Skip to main content

بيانات صحفية المفوضية السامية لحقوق الإنسان

أعلن زيد في فيينا خلال الاحتفال بالذكرى الـ25 قائلاً: "لم تعد حقوق الإنسان تحتلّ الأولويّة بل أمست منبوذة."

بيان فيينا

22 أيّار/مايو 2018

رابط نحو النسخة الألمانيّة في نهاية البيان الصحفيّ

فيينا (في 22 أيّار/ مايو 2018) – في كلمة ألقاها مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، نهار الثلاثاء، في خلال انعقاد مؤتمر دوليّ، احتفالاً بالذكرى الـ25 لإعلان تاريخيّ يُعنى بحقوق الإنسان، أطلقَ إنذارًا حاسمًا حذّر فيه من أنّ العالم أجمع، بما في ذلك أوروبّا، يشهد انتكاسة على مستوى حقوق الإنسان.

اعتُمد إعلان وبرنامج عمل فيينا بالإجماع في 25 حزيران/ يونيو 1993، نتيجة الفظائع التي وقعت في يوغوسلافيا السابقة الملاصقة للنمسا، وأرست بذلك قواعد حقوق الإنسان في حقبة ما بعد الحرب الباردة. كما أدّت إلى تأسيس مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان الذي يرأسه حاليًّا زيد.

وقد أعلن زيد أمام المندوبين المجتمعين في فيينا ما يلي، فقال: " يمكن لهذه الذكرى أن تشكّل مناسبة لنحتفل وديًّا بالإنجازات التي حقّقها مكتبنا خلال العقدين ونصف العقد السابقيْن – وهي كثيرة كثيرة. ولكنّ الوقت اليوم ليس للاعتزاز بالنفس. فحقوق الإنسان ترزح تحت ضغوط حثيثة في أصقاع الأرض كلّها – ولم تعد تحتلّ الأولويّة: لا بل أمست منبوذة. شرعيةُ مبادئ حقوق الإنسان مستَهدفة من كلّ حدبٍ وصوب. ممارسةُ معايير حقوق الإنسان في تدهور وانتكاس. حتّى هنا، في أوروبّا، تبرز الأحزاب العرقيّة الشعبيّة في العديد من البلدان – وتغذّي الكراهية وتزرع الانقسام في المجتمعات."

وأضاف مشيرًا إلى النمسا، فقال: "وفي هذا البلد حتّى – الذي من شأنه أن يدرك أكثر من غيره مخاطر الخطابات المسبّبة للانقسامات العرقيّة... – صدرت مؤخّرًا بيانات كاذبة ومثيرة للفتنة تتناقض تناقضًا صارخًا مع إعلان فيينا."

النصّ الكامل هو بيان يتألّف من 870 كلمة، ويمكن الاطّلاع عليه أدناه، وهو متوفّر للنشر بكامله أو جزئيًّا في وسائل الإعلام:

 

المؤتمر الدوليّ للاحتفال بالذكرى الـ25 للمؤتمر العالميّ لحقوق الإنسان

بيان مفوّض الأمم المتّحدة الساميّ لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين خلال الاحتفال بالذكرى الـ25 لإعلان فيينا

 

معالي الوزيرة كنايسل،

أصحاب السعادة، أيّها الزملاء والأصدقاء الكرام،

منذ خمسةٍ وعشرين عامًا، اعتُمِد في هذه المدينة بالذات، في مدينة التلاقي والترابط الثقافيّ، إعلانُ وبرنامج عمل فيينا – ونجح الإعلان، من خلال اعتبار حقوق الإنسان حقوقًا "عالميّة وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة"، في القضاء على التقسيم المصطنع بين الحقوق المدنيّة والسياسيّة والحقوق الثقافيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة.

الحرب الباردة انتهت، وقد بعثت الكلمات الأولى من دباجة الإعلان الأملَ في حقبة جديدة، تميّزها بلدان مترابطة ومتكاملة، تلتزم مقاربةً مشتركة لمعالجة أسباب معاناة البشريّة:

" إذ يرى أنّ تعزيز وحماية حقوق الإنسان مسألة ذات أولوية بالنسبة إلى المجتمع الدولي."

وفي هذا المكان بالذات، أكّد العالم من جديد وبالإجماع على أنّ أيّ لاجئ مضطهد يحقّ له باللجوء، كما دعا إلى حماية كلّ مَن أجبِر على أن يصبح مهاجرًا، حمايةً فاعلة.

وفي هذا المكان بالذات، طالبت الدول باعتماد إجراءات فوريّة وقويّة لمناهضة العنصريّة وكره الأجانب والكراهية الدينيّة، وبضمان مشاركة أفقر الناس في صنع القرار.

وفي هذا المكان بالذات، هنا في فيينا أوصت الدول بإنشاء الولاية التي يشرّفنا أن نتولّها: هي ولاية مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان.

ولكن، يبدو لنا اليوم أنّنا غيّرنا المسار.

إلى الوراء عُدْنا. إلى ساحة تكتنفها القوميّة العدائيّة الخاسرة، وتتفوّق فيها مصالح القادة القصيرة الأمد المُصانَة بكلّ تشبّث، على البحث عن حلول لآفاتنا المشتركة. إلى الوراء عُدنا. إلى حقبة تزدري حقوقَ الأشخاص الذين اضطروا على الهروب من منازلهم، لأنّ المخاطر التي تهدّد حياتهم هناك أفظع بكثير من المخاطر التي تلفّ رحلتهم.

إلى الوراء عُدنا، إلى زمن الحروب الإقليمية والعالميّة التي تجري بالوكالة – إلى زمنٍ يسمح للعمليّات العسكريّة بأن تستهدف عمدًا المدنيّين والمواقع المدنيّة، من مستشفياتٍ وغيرها، ويسمح باستخدام الغازات الكيميائيّة علنًا لأغراض عسكريّة.

إلى الوراء عُدنا، إلى حقبة تُؤَجِّج فيها عمدًا العنصريّةُ وكرهُ الأجانب الكراهيةَ والتمييزَ، متخفّية وراء ستار الديمقراطيّة وحكم القانون.

إلى الوراء عُدنا، إلى حقبة لا تسمح للمرأة بأن تتحكّم بخياراتها ولا بجسمها. إلى حقبة تجرّم الانتقاد، وتسجن الناشطين في مجال حقوق الإنسان – أو تقوم حتّى بأسوأ من ذلك.

يمكن لهذه الذكرى أن تشكّل مناسبة لنحتفل وديًّا بالإنجازات التي حقّقها مكتبنا خلال العقدين ونصف العقد السابقيْن – وهي كثيرة كثيرة. ولكن الوقت اليوم ليس للاعتزاز بالنفس. فحقوق الإنسان ترزح تحت ضغوط حثيثة في أصقاع الأرض كلّها – ولم تعد تحتلّ الأولويّة: لا بل أمست منبوذة. شرعيةُ مبادئ حقوق الإنسان مستَهدفة من كلّ حدبٍ وصوب. ممارسةُ معايير حقوق الإنسان في تدهور وانتكاس. حتّى هنا، في أوروبّا، تبرز الأحزاب العرقيّة الشعبيّة في العديد من البلدان – وتغذّي الكراهية وتزرع الانقسام في المجتمعات.

وحيثما وصلت هذه الأحزاب إلى السلطة، سعت إلى تقويض استقلاليّة النظام القضائيّ وإلى إسكات الأصوات التي تنتقدها في وسائل الإعلام المستقلّة والمجتمع المدنيّ. كما نشرت الأفكار المشبوهة والخاطئة بشأن المهاجرين والناشطين في مجال حقوق الإنسان. لقد تغلغلت الكراهية التي تستهدف المهاجرين في نفوس الأحزاب في السلطة في كافة أنحاء أوروبا تقريبًا، فَجَنَح المشهد السياسيّ نحو المزيد من العنف والمعاناة.

وفي هذا البلد حتّى – الذي من شأنه أن يدرك أكثر من غيره مخاطر الخطابات المسبّبة للانقسامات العرقيّة، نظرًا إلى دور كارل لوجر التاريخي – صدرت مؤخّرًا بيانات كاذبة ومثيرة للفتنة تتناقض تناقضًا صارخًا مع إعلان فيينا.

