لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا تُحذر: تصاعد ملحوظ للقتال وانهيار اقتصادي متسارع يتطلبان استجابة سورية ودولية عاجلة
12 أيلول/سبتمبر 2023
جنيف (12 أيلول/سبتمبر 2023) – رغم الجهود الدبلوماسية لضمان استقرار الأوضاع في سوريا، بما في ذلك من خلال إعادة قبولها بجامعة الدول العربية، يعاني السوريون من تفاقم القتال والاضطراب على العديد من الجبهات، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي الشديد واستمرار الانتهاكات والاعتداءات المتصلة بحقوق الإنسان، وفق تحذير لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، الوارد في تقريرها الأخير الصادر اليوم.
وفي تعليقه على موجة الاحتجاجات الأخيرة، قال رئيس اللجنة سيرجيو بينهيرو: "قبل أن تواجه سوريا بشكل أعمق آثار تفاقم العنف والتدهور الاقتصادي، ندعو أبرز الجهات الفاعلة إلى وقف الهجمات على المدنيين والاستجابة للحاجات الملحة، ونحث الحكومة في دمشق على إيلاء العناية والتفاعل بشكل إيجابي مع الطموحات والحقوق المشروعة للسوريين كحل لوضع حد للنزاع."
وأكدت اللجنة مجددا الحاجة لقيام الدول بمراجعة التدابير القسرية أحادية الجانب وتأثيرها على المدنيين السوريين وعلى الجهات الفاعلة في المجال الإنساني، لا سيما بسبب طابعها المتسم بالمبالغة. إن الإجراءات البناءة المعتمَدة لتخفيف العقوبات بعد الزلزال ينبغي أن تظل قائمة. وتدعو اللجنة كذلك إلى إجراء استعراض عاجل لعملية إيصال المساعدة الإنسانية ولفعاليتها، وذلك بالنظر إلى الاحتياجات الماسة القائمة.
وبعد الزلازل المدمرة في شباط/فبراير، وثق التقرير قيام الحكومة وأطراف أخرى، بشكل غير مبرر، بعرقلة وصول المساعدة المُنقِذَة للحياة، بالإضافة إلى مواصلة قصف أهداف في المنطقة المتضررة من الزلزال. وأدت هجمة جوية واحدة بتاريخ 25 حزيران/يونيو إلى قتل وإصابة أكثر من 37 مدنيا في سوق للخضار في الهواء الطلق في إدلب، كان يُفترض أن يكون ظاهرا لكل القوات المستهدِفة. ومن أصل 15 هجمة وثقها التقرير في المنطقة المنكوبة من جراء الزلزال، قد ترقى العديد منها إلى مستوى جرائم الحرب. وأدت هجمات يُشتبه بأن إسرائيل قد شنتها إلى إخراج بنى تحتية أساسية للنقل عن الخدمة، بما يرافق ذلك من تداعيات تؤثر على العمليات الإنسانية.
وأضافت المفوضة ولشمان: "هذه الحالات، وكذا فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في التوصل إلى توافق في الآراء خلال تموز/يوليو بشأن تمديد آلية وصول المساعدة الإنسانية عبر معبر الهوى الحدودي، يمثلان تذكيرا صارخا بكون الأعمال العدائية والتسييس والتشتت في سوريا عوامل تلحق الأذى بالمدنيين وتحرمهم من مساعدة هم في أمس الحاجة إليها. ثمة حاجة لإجراء استعراض شامل للدروس التي يمكن استخلاصها من حالات الفشل في سياق الاستجابة للزلزال"، قبل أن تضيف: "هل نُبالغ عندما نطلب أن تكفل الأطراف والمجتمع الدولي استمرار وصول المساعدة الإنسانية العابرة للحدود، وفق الوثيرة اللازمة، وبطريقة مبدئية وقائمة على الاحتياجات ومستدامة؟"
وشهدت الأسابيع الماضية كذلك زيادة الصراع في إدلب الكبرى، مما أدى إلى نزوح الآلاف، وكذا إلى قتل العشرات في دير الزور، بالإضافة إلى مظاهرات واسعة النطاق، للمطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ولا سيما في السويداء.
ويظل انعدام الأمن متفشيا كذلك في المناطق البعيدة عن جبهات القتال، مما يجعل العودة الآمنة للاجئين السوريين أمرا مستبعدا. ووثقت اللجنة حالات خاصة للاجئين سوريين عائدين من دول الجوار، تعرضوا لسوء المعاملة من طرف قوات الأمن السورية. وتعرض البعض منهم للابتزاز مقابل إطلاق سراحهم، بينما تعرض البعض الآخر للاعتقال من طرف الأجهزة الأمنية. ويظل العديد منهم، بما في ذلك بعض الأطفال، في عداد المفقودين منذ ذلك الحين.
وواصلت أطراف النزاع ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من خلال القيام، بشكل عشوائي، باعتقال وتعذيب وإعدام المدنيين وتعريضهم للاختفاء القسري في المناطق الخاضعة لسيطرة تلك الأطراف.
وتُجدد اللجنة دعوتها من أجل إطلاق سراح كل المعتقلين بشكل تعسفي في سوريا، ومن أجل قيام مراقبين مستقلين بالوصول إلى كل أماكن الاحتجاز.
وفي مخيمَي الهول والروج، وثقت اللجنة الظروف القائمة التي مازالت ترقى إلى مستوى المعاملة القاسية واللاإنسانية والاعتداء على الكرامة الإنسانية، والتي تطال حوالي 52 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، محتجزين لما يقارب خمس سنوات في تلك الأماكن.
وقال سيرجيو بينهيرو، رئيس اللجنة: "نُثني على الدول التي قامت منذ كانون الثاني/يناير بإعادة ما يفوق 2000 امرأة وطفل، وندعو إلى استمرار هذه العمليات"، قبل أن يضيف: "وندعو كذلك الدول إلى إعادة مواطنيها من الذكور البالغين المُعتقلين في شمال وشرق سوريا، مع إخضاع الجناة المزعومين منهم إلى الملاحقة القضائية بشأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة التي ارتكبها داعش، من خلال إجراءات قضائية متوائمة مع معايير المحاكمة العادلة."
وخلال حزيران/يونيو، عبرت الإدارة الذاتية عن استعدادها لمحاكمة ما يناهز 2000 من المقاتلين الرجال والفتيان محليا، وهو ما يمثل عددا كبيرا من القضايا. ويثير ذلك بعض المخاوف بسبب عدم الامتثال لمعايير المحاكمة العادلة في سياق محاكمات سابقة لمشتبه بهم سوريين.
وضمن تطور إيجابي، أحاطت اللجنة علما بإعلان محكمة العدل الدولية عن عقد جلسات استماع علنية يومي 10 و11 تشرين الأول/أكتوبر بشأن الإجراءات الموجهة ضد الجمهورية العربية السورية ارتباطا بالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب. وبينما أدين مسؤولون سوريون بالجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في التعذيب، تُعد هذه المرة الأولى التي تدعى فيها الدولة السورية إلى الدفاع عن سجلها. وقامت اللجنة منذ سنوات بتوثيق التعذيب الممارس من طرف الحكومة السورية وأغلب أطراف النزاع، وتأمل أن ينعم الناجون وأهاليهم بفرصة المشاركة بصفة مجدية في هذه الإجراءات.
وتلقَت الأهالي التي تلتمس توضيحات بشأن مصير المعتقلين والمفقودين والمختفين من أحِبائها بدورها أنباء سارة طال انتظارها، وذلك بعد قيام الجمعية العامة في حزيران/يونيو بإنشاء المؤسسة المستقلة المعنية بتحديد مصير المفقودين في سوريا.
وقال عضو اللجنة هاني المجالي: "نُرحب بهذا القرار البارز الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في حزيران/يونيو لإنشاء مؤسسة مختصة بالأشخاص المفقودين داخل سوريا. وتتوقع الأهالي أن يتم تعبئة أفضل الخبرات والمنهجيات والتكنولوجيا والموارد سواء من أجل البحث عن المفقودين أو تقديم المساعدة والدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين."
خلفية: أُنشأت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية بتاريخ 22 آب/أغسطس 2011 من طرف مجلس حقوق الإنسان بموجب القرار S-17/1 . وتتمثل ولاية اللجنة في التحقيق بشأن كل الانتهاكات المزعومة لقانون حقوق الإنسان المرتكبة منذ آذار/مارس 2011 في الجمهورية العربية السورية. وكلف مجلس حقوق الإنسان اللجنة كذلك بإثبات الوقائع الظروف التي قد ترقى إلى مثل تلك الانتهاكات والخاصة بالجرائم المرتكبة مع القيام، حيثما أمكن، بتحديد الجناة بهدف التأكد من مساءلة المسؤولين عن تلك الانتهاكات، بما في ذلك تلك التي قد ترقى إلى الجرائم ضد الإنسانية. وقام مجلس حقوق الإنسان أكثر من مرة بتمديد ولاية اللجنة منذ ذلك الحين، حيث مدد الولاية للمرة الأخيرة إلى غاية 30 آذار/مارس 2024.
يمكن الحصول على المزيد من المعلومات بشأن عمل لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا هنا: https://www.ohchr.org/ar/hr-bodies/hrc/iici-syria/independent-international-commission
للحصول على المزيد من المعلومات وتقديم الطلبات المتصلة بالإعلام، يرجى الاتصال بالسيد يوهان إريكسون، المستشار الإعلامي للجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا من خلال البيانات التالية: + 41 76 691 0411 / johan.eriksson@un.org أو السيد بيتمان، المستشار الإعلامي، الولايات المتعلقة بالتحقيقات: +41 76 691 17 61 / todd.pitman@un.org ، أو السيد باسكال سيم، المسؤول الإعلامي لمجلس حقوق الإنسان: +41 22 917 9763 / simp@un.org