حلقة نقاش بين الدورات بشأن الحق في الضمان الاجتماعي
01 تشرين الثاني/نوفمبر 2021
أدلى/ت به: مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت
سيّدتي رئيسة المجلس،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء الأعزّاء،
مناقشتنا اليوم بالغة الأهمية، وتشكّل أوّل تحليل معمّق يقوم به مجلس حقوق الإنسان في الحق العالمي في الضمان الاجتماعي.
ما مِن وقت أفضل من الوقت الحاضر لمناقشة موضوع الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية.
لقد حوّلت آثار أزمة كوفيد-19 وعالم العمل المتغير إعمال هذا الحق إلى ضرورة ملحّة للغاية.
فبسبب الجائحة، تم فقدان 255 مليون وظيفة في العام 2020 وحده. كما ساهمت الثغرات البارزة في تغطية أنظمة الحماية الاجتماعية، وعدم كفاية استحقاقات الحماية الاجتماعية، في تفاقم عدم المساواة التي سرّعت وعمقت بدورها آثار كوفيد-19.
ييسّر الضمان الاجتماعي الوصول إلى الرعاية الصحية، ويحمي الناس من الفقر ويضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، بما فيها الحقوق في الغذاء والمياه والسكن والصحة والتعليم.
لقد أدركت الدول ذلك جليًا في العام 2020، عندما استجابت للجائحة عبر اعتماد تدابير حماية اجتماعية غير مسبوقة للتخفيف من آثارها الاجتماعية والاقتصادية والصحية.
من ملاوي إلى بيرو والفلبين وفنلندا والولايات المتحدة، مرورًا بالعديد من البلدان الأخرى، وسّعت الحكومات بسرعة نطاق برامج المساعدة الاجتماعية الخاصة بها من خلال إدخال تحويلات نقدية جديدة إلى العديد من الأشخاص الذين يُستبعدون عادةً من المساعدة، بما في ذلك العمال في القطاع غير الرسمي، ومعظمهم من النساء والعاملين لحسابهم، والعديد منهم يعملون في اقتصاد العربة المتنامي.
ففي الأرجنتين وبوليفيا مثلاً، تمّت تعبئة الموارد المحلية للنهوض بنظم ضريبية تصاعدية أكثر، واستحداث حيز مالي أوسع للحماية الاجتماعية.
لكن العديد من هذه الإجراءات بقي مؤقتًا. ولا بدّ من بذل المزيد من الجهود في كافة المناطق، من أجل تحقيق الحق في الضمان الاجتماعي على أرض الواقع للجميع.
فبحسب التقرير العالمي للحماية الاجتماعية الصادر عن منظمة العمل الدولية، فإن أكثر من نصف سكان العالم لا يتمتّعون بتغطية اجتماعية في الوقت الحالي. ولا يحصل سوى 26 في المائة فحسب من الأطفال في العالم على استحقاقات الحماية الاجتماعية، وأقل من نصف النساء اللواتي ولدن حديثًا في جميع أنحاء العالم يتلقين استحقاقات الأمومة النقدية، وحوالى 30 في المائة فحسب من الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة يتلقون استحقاقات الإعاقة.
كما أنّ الانتقال المستمر نحو الاقتصاد الأخضر واعتماد تقنيات جديدة في عالم العمل يغيران مشهد العمل، لا سيما بالنسبة إلى الأشخاص الأكثر حرمانًا. وليس الضمان الاجتماعي سوى مجموعة من الأدوات الأساسية التي تساعد العمال على اجتياز هذه التغييرات، كما أنّه يبني القدرة على المواجهة والصمود التي لا تقدر بثمن بالنسبة إلى الاقتصاد ككلّ.
أيّها الزملاء الأعزّاء،
الضمان الاجتماعي هو حق أساسي من حقوق الإنسان، لا غنى عنه لممارسة العديد من الحقوق الأخرى، وهو ضروري للعيش بكرامة. ومن الممكن أن يوجّه محتواه الدول من أجل تصميم أنظمة حماية اجتماعية شاملة، ومساعدتها على الانتقال من التدابير المؤقتة والمخصصة لمواجهة الأشهر الأولى من أزمة كوفيد-19، إلى سياسات طويلة الأجل تدعم مجتمعات مستدامة قادرة على المواجهة الصمود.
ويشكّل تجديد التضامن، ضمن المجتمع الواحد وبين الأمم، حجر الزاوية في خطة الأمين العام المشتركة، التي تهدف إلى مكافحة عدم المساواة وتوجيه كيفية التعافي بشكل أفضل من الجائحة.
إنّ التعاون الدولي الرامي إلى مساندة أقلّ البلدان نموًا من أجل تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية الخاصة بها ضروري للغاية، ويفيد الجميع.
تسعى مفوضيّتنا إلى تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية المصممة تصميمًا جيدًا والقائمة على حقوق الإنسان، ومنح الأولوية لميزانيات الرعاية الصحية، وإشراك العاملين في مجال الرعاية الصحية والمجتمعات المحلية مشاركةً أوسع نطاقًا في تنفيذ خطط الحماية الاجتماعية.
كما ندعم البلدان دعمًا نشطًا لضمان أن الجميع من دون أيّ استثناء، بما في ذلك النساء وكبار السن وأفراد مجتمعات الأقليات والشعوب الأصلية والأشخاص ذوو الإعاقة والمهاجرون والمثليات والمثليون ومزدوجو الميل الجنسي ومغايرو الهوية الجنسانية وحاملو صفات الجنسين، يمكنه الوصول إلى الحماية الاجتماعية حتّى بعد كوفيد-19.
علّمتنا الجائحة أنه من الضروري للدول أن تدعم الحماية الاجتماعية الشاملة في كل مكان.
فأنظمة الحماية الاجتماعية لا تستنزف أبدًا الموارد، بل تشكّل استثمارًا لا يقدر بثمن في بناء مجتمعات سليمة.
أتمنّى لكم مناقشة مثمرة.