 

معالي الوزيرة كنايسل، أصحاب السعادة،

التعاطفُ والمساهمةُ في حياة الآخرين حجرُ الزاوية للحياة الكريمة المشرّفة، هذا ما ردّده فكتور فرنكل في كتاباته أكثر من مرّة. والسبيل إلى الوفاء بإعلان وبرنامج عمل فيينا هو تنفيذهما. فحقوق الإنسان ليست مجرّد كلمات نردّدها ونوافق عليها خلال الاحتفالات. وُجِدَت لنطبّقها أوّلاً، ونرسّخها في خبرات الأكثر فقرًا وضعفًا اليوميّة – ومن بينهم من فرّ من النزاعات والحرمان الذي قضى على طموحه.

لن يحلّ السلام في أيّ بلد قبل تحقيق الاحترام والعدالة. ولن يُحقَّق الازدهار المستدام قبل أن يستفيد منه الجميع. المساواة والكرامة هما السبيل الوحيد إلى السلام العالميّ: والسبيل إلى الوطنيّة الحقيقيّة، ونحو بناء مجتمعات مترسّخة في التجانس والانسجام، لا في الانقسام والكراهية. 

ها قد حان الوقت لندافع عمّا يمثّله حقًّا إعلان فيينا.

يجب أن نستخدم الاحتفال بالذكرى هذه كي نعبّئ مجتمعًا أوسع بكثير يدافع عن حقوق الإنسان بشراسة وشغف. علينا أن نسلّط الأضواء على أهميّة حقوق الإنسان الحيويّة في حياتنا اليوميّة وبالنسبة إلى المستقبل العالميّ لإخوتنا البشر جميعًا.

لا يزال المجال مفتوحًا أمام العديد من بيننا كي يعبّروا عن مخاوفنا. وعلينا أن نتمسّك بإنجازاتنا وبالتقدّم الذي أحرزناه.

علينا أن نردع الكارهين والمدمّرين والانعزاليّين والقوميّين العرقيّين.

علينا أن نمضي قدمًا وبكلّ جرأة، كي نضمن أنّ هذه الحقوق غير القابلة للتجزئة، والعالميّة، والمترابطة والمتشابكة قادرة على الاعتماد على بعضها البعض وعلى صقل عالم يعمّه الرفاه والأمان.

ما من وقت لنضيّعه. فلتشكّل هذه الذكرى نقطة تحوّل تسمح لإعلان فيينا أن يقف مرفوع الرأس – لا أن يمسي قطعة متحلّلة في متحف، بل أن يحمل عاليًا راية حركة متجدّدة تبني السلام وتحزر التقدّم.

وشكرًا.

انتهى

للحصول على مزيد من المعلومات ولطلبات وسائل الإعلام، الرجاء الاتصال بــ:
روبرت كولفيل (+41 22 917 97 67 / rcolville@ohchr.org) أو رافينا شامداساني (+41 22 917 91 69 / rshamdasani@ohchr.org)

يصادف العام 2018 الذكرى الـ70 لاعتماد الأمم المتّحدة في 10 كانون الأوّل/ ديسمبر 1948 الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الذكرى الـ25 لإعلان فيينا وإنشاء مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان. وقد تُرجِم الإعلان العالميّ إلى عدد قياسيّ من اللغات يبلغ 500 لغة، وهو متجذّر في المبدأ القائل "يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق." ولا يزال مهمًّا كلّ يوم وللجميع. واحتفالاً بالذكرى الـ70 لهذه الوثيقة الاستثنائيّة المؤثّرة، وللوقاية من تآكل مبادئها الأساسيّة، ندعو الجميع من حول العالم إلى الدفاع عن حقوق الإنسان: www.standup4humanrights.org.

تابعونا وشاركوا أخبارنا على تويتر @UNHumanRights وفايسبوك unitednationshumanrights

الكلمة بنسختها الألمانيّة.

الصفحة متوفرة باللغة: