Skip to main content

البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

المنتدى الاجتماعيّ: تعزيز حقوق الأطفال والشباب وحمايتها من خلال التعليم حلقة نقاش أساسيّة: قدرة تعليم الشباب على تحويل الأشخاص والمجتمعات 1 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2019، 10:30 – 11:30 القاعة XX، قصر الأمم في جنيف

01 تشرين الأول/أكتوبر 2019

بيان لمفوّضة الأمم المتّحدة الساميّة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت

(7 دقائق)

 

صاحب السمو،
أصحاب السعادة،
أيّها المحاضرون الكرام،
أيّها الأصدقاء والزملاء الكرام،

يسعدنا أن نلتقي اليوم العديد من الأصدقاء والزملاء من وكالات الأمم المتّحدة والمجتمع المدنيّ والبعثات، والأطفال والشباب الممثَّلين كلّ التمثيل اليوم. وعَمَلُنا معًا ووفق هذه الصيغة هو المفتاح لتحقيق أهدافنا.

ويشكّل المنتدى الاجتماعيّ مكانًا فريدًا يمكن لمجلس حقوق الإنسان والحركات الشعبيّة ومنظّمات المجتمع المدنيّ أن تشارك فيه خبراتها وتتعلّم من بعضها البعض، ونحن متأكّدون من أنّ هذا الحدث سيكون مثمرًا في تقييم التقدم الذي أحرزناه على مستوى التعليم والتحديات التي لا تزال قائمة.

يتمتّع جميع الأطفال بالحقّ في التعليم. ويكمنُ شغفُنا في تمكينهم من التمتّع بهذا الحقّ. وهذا الجانب مهم جدًّا اليوم، حيث لم يضمّ عالمنا يومًا هذا العدد من الشباب، ويبلغ حاليًّا حوالى 1,8 مليار شخص، وهو في تزايد مستمرّ.

ليس التعليم الشامل والجيّد النوعيّة مجرّد حقّ بحدّ ذاته. بل هو حقّ تأثيره "مضاعف"، بما أنّه يمكّن الأطفال والشباب من إعمال حقوقهم الإنسانيّة الأخرى أيضًا. ويمكنه أن يغيّر الحياة ويحقّق الأحلام بكلّ ما للكلمة من معنى، تمامًا كما يؤكّد عليه موضوعنا اليوم. لا يمكن أبدًا المبالغة في تقدير أهميّة التعليم بالنسبة إلى الأطفال والشباب، كما أنّ انتهاك الحقّ في التعليم ينعكس على حياتهم ومستقبلهم انعكاسًا بالغًا.

ما هو وضعنا اليوم إذًا؟ منذ العام 2000، شهدنا انخفاضًا في نسبة الأطفال غير الملتحقين بالمدارس. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال 260 مليون طفل ومراهق وشاب في جميع أنحاء العالم خارج المدرسة، وهو رقم غير مقبول أبدًا ويتطّلب انتباهنا الفوريّ. وقد سلّطت اليونسكو الضوء على أزمة التعليم، حيث لا يستوفي أكثر من نصف الأطفال والمراهقين في جميع أنحاء العالم الحدّ الأدنى من معايير الإلمام بالقراءة والكتابة والحساب.

كما أنّه من غير المقبول أيضًا أن ترتبط فرص التعليم لدى الأطفال بخلفياتهم، أو نوعهم الاجتماعيّ، أو إثنيّتهم، أو دينهم أو إعاقتهم أو وضعهم الماليّ أو موقعهم الجغرافيّ أو وضعهم كمهاجرين. وتبرز أيضًا تباينات كبرى على مستوى الوصول إلى التعليم والمستوى التعليميّ الذي يحصّله الأطفال، بناءً على العوامل المذكورة.

بالإضافة إلى ذلك، يواجه الأطفال المحاصرون في حالات الصراع أو الطوارئ تحدّيات مختلفة. فقد أشارت اليونيسيف إلى أنّ حوالى 27 مليون طفل غير قادرين على الذهاب إلى المدارس في مناطق النزاع، وهو ضرر أثاره مضاعفه، بما أنّ المدارس لا توفّر فرصًا للتعلّم فحسب، بل أيضًا الأمن والاستقرار اللذين تشتدّ الحاجة إليهما في أوقات الاضطرابات.

وفي معظم الحالات، يبقى الأطفال خارج المدرسة لأسباب أخرى مختلفة، مثل التنمّر والعصابات والعنف، بما في ذلك العنف الجنسيّ، وعدم إمكانيّة وصول الأطفال ذوي الإعاقة إلى مرافق التعليم، وغياب خدمات الصرف الصحيّ الملائمة، والنقص في التمويل، والفشل في اعتماد السياسات والقوانين الملائمة أو في تنفيذها. وغالبًا ما تبرز هوّة واسعة بين الالتزامات التي تعهّدت بها الدول والواقع الذي يعيشه الأطفال والشباب حقيقةً.

أيّها الأصدقاء والزملاء الأعزّاء،

التعليم حقّ من حقوق الإنسان، لكّنه لا يشكّل غاية بحدّ ذاته. إن كنّا نرغب في أن نوفّر لأطفالنا وشبابنا أفضل انطلاقة ممكنة لحياتهم كبالغين، على التعليم أن يؤدّي إلى نتائج تعليميّة ملائمة وفعّالة، تُعِدُّ الأطفال والشباب لسوق العمل. ففي جميع أنحاء العالم، يبحث 71 مليون شاب عن وظيفة، ويبقى الشباب أكثر عرضة من البالغين للبطالة بثلاثة أضعاف. ومن بين الحواجز الأساسيّة لدخول سوق العمل النقص في التعليم والتدريب. ومن ناحية أخرى، يجب أن تلبيّ المناهج الغرض منها، بما في ذلك التثقيف الجنسيّ الشامل.

ويجب أن يمكّن التعليمُ الأطفالَ والشبابَ. وهذا يعني أن يمكّنهم من إسماع أصواتهم، وتطوير إمكاناتهم، وإشراكهم على قدم المساواة في العمليّات المتعلّقة بهم، وحماية جميع حقوقهم وتعزيزها، لا لمصلحة الأطفال والشباب فحسب، بل لمصلحتنا جميعًا. فالأطفال والشباب المكتفون ذاتيًّا يعزّزون مجتمعاتنا. ويقدّمون أفكارًا جديدة وابتكارات وحلولًا.

هم في الواقع في طليعة من يطالب بالتغيير وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، ومكافحة الكراهية والتعصب، وكسر الحواجز، ومنع الصراعات. وبعضهم من المدافعين عن حقوق الإنسان أو من الدعاة الأقوياء للعمل في مجال تغيّر المناخ وحقوق المرأة والتعليم. لم يعودوا المستفيدين من التغيير بل أصبحوا أداة التغيير.

أيّها الأصدقاء والزملاء الأعزّاء،

إنّ القرارات التي نتّخذها اليوم أساسيّة كي نحقّق هذه الرؤية للتعليم الجيّد النوعيّة والشامل الذي يسهل الوصول إليه ويزود الشباب بالقدرات والكفاءات المطلوبة ويمكّنهم. نحتاج إلى نقلة نوعيّة إن أردنا تحقيق ذلك. كما يجب أن ندعم الحقّ في التعليم في القوانين والسياسات والاستراتيجيّات الوطنيّة، ويجب أن يُحصَّل هذا الحقّ على أرض الواقع.

لقد مرت أربع سنوات على التزام الدول في جميع أنحاء العالم توفير الوصول على قدم المساواة إلى التعليم العاليّ النوعيّة والشامل للجميع ضمن إطار خطّة العام 2030. لن تنجح هذه الدول في الوفاء بهذا الالتزام، ضمن الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة، من دون أن تتّخذ إجراءات عمليّة. فيجب أن يحتلّ التعليم الأولويّة في الميزانيّات الوطنيّة. ويجب أن نتمسّك بمبدأ التعليم الرسميّ. وفي هذا السياق، نرحّب بمبادئ أبيدجان للعام 2019 بشأن التزامات الدول في مجال حقوق الإنسان بتوفير التعليم الرسميّ وتنظيم مشاركة القطاع الخاص في التعليم.

نحتاج أيضًا إلى جمع البيانات بطريقة أفضل، بما في ذلك إحصاءات مفصّلة عن احتياجات وأعداد الأطفال والشباب غير الملتحقين بالمدارس، بحيث يمكن رصد انتهاكات حقوقهم في وقت مبكر وحلّها. ونحتاج إلى مشاركة المجتمع المدنيّ الكاملة، بما في ذلك مساعدة الأطفال والشباب على أن يصبحوا مدافعين عن حقوقهم.

لقد قابلنا العام الماضي أطفالًا وشبابًا من جميع أنحاء العالم خلال الاحتفال بالذكرى السبعين للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان. فقال شاب من اليونان يبلغ من العمر 16 عامًا ويُدعى كونستانتينوس، إنّ حلمه هو تعليم الأطفال في سن مبكرة أنهم متساوون مع الجميع وأكّد قائلاً: "إذا غيرنا التعليم نغيّر الإنسانيّة."

إنّنا نتطلّع إلى مناقشاتنا اليوم، وإلى سماع أصوات الأطفال والشباب، كي نحوّل هذه الرؤية إلى واقع ملموس.

وشكرًا.

الصفحة متوفرة باللغة: