قدم ثلاثة من أفراد أسرة صاحبة البلاغ دعاوى ضد صاحبة البلاغ في إطار قانون الأسرة والشؤون المدنية. وقدمت صاحبة البلاغ إفادات متواترة في وثائق ضخمة خلال إجراءات المحكمة وطعنت في كل قرار رأت أنه لا يصب في مصلحتها. وسعى أفراد أسرتها إلى استصدار أمر يرغمها على الكف عن بعض البيانات وسعوا إلى الحصول على تعويضات مادية. ودون الاستماع إلى صاحبة البلاغ شخصياً أو رؤيتها، أمرت المحكمة بإجراء فحص طبي على صاحبة البلاغ لتقييم ما إذا كانت قادرة على المشاركة في الإجراءات القانونية. وعللت المحكمة موقفها بأن سلوك صاحبة البلاغ في الإجراءات، وبما في ذلك إفاداتها الكثيرة والضخمة من حيث العدد إلى المحكمة أثارت شكوكاً بشأن قدرتها على المشاركة في الإجراءات. وطعنت صاحبة البلاغ في قرار المحكمة الذي يطلب إجراء فحص طبي عليها، وادَّعت أن ما من أسباب موضوعية للأمر بإجراء الفحص، واحتجت ضد عدم إجراء جلسة استماع شفهية قبل إصدار الأمر. وخسرت هذا الطعن، ولذلك نقلت طعنها إلى محكمتين ذواتي درجة أعلى، بما في ذلك المحكمة الاتحادية الدستورية، فرفضت المحكمتان طعنها.
ادَّعت صاحبة البلاغ أنها ضحية لانتهاكات للمواد ٧ |عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة|، ١٧ |الحق في الخصوصية| والفقرة ١ من المادة ١٤ |الحق في محاكمة عادلة|، وهي المواد الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفيما يتعلق بالمادة ٧، حاججت بأن طلب إجراء معالجة طبية كان "مهيناً" لأنه سيتسبب في مشاعر الخوف أو الأسى أو الدونية التي تحط من قدر الضحية. وفيما يتعلق بالمادة ١٧ ، حاججت أن إجراء الفحص الطبي غير الطوعي يعد تدخلاً في خصوصيتها وسلامتها، ودفعت بأن إخضاع شخص لفحوص طبية أو نفسية دون موافقته الصريحة لا يجوز إلا في ظروف استثنائية أو لأسباب قاهرة. وأخيراً فيما يتعلق بالفقرة ١ من المادة ١٤ ، حاججت بأن رفض المحكمة الاستماع إليها أو رؤيتها شخصياً قبل الأمر بإجراء الفحص الطبي انتهك حقها في محاكمة عادلة لأن جلسة الاستماع الشفهية تمثل عنصراً أساسياً من ضمانات المحاكمة العادلة.
طعنت الدولة في مقبولية البلاغ، ودفعت بأنه يشكل تعسفاً على حق تقديم البلاغات لأسباب شتى، بما في ذلك أن صاحبته لم تبين بأن أمر المحكمة بالبت في أهليتها اقتصر فقط على الإجراءات ضد أفراد أسرتها وليس أهليتها القانونية في مناح أخرى. وبخصوص الأسس الموضوعية للقضية، اعتبرت الدولة أنه ليس للدعوى "أساس واضح". ودفعت الدولة بأن صاحبة الدعوى لم تُجبر على إجراء الفحص لأن بوسعها أن ترفض رؤية الخبير، وفي هذه الحالة سيعد القرار على أساس الملفات. وبالإضافة إلى ذلك، قالت الدولة إنه كان بوسع صاحبة البلاغ أن تحظى بفرصة الاستماع إليها من المحكمة عندما تصل المحكمة إلى مرحلة تقييم رأي الخبير؛ بيد أن الإجراءات لم تصل إلى هذه المرحلة.
نظرت اللجنة في مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية معاً. وفيما يتعلق بالمقبولية، خلصت اللجنة إلى أن صاحبة البلاغ لم تقدم براهين تدعم دفعها بأن إجراء فحص من الخبير سيثير في حد ذاته شواغل تتصل بالمادة ٧، ولذلك فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول. وبالمثل، وجدت اللجنة بأن صاحبة البلاغ لم تدعم بلاغها بما يكفي من البراهين فيما يتصل بالفقرة ١ من المادة ١٤ . وفيما يتصل بالمادة ١٧ ، خلصت اللجنة إلى أن صاحبة البلاغ دعمت هذه الادعاءات لأغراض المقبولية وأن الدولة لم تطعن في ذلك.
خلصت اللجنة إلى أن أمر شخص بالخضوع لعلاج أو فحص طبي دون موافقته أو ضد رغبته يشكل تدخلاً في الخصوصية، وقد يرقى إلى اعتداء غير مشروع على شرفه وسمعته. ولكي يكون هذا التدخل جائزاً، فيجب أن يستوفي بعض الشروط، ومنها أن يكون القانون قد نص عليه، وأن يكون ممتثلاً لأحكام العهد وغاياته وأهدافه وأن يكون معقولاً في ظل الظروف. وخلصت اللجنة إلى أن إجراءات المحكمة لم تكن معقولة، لأن صاحبة البلاغ كان يتعين عليها إما أن تخضع لفحص أو أن يعد الخبير رأيه، بدل ذلك، على أساس الملف دون الاستماع إلى صاحبة البلاغ. وخلصت . إلى وجود انتهاك للمادة ١٧ بالاقتران مع الفقرة ١ من المادة ١٤ ولاحظت اللجنة أن الدولة كانت ملزمة بتقديم سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ وبمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وطلبت اللجنة معلومات بشأن التدابير المتخذة لمتابعة آرائها في غضون ١٨٠ يوماً. وطلبت اللجنة أيضاً من الدولة أن تنشر آراء اللجنة.
ومن المهم استعراض هاتين القضيتين، اللتين سبقتا الاتفاقية، في ضوء ضوابط الاتفاقية ومعاييرها. فالقضية الثانية بوجه خاص تثير مسائل معقدة. والمهم في الأمر أن إجراءات المحكمة، التي تشكك في الأهلية القانونية لصاحبة البلاغ، ستكون محل تساؤل بموجب الاتفاقية لأنها لا تحترم الأهلية القانونية على أساس متساو مع الآخرين |استخدام الإعاقة الذهنية كتمييز محتمل للحرمان من الأهلية القانونية فيما يتعلق بالقضية|. فكيف سيكون الأمر لو أن هذه القضية عُرضت على اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بموجب البروتوكول الاختياري للاتفاقية؟