مقدمة

تنص اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على إنشاء آليات ومؤسسات وطنية لتنفيذ الاتفاقية ورصدها على الصعيدين الدولي والوطني.

وفيما يخص آليات التنفيذ والرصد على الصعيد الوطني، ينصب التركيز في هذه الوحدة على ما ورد في المادة ٣٣ من الاتفاقية. وهذه الآليات هي:

جهات الاتصال: تنص الفقرة ١ من المادة ٣٣ على تنفيذ الاتفاقية على الصعيد الوطني من خلال تعيين جهة اتصال أو جهات اتصال داخل الحكومة. ولا تشير الاتفاقية بالتحديد إلى من يمكنه أن يعمل بمثابة جهة اتصال |وزارة، أو قطاع من وزارة، أو شخص أو غير ذلك|. بل إن إنشاء جهة اتصال يعني في الحد الأدنى ألا تظل الاتفاقية ضمن اختصاص وزارة الشؤون الخارجية حصراً، باعتبارها مسألة دولية، بل ينبغي أن يخصَّص لها كيان يركز على تنفيذ الاتفاقية على الصعيد الوطني.

آلية التنسيق: تقضي الفقرة ذاتها، على أنه ينبغي أن تولي الدول الاعتبار الواجب لمسألة إنشاء أو تعيين آلية تنسيق داخل الحكومة لتيسير الأعمال ذات الصلة بالاتفاقية. ولعل من المفيد إنشاء آلية التنسيق هذه حتى وإن كان الأمر اختيارياً. وقد جرت العادة أن تتولى وزارة واحدة، مثل وزارة الصحة أو وزارة الشؤون الاجتماعية، تناول المسائل المتعلقة بالإعاقة. ومن الأمور التي قد تحدث أن تعليم الأطفال ذوي الإعاقة يوكل أحياناً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بدلاً من وزارة التعليم. ومثل هذا الترتيب قد يفاقم من الإقصاء ويعزز التفرقة. ولما كان نطاق الاتفاقية يشمل جميع الحقوق، فإن مجموعة من الوزارات ينبغي أن تتولى هذه المسؤولية، من قبيل وزارة الداخلية، ووزارة العدل، ووزارة التعليم، ووزارة العمل وغيرها. ويمكن أن تساعد آلية التنسيق في التكفل بأن الاتفاقية لا تظل حبيسة وزارة واحدة وأن المسؤوليات مشتركة.

الآلية المستقلة للتنفيذ والرصد: تركز الفقرة ٢ من المادة ٣٣ ، في المقابل، على إنشاء هيئة للإشراف على تنفيذ الاتفاقية. وتقضي بأن تقوم الدول بتشكيل أو تعزيز أو تعيين أو إنشاء آلية مستقلة واحدة أو أكثر بغية تعزيز تنفيذ الاتفاقية وحمايته ورصده. ومن المهم أن يشار إلى أن على الدول، عند إنشاء آليات من هذا النوع، أن تراعي "المبادئ المتعلقة بمركز وطرق عمل المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها"، التي تعرف أيضاً بمبادئ باريس. وسيتم تناول هذه المبادئ بمزيد من الإسهاب أدناه. وفي هذه المرحلة، من المهم الإشارة إلى أهمية هذه المبادئ للتكفل باستقلالية وحسن أداء آلية الرصد الوطنية كما تقضي به الاتفاقية.

وتنص الاتفاقية أيضاً على أن يسهم المجتمع المدني، ولا سيما الأشخاص ذوو الإعاقة والمنظمات الممثلة لهم، في عملية الرصد ويشاركون فيها مشاركة كاملة، كما ينبغي أن يشاركوا في وضع وتنفيذ التشريعات والسياسات الرامية إلى تنفيذ هذه . الاتفاقية، وفقاً للمادة

وتثير الإشارة إلى المجتمع المدني مسألتين اثنتين على الأقل:

|أ | ينبغي أن يساهم المجتمع المدني، ولا سيّما الأشخاص ذوو الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم، في عملية الرصد التي تجريها آلية الرصد المستقلة المنشأة بموجب المادة ٣٣ |وأن يشاركوا في أحسن الأحوال أيضاً في عمل جهة الاتصال وآليات التنسيق|؛

ب | يضطلع المجتمع المدني أيضاً بدور في رصد الاتفاقية، بشكل مستقل عن الآليات الأخرى المنشأة بموجب المادة ٣٣.

وبالإضافة إلى الإطار المحدد لرصد الاتفاقية وتعزيزها وحمايتها الذي ينشأ بموجب الاتفاقية، يمكن أن تضطلع البرلمانات والمحاكم الوطنية أيضاً بدور رئيسي في تعزيز الحقوق الواردة في الاتفاقية وحمايتها. وتشمل الآليات الأخرى المعنية مفتشي العمل، ومفتشي المدارس وأي آليات أخرى تضطلع بدور في رصد الحقوق. وينبغي أن يرصدوا حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مهام الرصد العامة التي يتولونها.

ولا يختلف إدراج مادة تفصل هيئات التنفيذ والرصد على الصعيد الوطني ومهامها عن النهج المتبع في معاهدات حقوق الإنسان الرامية إلى تعزيز رصد حقوق الإنسان على الصعيد الوطني. فقبل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، قضى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بأن تنشئ الدول الأطراف آليات وقائية على الصعيد الوطني.