البيانات الإجراءات الخاصة
الملاحظات الاولية لزيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين أوالمعتقد لتونس
19 نيسان/أبريل 2018
19 أفريل 2018
مقدّمة
بصفتي المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين أوالمعتقد قمت بزيارة الجمهورية التونسية بدعوة من الحكومة التونسية وذلك في إطار زيارة رسمية من التاسع إلى التاسع عشر من شهر أبريل 2018.
أودّ أن ألاحظ أولا أنني كنت حرّا في مقابلة الموظفين الحكوميين والمنظمات غير الحكومية ومكونات المجتمع المدني بالإضافة الى المنتمين الى مختلف الجماعات الدينية أوالعقائدية والديبلوماسيين وممثلي مختلف الوكالات الأممية وذلك للنقاش الصريح حول وضع حرية الدين أو المعتقد في البلاد. وقد عقدت هذه اللقاءات في كلّ من مدينة تونس وجربة كما أديت زيارة لسجن المرناقية والتقيت بالموظفين هناك وبعدد من السجناء.
أودّ أن أعبّر عن جزيل شكري للحكومة التونسية لاستضافة هذه الزيارة وللتسهيلات التي تفضلت بتقديمها كما أودّ أن أتقدّم بخالص الشكر لكلّ من شارك في النشاطات التي تمّ تنظيمها لتعزيز انجاز الولاية المعهودة الي من قبل مجلس حقوق الانسان. كما لا يفوتني أن أتقدّم بالشكر لمفوضية حقوق الانسان للدعم الذي قدّموه في اطار انجازي لعملي سواء تعلّق بمكتب المفوضية في جينيف، سويسرا أو تونس، الجمهورية التونسية.
المعايير ذات الصلة
وفقا لمدونة قواعد السلوك لأصحاب الولايات في اطار الاجراءات الخاصة وقرار مجلس الأمن 31/16، فقد فحصت الزيارة مدى احترام الحق في حرية التفكير والضمير والدين أوالمعتقد وحمايته وتعزيزه في كلّ أبعاده للجميع في نطاق ولاية الجمهورية التونسية.
وتنص المعايير الدولية على أنّ أي تدخّل من أي نوع كان في معتقدات الناس والاكراه في المسائل ذات الصلة بالدين هو أمر ممنوع. كما تنصّ هذه المعايير على حرية الأفراد في اعتناق دين أو معتقد ما أو تبنيه أو تغييره. ان هذا الحقّ هو حق غير قابل للتصرف وهو مكفول للجميع بمن فيهم معتنقو العقائد التوحيدية وغير التوحيدية واللادينيون. ويشمل هذا الحقّ حرية التدين وحرية عدم التدين على حدّ سواء.
الدّولة ملزمة باحترام اظهار الدين سواء بالنسبة للأفراد أو في اطار مجموعة مع الآخرين سواء كان ذلك في الفضاء العامّ أو الخاصّ وسواء تعلق الأمر بالعبادة أوممارسة الشعائر أوالتدريس. ولا يمكن تقييد ذلك بالقانون الا في حدود ما هو ضروري لحماية السلامة العامّة والنظام والصحّة والأخلاق والحقوق الأساسية للآخرين ودون انتهاك جوهر هذه الحقوق في الحالات جميعها. كما أن الدولة ملزمة باحترام حقوق الأولياء أو الأوصياء في تقديم تربية دينية وأخلاقية حسب اختيارهم أخذا بعين الاعتبار مراحل نمو قدرات الطّفل.
واضافة الى الحقوق المنصوص عليها تحديدا في البند 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فان الدولة ملزمة بضمان التمتع بحقّ حرية الدين أوالمعتقد دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو النوع الاجتماعي كما أن الدولة ملزمة بضمان المساواة أمام القانون وباحترام حقوق الأشخاص المنتمين للأقليات الدينية وحمايتها و. كما أن الدولة مطالبة بمنع الدعوة للكراهية الدينية التي تمثل تحريضا على العداوة والتمييز والعنف. وفضلا على ذلك فان الدولة ملزمة بمنع استعمال الحق في حرية الدين أوالمعتقد للانتقاص من حقوق الأشخاص المشمولين بولايتها.
السياق العامّ والتاريخي
تعدّ تونس بلدا ذي تاريخ ثري من حيث التنوع الديني. وهي في حاضرها تضمّ أفرادا من أتباع المذاهب السنية والاباضية والشيعية ومن معتنقي الديانة اليهودية والكاثوليكية والبروتستانتية. كما يوجد بها أشخاص يعتنقون ديانات جديدة أو ينتمون الى مجموعات عقائدية مثل السلفيين والبهائيين وشهود يهوه والمفكرون الأحرار. وحسب الأرقام الرسمية فإن 99 بالمائة من السكان البالغ تعدادهم 11 مليون نسمة يعرّفون كمسلمين. ويرجع حضور اليهود في تونس الى أكثر من ألفين وخمسمئة عام كما توجد بجزيرة جربة أحد أقدم المعابد اليهودية في العالم وهو كنيس الغريبة الذي يمثل وجهة رئيسية للحجّ.
وقد تبنت تونس نموذجا للحكم المدني حين استقلت سنة 1956. وقد تبنت حكومات ما قبل الثورة سواء ابان حكم الرئيس الحبيب بورقيبة أو الرئيس زين العابدين بن علي سياسات مدنية و/أو تقدّمية لا سيما في علاقة ببعض جوانب حقوق المرأة. فتونس، على سبيل المثال، هي البلد الوحيد في العالم العربي الذي يمنع تعدّد الزوجات. تمثل مجلة الأحوال الشخصية مجلة مدنية لكلّ التونسيين الا انها لا تزال تحتقظ ببعض جوانب للشريعة الاسلامية . لقد تضمنت بعض الملفات التي تمّ ايداعها لدى هيئة الحقيقة والكرامة التي تمّ انشاؤها سنة 2013 اشارة الى أن فرض المعايير الاجتماعية بطريقة فوقية قد يكون مثّل تعارضا مع قناعات البعض المبنية على المعتقد وممارساتهم . من ذلك، على سبيل المثال، النساء اللواتي قد تكنّ تعتبرن أنّ منع ارتداء غطاء الرأس في فترة ما قبل الثورة يمثّل تدبيا تدخليا وقسريا في معتقداتهم الدينية.
السياق الحالي
لا تزال تونس تعيش عملية الانتقال الديمقراطي التي أعقبت ثورة 2011 وهي الثورة التي أطاحت بالنظام الديكتاتوري للرّئيس بن علي. وما انفكّت البلاد تسير في منحى ايجابي نحو الدّمقرطة منذ سنة 2011، بما في ذلك اعتماد دستور الجمهورية التونسية لسنة 2014 الذي الذي يضمن الحقوق الأساسية لكلّ التونسيين. إلا أن تونس ما انفكّت تواجه تحدّيات متعدّدة على طريق تعزيز الدّيموقراطية. وتشمل هذه التحديات الجانب الاقتصادي والصعوبات المسجّلة بخصوص تركيز المؤسسات الرئيسية التي نصّ عليها الدستور، بما في ذلك المحكمة الدّستورية على سبيل المثال والصعوبات المرتبطة بتقديم مبادرات لتسهيل مراجعة والغاء القوانين التي تمثّل خرقا للمعايير الدستورية وللالتزامات الدولية في مجال حقوق الانسان كما أنها تشمل الشكوك حول مستقبل مسار العدالة الانتقالية.
Tags
الصفحة متوفرة باللغة: