Skip to main content
x

آخر المستجدّات العالمية: المفوّض السامي يعرب عن مخاوفه حيال الأوضاع السائدة في أكثر من 40 بلدًا

العودة

07 آذار/مارس 2023
أدلى/ت به: فولكر تورك، مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان

مفوض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان يحيط مجلس حقوق الإنسان بآخر المستجدات العالمية، وذلك خلال دورته الـ52 المنعقدة في القاعة 20 من قصر الأمم، 07/03/2023، جنيف، سويسرا، © مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان - أنطوني هيدلي

البند 2: التقرير السنوي وإحاطة شفهية بآخر المستجدّات للمفوض السامي لحقوق الإنسان بشأن أنشطة مفوضيته والتطورات الأخيرة في مجال حقوق الإنسان

 

سيّدي الرئيس،

أصحاب السعادة،

أيّها الزملاء الأعزّاء،

يركز مجلس حقوق الإنسان في دورته هذه على عدد من الأوضاع والحالات البارزة، وسألقي بيانات أخرى تتعلق بأوضاع قطرية محدّدة في وقت لاحق من هذه الدورة[1]. الفرصة متاحة أمامي هذا الصباح، تمامًا كما على مدار السنة، كي أنقل إليكم التطورات الأوسع نطاقًا في مجال حقوق الإنسان. هي ليست بشاملة بأي شكل من الأشكال، لكنّها تتطلب اهتمامًا خاصًا من أجل التوصّل إلى حلول لها.

حلول تنبع من حقوق عالمية لكنّها قادرة على التكيّف مع ظروف كل بلد. حلول تقوم على خبرتنا الطويلة في الظروف الصعبة، وعلى عملنا كبناة جسور بين المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان ومؤسسات الدولة.

فالتعاون الكامل مع مفوضيّتنا ومع وجودنا الميداني ومع مختلف آليات حقوق الإنسان، يقتصر على هذا الجانب بالتحديد: التوصّل إلى حلول. وتحقيق النتائج. وهو لا يقينا أبدًا من النقد. وهو ليس بمجرد انخراط من أجل الانخراط. بل يتعلق بتحقيق نتائج ملموسة في حياة الناس. وهذا النوع من التعاون هو علامة تشير بكلّ وضوح إلى أنّ الدولة تسعى بشرف إلى الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان. وأعرض أمامكم اليوم آخر المستجدّات التي طرأت على مدار هذا العام، بشأن التعاون وعدم التعاون مع آليات حقوق الإنسان المختلفة.

أدرك تمامًا أن المناقشات بشأن قضايا حقوق الإنسان المعقدة قد تكون صعبة أو حساسة بالنسبة إلى البعض. وقد يشعر آخرون بأنه من الأفضل لهم أن يتهامسوا بشأنها خلف الأبواب المغلقة. إلاّ أنّنا بحاجة إلى استعادة المساحة التي تمكنّنا من مناقشتها بروح بناءة ومنفتحة، من دون أن يزعجنا شد الحبال الجيوسياسية ومع الأخذ في الاعتبار أن لا أحد مثاليًا. للوهلة الأولى، قد لا يعجبكم ما ستسمعونه ولكن مع مرور الوقت ستقدرون ما تفوّهنا به. لا أولي أي اعتبار سوى للوفاء بولايتي وبالإطار المعياري لحقوق الإنسان ولتحسين حياة الناس، وهذا هو في الواقع جوهر مسؤولياتي.

سيّدي الرئيس،

يبلغ ازدراء الإنسان مستويات مؤلمة عندما تندلع الحروب، ويمسي العنف من الأحداث اليومية.

يعيش ربع سكان العالم اليوم في أماكن متأثرة بالنزاعات والمدنيون هم أكثر من يعاني.

السلام ثمين للغاية وهو هش للغاية، وعلينا رعايته بكلّ ما أوتينا من قوّة.

أولًا وقبل كل شيء، من خلال احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان.

لقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين وإلى دمار شامل مروّع. وستتضرر حقوق الأوكرانيين للأجيال المقبلة، كما تؤثّر الحرب على أسعار الوقود والغذاء، وتنعكس سلبًا، في موازاة التوترات الجيوسياسية، على الناس في كل منطقة من مناطق العالم. أن يشهد العالم من جديد مثل هذا الأضرار بسبب حرب اندلعت في أوروبا هو بمثابة خيانة لوعود التغيير التحويلي التي قطعتها مؤسستنا منذ أكثر من 75 عامًا. وسأتناول بالتفصيل الوضع في أوكرانيا في نهاية شهر آذار/ مارس.

اثنتا عشرة سنة من إراقة الدماء والآلام والأوجاع: تشكّل سوريا صورة مصغرة عن الجراح التي أحدثها الازدراء المطلق لحقوق الإنسان. وقد أضاف الزلازل الذي ضرب البلاد الشهر الماضي على المأساة مأساةً. يجب أن يكون السبيل الوحيد للمضي قدمًا هو احترام حقوق الإنسان حصرًا، ومساءلة جميع من ارتكبوا جرائم فظيعة مساءلة ملائمة، وسوريا تفتقر إلى هذين الجانبَيْن منذ فترة طويلة. وأؤيد إلى أقصى الحدود الدعوات التي أطلِقَت من أجل إنشاء مؤسسة جديدة تُعنى بالكشف عن مصير المفقودين وأماكن وجودهم وتقدّم الدعم إلى الضحايا، وأحث الحكومة والدول الأعضاء على التعاون معها، إذا ما تم إنشاؤها.

إن الوضع الأمني في مالي مقلق للغاية، لا سيما في المنطقة الوسطى من البلاد والمنطقة الحدودية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر. ففي هذه المنطقة، يستفيد العديد من الجماعات المسلحة من الأعمال العدائية التي تدور بين القبائل المختلفة ومن غياب سلطات الدولة، بغية توسيع نفوذها وشن اعتداءات على المدنيين. لقد ارتكبت الجماعات المسلحة غير التابعة للدول معظم الانتهاكات والتجاوزات. كما ارتكبت القوات المسلحة المالية انتهاكات جسيمة، وبرفقة عناصر عسكريين وأمنيين أجانب في بعض الحالات. وأعرب عن قلقي البالغ حيال خطاب الكراهية القائمة على أسس عرقية، وحيال التهديدات والترهيب والاعتداءات التي تستهدف المجتمع المدني ووسائل الإعلام وتمارسها الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، ما يؤدي إلى بثّ الخوف من التحدث علنًا. وهذا أمر مقلق للغاية سيما وأنّ البلاد تستعدّ لخوض الانتخابات، حيث يجب أن يزدهر النقاش الحر للأفكار.

أعرب عن قلقي حيال احتمال تعميق عدم الاستقرار في بوركينا فاسو. فعلى مدى الأشهر الستة الأخيرة من العام 2022، وثقَتْ مفوضيتنا سقوط ما لا يقل عن 1,076 ضحية من ضحايا الانتهاكات والتجاوزات. وقد تضاعف هذا العدد تقريبًا في الأشهر الممتدّة بين تشرين الأوّل/ أكتوبر وكانون الأول/ ديسمبر، مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة. والجماعات المسلحة هي المسؤولة عن معظم هذه الحوادث، لكن عمليات الجيش تتسبب أيضًا في خسائر متزايدة في صفوف المدنيين. لقد حثثت السلطات على الإصغاء إلى مظالم الناس بشأن الإفلات من العقاب، والتحقيق في مثل هذه الادعاءات. ومن الضروري للغاية عكس مسار العنف المتزايد باستمرار، والسماح للمجتمع المدني والأحزاب السياسية بالازدهار.

في إثيوبيا، يجب تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية المرحّب به بالطبع تنفيذًا كاملًا، بما في ذلك ما يتعلق بالعدالة الانتقالية. ويسعدني أن أبلغكم بأن المشاورات الوطنية بشأن الخيارات السياساتية في مجال العدالة الانتقالية افتُتحت بالأمس، وبدعم من مفوضيتنا؛ وستليها مشاورات في جميع أنحاء البلاد مع الأشخاص المتضررين من النزاع. وعلى الرغم من هذا التقدم، تلقينا تقارير تفيد باستمرار تواجد قوات أمهرة الإقليمية وميليشيا فانو وقوات الدفاع الإريترية، التي ورد أنها ارتكبت انتهاكات خطيرة للغاية، في تيغراي. من الضروري للغاية إجراء عمليات رصد وإبلاغ في هذا المجال. كما يجب إحراز تقدم ملموس في مجال المساءلة عن الانتهاكات والتجاوزات في سياق النزاع، بما في ذلك تنفيذ التقرير الذي أعدّته مفوضيّتنا واللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان. وتشكّل حالة حقوق الإنسان في مناطق أخرى من إثيوبيا مصدر قلق بالغ أيضًا لا سيما في أوروميا.

في موازاة الوجود العسكري الإريتري المستمر في تيغراي، وردتنا تقارير تفيد بأن إريتريا تزيد من استخدامها للتجنيد الإجباري والمطول، وهي ممارسة تحاكي الاسترقاق وتشكّل المحرك الأساسي لتدفق اللاجئين إلى الخارج. يجب عكس هذا المسار فورًا، ووضع البلاد على طريق التنمية المستدامة.

في اليمن، يتعين على الأطراف الاستجابة لنداءات السكان الذين أنهكتهم ثماني سنوات من الحرب الوحشية، والتحرك بشكل حاسم نحو عملية سلام بقيادة الأمم المتحدة. وكي يكون أي اتفاق سلام دائمًا، تبقى العدالة الانتقالية والمساءلة من الجوانب الأساسية فيه، كما يجب أن تصبح المرأة قادرة على المشاركة الكاملة في مثل هذه المحادثات. ومنذ 16 شهرًا، يتم احتجاز موظفَيْن من الأمم المتحدة، أحدهما من اليونسكو والآخر من مفوضيتنا، ونطالب بإطلاق سراحهما فورًا.

في ليبيا، يستمر العنف المستشري التي تمارسه الجهات المسلحة في موازاة الجمود السياسي الذي طال أمده، والحيّز المدني المقيّد بشكل متزايد، في تدمير الحياة وإزهاق الأرواح والمساس بالحقوق وإلحاق أضرار بالغة بها. وتقدم البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا تقريرها النهائي في نهاية هذه الجلسة، ومن الملح أن تنفذ السلطات توصياتها من دون أي تأخير.

في ما يتعلق بالصحراء الغربية، تواصل مفوضيّتنا رصد حالة حقوق الإنسان عن بعد. وبما أنّ المفوضية قامت بآخر زيارة لها إلى المنطقة منذ حوالى ثماني سنوات، من الضروري للغاية أن تتمكن من جديد من إرسال بعثات مجدية إلى هناك.

في الأشهر الأخيرة، أتيحت لي فرصة مناقشة حالة حقوق الإنسان المقلقة في كشمير، مع كل من الهند وباكستان. ويشكّل التقدم في مجال حقوق الإنسان وتحقيق العدالة في ما يتعلّق بأحداث الماضي، المفتاح لتعزيز الأمن والتنمية. وسأتابع استكشاف السبل التي تسمح لمفوضيتنا بتقديم المساعدة في هذا الصدد، بما في ذلك من خلال الوصول المجدي إلى المنطقة.

يعاني شعب هايتي من ظروف عنف مروعة. وتتحكم العصابات المدججة بالسلاح بالخدمات وبالوصول إليها في مناطقة شاسعة من العاصمة ومن البلاد ككل، حيث ترتكب عمليات قتل واختطاف متكررة، واعتداءات عشوائية بالقنص، وعنف جنسي بمستويات مرعبة. ويتطلب الوضع سلسلة من الاستجابات، منها: دفع العملية السياسية بسرعة فائقة نحو انتخابات حرة وشفافة؛ التنفيذ الكامل لحظر الأسلحة؛ فرض عقوبات فعالة على من يرعى ويوجه العصابات المسلحة؛ تقديم دعم دولي لبناء قدرة الشرطة والنظم القضائية في هايتي على مكافحة الإفلات من العقاب والفساد؛ نشر قوة دعم متخصصة ومحددة زمنيًا مع توفير ضمانات لحقوق الإنسان. ويجب أن نبقي هايتي في بؤرة اهتمامنا، بما في ذلك عبر دعم عمل مفوضيتنا الميداني.

سيّدي الرئيس،

إن التمييز والعنصرية من المخاطر الجسيمة التي تهدّد كلًا من كرامة الإنسان وعلاقاتنا مع بعضنا البعض كبشر. فهما يستخدمان الازدراء سلاحًا. ويذلان وينتهكان حقوق الإنسان، ويؤججان المظالم واليأس، ويعرقلان التنمية.

لقد صدمني حتى الصميم ازدراء المرأة والمساواة، الذي نشره عبر الإنترنت عدد ممن يُعرَف بـ"المؤثرين"، ما يغذي المواقف الاجتماعية المتفشية على نطاق واسع، التي تيسّر تجاهل العنف الجنساني لا بل تتغاضى عنه، وتساهم في تحويل المرأة إلى سلعة.

إنّ نطاق التمييز ضد النساء والفتيات وحجمه يجعلانه عامةً من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان استفحالاً في جميع أنحاء العالم، وسيشكّل تفكيكه محورًا أساسيًا من عملنا.

إن قمع المرأة في أفغانستان لا مثيل له، ويتعارض مع كل المعتقدات الراسخة. فقد ألغيت حقوق النساء والفتيات في اتخاذ قرارات بشأن حياتهن والمشاركة في الحياة العامة، أو أنه يجري إلغاؤها في هذه اللحظة بالذات فيما نحن نتحدث. وقمع المرأة واضطهادها بمثابة قبضة محكمة تضيّق الخناق على اقتصاد أفغانستان ومستقبلها. ويجب ألا يفلت مثل هذا الاستبداد من المساءلة. لن نستسلم أبدًا، وسنواصل الكفاح من أجل احترام حقوق وحريات كل امرأة وفتاة أفغانية.

في إيران، من الملحّ للغاية أن تسعى السلطات إلى تلبية مطالب المحتجين، لا سيما النساء والفتيات منهم، اللواتي ما زلن يعانين من تمييز مترسّخ. وما زلت أشعر بقلق بالغ حيال إنزال عقوبة الإعدام بـ17 متظاهرًا بحسب ما ورد. وقد تم إعدام 4 أشخاص حتى اليوم، فيما يواجه أكثر من 100 آخرين حاليًا تهمًا تصل عقوبتها إلى الإعدام. ونرحّب بالصفح الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا كلّ الترحيب. وأحث من جديد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفًا في سياق الاحتجاجات، بما في ذلك الأجانب ومزدوجو الجنسية عامةً. يجب أن يتمتّع جميع الإيرانيين، بمن فيهم جميع النساء والفتيات، بحريّة اتخاذ خياراتهم والتعبير عن آرائهم وممارسة حقوقهم.

أرحب بالقانون الجديد الذي أقرته سيراليون في تشرين الثاني/ نوفمبر، ويحظر التمييز بين الجنسين، وينصّ على تخصيص 30 في المائة من المقاعد على الأقل في البرلمان والسلك الدبلوماسي والمجالس المحلية والخدمة المدنية للنساء، ويحدد أجرًا متساويًا للنساء، من بين مجموعة من الخطوات المماثلة الأخرى. وبإمكان العديد من الدول الأكثر ثراءً أن تحذو حذو أفغانستان في هذا الصدد.

كما أرحب بتبني إسبانيا الشهر الماضي تشريعًا يدعم الحقوق الجنسية والإنجابية الأساسية، بما في ذلك عن طريق إزالة القيود المفروضة على الوصول إلى الإجهاض الآمن. وتغطّي التدابير الجديدة أيضًا وصول جميع النساء إلى المساعدة على الإنجاب، وتتناول العنف والتمييز على أساس الميل الجنسي أو الهوية الجنسانية، وتحظر ما يسمى بـ"علاجات التحويل" وتشويه الأعضاء التناسلية للأطفال الذين يولدون وهم يحملون صفات الجنسَيْن.

لا يُوجَّه خطاب الكراهية السافر إلى النساء والفتيات فحسب، بل يستهدف أيضًا المنحدرين من أصل أفريقي واليهود والمسلمين والمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهويّة الجنسانية وأحرار الهوية والميول الجنسية وحاملي صفات الجنسَيْن وأفراد الفئات الجنسية الأخرى واللاجئين والمهاجرين، والعديد من الأشخاص الآخرين من الأقليات. ولا تهدف الاستفزازات المتعمدة، على غرار الحوادث الأخيرة لحرق القرآن الكريم، سوى إلى دق الإسفين بين المجتمعات المحلية. وهذا الأمر خطير للغاية.

فالعنف الذي يمارسه العناصر المكلفون بإنفاذ القانون بشكل غير متناسب بحقّ المنحدرين من أصل أفريقي هو مثال صارخ على الضرر الهيكلي المتجذر في التمييز العنصري.

لقد سلطت مفوضيتنا وآليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الضوء مرارًا وتكرارًا على الاستخدام المفرط للقوة والتنميط العنصري والممارسات التمييزية التي تعتمدها الشرطة، وكان آخرها في أستراليا وفرنسا وأيرلندا والمملكة المتحدة. أما في البرازيل فقد تراجع إجمالي الوفيات في سياق المواجهات مع الشرطة في العام 2021 لأول مرة منذ 9 سنوات، مع انخفاض بنسبة 31 في المائة بالنسبة إلى الأشخاص "البيض"، وفقًا لمصدر واحد، لكنه سجّل ارتفاعًا بنسبة 6 في المائة تقريبًا بالنسبة إلى المنحدرين من أجل أفريقي.

في الولايات المتحدة، يُزعم أنّ المنحدرين من أصل أفريقي أكثر عرضة للقتل على يد الشرطة من الأشخاص "البيض" بمعدّل ثلاث مرات تقريبًا. وبرزت قضيّة القتل الوحشي لتاير نيكولز في ممفيس قبل شهرين، لا بسبب حدّة العنف المروّع الذي تم توثيقه في شريط فيديو، بل لأنّ إجراء سريعًا لمقاضاة الضباط المتورطين أعقبه فورًا، في حين أن قسمًا ضئيلاً من هذه الحالات ينتهي عامةً بتقديم المسؤولين إلى العدالة.

في الولايات المتحدة وجميع البلدان الأخرى، يجب أن يشكّل الإجراء السريع والحاسم لمحاسبة الجناة في كل الحالات القاعدة لا الاستثناء. ويجب اعتماد ضمانات هيكلية، بما في ذلك الرقابة المستقلة وإجراءات رفع الشكاوى الفعالة والإصلاح التشريعي الصارم. ولكن حتى أقوى الإجراءات في سياق إنفاذ القانون لن تنجح بشكل كامل ما لم يتم اتخاذ المزيد من الخطوات العملية بغية التصدي للعنصرية والهياكل التي تديمها في جميع أنحاء مجتمعاتنا.

على قوات الشرطة أن تخدم وتحمي كل فرد من المجتمع. ففي الفلبين، حيث لا تزال عمليات القتل تُرتَكَب في سياق عمليات الشرطة المتعلقة بالمخدرات، تتعاون مفوضيتنا مع الجهات الأمنية المعنية بهدف تعزيز المساءلة وحقوق الإنسان في مجال إنفاذ القوانين المتعلّقة بالمخدرات. وقد أعلنت الحكومة عن خطوات للتدقيق في كبار ضباط الشرطة في قضايا الفساد، وآمل أن يتمّ إحراز تقدم سريع في مقاضاة كلّ من انتهك حقوق الإنسان. وفيما أرحب بأحكام التبرئة الأخيرة للمدافعين عن حقوق الإنسان، أدعو إلى إلغاء التهم الأخرى ذات الدوافع السياسية، وتوفير بيئة أكثر أمنًا للمجتمع المدني.

سيّدي الرئيس،

إنّ المظالم الهيكلية والفقر المدقع والتفاوتات المتصاعدة هي من الإخفاقات المستشرية في مجال حقوق الإنسان. وأودّ أن أذكر بعض الأمثلة في هذا الصدد.

يمرّ لبنان بأسوأ أزمة اقتصادية شهدها التاريخ الحديث، ويُزعم أنّ أكثر من نصف السكان يعيشون اليوم تحت خط الفقر، كما يواجه مليوني شخص انعدام الأمن الغذائي. لقد توقف العمل بالعديد من خدمات القطاع العام، وأمسى الحصول على التعليم والرعاية الصحية من الكماليات، أمّا الكهرباء فشبه معدومة. أحث الجميع على بذل المزيد من الجهود الحثيثة لمكافحة الفساد وترسيخ التنظيم الاقتصادي والمالي في سيادة القانون وتثبيت المساءلة والشفافية بكلّ حزم في جميع التدابير الاقتصادية. والحاجة ماسة لإجراء تحقيق جدي في الانفجار الذي وقع في آب/ أغسطس 2020، بمنأى عن أي تدخل سياسي ومن دون المزيد من التأخير.

في سريلانكا، أدت الديون المرهقة والأزمة الاقتصادية إلى تقييد وصول الناس إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية. وتحتاج سياسات التعافي إلى معالجة أوجه عدم المساواة وإلى الاستثمار في الحماية الاجتماعية وغيرها من أدوات المرونة الاقتصادية. كما ينبغي أن تُعالِج القضايا الأساسية المتعلقة بالفساد والشفافية والمساءلة في الحكم، فضلاً عن الإفلات من العقاب المتجذّر إلى أقصى الحدود. ويجب أن يتوقف الاعتماد على قوانين الأمن الصارمة، وأن يوضع حد لمضايقة ومراقبة المجتمع المدني والضحايا. ولا تزال مفوضيتنا ملتزمة بدعم نهج حقيقي وشامل للعدالة الانتقالية.

تضرر العديد من البلدان في جنوب أفريقيا بشدة من الأزمات الاقتصادية المتتالية، بما في ذلك تلك التي ولّدها كوفيد-19 وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة بسبب الحرب في أوكرانيا، وتصاعد سداد الديون. وفي منطقة تسجّل أكبر حجم من التفاوتات في العالم، تدفع هذه الأزمات بملايين الأشخاص إلى براثن الفقر. فقد أدى تفاقم التضخم في موريشيوس مثلاً إلى مظاهرات عامة غير مسبوقة. كما أدى النقص الحاد في الطاقة إلى انقطاع التيار الكهربائي في العديد من البلدان، ما أثّر سلبًا على الأعمال التجارية والرعاية الصحية وإمدادات المياه. وأعلنت جنوب أفريقيا الشهر الماضي أن أزمة الطاقة لديها ولّدت كارثة وطنية. وفي موازاة ذلك، تساهم المحاكم في جنوب أفريقيا في تمهيد الطريق للمضي قدمًا على أساس قانوني مترسّخ في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي حين أن العديد من بلدان الشمال يعاني أيضًا من الفقر، فإن الناس في المملكة المتحدة يواجهون حاليًا أزمة في غلاء المعيشة قد تؤدي إلى أكبر انخفاض في مستويات المعيشة سُجّل يومًا. وتتأثر مجموعات الأقليات العرقية والإثنية بهذه الأزمة بشكل غير متناسب. أرحب بالتدابير التي اتخذتها الحكومة للتخفيف من ارتفاع تكاليف الوقود ورفع الحد الأدنى للأجور، لكنني أشجع على تعزيز الحوار مع العمال المضربين عن العمل، ومع الأشخاص الذين يعيشون في فقر، وعلى اعتماد المزيد من الإصلاحات التي تعزز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

بغية مواجهة التحديات الكامنة في الظلم وعدم المساواة الهيكلية، نحتاج إلى بناء اقتصادات تعيد الثقة في الحكومة وتعزز حقوق الناس ورفاههم.

فالاقتصاد القائم على حقوق الإنسان هو اقتصاد يسمح بتوجيه جميع القرارات الاقتصادية والمالية والنقدية والاستثمارية والتجارية الوطنية للنهوض بحقوق الإنسان.

إن مثل هذه الإجراءات الوطنية سيعود بفوائد هائلة على الملايين من الأشخاص. لكن لا أمل لها في معالجة أزمة الديون العالمية الطارئة التي اجتاحت البلدان النامية على وجه التحديد بسرعة القطار الجامح. والأثر على الشعوب يسحق الآمال ويدّمر الحياة.

ومن الضروري للغاية زيادة التمويل بشكل ملحوظ، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية، بغية مواجهة هذه التحديات، وستدعو مفوضيّتنا بشكل حثيث إلى تحقيق تغيير قائم على حقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، تبرز مبادرة بريدجتاون التي أطلقتها بربادوس برؤيتها الواضحة للعدالة الاقتصادية وأساليبها الجديدة التي يجدر بهيئات التمويل الدولية اعتمادها.

سيّدي الرئيس،

إنّ التقييد الصارم للحيز المدني هو بمثابة نقطة ضعف قاتلة للحوكمة السديدة، تمامًا ككعب أخيل. وفي حال أردتُ أن أنقل رسالة واحدة إلى كل رئيس دولة أو حكومة فهي التالية: أصغوا إلى الناس، وعلى وجه التحديد إلى الضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان. هؤلاء هم الأشخاص الذين يتمتّعون بأعمق خبرة في هذا المجال، ولديهم ما يقولونه وأنتم بحاجة إلى الإصغاء إليهم.

يروّعني عدد ونطاق البلدان التي يجب أن أبلغ عن اعتمادها خطوات تقوض مؤسسات العدالة والحريات الإعلامية وحيّز الحريات المدنية الأساسية.

ولكن اسمحوا لي أوّلاً بأن أبدأ بملاحظة إيجابية.

في تنزانيا، تم إحراز تقدم على مستوى فتح الحيّز المدني والديمقراطي خلال العامين الماضيين. فرُفِع الحظر عن وسائل الإعلام والتجمعات السياسية، وقُطع وعد بإصلاح التشريعات التقييدية. لا تزال تنزانيا تواجه العديد من التحديات، وأرحب شخصيًا بالتزام الرئيس بالحوار. ولا بدّ من بذل المزيد من الجهود من أجل معالجة المساءلة وغيرها من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك قضية نغورونغورو ولوليوندو.

كما اتخذت زامبيا من جهتها أيضًا خطوات إيجابية نحو احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون بشكل متزايد. وهي تشمل العديد من التعديلات والتشريعات، من بينها إلغاء عقوبة الإعدام وإلغاء الأحكام التي تجرم "التشهير بالرئيس". وأتطلع إلى التعاون مع الآلية الوطنية للإبلاغ والمتابعة، وأشجّع التدابير الرامية إلى تعزيز الحوار السلمي بين الأحزاب السياسية. كما أحث القادة السياسيين ووسائل الإعلام على الكفّ عن تصعيد الاستقطاب والانقسام العرقي. وعلى المؤسسات المالية الدولية أن تدرك أن زامبيا، شأنها شأن العديد من البلدان الأخرى، بحاجة ماسة إلى التخفيف من عبء ديونها لتعزيز تقدمها.

في كينيا، تمّ إحراز بعض التقدّم نحو المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وأشجع على إحراز المزيد من التقدم الملموس نحو تحقيق العدالة، بما يتماشى مع التزامات الحكومة.

وفي مقابل ذلك، تزرع الاتجاهات المتعدّدة السائد في الاتحاد الاتّحاد الروسي الكثير من القلق في نفسي. فإغلاق صحيفة نوفايا غازيتا ومجموعة موسكو هلسنكي علامة جديدة تنذر بالقضاء على الحيّز المدني في روسيا. كما تغذي الرسائل المؤيدة للحرب المستمرة على وسائل الإعلام الحكومية الصور النمطية وتحرض على الكراهية والعنف. فقد تم فتح أكثر من 180 قضية جنائية على خلفية تهم تتعلق بالتشهير المزعوم بالقوات المسلحة؛ ومن بين المدانين حتى اليوم صحفي ومستشار بلدي. ومنذ كانون الأول/ ديسمبر، أمسى من الممكن تصنيف أي شخص أو كيان يُعتَبَر أنّه "تحت تأثير أجنبي"، وهو تصنيف فضفاض وغامض للغاية، على أنه "وكيل أجنبي" فيتمّ إخضاعه لقيود عديدة. وفي كانون الأوّل/ ديسمبر، وفي تطوّر مقلق للغاية، تم توسيع نطاق التشريع الذي يحظّر ما يُسمّى بـ"بروباغاندا العلاقات غير التقليدية"، كي يغطي كافة المعلومات عن أي شخص بشأن أي علاقات بين المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهويّة الجنسانية وأحرار الهوية والميول الجنسية وحاملي صفات الجنسَيْن وأفراد الفئات الجنسية الأخرى، وبشأن ميولهم الجنسية وأي تحول جنسي.

أعرب عن قلقي البالغ أيضًا حيال التحريض المتزايد ضد حقوق أفراد مجتمع الميم في العديد من البلدان، لا سيما مؤخرًا في شرق أفريقيا، بما في ذلك الخطاب الذي يطلقه السياسيون ويحرّضون فيه على كره المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهويّة الجنسانية وأحرار الهوية والميول الجنسية وحاملي صفات الجنسَيْن وأفراد الفئات الجنسية الأخرى، وعلى قمع منظماتهم. وفي الأسبوع الماضي، تم تقديم مشروع مقلق للغاية يُعرَف بقانون "مناهضة المثلية الجنسية" إلى البرلمان في أوغندا، فيما تمّ اعتقال 24 شخصًا في بوروندي في سياق حملة قمع، العديد منهم منخرط في التثقيف في مجال الإيدز. ومن غير المعقول بتاتًا أن نواجه مثل هذا التعصب الأعمى والتحيز والتمييز في القرن الـ21، لأنّه يعيق تنمية جميع أفراد المجتمع.

في طاجيكستان، حُكم على صحفيين ومدونين مستقلين بالسجن لمدة تتراوح بين 7 و21 عامًا، بتهم تتعلق بالإرهاب والتطرف، في حملة قمع لحرية التعبير تزداد تفاقمًا. أما المحاكمات فكانت مغلقة، لكن يبدو أنها لم تقدّم أي أدلة قاطعة على ارتكاب أي جريمة.

في بنغلاديش، يؤسفني تزايد حوادث العنف السياسي، في موازاة الاعتقالات التعسفية للنشطاء السياسيين والمضايقات المستمرة التي تُمارَس ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في وسائل الإعلام في الفترة التي تسبق انتخابات هذا العام. وأحث على تعديل قانون الأمن الرقمي، بعد مشاورات مطولة مع مفوضيتنا بشأنه، فيما يستمر إصدار الأحكام الجنائية ضد من يمارس حقه في حرية التعبير والمعتقد.

في كمبوديا، تواصل الحكومة قمع المعارضة السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان ووسائل الإعلام المستقلة. وقد تجلى ذلك في إغلاق محطّة صوت الديمقراطية وصدور حكم مشدد للغاية الأسبوع الماضي بحقّ زعيم المعارضة كيم سوخا، بتهم مشكوك فيها. وتقوّض هذه الإجراءات بشكل خطير الحيّز المدني والسياسي، بما في ذلك البيئة المتاحة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في تموز/ يوليو.

في تونس، أبدي قلقي البالغ حيال حملات القمع القاسية الأخيرة التي تمت في سياقها محاكمة قضاة وإعلاميين وزعماء عماليين وجهات فاعلة في المجتمع المدني والمعارضة، بما في ذلك أمام المحاكم العسكرية، بسبب مزاعم تشمل جرائم الأمن القومي والإرهاب. يجب عكس مسار تقليص الحيّز المدني والحيّز النقابي المتاح للدفاع عن حقوق العمال. كما استهدفت في الآونة الأخيرة موجة من الاعتقالات والاعتداءات غطّت أنحاء البلاد كافة، في موازاة تفشي الخطاب اللاإنساني والعنصري، المهاجرين، ومعظمهم من جنوب الصحراء. أقر بأن السلطات قد أعلنت قبل يومين عن بعض الإجراءات لدعم المهاجرين. ولكن، في موازاة ذلك، أحث على إجراء تحقيق كامل في جميع الاعتداءات، وعلى وضع حدّ لخطاب الكراهية الذي يستهدف الأجانب.

في مصر، تشمل القيود المستمرة المفروضة على الحيّز المدني قمع المعارضة والاحتجاز التعسفي واتخاذ إجراءات لفرض رقابة على المواقع الإلكترونية وحجبها. وقد صدرت أحكام مطولة قبل يومين بحقّ عدة أشخاص يقومون بالدفاع عن حقوق الإنسان، في إجراءات جرت على خلفية تهم مشكوك فيها تتعلّق بالإرهاب، كما أثارت هذه الإجراءات مخاوف تتعلق بالمحاكمة العادلة. بناءً على الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر، أحث السلطات على الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفًا وعلى رفع القيود المفروضة على الحيّز المدني.

في بيرو، قُتل ما لا يقل عن 60 شخصًا وأصيب أكثر من ألف آخرين في اشتباكات مع قوات الأمن وعلى الحواجز التي وُزِّعَت على الطرقات خلال الاحتجاجات الأخيرة. تؤثر المظالم الأساسية، بما في ذلك التمييز والإقصاء، بشكل خاص على الشعوب الأصلية والمزارعين الريفيين والفقراء في المناطق الحضرية. وينبغي توسيع نطاق المبادرات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، على غرار إنشاء لجنة لتقديم الدعم الاقتصادي إلى أسر القتلى والجرحى، لضمان المساءلة والكشف عن الحقيقة وجبر الضرر لجميع الضحايا. ومفوضيتنا على أهب استعداد لدعم عقد حوار مجدٍ بشأن هذه القضايا الأساسية.

في ما يتعلق بالصين، فتحنا قنوات اتصال مع مجموعة من الجهات الفاعلة بهدف متابعة سلسلة متنوعة من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك حماية الأقليات، مثل التيبتيين والأويغور ومجموعات أخرى. وفي منطقة شينغيانغ، وثقت مفوضيتنا بواعث قلق خطيرة، لا سيما في ما يتعلّق بالاعتقالات التعسفية الواسعة النطاق والفصل المستمرّ بين أفراد الأسرة الواحدة، وقدَّمَت توصيات بالغة الأهمية تتطلب متابعة عملية. نُعرب أيضًا عن مخاوفنا بشأن القيود الصارمة المفروضة على الحيز المدني بشكل عام، بما في ذلك احتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين تعسفًا، وتأثير قانون الأمن القومي في هونغ كونغ.

سيّدي الرئيس،

إنّ مكافحة تغير المناخ والتمسك بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة هما من النضالات الأساسية لجيلنا. ومرّة جديدة أودّ أن أذكر بعض الأمثلة في هذا الصدد.

يعاني الصومال حاليًا من جفاف تاريخي ينعكس آثارًا مدمّرة على حياة الملايين من الناس وحقوقهم. فقد غادر العام الماضي 1.2 مليون صومالي تقريبًا منازلهم بسبب شح الأمطار. والتنافس بين الرعاة على الموارد الطبيعية النادرة أصلاً هو أحد أسباب النزاع: ومنذ العام 2020 قُتل ما لا يقل عن 237 شخصًا في أعمال عنف عشائرية تتعلق بالأرض أو المراعي أو المياه. وتفاقم الوضع بسبب حركة الشباب المسلحة، التي تستهدف مصادر المياه والبنية التحتية بغية معاقبة المجتمعات المحلية التي يُعتقد أنها تدعم الحكومة. ومن المتوقع إجمالاً أن يكون 8.3 مليون شخص في جميع أنحاء الصومال في حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية أو غيرها من المساعدات الأخرى، بين نيسان/ أبريل وحزيران/ يونيو من هذا العام.

