Skip to main content

بيانات صحفية الإجراءات الخاصة

الملاحظات الأولية للخبير المستقل في الحماية من العنف والتمييز القائمين على التوجه الجنسي والهوية الجندرية خلال زيارته الدولية إلى تونس

18 حزيران/يونيو 2021

English | Français

في 18 حزيران/يونيو 2021

المقدمة

1- تم تحديد ولاية خبير الأمم المتحدة المستقل المعني بالحماية من العنف والتمييز القائم على التوجه الجنسي والهوية الجندرية بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان 32/2 الصادر في سنة 2016. وتستجيب هذه الولاية لقلق مجتمع الأمم فيما يتعلق بالتعصب والتمييز والانتهاكات الصارخة بوجه خاص ضد الأشخاص المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جندريا، كما هو موثق في التقريرين اللذين قدمتهما المفوضة السامية لحقوق الإنسان في سنتي 2011 و2015 والتقارير التي قدمتها الولاية إلى الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان. وتتمثل المهام التي أسندتها إليّ مجموعة الأمم في إبراز حالة العنف والتمييز ضد الأشخاص المنتمين الى -مجتمع م ع-، وتقديم المشورة إلى الدول بشأن التدابير الفعالة لمكافحة هذا العنف والتمييز.

2- وفي الفترة الممتدة من 8 إلى 18 جوان 2021، وبدعوة من الحكومة، قمت بزيارة إلى تونس لدراسة حالة العنف والتمييز القائمين على التوجه الجنسي والهوية الجندرية. لقد قمت بزيارة مدن تونس وسوسة وصفاقس حيث التقيت بالعديد من ممثلي الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان و المثليين والمثليات وذوي الخبرات العملية. كما زرت سجن مرناقية ومراكز المجتمع المحلي.

3- وأود أن أشكر الدولة التونسية بصدق على دعوتها لزيارة البلد، الذي هو جزء من الدعوة المفتوحة إلى الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ودعمها لولايتي. كما أشكر الدولة التونسية على تعاونها الممتاز في إعداد وإجراء الزيارة، وتقبلها للمنهج الذي اتبعته، وإمكانية الوصول غير المقيد إلى جميع الوكلاء والمواقع الجغرافية ذات الصلة، في الإطار الذي اعترف به قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 68/262، و 71/205 و 72/190.

وتؤمن تونس إيمانا راسخا بالدور الذي يؤديه المكلفون بالولايات في تطوير نظم حقوق الإنسان وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان بطابعها العام، بغية وضع تشريعات وطنية ووفقا للالتزامات الدولية للبلدان. ونعتقد أن التعاون الإيجابي مع المكلفين بالولايات يتطلب أن نكون منفتحين عليهم وأن نتعاون معهم دون انتقائية أو تمييز، على أساس الثقة والاحترام المتبادلين وعلى أساس الأولويات الوطنية.

4- وأود أيضاً أن أعرب عن امتناني العميق للمجتمع المدني التونسي -ولمجتمع م ع-. إن تفانيهم واحترافهم وتصميمهم هو مصدر إلهام كبير للولاية، وإنني أقدر تقديرا كبيرا سخائهم في تبادل الخبرات الحياتية، ووجهات النظر، والتحليل، والمعلومات.

5. وأود أيضا أن أشكر مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان في تونس على المساعدة والتعاون الممتازين الذي وفرته طوال زيارتي.

6- إن زيارتي إلى تونس تاريخية لأسباب عديدة. وقد سبق أن قامت الولاية بزيارات إلى منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأوروبا الشرقية، ولكن هذه هي الزيارة الأولى لدولة من دول المغرب العربي ـ وهي فرصة طيبة للربط بين الخصوصيات الوطنية والمساهمة في نظر مجلس حقوق الإنسان في هذه القضية. وأنا أشيد بتونس على تصميمها وانفتاحها على الحوار، وأشيد بتصميم الدولة على احترام روح الثورة وضمان كرامة الجميع وحريتهم، بما في ذلك المثليين. إن المسار الديمقراطي الذي سلكته تونس وقيادتها الاقليمية في ميدان حقوق الانسان يدلان على أن القضايا التي تعتبر حساسة يمكن معالجتها بجدية في إطار نهج قائم على حقوق الانسان. وأود أيضا أن أؤكد على الموقف الصريح والشفاف الذي اتخذه وكلاء الدولة التي التقيت بها، وأشكرهم على معالجة مسألة التوجه الجنسي والهوية الجندرية على الرغم من حساسية الموضوع والمحرمات المحيطة بهذه القضايا في تونس.

7- وينعكس التقدم في الحرية والكرامة الناجم عن الثورة في الإطار الدستوري الذي يكرس مبدأي المساواة وعدم التمييز. ويشكل هدا المبدا أساساً متيناً تستطيع تونس أن تبني عليه لمواصلة التقدم في مجال الحماية من العنف والتمييز و الضمان الكامل لحقوق الإنسان -لمجتمع م ع- (LGBT). وفي هذا الصدد، آمل كثيرا في العمل الديمقراطي الجاري، وبخاصة في مواءمة التشريعات مع الدستور والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.

8- وبالإضافة إلى ذلك، فقد تمت هذه الزيارة في سياق وباء كوفيد-19، الذي أسفر في نهاية البعثة عن وفاة ما يقارب أربعة ملايين شخص في جميع أنحاء العالم وأكثر من 000 13 شخص في تونس. و إن التأييد الساحق من جانب جميع أصحاب المصالح المعنية يشير إلى الأهمية الحيوية للمسألة التي تتناولها فترة ولايتنا وأشكر كل منهم على إسهاماته الهامة طوال هذه الفترة الاستثنائية.

السياق العام

9- ان الغرض من هذه الزيارة هو تقييم حالة العنف والتمييز القائمين على التوجه الجنسي والهوية الجندرية في تونس، وتوفير نقطة انطلاق لعملية حوار وإجراءات للتصدي للتحديات التي تم تحديدها. ولقد أحطت علماً بتصريح تونس حين جددت ولايتي:

وتؤمن تونس إيمانا راسخا بالدور الذي يؤديه اصحاب لولايات في تطوير نظم حقوق الإنسان وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان بطابعها العام، بغية وضع تشريعات وطنية ووفقا للالتزامات الدولية للبلدان. ونعتقد أن التعاون الإيجابي مع المكلفين بالولايات يتطلب أن نكون منفتحين عليهم وأن نتعاون معهم دون انتقائية أو تمييز، على أساس الثقة والاحترام المتبادلين وعلى أساس الأولويات الوطنية.

10- ومن بين الركائز الاساسية في ولايتي الاعتراف بوجود المثليين والمثليات ومزدوجو الميل الجنسي، والمتحولون جنسيا في مختلف أنحاء العالم، وفي كل المناطق والبلدان، وفي كل العصور الثقافية. ومع ذلك، ففي معظم أنحاء العالم، يشكل توجههم وهويتهم جذور العنف والتمييز على هدا الأساس و كثيرا ما تصبح هذه المحددات غير مرئية وبالتالي غائبة عن السياسات العامة للدولة. ويبدو أن هذه هي الحال أيضاً في تونس: فقد أبلغت أثناء الزيارة بأن القضايا المتعلقة بالتوجه الجنسي تعتبر عموماً حساسة للغاية، حيث يطلق بعض أصحاب المصالح على هذه القضايا موضوعاً من المحظورات. ويبدو أن هذا يرتبط بمقاومة واسعة النطاق للتدقيق العام في القضايا الجنسية، حيث يشكل التعليم الجنسي الشامل مثالاً يُحتذى به على نحو ثابت في اللقاءات مع أصحاب المصالح الحكومية والغير حكومية.

11- ومع ذلك، أثناء مناقشاتنا بشأن هذه المسألة، أشارت أغلبية الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية إلى التقدم الديمقراطي والحقوق الأساسية الناجمة عن ثورة عام 2011 ودستور عام 2014 بوصفهما أهم المعايير السياسية والاجتماعية لإقامة دولة القانون واحترام الحقوق الأساسية، وعلى وجه الخصوص حماية اى شخص من العنف والتمييز, بما فيها اولئك الذين يقع التعامل معهم على اساس التوجه الجنسى والهوية الجندرية. وفي هذا السياق، أبرز معظم الذين أجريت معهم المقابلات تحديات زيارتي في السياق الفريد لتونس بوصفها مجتمعا إسلاميا، وقائدا مغاربيا وعربيا وديمقراطيا وإقليميا في إرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان

12- وخلال زيارتي، لاحظت أنه يبدو أن النهج القائمة على النوع الاجتماعي يجري تنفيذها في كثير من المؤسسات التي زارتها من خلال السياسة العامة. وتظهر بعض المؤشرات تقدماً كبيراً فيما يتصل بمشاركة المرأة في الأماكن العامة: فهي تمثل 35,94% من السلطة التشريعية الوطنية، أي 40% من السلطة القضائية. بالإضافة إلى ذلك، بدأ في فيفري 2018 سريان قانون جديد بشأن العنف القائم على نوع الجنس. ويعرّف القانون العنف ضد المرأة على نطاق واسع بأنه "أي قيد يحرم المرأة من المساواة في المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية". وينص هذا القانون، الذي حظي بدعم واسع من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، على أحكام أو تعديلات جديدة لقانون العقوبات وفقاً لأفضل الممارسات الدولية. كما يجرم القانون أفعال زنا المحارم والمضايقة الجنسية للنساء في الأماكن العامة، والتمييز القائم على نوع الجنس. ويعرف القانون التحرش الجنسي بأنه أي فعل أو إيماءة أو كلمة لها دلالة جنسية.

13- ان التوازنات الدستورية تشكل أهمية خاصة حين يتعلق الأمر بالدين، وعلى الرغم من أن جميع المستجيبين قد أدركوا تأثير الفكر الديني في تنفيذ الأعراف الاجتماعية، إلا أن أغلبهم أشاروا أيضاً إلى الإطار الدستوري المنصوص عليه في المادة الثانية والذي يؤهل البلاد كدولة مدنية، استناداً إلى المواطنة وحكم القانون.

14-  كما بدأت تونس عملية مواءمة التشريعات الوطنية بما يتفق مع التزاماتها الدولية. تم تكليف لجنة الحريات الفردية والمساواة COLIBE في عام 2017 بإعداد تقرير حول الإصلاحات التشريعية اللازمة للحريات الفردية والمساواة وفقًا لدستور عام 2014 والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. لا يزال تقرير هذه اللجنة المقدم في عام 2018 مرجعاً في مجال الإصلاحات التشريعية المتعلقة بعدم التمييز واحترام حقوق الإنسان. ولكن من المؤسف أن الإصلاحات التي اقترحتها لجنة COLIBE ظلت غير فعّالة. بهدف مواءمة تشريعاتها الوطنية، فقد أنشئت تونس في عام 2019 لجنة وطنية مسؤولة عن مواءمة التشريعات الوطنية مع دستور عام 2014 والالتزامات الدولية.

التوجه الجنسي والهوية الجندرية في تونس

15- هناك حاجة إلى العمل على تحسين الفهم المنهجي واللغوي للمسائل المتصلة بالتوجه الجنسي والهوية الجندرية. وقد اعترف جميع الذين أجريت معهم المقابلات بأن التنوع الجنسي والجندري جزء من الطبيعة البشرية، ولكنهم أشاروا جميعا إلى وزن الدين والأعراف الاجتماعية كعقوبة على ظهورهما في الحيز العام. وهناك فجوات كبيرة في مدى ملاءمة المصطلحات التي تصف هذه الهويات. ففي العديد من المؤسسات، على سبيل المثال، وصفت النساء المتحولات بالرجال المثليين.

16- ولا تجمع الدولة البيانات أو المعلومات عن الحقائق التي يعيشها "مجتمع م ع". وأُبلغت بمقاومة المعهد الإحصائي الوطني لفكرة إنتاج البيانات في هذا الصدد. وألاحظ أيضاً الافتقار إلى الاعتراف من قِبَل دولة بالاشخاص المنتمون الى "المجتمع م ع" وحقائق حياتها في السياسة العامة. وبالإضافة إلى أحكام المحاكم، تقوم منظمات المجتمع المدني بجمع وتنظيم جميع البيانات أو المعلومات السردية التي توثق الحقائق والتحديات التي يواجهها "مجتمع م ع".

17- وعلى وجه الخصوص، هناك افتقار عام إلى الوعي بمفاهيم الهوية الجنسية والتعبير بوصفها أدوات لوصف ومراعاة الحياة اليومية للنساء والرجال التونسيين الذين التقيت بهم وقابلتهم أثناء بعثتي. وتعتبر الأقليات الجنسية هامشية في تونس، وفي حين أن ظهورها ازداد بعد الثورة، فإن لدى البعض انطباع بأن هذه الرؤية قد أدت إلى زيادة الرفض والتهميش على المستوى الشخصي.

18- وحتى في الحالات التي يعترف فيها بالتحديات التي تواجه مجتمع المثليين، كان من الشائع أن نسمع بعض المسؤولين في الدولة يعبرون عن وجهة نظر مفادها أن هذه القضايا "لا تُذكَر" مقارنة بالتحديات الأخرى التي تواجه التونسيين، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وما يتصل بها من قضايا الفقر، والتفاوت في التنمية بين المناطق، والتحديات الاقتصادية، و وفي وقت أقرب إلى الزمن الحاضر، كانت التحديات التي يفرضها وباء كوفيد-ومن هذا المنظور، قال البعض إنه لا توجد سوى مطالب قليلة بتوفير المزيد من الحماية للالمثليين، وأن عدم تجريم المثلية الجنسية لم يدرج في المطالب الرئيسية للثورة التونسية، وفي مواجهة الواقع الحالي المتمثل في البطالة والركود الاقتصادي، وما زال هذا الأمر غير مهم في نظر أغلب المواطنين.

المثليات والمثليون ومزدوجو التوجه الجنسي ومغايرو الهوية الجندرية في تونس

19- انا أشعر بامتنان عميق للمجتمع المدني الذي يدعم -المجتمع م ع- في تونس، واشكر الذين شاركوا معي في تجارب حياتهم أثناء الزيارة. ولقد تمكنت من التحدث مع العشرات منهم، الذين أكدوا لي أنه على الرغم من الحماية القانونية العامة للكرامة وضد التمييز والمضايقة، فإن المثليات والمثليون ومزدوجو التوجه الجنسي ومغايرو الهوية الجندرية في تونس

في تونس يواجهون عنفاً واسع النطاق، بما في ذلك التهديد بالقتل والاغتصاب. وقد تحدثت مع أشخاص أبلغوا عن تعرضهم للضرب والتهديد في مراكز الشرطة، والتخويف في الشارع، والمضايقة في المدرسة، والتمييز ضدهم في المقابلات الشخصية مع الموظفين، والمضايقة في المراكز الصحية. وأفاد معظم الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات بأنهم تعرضوا لإساءات بدنية ونفسية من جانب أفراد أسرهم.

20- ويعيش المثليون، على وجه الخصوص، حياتهم تحت تهديد التجريم. ومن الواضح أنها تشكل أحد أكثر الشرائح وضوحاً (أو الأقل خفية) من السكان المتأثرين بالعنف والتمييز القائمين على التوجه الجنسية.

21- فالنساء المثليات ومزدوجو التوجه الجنسي ومغايرو الهوية الجندرية لا يعترف لهن صراحة في صياغة السياسات العامة. بيد أنني ألاحظ أن وزيرة النساء، والأسرة، وكبار السن أكدت لي أن صياغة السياسات التي تنتهجها الوزارة في التعامل مع العمل الاجتماعي والحماية الاجتماعية تمتد إلى "كل النساء". ولكن في الممارسة العملية، وجدت أن مثل هذه السياسات الشاملة لا تمتد بالضرورة إلىالاختلاف الجنسي و الجندري . وفي بعض الحالات، تكون العقبة قانونية (القانون 58 يحد من الحماية ضد العنف ضد المرأة حيث يكون مرتكب الجريمة ذكرا، وتعرف المادة الثالثة المرأة بأنها أنثى)، وفي بعض الحالات تكون العقبة سياسية، حيث أن عدم الاعتراف في الممارسة العملية بالهوية الاجتماعية للنساء المتحولات جنسيا وعدم تمتعهن بالحماية من قِبَل المراكز الإقليمية التابعة للوزارة.

22- ولا يحق للأشخاص المتحولون جنسيا تغيير أسمائهم أو علامات جنسهم في الوثائق الرسمية ولا يمكنهم الحصول على الخدمات الصحية التي تسمح لهم بالتحول الجندري والجنسي. والتشريع التونسي المتعلق بالوضع المدني لا يتماشى مع الاتجاه الدولي نحو الاعتراف بالهوية الجندرية مما يجعل هؤولاء الاشخاص غير منظورين، ولا سيما في الأرقام. إن عدم الامتثال بين الهوية الرسمية والهوية الاجتماعية للأشخاص المتحولين يجعلهم في حالة من الضعف الشديد والاستبعاد الاجتماعي.

الشباب و المسنين

23- يواجه الشباب المثليون والمثليون ومزدوجو الميل الجنسي ومغايرو الهوية الجنسية ضغوطاً خاصة. غالبًا ما يتم رفض الشباب المثليين من قبل عائلاتهم ويواجهون نفس التمييز والعنف مثل نظرائهم البالغين. تم جلب بعض الايمة من طرف العائلة لإجراء محادثات دينية مع الشباب

وفي بعض الحالات ، استخدم الأئمة وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع العنف ضد المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية. ستتم مناقشة التحديات المحددة الأخرى التي تواجه شباب مجتمع الم ع مثل التمييز في التعليم ، في الأقسام التالية.

24- لا توجد على الإطلاق بيانات أو معلومات منهجية عن الحقائق التي يعيشها التونسيون الأكبر سنًا من مجتمع الم ع. تشهد المعلومات القصصية التي جمعتها الولاية خلال الزيارة على سكان يعانون من أشكال متعددة من التمييز وربما يكونون ممثلين بشكل زائد في صفوف المشردين وغائبين عن الدوائر السياسية والناشطة

الوسط الحضري والوسط الريفي

25. لقد علمت أن التفاوتات بين المناطق الحضرية والريفية تؤثر أيضًا على التجربة المعيشية للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية. نسبة كبيرة جدًا من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم خلال مهمتي تأتي من مناطق ريفية وانتقلت إلى المدن بحثًا عن بيئات يمكنهم فيها الحصول على بعض الخصوصية

الوضع الاجتماعي والاقتصادي

26- كما هو الحال في العديد من السياقات حول العالم ، تؤدي آليات الاستبعاد الاجتماعي إلى زيادة تمثيل المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية في صفوف الفقراء. على سبيل المثال ، أفاد جميع الأشخاص العابرين الذين تمت مقابلتهم في دراسة حديثة أن دخلهم أقل من 100 دينار تونسي شهريًا. يشكل الفقر أساس زوبعة من التمييز والعنف تنفر المثليين من خدمات الدولة وتزيد من مساوئهم عندما يواجهون عداء من مسؤولي الدولة.

المهاجرون ، اللاجئون و طالبي اللجؤ

27- لقد تمكنت من التفاعل مع العديد من المنظمات التي تعمل مع المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية الذين أُجبروا على مغادرة بلدانهم. ومن بين التحديات الرئيسية التي تم تحديدها انعدام الثقة في النظام الذي يتم فيه تجريم وجودهم ، وعدم القدرة على الوصول إلى عمليات إعادة التوطين السريعة

الناس الذين يعيشون بفيروس نقص المناعة البشرية

28- [1] تعترف الدولة بالمثليين والمثليات والمزدوجين والمتحولين جنسيا الذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية كجزء من السكان الرئيسيين في البرامج العالمية لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، ولا سيما الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال والنساء العابرة. ويكشف انتشار الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بين أطباء بلا حدود، والذي يقدر بنسبة 9.1%، بشكل خاص، ويظهر تفاوتاً كبيراً مع السكان البالغين في تونس الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 49 عاماً، بمعدل عدوى أقل من 1%. وإنني أرحب بتنفيذ سياسة وطنية بشأن اختبار الحمل الفيروسي الروتيني لمتابعة العلاج المضاد للفيروسات الارتجاعية وإجراء اختبارات طوعية ومنيرة لفيروس نقص المناعة البشرية. بيد أنني أشعر بالقلق إزاء تجريم ممارسة الجنس مع نفس الجنس والعمل الجنسي الذي يزيد من تعرض هؤولاء السكان للعنف ويقلل من قدرتهم على تقديم الشكاوى. وهذا التجريم يزيد أيضاً من الخوف من المثلية الجنسية والمتحولين، فضلاً عن إلقاء القبض على العاملين في مجال الجنس وإرغامهم على الذهاب إلى مكان العمل السري، والامتناع عن المشاركة في برامج الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية والمخاطر أو حتى امتلاك الواقيات الذكرية أو مزلقات دهنية، على هذا النحو، يمكن أن يكون دليلا ماديا على المثلية الجنسية أو العمل الجنسي بالنسبة لضباط الشرطة.

الأشخاص المحرومون من الحرية

29- في الممارسة العملية، تعترف سلطات السجون وضباطها بأن المثليين جزء من نزلاء السجون، كما أنها تشمل النساء المتحولين اللاتي يعشن في تلك السجون. لقد تمكنت من زيارة أكبر سجن في البلاد ومراعاة النهج المتمايز الذي تبناه المثليون. وكما هي الحال في أي مؤسسة حكومية أخرى، فإن تجريم المثلية الجنسية له تأثير ملموس للغاية على التمتع بالحقوق: على سبيل المثال، أُبلغت بأن سلطات السجون لا توزع ولا تسمح بتوزيع الرفالات في السجن لأن ذلك يعتبر عملاً من أعمال تعزيز المثلية الجنسية ــ وهو ما يجرمه القانون. وهذه الممارسة تثير اهتمامي الشديد في ضوء معدل انتشار فيروس نقص المناعة البشرية في تونس الذي يبلغ 9,1% بين أطباء بلا حدود، والواقع الذي تعيشه العلاقات المثلية الجنسية أثناء الاحتجاز، أكد تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان أن 72,7 في المائة من الأشخاص المتحولون جنسيا المودعون الى السجون كانوا يمارسون الجنس خلال فترة السجن[2].

30- وقد أحطت علما بأن المنتدى الوطني لمنع التعذيب قد حدد خمسة إجراءات محددة لتعزيز قدرة الموظفين في مراكز الاحتجاز والملاجئ.

ممارسات الاقصاء الاجتماعي

31- كونك عضواً في مجتمع المثليين الجنسيين و-المجتمع م ع- في تونس، وكونك مرئياً وتعيش في الفضاءالعام، فقد ينظر إليك من طرف العديد من الناس انك تتجاوز النظام الاجتماعي، وخاصة الأدوار الاجتماعية المنسوبة إلى النساء والرجال والتي تعكس فكرة تفوق الذكور، والنظام الأبوي، والحياة الجنسية الانجابية في سياق الزواج. إن المفاهيم الخاصة بالفوارق بين الجنسين محددة بدقة في تونس، بما في ذلك الكيفية التي يفترض بها أن يرتدي الناس ملابسهم ويتصرفوا وفقاً لها. [3] وعلى هذا فإن المجتمع لا يفرض عقوبات على السلوك المثلي وفقاً للمادة 230 من قانون العقوبات فحسب، بل إنه يفرض أيضاً عقوبات على كل الهويات والتعبيرات التي يعتبرها البعض انتهاكاً "للعهد الاجتماعي" وإهانة للعادات والتقاليد. فالرجال والنساء العابرة بشكل خاص، معرضون لخطر العنف الشديد بسبب ملابسهم ومظهرهم وانتمائاتهم، وهم يخضعون لمراقبة متزايدة بسبب تقاطع هوياتهم. ولقد أشار العديد من هؤلاء الذين أجريت معهم مقابلات إلى الكم من الانتهاكات باعتباران حياةهم "غير طبيعية"، وغير"اجتماعة"، و"غير اخلاقية". وكما أخبرنا أحد أفراد المجتمع المدني: "إن التعامل مع ميلك الجنسي و هويتك الجنسية يشكل بالفعل عملاً من أعمال المقاومة". ان تكون مرئياً كعضو في - مجتمع م ع – يعتبر في حد ذاته عملاً ناشطاً يشكل خطوة ضرورية نحو تحرير المعايير الاجتماعية التي تدين هويات الأقليات الجنسية و الجندرية.

