Skip to main content
x

البيان الافتتاحي للسيدة نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة ال

العودة

09 أيلول/سبتمبر 2013

جنيف، 9 أيلول/سبتمبر 2013

السيد الرئيس،
أعضاء مجلس حقوق الإنسان الموقرون،
أصحاب السعادة والزملاء،
السيدات والسادة،
أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لي لمخاطبتكم.

في أيلول/سبتمبر منذ عامين، عندما تناولت الوضع في سوريا في هذا المجلس، أشرت إلى أن نحو 600 2 سوري قد لقوا حتفهم في النزاع.

واليوم، بلغ عدد الذين لقوا حتفهم أكثر من 000 100 شخص. وفي الأسبوع الماضي بلغ عدد اللاجئين مليوني شخص، بالإضافة الى 4 ملايين شخص أخرين مشردين داخل سوريا. وتكافح المخيمات في الأراضي المجاورة لمواجهة هذا الوضع ونحن لا تفصلنا عن الشتاء سوى أشهر قليلة. وقد بلغت معاناة السكان المدنيين في سوريا مستويات لا يمكن تخيلها.

وقد حُدد استخدام الأسلحة الكيميائية منذ أمد بعيد باعتباره إحدى أخطر الجرائم التي يمكن ارتكابها، ومع ذلك فإن استخدامها في سوريا يبدو أمراً لا شك فيه، حتى إذا كانت جميع الظروف والمسؤوليات لا تزال تحتاج إلى توضيح.

السيد الرئيس، أصحاب السعادة،

إن المجتمع الدولي متأخر، متأخر جداً، في اتخاذ إجراءات مشتركة جادة لوقف دوامة التدهور التي تجتاح سوريا والتي تقتل شعبها وتدمر مدنها. و هذا ليس الوقت المناسب للدول القوية لمواصلة الاختلاف على طريقة المضي قدماً، أو لتطغى المصالح الجغرافية السياسية على الالتزام القانوني والأخلاقي بإنقاذ الأرواح وذلك بإنهاء هذا النزاع.

وهذه الحالة المروعة تدعو إلى اتخاذ إجراء دولي، ومع ذلك فإن القيام برد عسكري أو مواصلة الإمداد بالأسلحة ينطوي كل منهما على خطر إحداث انفجار إقليمي، يمكن أن يسفر عن وفيات إضافية كثيرة بل وعن بؤس أوسع انتشاراً. ولا توجد مخارج سهلة، كما لا يوجد سبيل واضح للخروج من هذا الكابوس، سوى التفاوض الفوري على خطوات محددة لإنهاء النزاع. ويجب أن تتوصل الدول، مع الأمم المتحدة، إلى طريقة لجلب الطرفين المتحاربين إلى طاولة التفاوض ووقف سفك الدماء.

السيد الرئيس،

يجب ألا ننسى، بينما ينظر العالم بهلع إلى سوريا، الى الجهود المتعثرة أحياناً التي تبذلها شعوب أخرى، في الشرق الأوسط وأماكن أخرى على السواء، لتأكيد حقها في أن العيش بحياة تنعم فيها بالكرامة والسلام والأمن وفي الاعتراف الكامل بكل حقوقها.

وفي العراق، ادت موجة العنف الجديدة الى تعرض حقوق الإنسان للانتهاك . حيث تجدد الاستهداف الطائفي و العشوائي للمدنيين بشكل مقلق للغاية. والسبب ليس الأعداد المتصاعدة من حالات القتل فقط – حيث تم تسجيل أكثر من 800 1 حالة وفاة في الشهرين الماضيين وحدهما – والمعاناة المصاحبة لها، ولكنه أيضاً بسب إفلات الجناة من العقاب وعدم مساءلتهم بالإضافة الى التحديات الصعبة التي تواجهها مؤسسات سيادة القانون. وأناشد السلطات الى أن تبذل قصارى جهدها لحماية جميع الناس في العراق، وأحثها على ضمان أن يكون التحقيق، الذي أعلنت أنها ستجريه حول عملية القتل المؤسفة التي حدثت مؤخراً في معسكر أشرف وراح ضحيتها 52 شخصاً على الأقل ، مستقلاً تماماً وشاملاً وشفافاً. ويجب أن تتخذ السلطات خطوات إضافية لضمان حماية المقيمين في كل من معسكر أشرف و معسكر الحرية.

ولم يستجب العراق لحد الان لنداءات الأمم المتحدة والنداءات الدولية الداعية إلى الوقف الاختياري لعقوبة الإعدام، حيث يواصل بشكل دوري القيام بإعدام الناس على شكل دفعات. وقد أُعدم ما مجموعه 123 سجيناً في عام 2012، و في العام الحالي 2013 اعدم 75 سجيناً حتى الآن ، على الرغم من الاحتمال الكبير لإمكانية حدوث اخطاء في تطبيق أحكام العدالة نتيجة لمواطن الضعف البنيوية في نظام العدالة الجنائية.

ولا أزال أشعر بالقلق إزاء العنف المتواصل في مصر، وأدعو إلى إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة في كل حالات القتل والانتهاكات الأخرى التي حدثت في الأسابيع الأخيرة وفي الفترات التي سبقتها. ان الطريق إلى الاستقرار في مصر يكمن في قدرتها على إرساء سيادة القانون بطريقة شاملة تكفل الاعتراف بجميع المصريين، بصرف النظر عن رأيهم السياسي أو نوع جنسهم أو دينهم أو مركزهم، باعتبارهم أصحاب مصلحة شرعيين في مستقبل بلدهم. وأنا على استعداد لدعم جهود مصر الرامية إلى ضمان حقوق كل المواطنين. وقد استقبلت في الأسبوع الماضي وزير العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية المصري الذي أبلغني استعداد مصر لاستضافة مكتب إقليمي للمفوضية السامية للامم المتحدة لحقوق الإنسان في القاهرة ولاستقبال فريق تقني سيرسل لهذا الغرض. وسوف أرسل قريباً إلى السلطات المصرية مشروع اتفاق لإنشاء مكتب إقليمي في القاهرة. كما انتظر في الوقت نفسه، أن أتلقى رداً إيجابياً على طلبي إيفاد بعثة لتقييم الوضع في أقرب فرصة ممكنة.

ويؤسفني أن أُبلغ أن حالة حقوق الإنسان في البحرين لا تزال مثار قلق شديد: الاستقطاب العميق في المجتمع والضغط الشديد على المدافعين عن حقوق الإنسان والمحتجين السلميين يؤديان الى التسبب في صعوبة التوصل إلى حل دائم. وأكرر النداء الذي وجهته إلى البحرين ودعوتها فيه إلى الامتثال التام لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك احترام الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات. كما ان إلغاء الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب أمر مؤسف، و لم تُنَفَذ بعد التوصيات الهامة التي أصدرتها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق . وأود أيضاً أن أُعرب عن خيبة أملي لأن التعاون مع حكومة البحرين، الذي بدأ على نحو مثمر بإيفاد فريق من المفوضية السامية لحقوق الإنسان في كانون الأول/ديسمبر 2012، لم يتطور إلى حد أبعد وأنه أُوقفت منذ ذلك الحين بعثة متابعة موفدة من المفوضية السامية.

و ابرزت أحداث أيار/مايو – حزيران/يونيه في تركيا الحاجة إلى كفالة حماية أكثر اتساقاً للحق في الاحتجاج السلمي، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع، والإحجام عن استخدام القوة المفرطة من جانب الشرطة، والتحقيق بشكل كامل في جميع حالات هذا الاستخدام المفرط للقوة. وأشير إلى القرار الذي اتخذته مؤخراً المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بخصوص الاستخدام غير المتناسب للقوة من جانب الشرطة التركية، بما في ذلك الاستنتاج الذي مؤداه أن ممارسة إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين بشكل مباشر غير قانوني. وأحث الحكومة على أن تتناول بجدية مسألة عمل الشرطة، التي سلطت الضوء عليها أيضاً الآليات الدولية لحقوق الإنسان، وأن تجري إصلاحات بنيوية في هذا المجال بدعم من منظومة الأمم المتحدة بأسرها، بما في ذلك مفوضيتي.