في منطقة الساحل، يعرض تقرير أصدرته مؤخّرًا مفوضيتنا الأثر العميق لتدهور التربة المرتبط بتغير المناخ وانخفاض إنتاج الأغذية على الدخل والصحة والتنافس على الموارد والنزاع والتشرّد، وهي حلقة مفرغة تتعمق أكثر فأكثر مع كل موسم زراعي. وترتفع درجات الحرارة في منطقة الساحل بوتيرة أسرع بكثير من المتوسط العالمي. وحتى إذا ما تم الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند حدّ 1.5 درجة، وهو أمر غير مرجح على الإطلاق، فإن تأثير ذلك على سكان الساحل سيكون دائمًا ومدمرًا.

يعاني العراق أيضًا من أضرار جسيمة بسبب تغير المناخ، مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل حاد، وانخفاض معدّل هطول الأمطار، وتسارع وتيرة العواصف الرملية. ومن العوامل الإضافية الأخرى، انخفض تدفق المياه في نهر دجلة بنسبة 29 في المائة والفرات بنسبة 73 في المائة، في موازاة مشاريع السدود في المنطقة. وقد أشار خبراء تقنيون شاركوا في مؤتمر بغداد الثاني للمياه الذي انعقد العام الماضي، إلى إن 7 ملايين عراقي يواجهون خطر عدم القدرة على تلبية احتياجاتهم من المياه في المستقبل القريب. كما أشعر بالقلق حيال تقلص حيّز حرية التعبير في البلاد.

قادت الدول الجزرية في المحيط الهادئ وغيرها من البلدان الجزرية الصغيرة النامية الأخرى العالم لمناصرة العمل المناخي، بما في ذلك اعتماد إطار إقليمي لمنع التشرّد والاستجابة له، بدعم من مفوضيّتنا. وألحظ على وجه التحديد مبادرة فانواتو بالتماس استشارة من محكمة العدل الدولية بشأن التزامات الدول بحماية حقوق الأجيال الحالية والمقبلة من الآثار الضارة لتغير المناخ.

الحوكمة السديدة الشفافة حاسمة لإصلاح الأضرار وبناء القدرة على المواجهة والصمود. ويجب أن تصل الأموال المخصصة لتمويل العمل المناخي إلى الفئات الأكثر تضررًا والأكثر ضعفًا، ويجب أن تساهم أيضًا في اعتماد ضمانات قوية لحقوق الإنسان.

يجب أن نفضح الحلول المناخية المزيّفة. وأستنكر محاولات قطاع الوقود الأحفوري في سياق المحادثات العالمية بشأن المناخ وفعاليات أخرى، لتبييض صورته وصدّنا عن متابعة هدفنا المتمثل في خفض انبعاثات الكربون وإخراجه عن مساره. يجب تجنب ذلك في مؤتمر الأطراف 28 المقبل المنعقد في دبي، ونحن بحاجة ماسة إلى إشراك المجتمع المدني مشاركة شاملة وآمنة ومجدية.

أشجّع على تحقيق ما يلي في البلدان كافة. إتاحة المعلومات المتعلقة بالمخاطر البيئية والسياسات الحكومية أمام الجمهور. المشاركة الكاملة والتشاور بشأن القوانين والتدابير البيئية، لا سيما مشاركة الشعوب الأصلية وغيرهم ممن هم أول من يواجه أضرار المناخ. حماية من يثير المخاوف بشأن الجرائم البيئية أو السياسات التي ينتج عنها ضرر بيئي.

إنّ سحق الاحتجاجات التي تتصدّى لتغير المناخ، واعتماد قوانين تقيد بشكل غير عادل الأنشطة التي تلفت انتباه الجمهور إلى الأضرار المناخية، والسماح بأن تمرّ الاعتداءات على النشطاء من دون عقاب، هي من الطرائق التي تضرّ بجميع الدول وجميع البشر. ولا بدّ من معالجتها فورًا.

سيّدي الرئيس،

النزاعات والتمييز والفقر والقيود المفروضة على الحيز المدني وأزمة كواكبنا الثلاثية الأبعاد.

نواجه اليوم الآثار المضاعفة لكل هذه الأزمات مجتمعةً، فيما نواجه أيضًا تحديات جديدة مفاجئة أخرى في مجال حقوق الإنسان، لا سيما في المجال الرقمي الذي تنطوي على الذكاء الاصطناعي والمراقبة. ومن الضروري للغاية اعتماد طريقة تفكير جديدة وقيادة سياسية جديدة والتزامات جديدة وتوفير تمويل أضافي، وترسيخ حقوق الإنسان في صميم كافة الجهود المبذولة من أجل مواجهة هذه التحديات.

فلنستغل هذه السنة التي تعجّ بالاحتفالات في مجال حقوق الإنسان كي نقطع شوطًا إضافيًا في الاتّجاه الصحيح.

وشكرًا.

وردت بعض المقاطع باللغة الفرنسية


[1] بيلاروس وجمهورية أفريقيا الوسطى وكولومبيا وقبرص وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وإريتريا وغواتيمالا وهندوراس وميانمار ونيكاراغوا والأراضي الفلسطينية المحتلة وجنوب السودان والسودان وأوكرانيا وفنزويلا.

العودة