تكتسي القوانين والسياسة أهمية بالغة للتكفل بتجسيد الاتفاقية في النظام القانوني والسياسي الوطني. بيد أنه ينبغي أن تصاحبها تدابير عملية لترجمة المعايير إلى واقع يعيشه الأشخاص ذوو الإعاقة. ومن خلال إيصال الخدمات، يمكن لمقدمي الخدمات الحكوميين وغير الحكوميين التكفل بوصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى المرافق، وحصولهم على الخدمات والسلع التي لهم الحق فيها، وفقاً للاتفاقية
يشمل إيصال الخدمات العديد من مواد الاتفاقية، بما فيها:
وجد إيصال الخدمات حتى قبل اعتماد الاتفاقية. بيد أنه يحتاج أن يمتثل للمبادئ والمعايير المنصوص عليها في الاتفاقية إن أريد له المساهمة في تنفيذ الاتفاقية التنفيذ الفعال. ويعني ذلك أن إيصال الخدمات يجب أن يستجيب للمبادئ العامة الواردة في المادة ٣ من الاتفاقية: فمثلاً، لا ينبغي التمييز في إيصال الخدمات على أساس الإعاقة، بل ينبغي أن تراعَى المساواة بين الرجل والمرأة، وأن تعزَّز استقلالية الفرد والتكفل بمشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم. وسيكون إيصال الخدمات الذي يعزز الميز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، في الوهلة الأولى، غير متماش مع الاتفاقية.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يمتثل إيصال الخدمات للمعايير الخاصة الواردة في المواد الجوهرية للاتفاقية. فمثلاً، تنص المادة ٢٥ بشأن الحق في الصحة، على أن يقدم مزاول المهن الصحية رعاية صحية إلى الأشخاص ذوي الإعاقة بنفس جودة الرعاية التي يقدمونها إلى الآخرين، بما في ذلك تقديم هذه الرعاية على أساس الموافقة الحرة والمستنيرة. أما العلاج القسري مثلاً، الذي يحدث على أساس الإعاقة، فإنه يتنافى مع الاتفاقية.
إن الوصول إلى خدمات شاملة وغير تمييزية من أجل الأشخاص ذوي الإعاقة وفقاً للاتفاقية لا يعني بالضرورة أن هذه الخدمات ذاتها ضرورية لكل فرد في جميع الأوقات. وكما هو الشأن مع سائر جوانب الاتفاقية، يقتضي إيصال الخدمات اتباع نهج ذي مسارين. ففي بعض الأحيان، تقضي الاتفاقية بالحصول على الخدمات العامة على قدم المساواة مع الغير. وفي أوقات أخرى، قد يكون تقديم دعم خاص مطلوباً من أجل الأشخاص ذوي الإعاقة حتى يتسنى لهم التمتع بنفس الحقوق مثل الأشخاص غير المعاقين.
وهناك ثلاثة أشكال من الخدمات المطلوبة لتنفيذ الاتفاقية:
الخدمات العامة: تشير هذه الخدمات إلى الخدمات التي يستخدمها السكان برمتهم والمصممة لهم. وفي هذه الحالات، من الهام أن تكون هذه الخدمات شاملة وأن تكون متاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. والواقع أن إمكانية الوصول هي أمر حاسم: فبالتكفل بتيسير الوصول إلى المرافق والحصول على السلع والخدمات والنقل والمعلومات والتكنولوجيا، يمكن للكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة أن يتمتعوا بحقوقهم وأن يعيشوا عيشاً مستقلاً في المجتمع مثلهم مثل الأشخاص غير المعاقين. ومن الأمثلة على الخدمات العامة ما يلي:
خدمات الدعم: تشير إلى الخدمات التي تساهم مساهمة مباشرة في التغلب على الحواجز التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة ويُرمَى منها إلى تعزيز مشاركتهم في المجتمع. وبعبارة أخرى، بينما يكفل الحصول على الخدمات العامة إتاحة نفس الخدمات لجميع الأشخاص سواء كانوا معوقين أو غير معوقين، فإن الحصول على خدمات الدعم يتطلب خدمات مصممة للأشخاص ذوي الإعاقة |وليس للأشخاص غير المعاقين|. وتشمل الأمثلة على ذلك:
الخدمات الخاصة: توجَّه هذه الخدمات إما لتحضير الأشخاص ذوي الإعاقة على الاندماج في المجتمع أو في بعض الأحيان الاستعاضة عن خدمات الدعم أو الخدمات العامة إذا تعذر على الشخص أن ينخرط بشكل كامل في المجتمع. وفي هذه الحالات، ينبغي أن توجَّه الخدمات دوماً إلى الإدماج لا إلى العزل. فمثلاً:
تشارك عدة جهات فاعلة في إيصال الخدمات – سواء أكانت عامة، أو خدمات دعم أو خدمات متخصصة – إلى الأشخاص ذوي الإعاقة:
من أجل إصلاح السياسات والقوانين، يتعين على الدولة بوضوح أن تضطلع بدور قيادي، أمّا في إيصال الخدمات فيجب أن يُشرَك القطاع الخاص، والمجتمع المدني الوطني والدولي، والدولة. وعلى مستوى الدولة، يتعين على الحكومة المركزية أن تضطلع بدور تنظيمي وبدور إيصال الخدمات أيضاً، بيد أن سائر مستويات الحكومة، بيد أن سائر مستويات الحكومة الأخرى، ولا سيّما البلدية/المحلية منها، يتعين عليها أن تضطلع بدور أيضاً.
ما هو إذن دور الدولة؟
إن واجب الدولة بالغ الأهمية: فقانون حقوق الإنسان يحدد الدولة باعتبارها صاحبة الواجب الأولى في تعزيز الاتفاقية وحمايتها والتكفل بتنفيذها. ويجب على الدولة أن تقوم بما يلي:
تتعهد الدول ب ...| |ﻫ اتخاذ كافة التدابير المناسبة للقضاء على التمييز على أساس الإعاقة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة خاصة.
ويقصد بالمعنى العام للتمييز في الاتفاقية أن واجب الدولة في تنظيم القطاع الخاص |بما في ذلك الأفراد| لا يقتصر على تنظيم التمييز المباشر. بل ينبغي أن ينظم التمييز غير المباشر |مثلاً عندما يكون الأشخاص ذوو الإعاقة مستبعدين استبعاداً فعلياً بسبب تعذر الوصول إلى المرافق أو عدم تقديم الخدمات ذات الصلة|.
وتشير الاتفاقية أيضاً إلى مجالات خاصة ينبغي أن تنظم فيها الدولة القطاع الخاص:
٣ – تنظيم مختلف مستويات الحكومة: يجب على الحكومة المركزية أيضاً أن تنظم تقديم الخدمات على مستواها وعلى سائر مستويات الحكومة. وتقضي المادة٤|١| |د| بأن الدولة تكفل تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق مع الاتفاقية. وينبغي أن تُفهَم السلطات العامة بالمعنى الواسع بأنها تشمل السلطات عبر مختلف الوزارات المركزية في الحكومة وأيضاً، على نحو ما تقدم، جميع أجزاء الدولة، بما فيها المستويات الإقليمية والمحلية.