32- بيد أن هذه الرؤية الواضحة تواجه مقاومة قوية سواء داخل الأسرة أو المجتمع، وهي خاضعة لعقوبات العديد من الجهات الفاعلة التي تعتمد على القانون أو الأخلاق أو الدين في محاولة "إعادة" أفراد المجتمع إلى "الطريق الصحيح". ويؤدي هذا إلى ارتفاع مستويات العنف والتمييز المؤسسي والنفسي والجسدي على جميع المستويات.

33 - لا توجد حماية قانونية ضد التمييز القائم على التوجه الجنسي والهوية الجندرية في تونس. بيد أن تقرير تحليل البيانات عن حالات التمييز الذي جمعته شبكة مكافحة التمييز في عام 2020 يكشف أن معظم حالات التمييز المحددة تستند إلى التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية، أي 326 حالة من أصل 651 حالة. فقد تعرض نحو 70% من الضحايا للتمييز بسبب ميولاتهم الجنسية، ونحو 30% من هوياتهم الجندرية. ويشكل الرجال العابرون ما يقارب من 58% من ضحايا التمييز، ثم النساء المتحولات (13,5%) والنساء العابرات (12,27%). [4]

34- فالأشخاص المتحولون، من خلال التعبير عن جنسهم والاختلاف بين نوع الجنس وهويتهم القانونية، يعيشون في بيئة معادية ويتعرضون بوجه خاص للوصمة والتمييز والعنف. فالمتحولون جنسيا يواجهون صعوبات يومية في الوصول إلى المساكن أو التعليم أو التوظيف أو الصحة حيث يواجهون المهانة والعنف والتمييز، الأمر الذي يؤدي إلى ضائقة نفسية كبيرة وانعدام الأمن الاقتصادي بشكل خاص. ولحماية أنفسهم فإنهم يتجنبون الظهور في الفضاء العام ويصبحون غير مرئيين، ويتركون لأنفسهم ويتهمشون.

الصحة

35- [5][6]إن أكثر من نصف المثليين والمثليات والمتحولين والمزدوجين الجنسيين الذين شملتهم استطلاعات المجتمع المدني في عامي 2021 و2018، وثلاثة أرباع الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع لم يذهبوا إلى الطبيب و لم يقوموا بفحوصاًت طبية خوفاً من الاستهزاء، والأحكام السلبية، وإساءة المعاملة من قِبَل العاملين في المجال الطبي، أو الخوف من أن تتخذ ضدهم الإجراءات القانونية التي تستند إلى الفصل 230 من قانون العقوبات. وقد تم ابلاغي عن المعاملة المهينة، وعدم السرية، والانتهاكات المنتظمة للسرية الطبية، فضلا عن استبعاد احتياجات محددة للمجتمع المحلي، من جانب المثليين الذين لم يتمكنوا من استخدام المرافق الصحية، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالصحة الجنسية والإنجابية.

36- وفي هذا الصدد، ألاحظ بقلق استحالة وصول الأشخاص المتحولون إلى العلاجات الهرمونية والقيام بالعمليات الجراحية لتأكيد نوع الجنس، التي كثيرا ما تعتبر علاجاتٍ ضرورية لبقائهم على قيد الحياة. في تونس، يحظر على الأطباء وصف العلاج بالهرمونات للأشخاص الذين يجرون العلاج الذاتي مما يعرضهم لمضاعفات مختلفة ناتجة عن هذه الممارسة، بما في ذلك أمراض الكبد والمشاكل المرتبطة باستقرار الدم.

37- أثناء زيارتي، استمعت إلى العديد من الشهادات حول حالة من القلق الشديد، والكربوالأثر السلبي للوصمة المحيطة بها على احترام الذات والحب الذاتي. وفقًا لدراسة عام 2018، حاول أكثر من نصف الأشخاص المثليين والمثليات وذوي الميول الجنسي المزدوج الذين شملتهم الدراسة الانتحار مرة واحدة على الأقل، وأصيب نصفهم تقريبًا بحياتهم مرة واحدة على الأقل. وقدم عدد من منظمات المجتمع المدني خدمات المشورة والدعم النفسي، ولكن يبدو أن الحصول على خدمات المعونة الحكومية محدود بسبب نقص الوسائل والموظفين المؤهلين. وأنا أشعر بالقلق أيضاً إزاء الشهادة التي أدلت بها أثناء البعثة فيما يتصل بانتهاكات السرية الطبية من قِبَل علماء النفس الذين كشفوا عن التوجه الجنسي للمريض و/أو هوية جنسه لأسرهم أو الذين تم فرض علاج صحي عليهم، وكأنهم تم "علاجهم" من أحد الأمراض.

التعليم

38 - وفقاً لدراسة أجريت في سنة 2021[7]، اضطر 10% من المستجيبين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً إلى ترك المدرسة بسبب توجههم الجنسي و/أو هويتهم الجندرية أو التعبير عن الجنس، ولم يحصل 17.7% من أولئك في هذه الفئة العمرية على درجة البكالوريا. وتظهر هذه الدراسة أيضاً أن 75% من الرجال والنساء الذين أجريت معهم مقابلات تركوا المدرسة قبل التخرج. ويبدو أن السبب الأكثر شيوعاً لخريجي المدارس المبكرة هو المضايقات التي يواجهونها من جانب زملائهم والموظفين الإداريين والتعليميين على حد سواء. [8]أظهرت دراسة استقصائية أجراها المجتمع المدني في عام 2018 أن ما يقرب من 80% من أطفال المدارس والطلاب تعرضوا للمضايقات وضحايا العنف بسبب توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية، مما أدى إلى التغيب عن الدراسة، وانخفاض النتائج التعليمية، والقلق، والعزلة، والتوقف عن التعليم.

39 - وإنني أشعر بقلق بالغ إزاء هذه الحالة، وألاحظ عدم القدرة على التعامل مع هذه الظاهرة والتدابير المحددة لمكافحة العنف والمضايقة التي يتعرض اليها افراد -مجتمع م ع- في المدارس. وبالإضافة إلى ذلك، يؤسفني أن المناهج الدراسية لا توفر معلومات محددة عن التنوع واحترام برامج التثقيف في مجال حقوق الإنسان والحياة الجنسية، ولا سيما فيما يتعلق بالمسائل المتصلة بالتوجه الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس.

فرص العمل

40- لا توجد حالياً حماية قانونية محددة للأشخاص المثليين وافراد -مجتمع م ع- في تونس ضد التمييز في التوظيف. ويثير عدد من الدراسات والتقارير السردية مسائل تتعلق بفرص العمل، بما في ذلك الصعوبات التي تعترض الوصول إلى العمل والمضايقاة وانتهاكات الخصوصية في مكان العمل.

41- فقد أظهرت دراسة حديثة معدل بطالة مرتفع بشكل خاص بين أشخاص –مجتمع م ع- من حاملي الشهادات الجامعية (74% مقارنة بنحو 15. 1% بين السكان) بسبب المواقف السلبية بشكل خاص في التعامل مع التنوع الجنسي والجنساني، تجعل بيئة العمل معادية. كما تسلط هذه الدراسة الضوء على الحالة الاقتصادية غير المتوازنة التي تتسم بها الدول التي يقل دخلها الشهري عن مائة من إجمالي الدخل القومي. وكما ذكر أعلاه، يعاني الأشخاص العابرون من تفاقم التمييز بسبب عدم الاعتراف القانوني بنوع الجنس وإمكانية الحصول على علاجات التأكيد على نوع الجنس. وكثيرا ما تدفعهم هذه الحالة إلى البحث عن عمل في الاقتصاد غير الرسمي، بما في ذلك العمل الجنسي، ونتيجة لذلك، تعرضت هذه البلدان لضربة شديدة من جراء الوباء الذي زاد من تفاقم حالتها الهشة، ومن ضعفها أمام الاعتقالات بسبب خرق حضر الجولان او خرق الحجر الصحي، بالإضافة إلى جرائم أخرى.

42 - وبينت الدراسة التي أجرتها[9] منظمات المجتمع المدني في عام 2018 أيضًا أن ,645% من الأشخاص المنتمين الى-مجتمع م ع- الذين تمت مقابلتهم قد تمت مقابلتهم بإصرار مرة واحدة على الأقل في العمل بشأن هويتهم الجندرية أو ميولهم الجنسية، وأن هذه الأسئلة جعلتهم غير مرتاحين. [10] بالإضافة إلى ذلك، تم اتباع 14.6% من المشاركين بإصرار من قبل زميل واحد أو أكثر على الأقل مرة واحدة، مما جعلهم يعيشون وضعيات نفسية حرجة. ويبدو أيضا أن الافصاح عن هوية المثليين جنسيا لجهات خارجية من قبل أفراد مهنيين )وأكاديميين( يتم الابلاغ عنه عادة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب كبيرة على الضحايا، وأنه ليس من غير المألوف أن يتعرض المثليون جنسيا للمضايقات في مكان العمل.

السكن

43 - لقد صدمت أن عدداً كبيراً[11] من المثليين والمزدوجون والمتحولون جندريا ما زالوا يعيشون مع آبائهم (65% طبقاً لدراسة سنة 2021)، وذلك لأنه في اعتقادي بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي والمعايير الاجتماعية لايمكن ترك المسكن الأسري إلا عند الزواج.

44 - ومن ناحية أخرى[12]، أظهرت دراسة سنة 2021 أن 13,2% من المثليين والمثليات وذوي الميول الجنسية المثلية كانوا بلا مأوى، ولو لفترة من الوقت، وقد كان هدا في العام السابق في دراسة استقصائية. وقد تم طرد بعضهم نتيجة الكشف عن ميولاتهم الجنسية أو هوياتهم الجندرية لاسرهم. كما أظهر الاستطلاع أيضاً صعوبة السكن، وخاصة بالنسبة للأشخاص الذين لا يتمتعون بالاستقرار بسبب المضايقات والتهديدات من الجيران وملاك الأراضي الذين يرغمون المثليين على تغيير مساكنهم على نحو متكرر.

45 - في حديثنا مع الوزارات والهيئات الجهوية، تحدثنا عن مسألة المساواة في المعاملة وعدم التمييز بين جميع المواطنين. ومع ذلك، أرى أن هناك نقصاً في فهم القضايا التي تواجه المثليين الجنسيين –المجتمع م ع - وعدم مراعاة التوجه الجنسي والبعد المتعلق بالهوية الجندرية في السياسة العامة. ويؤدي هذا الجهل وعدم مراعاة حقائق المثليين، إلى جانب الافتقار إلى الوعي بالتنوع الجنسي والهويات الجنسية المتنوعة، إلى التمييز الفعلي بين المثليين في جميع القطاعات. ولقد وجدت أن الافتقار إلى نهج محدد وتعليم وكلاء الدولة كثيراً ما يترجم في الممارسة العملية إلى تحيز وتمييز. واتفق جميع من تحدثت معهم على ضرورة معرفة الواقع الذي يعيشه المثليون جنسيا من أجل إدماج نهج يأخذ في الاعتبار مشاكلهم ويسمح لهم بالعيش بكرامة.

العنف المؤسساتي

46- يواجه –مجتمع م ع- العنف المستوطن في تونس. وقد جمعت شهادات عديدة عن العنف من طرف موظفي إنفاذ القانون، ولكن أيضا عن المضايقات والعنف في المجال العام وداخل أسرة ومجتمعات المثليين.

47- لا يمتثل جزء كبير من التشريع التونسي لدستور عام 2014 والصكوك الدولية والإقليمية لحماية حقوق الإنسان، ولا سيما المادة 230 من المجلة الجزائيةالتي تجرم جريمة المثلية الجنسية كممارسة (وليس الميل ) أما القسم من قانون العقوبات تحت عنوان;الاعتداء على الأخلاق;، والذي يتضمن المادة 226 مكرراً والتي تعاقب من دون تعريفها حقاً باعتبارها;اعتداء على الأخلاق الحميدة أو الأخلاق العامة بالإشارة أو التعبير، والبند 226 الذي يعاقب التجاهر بالفحش. . ولكن وفقاً للمعلومات التي لدي، فإن هذه الأقسام تسمح للقضاء و لقوات الأمن بمحاكمة وإدانة الأشخاص استناداً إلى مظهرهم غير المعياري أو ما قد يرتبط بالسلوك الذي يشير إلى المثلية الجنسية أو القدرة على الوصول إلى المعلومات المرتبطة ببياناتهم الشخصية. ويبدو أن المعاملة الجنائية لهذه القضايا تعكس حكماً أخلاقياً على الحقائق وليس حكماً قانونياً، وعندما تطبق هذه القضايا المادة 230، كثيراً ما يجادل القضاة في قرارهم بكلمات وحجج ذات طبيعة أخلاقية تهدف إلى التذكير بالنظام الاجتماعي والأدوار الاجتماعية. [13] وتشير المعلومات التي لدي أيضاً إلى استخدام شبه منتظم للفحص الشرجي لإثبات العلاقات الجنسية المثلية، في تعارض تام مع للنصوص الدولية المتعلقة بمنع التعذيب وعدم كفاية البيانات العلمية المتعلقة بالقيمة الإثباتية لهذا الاختبار والأثر السلبي على الأشخاص الخاضعين له. وهنا أذكر باستغراب الارتباك بين الاختبارات التي أجريت لإثبات الاعتداء الجنسي والاختبارات التي أجريت لإثبات المثلية الجنسية.

48 -اما ما هو أبعد من إمكانية الإدانة، فان التجريم يخلق حالة فعلية من الاستبعاد الذاتي للأشخاص على أساس توجههم الجنسي وهويتهم الجندرية في الخدمات العامة أو الوصول إلى العدالة بسبب الخوف من أن يتهم على أساس المادتين 230 أو 226 مكررا. وتشير عدة تقارير إلى اتجاه نحو عكس حالة ضحايا المثليين جنسيا الذين يتهمون على أساس هذه المواد.

49- ويبدو أن عملية تنقيح قانون العقوبات التونسي، رغم مناقشتها في عدة اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين، تمر بمرحلة غير معروفة من التقدم ولا يبدو أنها تتم من خلال إشراك الجهات الفاعلة في مجال العدالة والمجتمع المدني. وهذا أشد خطورة حين نرى الافتقار إلى فهم الحقائق المختلفة لدى المثليين الجنسيين في تونس.

50- في ماي 2018،[14] كشفت دراسة استقصائية للمجتمع المدني أجريت على 300 شخص من المثليين والمثليات وذوي الميول الجنسية

المزدوجة المقيمين في تونس عن دوامة من العنف والانتهاك، سواء اللفظي أو البدني أو الجنسي في الأماكن العامة، وأيضًا في الأسرة أو المدرسة أو العمل أو الاتصال بموظفي إنفاذ القانون والصحة. وقد وثّقت جمعية دمج للعدالة و المساواة أكثر من 30 جريمة كراهية ضد مجتمع م.ع منذ سنة 2011، ويبدو أن هذا العدد ازداد للأسف أثناء الزيارة حيث أفادت التقارير بأن زوج طعن زوجته حتى الموت بعد أن علم أنها مثلية. 

51 - في السنوات الست الأخيرة التي سبقت الدراسة الاستقصائية، تعرض 51.8 في المائة من المستجيبين للإهانة أكثر من مرة في الحيز العام بسبب ميولهم الجنسية الفعلية أو المتصورة؛ 24% منهم تعرضوا للتهديد أو الهجوم بسلاح أو محاولة القتل في مكان عام؛ وخلال فترة حياتهم، أفاد 30% تقريباً بأنهم تعرضوا لاغتصاب واحد على الأقل أو لمحاولة اغتصاب في الأماكن العامة و19.2% على يد أحد أقاربهم أو أحد أفراد أسرهم، كما أفاد 27% منهم بأنهم تعرضوا للتهديد بالضرب أو القتل أو التعذيب أو الحبس القسري على الإنترنت أو عبر الهاتف. ويكشف الاستطلاع أيضاً أن نسبة كبيرة من أعمال العنف البدني الخطيرة (20%)، والاغتصاب أو محاولة الاغتصاب (10%)، والمضايقات اللفظية (15%) ارتكبها أفراد الشرطة. حدد مشروع Twenssa Kifkom، الذي أطلقه المجتمع المدني في أكتوبر 2018 لمكافحة العنف والتمييز القائمين على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية، 29 شكوى ضد ضباط الشرطة بسبب العنف والإساءة والتعذيب. ولم ياخد القانون مجراه الى يومنا هدا.

52- وفي داخل الأسرة، تبين من الدراسة الاستقصائية أن 32 في المائة من الذين أجريت معهم مقابلات تعرضوا للصفع أو الضرب أو المعاملة الوحشية مرة واحدة على الأقل من جانب الأقارب بسبب ميولهم الجنسية المعروفة أو المشتبه بها أو الهوية الجندرية. وتشير هذه الدراسة أيضاً إلى ضعف المثليين: فقد تم التعرف على ما يقارب من ربع حالات اللمس الجنسي وأكثر من ربع حالات الاغتصاب القسري في الحيز العام بعد أن تم تهديده بإخبار الشرطة أو أفراد الأسرة عن ميولهم الجنسية أو هويتهم الجندرية.

53- ويؤدي تزايد ضعف وتهميش الأشخاص من مجتمع م ع- إلى زيادة مستويات العنف. في دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان في عام 2019، أفاد 71,6% من المشاركين في الاستطلاع أنهم تعرضوا للعنف اللفظي مرة واحدة على الأقل، و35,8% على الأقل تعرضوا للعنف البدني مرة واحدة بسبب هويتهم الجنسية في العام السابق للدراسة الاستقصائية،و ,743.% منهم تعرضوا للعنف الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتهم. ويبدو أيضا أن المهاجمين يستغلون خوف الضحايا من تقديم شكوى ومن تعرضهم للابتزاز، وتخويفهم، وتهديدهم، وإذلالهم. ومن بين الأشخاص الذين ت سجنهم، أفاد نحو نصفهم بأنهم تعرضوا لإساءات بدنية واحدة على الأقل في السجن بسبب هويتهم. وقد وجد نفس الاستطلاع أن 27% من المستجيبين كانوا من العاملين في مجال الجنس، الأمر الذي أضاف عامل ضعف نفسي. كما نريد تسيلط الضوء في هدا السياق الى انسحاب العديد ن المستجيبين نتيجة للوصمة والتمييز.

54- ويواجه العاملون في مجال الجنس المثلي أشكالاً متعددة ومتشددة من التمييز، وإذا كانوا مثليين جنسياً أو متحولين جنسياً، فإن التجريم يكون مزدوج لكل من المثلية الجنسية والمس من الأخلاق الحميدة أو التعرض للآداب. وهذا التجريم، مقترناً بوصم شديد بهذا النشاط، يجعل العاملين في مجال الجنس معرضين بشدة للعنف وإساءة المعاملة والابتزاز من جانب الشرطة. ولقد أدلت بالعديد من الشهادات التي أدلى بها العاملون في مجال الجنس من المثليين والمثليات اللاتي تعرضن لمضايقات الشرطة، والابتزاز، والعنف من قِبَل ضباط إنفاذ القانون. وفي بعض الحالات، يبدو أن الشرطة تقوم حتى بالتشكيك في النساء المشتبهين بالعمل الجنسي واعتقلهن لمجرد ظهورهن أو خلفيتهن بدلا من أن يكون ذلك على أساس نشاط غير قانوني تمت ملاحظته. ومعظم الضحايا لا يشتكون خشية التعرض للمحاكمة بسبب المثلية الجنسية أو سوء السلوك أو الفاحشة العامة. والذين أبلغوا عن ذلك تعرضوا بوجه خاص الى حوادث مهينة وإهانات وعنف بل وحتى التجريم.

55 - تصف الشهادات التي تم جمعها أثناء الزيارة المضايقات القانونية وأعمال الشرطة التي تهدف إلى تكميم ومعاقبة أي محاولة لتحرير الهويات الجنسية والجندرية التي لا تتفق مع القاعدة الاجتماعية السائدة. وتستخدم المادة 230 من قانون العقوبات على نطاق واسع ضد مجتمع المثليين: وطبقاً لتقرير حديث صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي[15]، فهناك نحو مائة إدانة سنوية استناداً إلى هذه المادة، وطبقاً لمعلومات من وزارة العدل في أعقاب طلب تقدم به مشروع Twenssa Kifkom، فقد تم اعتقال 1917 شخصاً أدينوا بتهمة المثلية الجنسية بين عامي 2008 وجوان 2020. وقد وثق مشروع توينسا كيفكوم استخدام مواد ذات صلة في قانون العقوبات لتجريم المثليين. وبالتالي، فمنذ أكتوبر 2018، سجل هذا المشروع نفسه 21 إدانة للمثلية الجنسية وقد نظر في 18 حالة لانتهاك المبادئ الأخلاقية (المادة 230) 26 مكررا), و 13 بتهمة ازدراء موظف عمومى (المادة و 10 للبغاء )المادة 125( 231) و2 للفاحشة العامة (s. 226).

56- إن الشهادة التي جمعتها أثناء زيارتي ترسم صورة ثابتة ومثيرة للانزعاج:

فرض عقوبات على الهويات الجندرية والتوجهات الجنسية غير المعيارية، سواء كانت حقيقية أو مفترضة (على أساس التعبير عن الجنس، أو الهوس، وما إلى ذلك).

 

    1. انتهاك القطاع الخاص: عمليات تفتيش ومصادرة أجهزة الكمبيوتر، والهواتف المحمولة للبحث عن «دليل» على المثلية الجنسية أو غيرها من الجرائم المتعلقة بالأخلاق الحسنة أو التواضع؛ واستيلاء على الواقي الذكري ومزلقات دهنية "كدليل" على هذه الجرائم ذاتها
    2. العنف اللفظي والجسدي من قبل موظفي إنفاذ القانون ضد الأشخاص المثليين والمثليات وذوي التفضيل الجنسي المزدوج
    3. أمرت المحكمة بإجراء اختبارات شرجية "لإثبات" المثلية الجنسية
    4. صعوبة الوصول إلى العدالة أو حتى استحالة الوصول إليها: عندما تكون الضحية في وضع انتهاكات لحقوقها، فإن المثليين جنسيا غالبا ما يتبرؤون من تقديم شكوى خشية أن يصبحوا مذنبين. وقد اتهم عدد من الناس بالشذوذ الجنسي، وعدم احترام الاخلاق الحسنة، واحتقار موظف عمومي، والبغاء، والفاحشة العامة عقب تقديم شكوى.
    5. وبمجرد "تسجيلهم" كعضو في -المجتمع م ع-، فإن المثليين جنسيا يجدون أنفسهم محاصرين في فخ يجعل وصولهم إلى العدالة أكثر صعوبة لأن وكلاء السلسلة الإجرامية يستجيلون للتحيزات الاجتماعية والأخلاقية السائدة لمعاقبة هويتهم.

     

    57- إن الناشطين من المثليين والمثليات والمدافعين عن حقوق الإنسان من المثليين والمثليات وذوي التفضيل الجنسي المزدوج يتعرضون بانتظام للمضايقات والتهديدات بالقتل والهجمات نتيجة لعملهم في تعزيز حقوق المثليين والمثليات وذوي الميول الجنسي المزدوج. وقد وجهت عدة رسائل إلى الدولة التونسية في الماضي للإعراب عن الانشغال بشأن هذه المسألة. [16]

    58 - وإنني أشعر بالقلق إزاء تزايد قمع منظمات حقوق الإنسان المثلية، بما في ذلك جمعية دمج للعدالة والمساواة)، وزيادة حالات الانتهاكات المرتكبة ضد افراد مجتمع المثليين عقب مشاركتهم في الاحتجاجات المطالبة بسياسات اجتماعية افضل وندد بالقمع ووحشية الشرطة. وقد أدى تعرضهم لوسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية والشوارع إلى زيادة مراقبة الشرطة ومضايقتها. وقد تعرض عدة أعضاء في رابطة "د مج" للاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والمضايقة والتخويف والتشهير عبر الإنترنت والتحريض على العنف، بما في ذلك التهديد بالقتل والاغتصاب، والإساءة البدنية والشفهية أثناء ممارستهن لحقهن في التجمع السلمي وحرية التعبير دعماً لمجتمع المثليين والحركات النسائية.

    59- كما تلقيت شهادات عديدة أثناء زيارتي لانتهاك الحق في الخصوصية وسرية البيانات الشخصية من نقابات الشرطة. وكجزء من الأحداث التي وقعت في بداية هذا العام، أدلى هؤلاء الأشخاص أيضاً ببيانات كراهية ودعوا إلى العنف ضد العديد من المثليين الجنسيين على الشبكات الاجتماعية من خلال الكشف عن هوياتهم وعناوينهم ونشر صورهم. ولقد عرضت هذه الحقائق المثليين الجنسيين لمنسوب عال من الكراهية على وسائل الإعلام الاجتماعية. ويؤسفني عدم فرض عقوبات قضائية على هذه الانتهاكات الجسيمة للحق في الخصوصية والإفلات الظاهر من العقاب على نقابات الشرطة.

    خطاب الكراهية

    60 - وأشار عدة متحدثين إلى أنه في أعقاب الثورة تم صعود الحركات المحافظة والشعوبية وأدى هدا إلى زيادة في خطاب الكراهية والتحريض على العنف ضد المرأة، وذوي الميول الجنسية المثلية، والأشخاص الذين لديهم معتقدات لا تتفق مع معتقدات الأغلبية. وهذا الخطاب مستنير إلى الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي تدهورت والأزمة الصحية الناجمة عن مرض كوفيد-19. [17]يميل الساسة والبرلمانيون والسياسيون والدينيون ووسائل الإعلام إلى إبراز صورة نمطية ، وصمة، وسلبية لشعب المثليين جنسياً الذي يغذي الكراهية والتعصب في المجتمع، كما يتضح من رسائل الخوف من المثليين جنسياً وتهديدات الموت التي يتم تبادلها في مجموعات تستعمل التمثيلات آنفة الذكر.

    61- كما أن وسائل الإعلام التونسية كثيراً ما تظهر خطاب الكراهية ضد المثليين جنسياً والتحريض على العنف ضدهم. بعد تلقي عدة شكاوى، أصدرت الهيئة التونسية العليا للاتصالات السمعية البصرية (HAICA) – فيما يمكن اعتباره أول رد رسمي من قبل مؤسسة عامة على العنف ضد مجتمع المثليين – تحذيرًا ضد قناة تلفزيونية لتصريحات معادية للمثليين في أكتوبر 2015. ومنذ ذلك الحين، تدخلت السلطة العليا نحو 10 مرات للشكاوى من التمييز القائم على التوجه الجنسي والهوية الجندرية في القطاع السمعي البصري. ولكن هذا الرقم يبدو ضئيلاً مقارنة بما وصفته منظمات المجتمع المدني بفيض من الكراهية، والذي يجد أرضاً خصبة بشكل خاص على وسائل الإعلام الاجتماعية التي لا تخضع لأي تنظيمات.

    62- ووفقاً للمعلومات التي وردت أثناء الزيارة، فإن فترة الحجر الصحي في عام 2020 كانت تتسم على نحو خاص بمنسوب من حيث الكراهية ضد المثليين الجنسيين.

    كما شاعت معلومات كاذبة تقول ان وباء كورونا هو عقاب من الله بسبب المثلية الجنسية في بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمساجد. أثارت هذه الشائعات موجة ضخمة من خطاب الكراهية ضد المثليين ، مما زاد من القلق المرتبط بالوباء وآلام العيش في بيئة عائلية معادية في كثير من الأحيان.

    63- كما ساهم المؤثرون (influencers) في "مطاردة" المثليين الجنسيين على وسائل الإعلام الاجتماعية. وقد قام ثلاثة منهم، على وجه الخصوص، بمضايقة وكشف الميول الجنسية أو الهوية الجنسية للالمثليين، وطلبوا من أتباعهم اتخاذ إجراءات لوقف أنشطتهم على الشبكات الاجتماعية. ونتيجة لهذه الدعوة تعرض الأشخاص من المثليين والمثليات وذوي التوجه الجنسي المزدوج لمضايقات من قِبَل الآلاف من الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، وشاهدوا حساباته تتعرض للاختراق، كما تم تبادل صورهم وبياناتهم الشخصية في مجموعات، بل وتعرض بعضهم للاعتداء الجسدي.

    64- وأدى الافتقار إلى العقوبات القانونية، إلى جانب حقيقة مفادها أن العديد من الزعماء والساسة، بما في ذلك أعضاء البرلمان التونسي، يساهمون في اللغة الخطابية العدائية ضد مجتمع المثليين، إلى التطبيع الواسع النطاق لخطاب الكراهية المناهض للمثليين الجنسية في مختلف أنحاء البلاد. يترك القانون التونسي خيارات محدودة لضحايا جرائم الكراهية، بما في ذلك الجرائم ضد مجتمع م ع-. وفي حين يمكن معاقبة الهجمات في ظل "الاعتداء" أو "القتل"، فإن قانون العقوبات التونسي لا يتضمن أحكاماً تحدد أو تجرم جرائم الكراهية ضد المثليين جنسياً. العقبات التي تعترض عمل المدافعين عن حقوق الإنسان

    65- المرسوم عدد 88 لسنة 2011المؤرخ في 24 سبتمبر 2011، وقد[18] مكَّنت منظمة الجمعيات في تونس من ظهور عدد كبير من المنظمات العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان بوجه عام وحقوق المثليين والمثليات وذوي التوجه الجنسي المزدوج، على وجه الخصوص، ولكن المعلومات الواردة من المجتمع المدني التونسي تشير إلى وجود عدة حواجز تعترض عملها-66-- وفيما يتعلق بالتسجيل القانوني، هناك أدلة على أن الإجراء أصبح عشوائياً وأن جمعيات المثليين لا يجوز لها الحصول على التسجيل إذا أشارت صراحة إلى أنها تعمل على حقوق المثليين. يتعذر على الجمعيات التسجيل، ولا يمكنها العمل وفقًا للتشريعات التي تجعل نشاطها غير قانوني. في الماضي، كنت قد أبلغت الدولة التونسية عن مخاوفي بشأن محاولات عرقلة ممارسة حرية تكوين الجمعيات مثل جمعية شمس. وتشكل هذه القيود انتهاكات لالتزامات تونس فيما يتصل بحرية تكوين الجمعيات، وخاصة منها تلك الناتجة عن مصادقتهاعلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية). [19]

    67- وتشير المعلومات المتاحة لنا أيضا إلى أن هناك عائقا خاصا يحول دون عمل المدافعين عن حقوق الإنسان من المثليين والمثليات وذوي التوجه الجنسي المزدوج وهو يتعرض أيضا للتهديد من جراء عمليات التفتيش العشوائي لمبانيهم ومصادرة المنظمات المسجلة على النحو الواجب في مجال حقوق الإنسان. وتشير المعلومات المتاحة لشروط المرجعية إلى أنه حتى الجمعيات العاملة في مجال الوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي وفيروس نقص المناعة البشرية من المرجح أن تخضع لمقاضاة جنائية عند العمل مع مجموعات سكانية معينة.

    68- وأنا أشعر بالقلق بشكل خاص إزاء عدد الناشطين المثليين جنسياً الذين اعتقلوا أثناء الاحتجاجات في تونس في أوائل عام 2021. ويتعلق القلق أيضا بحملات التشهير ودعوات الكراهية، لا سيما على الشبكات الاجتماعية، وخاصة صفحات نقابات الشرطة.

    التوصيات

    69- وسأسعى إلى تقديم توصيات شاملة ضافية في تقريري النهائي. وإنني على اقتناع بأن القيمة المضافة لولايتي ستعتمد على استعدادنا المشترك للدخول في عملية حوار مستمر وعمل مشترك.

    70- وقد طلب مني العديد من أصحاب المصلحة زيادة الفهم والتعمق في هذه القضايا والنظر في طبيعتها الحساسة والدقيقة، ولفتت انتباهي إلى حقيقة أن معالجة هذه القضايا بشكل كامل سوف تستغرق بعض الوقت. وأنا أدرك أن هذه هي الحال في العديد من أنحاء العالم، ولكن اسمحوا لي أن أؤكد على أن الاحترام الكامل لحقوق الإنسان للتونسيين المثليين، والمثليات، ومزدوجي التوجه الجنسي، والمتحولين جنسيا، لا يشكل خياراً وارداً: ولا ينبغي أن يطلب من أي إنسان أن ينتظر ليتحرر من خطر التعذيب أو الضرب أو الابتزاز أو التمييز، وهذا يشمل جميع الذين تشكل توجهاتهم الجنسية وهويتهم الجندرية أساس هذه الانتهاكات البشعة.

    71- ولذلك أعتقد أن مجموعة أولى من الإجراءات يجب أن تركز على مراجعة القواعد القانونية التي تجرم صراحة أو ضمنا التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية، وقد كان ذلك بالفعل موضوع توصيات عديدة من رجال قانون بارزين، ومن جهات سياسية واجتماعية تونسية. ومن المسلم به أن التنوع الجنسي والجندري من الخصائص الإنسانية المحمية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن استمرار الأحكام التي تجرم هذه الأحكام يتعارض تعارضا تاما مع هذه المبادئ. إن الضرر المزعوم للنظام الأخلاقي والاجتماعي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبرر القيود المفروضة على الحق في عدم التعرض للعنف والتمييز القائمين على التوجه الجنسي والهوية الجندرية، ولا ترى مذكرة التوقيف أن أياً من الحجج المقدمة تبرر الإبقاء على نظام يحكم على مجرم غير مولود على أساس من التعقل ذاته. ، وأنا مقتنع اقتناعاً راسخاً طوال هذه الزيارة إلى البلد بأن التجريم هو أساس معظم آليات العنف والاستبعاد الاجتماعي التي تدين المثليين والمثليات في تونس على أساس يومي، وأعتقد أن الحفاظ عليها ينطوي على المسؤولية الدولية للدولة.

    72- وعلى وجه الخصوص، فإن التجارب الشنيعة في ممارسات الفحص الشرجي مصنفة دوليا بوصفها تعذيبا. وأنا لست في وضع يسمح لي بقبول أن الممارسة الحالية المتمثلة في اشتراط موافقة الضحية تؤكد صحة هذا العمل الشنيع، لأسباب عديدة. ومن بين هذه الحقائق أن رفض قبول هذا الاختبار في الممارسة العملية يُعَد افتراضاً بالذنب ــ وهو ما من شأنه في حد ذاته أن يخلق الإكراه. ولكن الأهم من ذلك أننا لابد وأن نتقبل المنطق الذي يؤكد أن الاختبار لا يشتمل على قيمة إثباتية: فهناك إجماع علمي يؤكد أنه لا يستطيع تقديم أدلة صالحة. ومن الناحية العملية، يعتبر استخدامه تهديدا للحصول على الاعترافات والابتزاز وإلحاق المعاناة. ومثل أي شكل آخر من أشكال التعذيب، فإن استمرار الاختبارات الشرج في حالات الاشتباه في المثلية الجنسية ينطوي على مسؤولية الدولة وينبغي أن يكون موضوع دعاوى قضائية ضد مرتكب التعذيب وكفله.

    73- وتتعلق مجموعة أخرى من التوصيات بالاعتراف القانوني والسياسي بوجود أشخاص من مجتمع م ع من طرف الحكومات المحلية في تونسوبطبيعتهم الجوهرية كمواطنين تونسيين وبحقهم في التمتع بجميع حقوق الإنسان. ومن هذا المنظور، يتعين على الدولة التونسية أن تسمح بالاعتراف القانوني بالهوية الجنسية للأشخاص الذين عبورا عن هويتهم. وبالإضافة إلى الاعتراف السياسي، ينبغي أن ينعكس هذا الاعتراف أيضا، في جميع المؤسسات، في اعتماد إجراءات لتوثيق المشاكل التي تواجه هؤلاء السكان. وهناك بعض الممارسات الجيدة القائمة بالفعل في تونس - ومن أمثلة ذلك إدراج التوجه الجنسي والهوية الجنسية في فئة من التحليلات التي تقوم بها الهيئة الوطنية لمنع التعذيب - وينبغي للمؤسسات الأخرى التي تدخل في نطاق ولايتها أن تواصل دفع هذه الممارسات. وينبغي أن يشمل ذلك أيضا المعهد الإحصائي الوطني. وأقامت الاختصاصات عملاً يتعلق بمعايير جمع البيانات وإدارتها، وهو ما يعكس الممارسات الجيدة في هذا المجال.

    74- وسيسفر هذا الاعتراف عن الحاجة إلى إدراج الحقائق والتحديات والحلول العملية لمعالجة العنف والتمييز على نحو كامل على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية في السياسات العامة، ولا سيما القضاء على العنف المؤسسي واعتماد تدابير الإدماج الاجتماعي. وكثيراً ما يترجم هذا إلى حملات توعية، وحوار مع المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، وإدراج هويات مجتمع م ع في التشخيص والدراسات.

    75- اثناء زيارتي، أعجبت بشكل إيجابي بانفتاح كافة الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، والتي حظيت بشرف مناقشة هذه القضية معها. وعلى نحو ثابت، وبعد الاعتراف المبدئي بحساسية المسألة وأهمية ضمان حلول دقيقة ومنيرة، كان هناك التزام حقيقي بالعمل المشترك من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان لجميع الأشخاص، الاعتراف بأهمية عدم التمييز ومسؤولية مؤسسات الدولة عن قيادة عمل الإدماج الاجتماعي. وأنهي مهمتي بالاقتناع الراسخ بأن هذا الفهم المدني، وهذه المثل الديمقراطية، والكفاءة، والقدرة، والانسانية التي شهدناها، هي فرص عظيمة لبناء مجتمع يهاجم، وفي نهاية المطاف، وسيتم القضاء على العنف والتمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية. إن المثليين والمثليات ومزدوجو التوجه الجنسي والمتحولون جنسيا وجندريا في تونس، والذين يطالبون بحقوقهم وبالفرص للمساهمة في بناء الديمقراطية في تونس، لا يستحقون أقل من هذا.

    [1]https://www.unaids.org/fr/regionscountries/countries/tunisia; منظمة الصحة العالمية، تونس، ملف تعريف البلد عن فيروس نقص المناعة البشرية 2019، https://cfs.hivci.org/country-factsheet.html

    [2] انظر https://tunisia.unfpa.org/en/publications/cartographie-des-sites-de-la-population-transgenre-en-tunisie

    [3] برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حصر أوجه عدم المساواة بين الجنسين والتفاوت القائم على نوع الجنس في القانون التونسي، 2021.

    [4] تقرير تحليل البيانات عن حالات التمييز التي جمعتها نقاط مكافحة التمييز ومرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف، إنصاف بوحافس، /مارس 2021.

    [5] مبادرة موجودين للمساواة، LGBTIQ+ في تونس، 2021.

    [6] شوف، دمج، موجودين، التحقيق في أعمال العنف ضد LGBTQ، 2018.

    [7] مبادرة موجودين للمساواة، LGBTIQ+ في تونس، 2021.

    [8] شوف، دمج، موجودين، التحقيق في أعمال العنف ضد LGBTQ، 2018.

    [9] شوف، دمج، موجودين، التحقيق في أعمال العنف ضد LGBTQ، 2018.

    [10]شوف، دمج، موجودين، التحقيق في أعمال العنف ضد LGBTQ، 2018.

    [11] مبادرة موجودين للمساواة، LGBTIQ+ في تونس، 2021.

    [12] مبادرة موجودين للمساواة، LGBTIQ+ في تونس، 2021.

    [13] برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حصر أوجه عدم المساواة بين الجنسين والتفاوت القائم على نوع الجنس في القانون التونسي، 2021.

    [14] شوف، دمج، موجودين، التحقيق في أعمال العنف ضد LGBTQ، 2018.

    [15] برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حصر أوجه عدم المساواة بين الجنسين والتفاوت القائم على نوع الجنس في القانون التونسي، 2021.

    [16] ومن الممكن الوصول إلى الاتصالات والاستجابات في تونس من خلال قاعدة بيانات عامة: https://spcommreports.ohchr.org/Tmsearch/TMDocuments.

    [17] برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حصر أوجه عدم المساواة بين الجنسين والتفاوت القائم على نوع الجنس في القانون التونسي، 2021.

    [18]http://www.acm.gov.tn/upload/1410083987.pdf

    [19]Tun 2/2019؛ Tun 4/2018؛ Tun 1/2016.

    الصفحة متوفرة باللغة: