لا تقدم الاتفاقية تعريفاً ضيقاً للإعاقة. وتنص ديباجتها على أن الإعاقة هي مفهوم قيد التطور. ومع ذلك فإن الاتفاقية تجسد نموذجاً اجتماعياً للإعاقة لأنها توضح أن الإعاقة تنجم عن تفاعل بين أشخاص ذوي عاهات والحواجز الخارجية التي تحول دون مشاركتهم في المجتمع.
ومن هذا المنظور، فإن الإطار المجسَّد في الاتفاقية يستند إلى الفهم بأن البيئة الخارجية، والمواقف المجسَّدة في إنشائها، هي ما يلعب دوراً محورياً في نشأة الحالة المصطلح عليها ب "الإعاقة". وهذا يناقض تماماً النموذج الطبي في التعامل مع الإعاقة، الذي يستند إلى مفهوم "الجسد المعطوب"، وإلى أن الإعاقة هي النتيجة البديهية لعجز بدني أو عقلي أو حسي لدى الشخص.
وبسبب هذا النهج لا يمكن أن يكون مفهوم "الإعاقة" جامداً بل إنه يتوقف على البيئة السائدة التي تختلف من مجتمع إلى آخر. وبينما تقرّ الاتفاقية بأن الإعاقة مفهوم قيد التطور، فهي تؤيد بوضوح فهم الإعاقة باعتبارها تنشأ من المجتمع، لأنها تصرح بأن الإعاقة "تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة والحواجز في المواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة وفعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين".
وتبعاً لهذا المفهوم، لا تقدم الاتفاقية تعريفاً ضيقاً عمّن يكون الأشخاص ذوو الإعاقة، بل إنها تصرح أنهم يشملون من يعانون من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة ، كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين |المادة ١ الغرض|.
: |٦| ومن العناصر الهامة التي ينبغي تدارسها ما يلي
والإشارة الصريحة للحواجز، الخارجة عن إرادة الشخص المعني، باعتبارها عوامل تشكل الإعاقة تمثل خطوة هامة تبتعد عن المفاهيم التي تساوي بين الإعاقة والقيود الوظيفية.
فمثلاً تعرّف الإعاقة في قواعد الأمم المتحدة الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارها "مختلف القيود الوظيفية التي تحدث في أي مجموعة من السكان في أي بلد من العالم. ويمكن أن يكون الأشخاص معاقين بعاهة بدنية أو عقلية أو حسية، أو ظروف طبية أو مرض عقلي". وترتقي الاتفاقية بهذا النهج في التعامل مع الإعاقة.
ولا تنكر الاتفاقية وجود العاهات البدنية أو العقلية أو الذهنية أو الحسية |المادة ١|؛ وإنما ترفض النهج الذي يقيد الأشخاص ذوي الإعاقة أو يحرمهم من المشاركة الكاملة في المجتمع بسبب هذه العاهات.
والأحرى أن يحدد مكمن العاهة |التقييد أو القيد| في مختلف الحواجز، التي يمكن أن تشمل الحواجز المادية، وأيضاً المواقف التي تؤدي إلى تشريعات وسياسات تمييزية. ويمكن أن يكون الجهل بالإعاقة أمراً ضاراً ولهذا السبب أدرِج إذكاء الوعي على نطاق واسع كأحد الأهداف الرئيسة للاتفاقية.
وتحدد الاتفاقية فئتين من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يمكنهم أن يتعرضوا بوجه خاص للتمييز والاعتداء على حقوقهم، وهما، النساء ذوات الإعاقة والأطفال ذوو الإعاقة .| |المادتان ٦ و ٧
تقر الاتفاقية بأن النساء ذوات الإعاقة كثيراً ما يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز لا على أساس الإعاقة فحسب بل على أساس الجنس |المادة ٦|. ونتيجة لذلك، ينبغي إيلاء عناية خاصة لإعداد برامج تأخذ في اعتبارها الجوانب الجنسانية وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، من قبيل رفع النسبة المئوية للفتيات والنساء ذوات الإعاقة المسجلات في منظومة التعليم نظراً لحقهن في التعليم.
ومن المجالات التي تكون فيها النساء والفتيات مستضعَفات العنف القائم على نوع الجنس. ويقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الأشخاص ذوي الإعاقة معرضون ثلاث مرات أكثر من غيرهم للاعتداء الجسدي والجنسي والاغتصاب. والنساء والأطفال ذوو الإعاقة معرضون بشكل أكبر ليكونوا ضحايا العنف أكثر من نظرائهم الذكور |٧| .
واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة هي معاهدة حقوق الإنسان المختصة بحقوق النساء. ويمكن أن تقرأ مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لزيادة الفهم الكامل لمسؤوليات الدول بمنع التمييز وتعزيز المساواة من أجل النساء ذوات الإعاقة.
تؤثر الإعاقة في حد ذاتها على جميع جوانب حياة الطفل ويمكن أن تكون لها تأثيرات مختلفة جداً في مختلف مراحل حياته. ومن الهام جداً التكفل بمراعاة حقوق الأطفال ذوي الإعاقة في القوانين والسياسات والبرامج وسائر التدخلات حتى لا يستثنى أي طفل.
وتقضي المادة ٧ من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بأن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الضرورية لكفالة تمتع الأطفال ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وذلك على قدم المساواة مع غيرهم من الأطفال. وتقتبس هذه المادة مصطلح "المصالح الفضلى للطفل" من اتفاقية حقوق الطفل وتقضي بأن يكون ذلك اعتباراً أساسياً في جميع التدابير المتعلقة بالأطفال ذوي الإعاقة.
ويقدم التعليق العام رقم ٩ |٢٠٠٦| بشأن حقوق الأطفال
ذوي الإعاقة، الصادر عن مجلس حقوق الطفل، إرشادات شاملة عن حقوق الأطفال ذوي الإعاقة في سياق اتفاقية حقوق الطفل. وقد اعتُمد هذا التعليق إبان المفاوضات بشأن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والإرشادات الواردة فيه ذات صلة بالمادة ٧.
يمكن أن يتعرض لأشكال متعددة من التمييز أشخاص آخرون ذوو إعاقة، مثل الأشخاص الأصليين ذوي الإعاقة أو المسنين ذوي الإعاقة.