كاف – مشاركة وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم

تشكل المشاركة الفعالة وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة جزءاً من المبادئ العامة للاتفاقية. بيد أنهما ينطويان على أهمية خاصة نظراً لعدم حضور الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة في اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم. وبذلك قد يكون من الأمور القيمة الاستفادة من هذا المبدأ إن سمح الوقت بذلك.

وتعزز مبادئ المشاركة والإدماج الكاملين والفعالين واقعاً يكون فيه الأشخاص قادرين على المشاركة بشكل كامل في الأبعاد العامة والخاصة لمجتمعهم وفي القرارات التي تؤثر على حياتهم.

المشاركة. لكي تكون المشاركة فعالة فيجب أن تتجاوز مجرد التشاور قبل المضي قدُماً في درب مرسوم مسبقاً أو في قرار محتوم. وينبغي أن تكون المشاركة الفعالة نشطة قدر الإمكان لكي يتسنى للأشخاص ذوي الإعاقة أن يشاركوا في عمليات اتخاذ القرار والأنشطة ذات الصلة. وتنطوي على عنصر المحاسبة. وينبغي أن يراعي صناع القرار المقترحات والأفكار التي يقدمها الأشخاص ذوو الإعاقة، سواء بتغيير إجراءاتهم أو أنشطتهم أو قراراتهم، وشرح عدم تغييرها إن تعذر عليهم ذلك.

لا يعني الإدماج مجرد وضع الأشخاص ذوي الإعاقة مادياً في نفس الفضاء مثل الأشخاص غير المعوقين |مثلاً في قاعة الدروس|. بل يعني تغيير المجتمع ومواءمته لكي يتسنى للأشخاص ذوي الإعاقة المشاركة على قدم المساواة مع الآخرين. فمثلاً في قاعة الدرس، قد يعني الإدماج تغيير المنهاج الدراسي واستيعاب الأشخاص الصم أو تغيير الأنشطة لكي تتعزز قدرات ومؤهلات كل تلميذ سواء أكان معوقاً أم لا.

ومن خلال المشاركة والإدماج:

وليست المشاركة والإدماج تجارب تقدَّم مرة واحدة؛ بل إنها تجارب تستمر على مدى الحياة.

وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يحظى الأشخاص ذوو الإعاقة بفرصة اتخاذ قرارات لا ترتبط بالضرورة بالإعاقة أو متعلقة بأشخاص غير معوقين. وفي بعض الأحيان، تتخذ بعض الترتيبات المتعلقة بإمكانية الوصول فيما يتصل بالأنشطة الموجهة بوجه خاص للأشخاص ذوي الإعاقة |مثلاً اجتماع بشأن حقوق ذوي الإعاقة|. بيد أن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم مصالح كغيرهم من أفراد المجتمع. فمثلاً، قد يرغب الشخص ذو الإعاقة في المشاركة في اجتماعات لا تتصل بالإعاقة وينبغي أن تشمل إمكانية الوصول حتى هذه الأنشطة أيضاً. وبهذا المعنى، ينبغي أن يطبَّق مبدأ المشاركة والإدماج على نطاق واسع.

ومنذ البداية، فقد كانت مشاركة المجتمع المدني النابض بالحياة، وممثلو منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، مصدر إلهام لعملية صياغة الاتفاقية.

وجرياً على الممارسة المتبعة في المناقشات المتعلقة بحقوق الإنسان، اعتُمدت المنظمات غير الحكومية بما في ذلك المنظمات التي تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة في اللجنة المختصة التي صاغت الاتفاقية وشاركت في الجلسات والاجتماعات ذات الصلة. وقدمت الجمعية العامة دعماً مستمراً للمشاركة الفعالة لمنظمات الإعاقة في عمل اللجنة المختصة.

وشكل تحالف واسع يجمع بين المنظمات التي تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات غير الحكومية المتحالفة المجموعة الدولية المعنية بالإعاقة، لتكون بمثابة صوت موحد للمجموعات العاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة من جميع جهات العالم. وقد صرَّح أحد أعضائها إن الهدف منها هو "فتح أبواب للتغيير الإيجابي الذي سينهي التمييز ويكفل حرياتنا وحقوقنا".

وربما كان مستوى مشاركة المنظمات التي تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات غير الحكومية في عملية الصياغة غير مسبوق في مفاوضات معاهدات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. فخلال الجلسة الختامية للهيئة المختصة، سُجل نحو ٨٠٠ عضو من هذه المنظمات. وبعد انقضاء المفاوضات، ظلت المنظمات التي تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة تشارك بفعالية في "حياة" الاتفاقية. وقد شاركوا مشاركة وثيقة في حفل التوقيع على الاتفاقية في ٣٠ آذار/ مارس ٢٠٠٧ وشاركوا في عمل اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومؤتمر الدول الأطراف ومجلس حقوق الإنسان، أي في النقاشات السنوية بشأن الاتفاقية.

فماذا كان الدور الذي اضطلعت به المنظمات التي تمثل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟ كان للمجموعة الدولية المعنية بالإعاقة حضور أساسي طوال مراحل العملية وقد أعربت عن شواغل المجتمع المدني الدولي والإقليمي والوطني في طاولة المفاوضات. واضطلعت المنظمات التي تمثل حقوق الإنسان بدور حاسم في صياغة نص وثيقة الفريق العامل، الذي يشكل أساساً للمفاوضات عن الصيغة النهائية للاتفاقية، التي كانت نتيجة لعمل ٢٧ حكومة، و ١٢ منظمة غير حكومية/منظمة تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة ومؤسسات وطنية لحقوق الإنسان.

وكان النص النهائي للاتفاقية نتاجاً لمفاوضات شملت الجميع بحق. واتُّخذت الكثير من المواقف وقُدمت مقترحات من المجتمع المدني، لا سيّما من المنظمات التي تمثل حقوق الإنسان وخاصة من خلال المجموعة الإقليمية المعنية بالإعاقة. وتمثل المقترحات الجوهرية التي قدمتها المجموعة الإقليمية المعنية بالإعاقة، مثلاً بشأن الحاجة إلى التكفل بالتشاور مع الأشخاص ذوي الإعاقة في وضع السياسات واتخاذ القرارات، جزءاً لا يتجزأ من الاتفاقية.

وشكل دور المجموعة الإقليمية المعنية بالإعاقة والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في المفاوضات عنصراً أساسياً في التكفل بإدماج مسألة تنفيذ الاتفاقية ورصدها على الصعيد الوطني التي تقضي بأن تنشئ الدول آلية مستقلة لحماية وتعزيز ورصد الاتفاقية.

لا شيء يخصنا يتم بدون مشاركتنا!

يستند شعار "لا شيء يخصنا يتم بدون مشاركتنا" على مبدأ المشاركة وتستعين به المنظمات التي تمثل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من الحركة العالمية لتحقيق المشاركة الكاملة وتكافؤ الفرص من أجل الأشخاص ذوي الإعاقة وبهم ومعهم. والرسالة الأساسية هي أنه يجب دوماً أن يكون الأشخاص ذوو الإعاقة مشاركين بشكل مباشر عند التخطيط للاستراتيجيات والسياسات التي ستؤثر تأثيراً مباشراً على حياتهم.

وقد جاء على لسان أحد ممثلي مؤسسة وطنية معنية بحقوق الإنسان قبل اعتماد الاتفاقية، "لقد ساعدت المشاركة الفعالة للمجتمع المدني بوجه خاص في منح الاتفاقية تركيزاً وأهمية مستدامين والتسريع في صياغتها |...| وقد كفل هذا الانفتاح والشمولية أن يكون لهذا النص الطويل من الاتفاقية تيار كهربائي قوي".

ولم يتوقف الدور الأساسي للمجتمع المدني باعتماد الاتفاقية؛ بل استمر مع تنفيذها. والأشخاص ذوو الإعاقة هم عناصر رئيسية في التكفل بالأنشطة الترويجية والإعلام بشأن الاتفاقية. ويتعلق النهج الجديد للاتفاقية بشكل كبير بالتفاهم وتبادل وجهات نظر الأشخاص ذوي الإعاقة. وهؤلاء الأشخاص لهم أيضاً دور حاسم في عملية استعراض التدابير الوطنية واقتراحها.