أصحاب السعادة،

يساورني القلق إزاء سياسة إسرائيل المستمرة المتعلقة بعمليات الطرد القسري وهدم المنازل، في ستة مواقع مختلفة على الأقل في الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها، من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. وفي بعض الحالات، لم تقدَم مواقع بديلة أو خيارات للسكن. وقد يشكل هذا انتهاكاً للحظر المفروض بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة على النقل القسري للأفراد أو الجماعات. كما أنه قد يتعارض مع الحظر المفروض بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان على الإخلاء القسري وينتهك الحق في السكن اللائق والحق في الحرية من التدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصية والأسرة والبيت.

ويساورني القلق أيضاً إزاء احتمال أن تكون قوات الأمن الإسرائيلية قد أفرطت في استخدام القوة ضد المدنيين الفلسطينيين أثناء عمليات التفتيش والاعتقال التي قامت بها مؤخراً في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، والتي أفضت منذ 18 آب/أغسطس 2013 إلى وفاة خمسة مدنيين فلسطينيين. كما يساورني القلق إزاء احتمال أن تكون قوات الأمن الفلسطينية قد أفرطت في استخدام القوة في الضفة الغربية في الأحداث التي أسفرت عن وفاة شخص مدني في مخيم عسكر للاجئين، بالقرب من نابلس، في 27 آب/أغسطس.

وأود أن أُذكر هذا المجلس بأن أي استخدام للقوة والأسلحة النارية في عمليات إنفاذ القانون، و في أي مكان في العالم، يجب ان يتم الالتزام فيه بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان: حيث يجب أن يكون متناسباً مع الأهداف المشروعة ويجب أن يقتصر استخدام الأسلحة النارية على حالات الدفاع عن النفس أو الدفاع عن الآخرين حيثما يكون هناك خطر وشيك بوقوع وفاة أو إصابة جسيمة، وألا يحدث إلا عندما تكون الوسائل الأقل حدة غير كافية لتحقيق هذه الأهداف.

وأُعرب عن امتناني لحكومة سري لانكا لتيسيرها للزيارة الشاملة التي قمت بها مؤخراً، والتي أتاحت لي تقييم التقدم الجاري إحرازه نحو إعادة الاعمار والمصالحة والمساءلة في أعقاب الحرب، وكذلك الحالة العامة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعصب الديني والحوكمة وسيادة القانون. وسأقوم بالإبلاغ عن ملاحظاتي في وقت لاحق خلال الدورة، ولكنني أود أن أشدد على اهتمامي المباشر بحماية من التقيت بهم أثناء زيارتي من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمجتمعات المحلية من أي انتقام أو تخويف أو هجوم.

وتقرير الأمين العام بشأن التعاون مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في ميدان حقوق الإنسان معروض على المجلس في هذه الدورة. وهو يشير إلى حالات انتقام أو تخويف يُزعم أنها حدثت ضد أشخاص نتيجة لهذا التعاون في الفترة من 16 حزيران/يونيه 2012 إلى 15 حزيران/يونيه 2013.

وأثناء زيارتي إلى كولومبيا في تموز/يوليه، تأثرت بالنداءات الموجهة من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والشعوب الأصلية والكولومبيين المنحدرين من أصول أفريقية والفلاحين للمطالبة بالمساواة في التمتع بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وبالمشاركة في العمل وبالاستماع إلى صوتهم في مفاوضات السلام. ويقود الرئيس سانتوس مفاوضات سلام بعد 50 سنة من النزاع المسلح الداخلي وأنا أرحب بالتزامه بالاعتماد على المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وبصفة خاصة في إنشاء آليات عدالة انتقالية وفقاً للمعايير الدولية.

وفي جنوب السودان، ما زلنا نشهد مستويات متصاعدة من العنف بين الطوائف وتقارير متزايدة عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين المحاصرين وسط القتال بين جيش جنوب السودان والجماعات المتمردة. وقد أسفر القتال الذي نشب في أوائل تموز/يوليه بين قبيلتي لو نوير والمورلي المتنافستين في جونقلي عن قتل عدد غير معروف من الناس وتشريد آلاف من المدنيين. ومن دواعي القلق البالغ أن حكومة جنوب السودان لم تتخذ إجراءات ذات شأن لحماية المدنيين في المناطق المعرضة للخطر أو لمحاسبة المسؤولين عن العنف.

وأحث أيضاً حكومة ميانمار على التصدي للتحديات المستمرة في ولاية راخين والمناطق الأخرى التي اجتاحها العنف الطائفي. ويتضمن هذا ضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وإلغاء القيود التمييزية المفروضة على حرية حركة السكان المسلمين هناك. وأشجع الحكومة على وضع جدول زمني لإنشاء مكتب قطري للمفوضية السامية لحقوق الإنسان.

وفيما يتعلق بتونس، فإنني أُدين بشدة اغتيال محمد براهمي، وهو سياسي معارض قيادي وعضو في المجلس الوطني التأسيسي، في 25 تموز/يوليه. وكان هذا ثالث اغتيال لشخصية معارضة في عشرة شهور. ويجب أن تتخذ الحكومة تدابير قوية لتبين أنها ستقوم بإنفاذ سيادة القانون، كما يجب محاسبة الأشخاص الذين ارتكبوا هذه الجرائم.

أصحاب السعادة،

منذ بضعة أيام فقط، عادت نائبة المفوضة السامية، فلافيا بانسيري، من زيارة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد شهدت تجدد القتال حول مدينة غوما، في 22 و23 آب/أغسطس، وأدانت بشدة القصف العشوائي للمدنيين باعتباره انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.

وحجم العنف الجنسي الذي ترتكبه الجماعات المسلحة وقوات الدفاع والأمن، كما يرتكبه المدنيون، يظل مفجعاً، مع وجود أعداد كبيرة من الضحايا في انتظار العدالة.

وهناك بعض الأمل في مالي حيث تناقصت بشكل ملحوظ ، منذ توقيع الاتفاق الأولي في 18 حزيران/يونيه، الادعاءات المتعلقة بحدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ويُشعرني بالتفاؤل هذا التقدم المحرز في استعادة السلم.

بيد أن حالة حقوق الإنسان لا تزال هشة في الشمال، مع استمرار ورود تقارير عن حدوث حالات إعدام بإجراءات موجزة وخارج نطاق القضاء، واختفاء قسري، وتعذيب، واعتقال واحتجاز تعسفيين، ونهب للممتلكات الخاصة.

وفي الشهر الماضي، زار الأمين العام المساعد لشؤون حقوق الإنسان، إيفان سيمونوفيتش، جمهورية أفريقيا الوسطى وقدم تقريره عن الزيارة إلى مجلس الأمن. وأوفدت أنا بعثة تقصي حقائق إلى البلد في الفترة من 20 حزيران/يونيه إلى 11 تموز/يوليه وسأقدم تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان عن تدهور حقوق الإنسان في جمهورية أفريقيا الوسطى المقترن بانهيار القانون والنظام ومناخ انعدام الأمن والإفلات من العقاب الناجم عن ذلك.

السيد الرئيس،

يظل النطاق الواسع للنظم الوطنية للمراقبة الأمنية في بلدان من بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وتأثير هذه النظم على حق الأفراد في الخصوصية وحقوق الإنسان الأخرى، مثاراً للقلق. ويجب اعتماد قوانين وسياسات لمواجهة احتمال حدوث تدخل فادح في خصوصية الأفراد، جعلته ممكناً تكنولوجيا الاتصالات الحديثة. ولئن كانت شواغل الأمن الوطني قد تبرر الاستخدام الاستثنائي والضيق النطاق للمراقبة، فإنني أحث جميع الدول على ضمان وجود ضوابط كافية ضد تخطي وكالات الأمن لحدودها وعلى حماية الحق في الخصوصية وحقوق الإنسان الأخرى.

وأشعر بالقلق إزاء استمرار الاقصاء والعزل الاجتماعيين للروما في دول أوروبية كثيرة. وإلى جانب التقارير المقلقة عن تزايد استهداف الروما بخطاب الكراهية والمظاهرات وأعمال العنف من جانب جهات غير تابعة للدول، فإن السلطات نفسها اعتمدت في بعض الحالات سياسات تزيد من ضعف السكان من الروما. وأشير مع القلق إلى الاستنتاجات الواردة في التقرير الذي قدمه أمين المظالم الفرنسي في تموز/يوليه والتي أظهرت أن عمليات الإخلاء القسري للروما في فرنسا تحدث بطرق متعارضة مع المعايير الدولية والتشريعات الوطنية، وأؤيد توصيات أمين المظالم بهذا الخصوص.

ومن المنطلق ذاته، أشير أيضاً إلى التقرير الذي قدمه في الشهر الماضي أمين المظالم في سلوفاكيا، والذي يحدد انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الشرطة ضد الروما الذين يسكنون مدينة أكواخ ريفية منعزلة، وأؤيد هذا التقرير. وأحث أيضاً الحكومتين كلتيهما على اتخاذ إجراءات بشأن توصيات هذين التقريرين.

ويتواصل إخضاع المهاجرين واللاجئين للتمييز وكراهية الأجانب في بلدان كثيرة، مع حدوث عدد مقلق من الهجمات العنيفة عليهم في اليونان، حيث فاقمت الأزمة المالية الاتجاهات القائمة نحو كراهية الأجانب.

ويؤسفني أيضاً أن أستراليا تعيد فرض السياسات المشينة المتعلقة بنقل الأشخاص الذين يصلون إليها على ظهر القوارب إلى بابوا غينيا الجديدة ومواقع أخرى وأحث السلطات على أن تحترم نصاً وروحاً الالتزامات الدولية لأستراليا بموجب اتفاقية عام 1951 الخاصة باللاجئين.

ويواجه كثيرون من المهاجرين البالغ عددهم 215 مليون شخص في العالم ضعفاً خاصاً وانتهاكاً خاصاً لحقوق الإنسان الخاصة بهم في بلدان المنشأ والعبور والمقصد. وبالتالي، فإننا نعمل على إدماج قواعد ومعايير حقوق الإنسان في جميع جوانب سياسة الهجرة، على كل من الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.

وقد ساعدت مفوضيتي على ضمان إدراج محور لحقوق الإنسان في وثائق المعلومات الأساسية والمناقشات التي جرت في الدورة السادسة للمنتدى العالمي المعني بالهجرة والتنمية، التي عُقدت في موريشيوس في تشرين الثاني/نوفمبر 2012.

وبناء على طلب الأمين العام، تولت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أيضاً قيادة عملية إعداد تقرير في عام 2013 (بالتشاور مع المجموعة العالمية المعنية بالهجرة) عن الهجرة وحقوق الإنسان، في إطار التحضير للحوار الرفيع المستوى للجمعية العامة بشأن الهجرة الدولية والتنمية (أيلول/سبتمبر، 2013) الذي دُعيت إلى أن أتناول فيه حقوق الإنسان الخاصة بالمهاجرين.

وقد دعت مفوضيتي أيضاً إلى إدراج حقوق الإنسان الخاصة بالمهاجرين في خطة التنمية لما بعد عام 2015 وعممت مذكرة معلومات أساسية على الاجتماع المواضيعي الأول للمنتدى العالمي المعني بالهجرة والتنمية في أيار/مايو 2013.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

خلال السنوات الخمس الماضية، عانى عالمنا من أثار أسوأ أزمة مالية واقتصادية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. ونتيجة لذلك، فإن الملايين اليوم لا يتوافر لهم العمل اللائق والغذاء الكافي والرعاية الصحية والمأوى وشبكة الضمان الاجتماعي الموفرة للأمان – وبالتالي لا يتوافر لهم الأمل ذاته. وقد بلغ التراجع في إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية نسباً تاريخية في بعض مناطق العالم. ومن المؤكد أن أسباب الأزمة الاقتصادية هي نفسها مسائل خاصة بحقوق الإنسان، تشكل بالفعل إخفاقاً جسيماً لسيادة القانون في القطاع المالي وفي المجال الاقتصادي على نطاق أوسع. وتأثيرات الأزمة على حقوق الإنسان كان يمكن تجنبها، ولكنها نجمت عن خيارات سياساتية واعية، بما في ذلك الاتجاه الحديث العهد نحو ما تسمى سياسات التقشف، التي تؤثر تأثيراً سلبياً على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لأضعف الفئات، بما فيها الفقراء والنساء والشباب والمسنون والأشخاص ذوو الإعاقة.

وتعمل المفوضية السامية لحقوق الإنسان على دعم إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال إسداء المشورة إلى الحكومات، والبرلمانات، ومنظومة الأمم المتحدة، والمجتمع المدني. ونحن نقدم المساعدة التقنية إلى الحكومات والمجتمع المدني والجهات الوطنية الأخرى صاحبة المصلحة، بناء على طلبها، بهدف إدماج معايير ومبادئ حقوق الإنسان في السياسات الإنمائية الوطنية واستراتيجيات الحد من الفقر وعمليات الميزانية، على سبيل المثال.

وتحقيقاً لتلك الأهداف، ساهمت أعمال الدعوة النشطة التي نضطلع بها في بدء نفاذ البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في أيار/مايو 2013. وفي غواتيمالا، وبعد تقييم أجرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان للتحديات التي تواجهها في مجال حماية حقوق العاملين في القطاع الزراعي هيئة التفتيش العامة للعمل، قامت وزارة العمل بتعزيز قدرات تلك المؤسسة. ودخلنا في شراكة مع لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية من أجل زيادة التعاون القائم على الحقوق في مجال المياه والصرف الصحي. وقدمنا المساعدة التقنية إلى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في تعميم مراعاة حقوق الإنسان في مختلف برامجه. وخلال هذه الفترة، أصدرنا أيضاً عدداً من التقارير المواضيعية الفنية بُحثت فيه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الخاصة بفئات محددة، منها الأشخاص ذوو الإعاقة والأطفال والنساء، على التوالي.

وفي الشهر الماضي، نظمت مفوضيتي مشاورة خبراء لمناقشة الالتزامات القانونية للدول الأعضاء التي ينبغي أن تخضع لاعتماد تدابير تقشف، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالحق في الضمان الاجتماعي.

ويتطلب تزايد انعدام الأمن الغذائي جهوداً مكثفة من البلدان المتقدمة والنامية على السواء للتصدي لأوجه القصور في الحد من تقلب أسعار الأغذية، والتوزيع العالمي للأغذية، وحماية سبل كسب عيش فقراء الريف والحضر. والقرن الأفريقي ومنطقة الساحل ووسط وجنوب آسيا، وبلدان كثيرة تعاني من تدابير التقشف في أوروبا، تواجه كلها تحديات فيما يتعلق بالحصول على الغذاء. ومن الضروري أن تقوم الدول الأعضاء بتجديد التزامها بالحق في الغذاء باعتباره حقاً من حقوق الإنسان واتباع نهج قائم على حقوق الإنسان بخصوص التغذية والجوع فضلاً عن معالجة الأسباب الهيكلية.

والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عضو نشط في فريق العمل الرفيع المستوى المعني بالتصدي لأزمة الأمن الغذائي في العالم، التي تركز على مبادرة الأمين العام المتعلقة بتحدي القضاء على الجوع.

وأود أيضاً أن أسلط الضوء على جانب هام آخر من جوانب التمييز، هو النمط المزعج من الوحشية والتعصب الواسع الانتشار ضد المثليين و المثليات و مزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية في جميع مناطق العالم. وفي تموز/يوليه، ساعدت في كيب تاون، مع رئيس الأساقفة ديزموند توتو والقاضي في محكمة جنوب أفريقيا الدستورية إدوين كاميرون، في إطلاق حملة الحرية والمساواة، وهي حملة توعية عامة عالمية غير مسبوقة، للتشجيع على زيادة احترام حقوق للمثليين وللمثليات و ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية في كل مكان.

أصحاب السعادة،

عرضت عليكم اليوم مجموعة مختارة من التحديات الحالية لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. ويمكن وصف كثير منها بأنها أزمات حقوق إنسان، تقتضي إجراءات فورية وحازمة. ولكننا يجب أيضاً أن نرفع مستوى أملنا صوب منع حدوث حالات مماثلة في المستقبل. والاستعراض المنتظم المستقل للدول من جانب الهيئات المنشأة بموجب معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عنصر رئيسي في نظام المجتمع الدولي لا للقيام فقط بتقديم إنذار مبكر بالأزمات الناشئة في مجال حقوق الإنسان وإنما لدعم النظم الوطنية القوية أيضاً لتجنب هذه الأزمات الناشئة في المقام الأول. وللاضطلاع على نحو فعال بهذه المهمة الحاسمة، لا يتطلب نظام الهيئات المنشأة بموجب معاهدات المشاركة الكاملة للدول الأعضاء فحسب، ولكنه يتطلب أيضاً موارد كافية والقدرة على اعتماد إجراءات فعالة.

وأرحب بالمشاركة الجادة والبناءة للدول الأعضاء في العملية الحكومية الدولية في نيويورك. وقد بلغت المفاوضات مرحلة حاسمة بتقديم الميسرين المتشاركين (سفيري آيسلندا وإندونيسيا) مشاريع عناصر قرار في الجمعية العامة. وأعتقد أن النص الحالي يحتوي على جميع العناصر الضرورية لزيادة فعالية واستدامة الهيئات المنشأة بموجب معاهدات.

السيد الرئيس،

منذ بضعة أيام احتفل العالم بالذكرى السنوية الخمسين لكلمة مارتين لوثر كينغ "لدي حلم". وقد جعلني هذا أفكر في المدى الذي بلغناه، وكذلك المدى الذي يجب أن نبلغه، للتغلب على العنصرية. واليوم العالم بأجمعه يندد بالعنصرية، وقد اعتمدت عدد من البلدان قوانين وسياسات تعزز المساواة العرقية.

ولكن لا يزال هناك عدد كبير جداً من الناس يقعون ضحايا لانتماءاتهم إلى جماعات معينة - سواء وطنية كانت أم إثنية أو دينية ، أو معرّفة كانت بحكم الجنس أو الأصل – ويُحرم كثيرون جداً من المهاجرين من المساواة مع غيرهم الحماية المتوفرة .

وفي تموز/يوليه 2013، نظمت مفوضيتي، مع صندوق الأمم المتحدة للسكان والحكومة الهولندية، المؤتمر المواضيعي الدولي بشأن حقوق الإنسان في سياق عملية استعراض المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بعد عام 2014. وجمع المؤتمر مجموعة واسعة التنوع من أصحاب المصلحة لمناقشة جدول أعمال حقوق الإنسان في إطار برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وأسفرت المناقشات عن أفكار بالغة الأهمية بخصوص كيفية المضي قدماً بجدول الأعمال هذا. والاتفاق الرائد الذي تم التوصل إليه في القاهرة لا يزال بالغ الأهمية اليوم؛ والوفاء بالتزامات حقوق الإنسان المرتبطة بجدول الأعمال هذا، وبصفة خاصة في مجال الحقوق المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية، يجب أن يكون جزءا أساسياً من جهودنا الجماعية الرامية إلى تجديد خطة التنمية.

الحق في التنمية

في حزيران/يونيه هذا العام، عممت رسالة مفتوحة إلى الدول الأعضاء دعوت فيها إلى وضع إطار تنمية عالمي متوازن وقائم على حقوق الإنسان في خطة التنمية لما بعد عام 2015. ويسرني إبلاغ المجلس أن حقوق الإنسان تحتل مكاناً بارزاً في تقرير فريق الشخصيات البارزة الرفيع المستوى التابع للأمين العام والمعني بخطة التنمية لما بعد عام 2015.

وللمساعدة على تعميق الفهم الأوسع نطاقاً للحق في التنمية، أتممنا العمل المتعلق بإعداد منشور بالغ الأهمية بشأن هذا الموضوع سيصدر في وقت لاحق هذا العام.

وقد تضمن تقرير الفريق الرفيع المستوى التابع للأمين العام تركيزاً قوياً على حقوق الإنسان، ودعا التقرير الختامي لفريق العمل التابع للأمم المتحدة إلى وضع خطة لما بعد عام 2015 تقوم على "حقوق الإنسان والمساواة والاستدامة". وفي وقت لاحق هذا العام، سيخصص الفريق العامل المفتوح العضوية التابع للجمعية العامة والمعني بأهداف التنمية المستدامة دورة لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في التنمية، وقد وجه إلى دعوة لكي أدلي بكلمة رئيسية في تلك الدورة.

السيد الرئيس، أصحاب السعادة،

يسرني أن القضايا والاعتبارات الخاصة بحقوق الإنسان تتزايد باعتبارها عنصراً إرشادياً رئيسياً في حفظ السلام الذي تقوم به الأمم المتحدة، في مرحلة التخطيط وأثناء تنفيذ الولاية على السواء. وقد طلب مجلس الأمن أن تعطي بعثات السلام الأولوية بانتظام لأنشطة حماية حقوق الإنسان في نشر القدرات والموارد. وعلى الرغم من الأوضاع الأمنية الحرجة في مناطق انتشار كثيرة، فإن هذه التدخلات كثيراً ما تنقذ الأرواح بردع الجناة وتزويد بعثات حفظ السلام بآراء ثاقبة بشأن أنماط العنف والإجراءات الوقائية اللازمة.

وتشكل مالي مثالاً جيداً على هذا الاتجاه المشجع، حيث تم إيفاد أفرقة متنقلة لحقوق الإنسان إلى مناطق حساسة من أجل توثيق وتحليل أنماط العنف وتقديم المشورة إلى بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي وقوات الأمن التابعة للبلد المضيف بشأن تدابير منع حدوث مزيد من الانتهاكات.

وفي مكان آخر، قام موظفو حقوق الإنسان في بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مع استئناف القتال بين متمردي حركة 23 آذار/مارس والقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، بزيادة الزيارات الميدانية. ووثقوا بشكل مستفيض الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ما لا يقل عن 200 حالة عنف جنسي، واحتلوا موقع الصدارة في وضع استراتيجيات البعثة لحماية المدنيين.

ومن جانبنا، سنواصل تدعيم مشاركتنا لإعداد سياسات وأنشطة تدريب تعزز فهم حفظة السلام لأدوارهم ومسؤولياتهم في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك عند قيامهم باتخاذ إجراءات لحماية مدنيين معرضين لخطر داهم بالعنف البدني. وقد بدأت المفوضية السامية لحقوق الإنسان وإدارة عمليات حفظ السلام وإدارة الشؤون السياسية وإدارة الدعم الميداني استعراضاً شاملاً ومستفيضاً لحالة تنفيذ سياسة مشتركة، صدرت في عام 2011، لمد نطاق حقوق الإنسان بحيث تدخل في كل جوانب عمليات السلام والبعثات السياسية التابعة للأمم المتحدة.

السيد الرئيس،

ساهمت مفوضيتي أيضاً، هذا العام، في جهود الأمم المتحدة الرامية إلى ضمان ألا يعمل منتهكو حقوق الإنسان المزعومون _ وبصفة خاصة من أصحاب الرتب العليا – في الأمم المتحدة. ويلي هذا اعتماد الأمين العام "سياسة بشأن التأكد من عدم وجود سوابق لموظفي الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان" تسري على الأمانة كلها.

وألاحظ بارتياح التقدم الكبير المحرز في تنفيذ سياسة بذل العناية الواجبة في مراعاة حقوق الإنسان فيما يخص دعم الأمم المتحدة لقوات الأمن غير التابعة للأمم المتحدة. وأود أن أؤكد من جديد أن التطبيق المتسق لمبادئ سياسة بذل العناية الواجبة في مراعاة حقوق الإنسان سيحقق فوائد هامة لكل من الدول الأعضاء ومنظومة الأمم المتحدة.

وأخيراً، سيدي الرئيس، أود فقط أن أضيف، بصفتي رئيسة آلية تعميم مراعاة حقوق الإنسان التابعة لمجموعة الأمم المتحدة الإنمائية، أننا نساعد الأفرقة القطرية للأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم على دعم الدول الأعضاء، بناء على طلبها، في تعزيز حقوق الإنسان.

شكراً لكم.

العنوان: البيان الافتتاحي
العودة