو إلى أوسع استخدام ممكن لمؤشرات حقوق الإنسان عند إعداد السياسات، وقد أنجزنا عملًا جبّارًا لإعداد أدوات ذات صلة وقابلة للاستخدام.

لكن هذا العمل يتطلب دعمًا دوليًا أقوى. عندما يتم نشر كلمتي اليوم على موقعنا الإلكتروني، سأطلب إضافة روابط لبعض الموارد بشأن هذا الموضوع كي تطّلعوا عليها.

النقطة الثانية: نرى أنّ عدم المساواة في الحصول على اللقاحات، في موازاة فشل البلدان في الاستثمار في الحماية القائمة على حقوق الإنسان، يؤّديان اليوم إلى تزايد احتمالية حدوث حالات تعافي شديدة التباين، في أوروبا والعالم أجمع على حدّ سواء.

أذكّر من جديدة بأنّ هذا الاتجاه لن يضر بالملايين من الأشخاص المعرضين للخطر فحسب بل سيضر بنا جميعنا. وستولّد المناطق التي يتفشّى فيها كوفيد-19 أعدادًا لا تُحصى ولا تُعَدّ من المتغيرات الفيروسية، إلى أن يتخطّى أحداها أو أكثر تغطية اللقاحات التي تحمي البلدان الغنية.

ومثلما لا يمكن معالجة تغير المناخ في بلد واحد فحسب، فإن الجائحة تبيّن أيضًا أننا بحاجة إلى سياسات منسقة ومرنة ومتعددة الأطراف كي ننجح في التصدي لها. يجب أن يستخدم الاتحاد الأوروبي نفوذه باعتباره جهة فاعلة عالمية لضمان وصول الجميع بشكل عادل ومنصف إلى اللقاحات.

نحن بحاجة إلى إدراك أوسع نطاقًا للمنافع العامة العالمية، أي المجموعة المتزايدة من الاهتمامات المشتركة التي يعتمد عليها رفاه البشرية وحقوقها. نحن بحاجة إلى إظهار التضامن، والعمل معًا لإدارة التحديات المشتركة بطرق توزّع الأعباء والتكاليف بشكل عادل. نحن بحاجة إلى أن نعترف بمصالحنا المشتركة وأن نعمل على تحقيقها على حدّ سواء، بما في ذلك عالمية كرامة الإنسان وحقوقه، لأن التضامن يصب في مصلحتنا الذاتية.

نحن بحاجة أيضًا إلى ترسيخ التفكير الطويل الأمد بشكل أكثر فعالية في آليات الحوكمة الوطنية والدولية، من أجل حماية حياة الإنسان وحقوقه في المستقبل، وشمل الجميع من دون أيّ استثناء.

اسمحوا لي أن أناقش بعض التفاصيل.

نحن بحاجة إلى أن نساهم في إعادة بناء ثقة الرأي العام في المجتمعات التي يؤدي فيها التهميش والظلم إلى تآكل التماسك والاستقرار بشكل خطير. قد يعني ذلك إعادة بناء مصداقية المؤسسات. تماشيًا مع الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة، يُلزم إطار حقوق الإنسان الدول بضمان أن تكون المؤسسات خاضعة للمساءلة وتشاركية وشاملة، وأن توفر مسارات متاحة للجميع كي يتمكّنوا من المطالبة بحقوقهم.

نحن بحاجة إلى أنظمة قوية توفر بشكل فعال إمكانية الوصول إلى رعاية صحية جيدة، وحماية اجتماعية بعيدة المدى، وعمل لائق، ومياه نظيفة، ومأوى، وغيرها من الحقوق الأساسية التي تساهم في الحفاظ على سلامة الجميع.

نحن بحاجة إلى استهداف جميع حالات التمييز التي تعيق الناس وتولّد مظالم طويلة الأمد، وإلى القضاء عليها. إنّ مكافحة التمييز وضمان احترام التنوع بجميع أشكاله، إن على مستوى النوع الاجتماعي أم العرق أم الثقافة أم المعتقد أم وضع الفرد كمهاجر، لا يبعدنا عن بعضنا البعض. بل يجمعنا مع بعضنا البعض.

فكلٌّ من الحق في حرية التعبير والمعلومات والتدقيق الهادف، وأوسع حيّز مدني ممكن، والقدرة على الاحتجاج السلمي، ضروري لضمان استجابة المؤسسات بشكل مناسب للأشخاص الذين ينبغي أن تخدمهم. ما من طريق مختصر نحو الحق في رفع الصوت والتعبير عن الاحتياجات والآراء؛ ما من مبرر إطلاقًا لتقويض هذه الحريات المدنية الأساسية.

يجب أيضًا تضمين الشفافية والمشاركة وعدم التمييز في حوكمة الموارد العامة، لا سيما في سياق يشبه سياق اليوم، عندما يؤدي تقلص الموارد المالية، في موازاة الحاجة المتزايدة للإنفاق الاجتماعي، إلى خلق مقايضات صعبة في عملية صنع القرار العام.

إنّ أفضل استثمار يمكن أن يقوم به بلد ما هو تخصيص الأموال العامة لإعمال حقوق الإنسان. قد يعني ذلك السعي إلى فرض ضرائب تصاعدية وإعادة توجيه الموارد نحو الفئات المهمشة للحد من عدم المساواة.

وقد يعني على الأرجح تمويل التنمية، في إطار التضامن الدولي.

وسيعني ذلك بالتأكيد الاستثمار في حق الإنسان في بيئة صحية، وفي عالم أكثر نظافة واخضرارًا، في موازاة بناء أنظمة اقتصادية جديدة تتصدى لعدم المساواة، وتكون أكثر شمولاً وعدلاً. أشجع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه على دعم الاعتراف العالمي بحق الإنسان في بيئة صحية، بما في ذلك من قبل الجمعية العامة. كما أحثّ على دمج حقوق الإنسان في عمليات تنفيذ الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف، مثل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والاتّفاقية بشأن التنوع البيولوجي.

لأن ما نواجه في العام 2021 هو نقطة تحول، فإنّه يشكّل بالتالي فرصة للأجيال كي تبتعد عن النماذج التي ولّدت عدم المساواة والهشاشة، وكي توجّه عالمنا نحو مستقبل أكثر شمولاً.

معايير حقوق الإنسان هي دليلنا لهذا المستقبل. فهي تبني مجتمعات أقوى وأكثر أمانًا لأنها واضحة ومحترمة وعادلة.

وقد أظهرت الأشهر الـ18 الماضية هذا الأمر جليًا. لقد رأينا أنّه بإمكان تدابير الحماية الاجتماعية أن تحافظ على اقتصاد فعال وأن تنقذ ملايين الأشخاص من الاستبعاد الاجتماعي الطويل الأجل. لقد مكنّت الناس من البقاء على قيد الحياة وتلبية حقوقهم الأساسية. هذا هو جوهر الحق في الضمان الاجتماعي، حيث لا ينبغي أن يولّد فقدان الدخل أو المرض العوز.

يجب أن نتعلّم من هذه الجائحة أن النهوض بحقوق الإنسان ليس الخطوة الصحيحة في الاتّجاه الصحيح فحسب، بل هو أيضًا الخطوة الذكية التي يجب القيام بها.

أرحّب بخطة عمل الاتحاد الأوروبي بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية (2020-2024)، مع تركيزها المتزايد على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتركيزها المتزايد على العلاقة بين حقوق الإنسان والبيئة، ودعمها الديمقراطية المبني على المبادئ، وتركيزها الأقوى على الاستفادة إلى أقصى الدرجات من التكنولوجيات الرقمية مع التخفيف من مخاطرها.

في عالم تهدّده الأضرار المناخية وعدم المساواة والانقسامات المستقطبة، نحن بحاجة إلى الاتّحاد دفاعًا عن مبادئ حقوق الإنسان، قبل أن يتمّ تآكل هذه المبادئ ومهاجمتها وتقويضها إلى درجة تجعلها تتلاشى.

قبل خمسة وسبعين عامًا، أعطى إنشاء الأمم المتحدة الأمل للأشخاص الذين عانوا من الحرب والإبادة الجماعية والحرمان والاستغلال.

وتم تصميم الأمم المتحدة، على مثال الاتحاد الأوروبي، كي تتمكّن من تسوية النزاعات سلميًا، ومن مقاومة الاستبداد مقاومة مبنية على المبادئ، ومن تحقيق المساواة بين كل الأفراد، والتوزيع العادل لمزايا الموارد.

لا تزال هذه الرؤية وهذا الوعد يتمتّعان بنفس القدر من الأهمية والفعالية حتّى يومنا هذا. وهما يذكّرانا بأن هذه القارة على وجه التحديد قد واجهت مصائب أسوأ في الماضي، وتغلبت عليها.

ليسنا ملزمين بالوقوف مكتوفي الأيدي، نشهد تآكل الحقوق. هناك بدائل لللامبالاة والسلبية والقلق. يمكننا أن نتحدث عن قيم المجتمعات اللائقة والرحومة والرؤوفة. يمكننا أن ننضم إلى آخرين وأن نطالب بقيادة أفضل، وبقوانين أفضل واحترام أكبر لكرامة الإنسان. يمكننا أن نلتزم جميعنا- بشكل فردي، أو مشترك أو محلي - التزامًا عالميًا بحقوق الإنسان، وأن نكون على أهبّ استعداد لمواجهة أي تحد عالمي.

وشكرًا.

الصفحة متوفرة باللغة: