اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة دليل التدريب

الأمم المتحدة، حقوق الإنسان
i
image
ii
image

سلسلة التدريب المهني رقم

image

نيويورك وجنيف

iii

ملاحظة

ليس في التسميات المستخدمة في هذا المنشور ولا في طريقة عرض مادته ما يعبر عن أي رأي كان للأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن الوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة، ولا بشأن رسم حدودها أو تخومها.

تتألف رموز وثائق الأمم المتحدة من حروف وأرقام. ويعني إيراد أحد هذه الأرقام الإحالة إلى إحدى وثائق الأمم المتحدة.

HR/P/PT/19

مطبوعات الأمم المتحدة

A.14.XIV.2 :رقم المبيع

ISBN: 978-92-1-644027-2

e-ISBN: 978-921-056498-4

الأمم المتحدة – © 2014

جميع الحقوق محفوظة

iv

تصدير

اعتُمدت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري في ٣١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٦ ودخلا حيز النفاذ في ٣ أيار/مايو ٢٠٠٨ . وقد جاءت الاتفاقية وبروتوكولها إلى الوجود بفضل المطالب القوية للأشخاص ذوي الإعاقة عبر العالم من أجل احترام حقوقهم وحمايتها وإعمالها على قدم المساواة مع الآخرين.

وتُعظِّم الاتفاقية شأن التنوع البشري والكرامة الإنسانية. ورسالتها الرئيسية أنه يحق للأشخاص ذوي الإعاقة التمتع بكامل حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون تمييز. وهذه الرسالة مجسدة في ديباجة الاتفاقية وموادها. وتحظر الاتفاقية التمييز على أساس الإعاقة وتنص على توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة للأشخاص ذوي الإعاقة تحقيقاً للمساواة، وتشجع في الآن ذاته على مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة مشاركة كاملةً في جميع مناحي الحياة. وتنص الاتفاقية على الالتزام بنشر تصورات إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعميق الوعي الاجتماعي بهم، وهي بذلك تنبري للعادات والسلوكات القائمة على القوالب النمطية وأشكال التحيز والممارسات الضارة والوصم في حق الأشخاص ذوي الإعاقة. وإذ ينص البروتوكول الاختياري للاتفاقية على آلية لتقديم الشكاوى، فإنه يكفل حق الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة بغيرهم، في الانتصاف من انتهاكات الحقوق المكرَّسة في الاتفاقية.

والمهم في الأمر أن الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري يتصديان للتصورات السابقة عن الإعاقة – كأن يُنظر إليها بمثابة مشكلة طبية أو باعث على الشفقة أو الإحسان – ويُنشئان نهجاً مُمكّناً يقوم على حقوق الإنسان في التعامل مع الإعاقة.

ومن خلال هذا التحول النوعي المشهود، تشق الاتفاقية مساراً جديداً وتقتضي أسلوباً جديداً من التفكير. ويستدعي تنفيذها إيجاد حلول مبتكرة. وتوخياً للسداد منذ البداية، يجب أن تكون أهداف الاتفاقية ومفاهيمها وأحكامها مفهومة فهماً جيداً لدى جميع الجهات الفاعلة: المسؤولون الحكوميون والبرلمانيون والقضاة؛ وممثلو الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة، وصناديقها وبرامجها والمهنيون في مجالات من قبيل التعليم والصحة وخدمات الدعم؛ ومنظمات المجتمع المدني وموظفو المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان؛ وأرباب العمل وممثلو وسائط الإعلام؛ والأشخاص ذوو الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم وعامة الجمهور.

ولئن كان التصديق على الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري يتقدم بخطى حثيثة، فإن المعرفة بسبل تنفيذهما ورصدهما ظلت متخلفة. وإدراكاً لهذا التحدي، أعد مكتبي دليل التدريب على الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري. ويأتي هذا الدليل في ثماني وحدات تدريب نسقية، صُمِّمت للإعلام ولتنوير الجهات المعنية بالتصديق على هذين الصكين وتنفيذهما ورصدهما. ومع أن دليل التدريب هذا موجه أساساً إلى ميسري دورات التدريب بشأن الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري، فهو يقرّ بأن لكل واحد منا دوراً يتعين عليه الاضطلاع به. وإني أُوصي بأن يُنشر دليل التدريب هذا على أوسع نطاق، وأحث كل من يرغب في الاطلاع على هذا الموضوع الأساسي أن يستعين به تعميقاً للوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيزاً لفعالية إعمال هذه الحقوق وبناء مجتمع يضم الجميع.

نافانيثيم بيلاي

مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

v
vi

المحتويات

vii
1

نبذة عن دليل التدريب

معلومات أساسية

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري في عام ٢٠٠٦ ليكونا بمثابة وسيلة لتحسين احترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يمثلون زهاء ١٥ في المائة من سكان العالم، حسب أحدث الأرقام. ومنذ عام ٢٠٠٦ ، تَقدّم التصديق على الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري بخطى حثيثة. بيد أن المعرفة بالاتفاقية وسبل تنفيذها ورصدها لم تواكب بالضرورة وتيرة التقدم تلك. وقد أفضى ذلك بدوره إلى تنامي الطلب على دورات التدريب لبناء قدرات الجهات الفاعلة الوطنية – ممثلو الحكومات، والمجتمع المدني، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وغيرهم.

وقد أعد مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دليل التدريب هذا استجابةً لتلك الطلبات. ويسعى الدليل إلى تقديم معلومات أساسية عن نهج قائم على حقوق الإنسان في التعامل مع الإعاقة، وعن العناصر الأساسية للاتفاقية وبروتوكولها الاختياري، وعن العمليات والمسائل المتصلة بالتصديق عليهما وتنفيذهما ورصدهما. وبهذا، تلائم المواد المقدمة في هذا الدليل بوجه خاص دورات التدريب التمهيدية بشأن الاتفاقية.

وقد أُعدت مواد هذا الدليل بادئ الأمر في عام ٢٠١٠ ثم روجعت خلال عام ٢٠١١ . وفي آب/أغسطس ٢٠١١ نظمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دورة لإقرار الدليل شارك فيها ممثلون عن هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وإدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وممثلو التحالف الدولي المعني بقضايا الإعاقة. وعلى هذا الأساس، وُضعت الصيغة النهائية للدليل ثم نُشرت.

لمحة عامة عن دليل التدريب

كيفية استخدام دليل التدري ب |١|

تستند دورات التدريب إلى منهجية تدريب اعتمدها قسم المنهجيات والتثقيف والتدريب التابع للمفوضية السامية. وتشمل كل وحدة ثلاث وثائق رئيسية:

.وتتبع دورات التدريب عموماً عرضاً تسلسلياً للشرائح الحاسوبية يتضمن أسئلة وأجوبة يعقبها نشاط جماعي

والمنهجية المبينة في دليل التدريب تفاعلية وتشجع على نهج تشاركي. ومن المهم التقيد بهذا النهج طوال الدورة. وينبغي أن يستعين الميسرون بعروض الشرائح الحاسوبية للتشجيع على النقاش وتبادل المعلومات والتجارب مع المشاركين وفيما بين هؤلاء. وينبغي أن يجتنب الميسر أسلوب الإلقاء الأحادي |المونولوغ| حيث يقدم الميسر المعلومات فيما يأخذ المشاركون رؤوس أقلام. ويسعى دليل التدريب إلى سد أي ثغرات معرفية قد يواجهها الميسرون، وبهذا المعنى يكون سنداً يُعين الميسرين قبل الدورة. بيد أنه ينبغي أن يجتنب الميسرون التوكل على دليل التدريب خلال دورات التدريب فيتحول العرض إلى محاضرة لا إلى نقاش مع المشاركين.

وينبغي أن يهيئ الميسرون المواد الواردة في دليل التدريب وفق ما يتلاءم وخصوصية كل جمهور. فليس من الضروري أن تتناول كل دورة تدريبية الوحدات الثماني جميعها، ولا من الضروري أن تُعرَض الوحدات حسب ترتيب معين أو أن تغطَّى جميع الجوانب في كل وحدة. بل إن ما ينبغي استحضاره هو أن يقدم الميسر دورة تدريبية تستجيب لاحتياجات المشاركين.

وبالمثل، ينبغي أن يعدّ الميسر الدورة مسبقاً بأن يأتي بأمثلة ومواد ذات صلة بالبلد والمنطقة التي تُجرَى فيها الدورة. ويتعين على الميسر بذلك أن يتعرف على المنطقة، ويحدد أبرز مناحي التقدم والتحديات التي تواجه التصديق على الاتفاقية، وتنفيذها ورصدها، وأن يستشهد بحالات وأوضاع محلية ذات صلة. وقد يلزم في بعض الأحيان تغيير المواد والأنشطة الجماعية كلية لمواءمة السياق.

التخطيط للدورة

إجراء تقييم لاحتياجات التدريب لمعرفة ما يحتاجه المشاركون من الدور ة |٢|

يمكّن تقييم احتياجات التدريب الميسر من الإلمام باحتياجات المتدربين المحتملين والسياق الذي يعملون فيه، من أجل اتخاذ قرارات مستنيرة تتصل بإعداد دورة التدريب. ويساعد تقييم احتياجات 3 . التدريب أيضاً على إرشاد القرارات إلى أنسب محتويات دورة التدريب المرتقبة وطرائق وتقنيات إجرائها وإطارها الزمني

وينبغي أن يمكَّن الميسر من جمع المعلومات اللازمة لرسم صورة كافية عن سياق حقوق ذوي الإعاقة، وإعداد مواصفات المتدربين المحتملين، والتعرف على الثغرات من حيث القدرات أو احتياجات المتدربين فيما يتعلق بتشجيع نهج قائم على الحقوق في التعامل مع الإعاقة.

ويستحسن أن تُرسَل استمارة ما قبل الدورة إلى المشاركين شهراً قبل موعد الدورة. فقد تساعد هذه المعلومات على تصميم خطة الدورة/وبرنامج عملها وصقلهما. وتخدم استمارة ما قبل الدورة أغراضاً متعددة. ذلك أنها:

وينبغي أن تشمل استمارة ما قبل الدورة أسئلة من قبيل:

5

الوحدة ١ – ما هي الإعاقة؟

مقدِّمة

تشرح الوحدة ١ مفهوم الإعاقة، وهو ما يمثل خطوة أساسية في فهم الحاجة التي دعت إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وتحدد هذه الوحدة المفهوم الحديث المتعلق ب "كيفية عمل الإعاقة" وتضعه في السياق التاريخي لشتى نُهج التعامل مع الإعاقة، سواء تلك القائمة على الإحسان أو القائمة على التشخيص الطبي للعاهات. وتدرس هذه الوحدة بعض تأثيرات هذه النُهج ثم تقدم مدخلاً للنهج القائم على حقوق الإنسان، تمهيداً للوحدة ٢. وهناك بعض الازدواجية في شرائح الوحدتين ١ و ٢، لأن الوحدة ١ يمكن أن تقدَّم بمعزل عن الوحدة ٢ أو يمكن أن تثار مفاهيم متشابهة في كلتا الوحدتين لتعزيزهما، بحسب دورة التدريب والمشاركين فيها. ويمكن للميسر دوماً أن يختار الشرائح التي تناسب العرض.

ألف – كيف تعمل الإعاقة

يرى الكثير من الناس الإعاقة باعتبارها حالة متأصلة في الشخص – مثل حالة صحية تقتضي من الشخص أن يلزم كرسياً متحركاً أو أن يتناول الدواء. بيد أن المفهوم الحديث للإعاقة، كما سيتضح في هذه الوحدة، يصورها بمثابة تفاعل بين حالة الفرد الشخصية |كأن يلزم كرسياً متحركاً أو تكون له عاهة بصرية| والعوامل المتعلقة بالبيئة |مثل المواقف السلبية أو المباني التي يتعذر الوصول إليها| وهي تؤدي مجتمعة إلى الإعاقة وتؤثر على مشاركة الفرد في المجتمع. ومن ذلك على سبيل المثال:

وتتعدد أوجه العوامل الشخصية ويمكن أن تكون بدنية واجتماعية اقتصادية في الآن معاً. فعلى سبيل المثال:

ويمكن أن تتفاعل العوامل الشخصية لتضاعف من الإعاقة أو تخفف من أثرها. فعلى سبيل المثال، يمكن للشخص الثري ذي الإعاقة البدنية أن يحصل على تعليم عال ومن ثم إيجاد عمل. وقد يزيد ذلك من مشاركته في المجتمع ويخفف من إعاقته إلى حد ما.

ويمكن أن ترتبط عوامل المحيط بأربعة عوامل فرعية على الأقل:

ويمكن أن تجتمع عوامل المحيط أيضاً لتضاعف من الإعاقة أو تخفف من أثرها. وإزاء زيادة الوعي بالإعاقة، يغلب أن يوجد خليط بين العوامل البيئية الإيجابية والسلبية. فعلى سبيل المثال، قد تصبح إمكانية الوصول إلى مدرسة ما متيسرة بتوفير ممرات للكراسي المتحركة. بيد أن خدمات النقل العام تظل غير متيسرة، وهذا يعني أن الطفل ذي العاهة البدنية لا يمكنه أن يصل إلى المدرسة، بالرغم من انفتاح بيئة المدرسة.

وتقترن هذه العوامل لتحدد مدى إمكانية مشاركة الفرد في المجتمع، ومن ثم مدى وجود الإعاقة.

باء – مختلف نُهج التعامل مع الإعاقة

توجد نهج مختلفة للتعامل مع الإعاقة في العالم، وبعضها أكثر حضوراً من غيره في بعض أنحاء العالم.

النهج القائم على الإحسان

يتعامل النهج القائم على الإحسان مع الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم متلقين لأفعال الخير أو لمدفوعات الرفاه لا أفراداً ممكَنين يملكون الحق في المشاركة في الحياة السياسية والثقافية والنماء. وما يميز هذا النهج هو أنه يعتبر الأشخاص ذوي الإعاقة غير قادرين على التكفل بأنفسهم بسبب عاهاتهم. ونتيجة لذلك، فالمجتمع من يتكفل بهم. ولا يمكن الحديث في هذا النهج عن أي ظروف مرتبطة بالمحيط؛ إذ يُنظر إلى الإعاقة باعتبارها مشكلة فردية. ومن هذا المنطلق، يكون الأشخاص ذوو الإعاقة مدعاة للشفقة ويعتمدون على تعاطف المجتمع. وبالإضافة إلى ذلك، يعتمد الأشخاص ذوو الإعاقة على أصحاب الواجب: الخيريات، ودور الإحسان، ومؤسساته، والكنائس، التي يفوض المجتمع لها سياسات الإعاقة والمسؤولية عن الأشخاص ذوي الإعاقة. وفي إطار هذا النموذج، يُنزع التمكين عن الأشخاص ذوي الإعاقة، ولا يتحكمون في حياتهم وتقل مشاركتهم أو لا يشاركون بتاتاً. ويعتبرون عبئاً على المجتمع. ولأن الإحسان يأتي من حسن النوايا، فإن جودة "الرعاية" لا تكون بالضرورة متسقة أو حتى ذات بال.

وبدلاً من أن يعزّز هذا النهج المساواة والإدماج، فإنه يزيد من المسافة بين الأشخاص ذوي الإعاقة والمجتمع.

النهج الطبي

في النموذج الطبي، ينصب التركيز كثيراً على عاهة الشخص، التي تصوَّر باعتبارها مصدراً لعدم المساواة. وتستوعَب حقوق واحتياجات الشخص أو تحدَّد بالعلاج الطبي المقدم للمريض |أو المفروض عليه|. وفي النموذج الطبي، يمكن "إصلاح أعطاب" الأفراد بالدواء أو إعادة الإدماج لكي يعودوا إلى المجتمع. وفيما يخص الأشخاص ذوي العاهات العقلية تحديداً، يمكن أن يشكل العلاج الطبي فرصة للمريض "الجامح" |الأشخاص ذوو الإعاقات العقلية الذين غالباً ما يعتبرون أشخاصاً خطرين|لكي يصبح مريضاً "صالحاً". ولكي يعتبر الأشخاص ذوو الإعاقة قادرين على التكفل 7 بأنفسهم، فيتعين عليهم أن "يعالَجوا" من العاهة أو على الأقل أن تخفَّف العاهة إلى أدنى حد ممكن. ولا يمكن الحديث عن أي ظروف تتصل بالمحيط في هذا النهج، إذ يُنظر إلى الإعاقة باعتبارها مشكلة فردية. فالأشخاص ذوو الإعاقة هم مرضى يجب أن يعالَجوا لكي يصبحوا أشخاصاً عاديين.

وعندما تُعامل الإعاقة باعتبارها مشكلة طبية في الأساس، يكون للخبراء مثل الأطباء، والأطباء النفسانيين والممرضين والممرضات سلطة واسعة على الأشخاص ذوي العاهات؛ ويتخذ العاملون في المؤسسة قرارات تخص المرضى، وتُعامَل تطلعات هؤلاء المرضى في إطار طبي. وإذا تعذرت إعادة الإدماج الكامل، فلن يتمكن الأشخاص ذوو الإعاقة من العودة إلى المجتمع وسيظلون في المؤسسات. وتفهَم الإنجازات والإخفاقات داخل أسوار المؤسسة باعتبارها تتصل بالعاهة ومن ثمّ فهي مبررة. وفي أسوأ الحالات، يمكن أن يُتخذ هذا النهج مبرراً للاستغلال والعنف والاعتداء.

وغالباً ما يمتزج هذا النموذج بالنهج القائم على الإحسان. فعلى سبيل المثال، تجمع الخيريات الأموال من أجل مرافق إعادة الإدماج وتسييرها. وأصحاب الواجب في هذا النهج هما القطاع الصحي والدولة. وعندما يقترن هذا النموذج بالنهج القائم على الإحسان، فإن الخيريات ودور الإحسان والمؤسسات الدينية تضطلع أيضاً بدور هام. وفي إطار هذا النموذج، يُنزَع التمكين عن الأشخاص ذوي الإعاقة ولا يتحكمون في حياتهم وتقل مشاركتهم أو تنعدم. وعادة ما يمثل القطاع الصحي والعاملون فيه والخيريات مصالح الأشخاص ذوي الإعاقة، لأنه يُنظر إليهم باعتبارهم يملكون المعرفة بما يخدم المصالح الفضلى لمرضاهم.

النهج الاجتماعي

يطرح النهج الاجتماعي نوعاً مختلفاً تماماً من التفكير: فيُقرّ بالإعاقة باعتبارها نتيجة للتفاعل الفردي مع بيئته التي لا تستوعب اختلافات ذلك الفرد. ويعيق غياب الاستيعاب مشاركة الفرد في المجتمع. ولا يعزى عدم المساواة إلى العاهة، بل إلى عدم قدرة المجتمع على إزالة الحواجز التي تعترض الأشخاص ذوي الإعاقة. ويضع هذا النموذج الشخص لا عاهته في صميم اهتمامه، ويقر بقيم الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم كجزء من المجتمع.

ولا يلغي الانتقال من النموذج الطبي إلى النموذج الاجتماعي بأية حال أهمية الرعاية والنصح والمساعدة التي يقدمها الخبراء الطبيون والمؤسسات الطبية، وقد تطول مدتها أحياناً. وفي حالات عدة، يتطلب الأشخاص ذوو الإعاقة المعالجة الطبية والرعاية، وإجراء الفحوص، والرصد الدائم وتناول الأدوية. وفي النموذج الاجتماعي، يواصلون الذهاب إلى المستشفيات والمراكز التي توفر علاجاً خاصاً عند الاقتضاء. والاختلاف هنا يكمن في أسلوب التعامل مع العلاج بوجه عام: إذ يستجيب لتطلعات المريض، وليس لتطلعات المؤسسة. ويسنِد النموذج الاجتماعي للممرضين والأطباء والأطباء النفسانيين والإداريين أدواراً وهويات جديدة. وستقوم علاقتهم مع الأشخاص ذوي الإعاقة على الحوار. ولن يكون الطبيب بعيداً عن الشخص ذي الإعاقة، بل قريباً منه، ذلك أن المساواة تبدأ في المستشفى لا خارجه. وتمثل الحرية والكرامة والثقة والتقييم والتقييم الذاتي جميعها سمات للنموذج الاجتماعي.

وفي إطار النموذج الاجتماعي، لا تعد الإعاقة "خطأ" للمجتمع بل عنصراً من عناصر تنوعه. فالإعاقة هي بناء اجتماعي – أي نتيجة للتفاعل في المجتمع بين العوامل الشخصية وعوامل المحيط. وليست الإعاقة مشكلة فردية بل نتيجة لسوء تنظيم المجتمع. ونتيجة لذلك، ينبغي أن يعيد المجتمع هيكلة سياساته، وممارساته، ومواقفه، وإمكانية الاستفادة من المحيط، والأحكام القانونية والمنظمات السياسية ومن ثمّ تفكيك الحواجز الاجتماعية والاقتصادية التي تمنع الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة الكاملة. ويعارض هذا النموذج النهج القائم على الإحسان والنهج الطبي إذ يقتضي أن يشارك الأشخاص ذوو الإعاقة في صياغة جميع السياسات والقوانين. وأصحاب الواجب في إطار هذا النموذج هم الدولة – بما في ذلك جميع الوزارات وفروع الحكومة – والمجتمع أيضاً. وفي إطار هذا النموذج، يمكَّن الأشخاص ذوو الإعاقة، ويتحكمون في حياتهم ويتمتعون بالمشاركة الكاملة على قدم المساواة مع غيرهم. وبذلك لا يقع عبء الإعاقة عليهم بل على المجتمع.

النهج القائم على حقوق الإنسان

يستفيد النهج القائم على حقوق الإنسان من النهج الاجتماعي إذ يعترف بأن الأشخاص ذوي الإعاقة أصحاب حقوق وأن الدولة وغيرها مسؤولون عن احترام هؤلاء الأشخاص. ويتعامل مع الحواجز في المجتمع باعتبارها تمييزية، ويتيح للأشخاص ذوي الإعاقة مجالاً لتقديم الشكاوى عندما يواجهون تلك الحواجز. ومن الأمثلة على ذلك مسألة الحق في التصويت. فالشخص المكفوف له الحق في التصويت مثل غيره في المجتمع. بيد أنه إذا لم تُتَح 8 معدات التصويت في أشكال متيسرة من قبيل لغة برايل وتعذر على الشخص أن يصطحب شخصاً موثوقاً به إلى قاعة التصويت لمساعدته في تحديد المرشح الذي يختاره، فعندها لن يكون بإمكان الشخص المكفوف التصويت. ويقرّ النهج القائم على حقوق الإنسان في التعامل مع الإعاقة أن غياب معدات التصويت وعدم القدرة على توفير المساعدة في التصويت يمثلان ضرباً من التمييز، ويضع على عاتق الدولة مسؤولية التكفل بإزالة هذه الحواجز التمييزية. وعند تعذر ذلك، ينبغي أن يكون الشخص المعني قادراً على تقديم شكوى رسمية.

وليس الباعث في النهج القائم على حقوق الإنسان هو الشفقة، بل الكرامة والحرية. ويسعى هذا النهج إلى إيجاد سبل لاحترام التنوع البشري ودعمه وإعلاء شأنه بتهيئة الظروف التي تمكن طائفة واسعة من الأشخاص، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة، من المشاركة الفعلية. وبدل التركيز على الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم مجرد متلقين لأفعال الإحسان، يسعى هذا النهج إلى مساعدة الأشخاص على مساعدة أنفسهم لكي يتمكنوا من المشاركة في المجتمع، وفي التعليم وفي مكان العمل، وفي الحياة السياسية والثقافية ومن الدفاع عن حقوقهم من خلال الوصول إلى العدالة.

ويمثل النهج القائم على حقوق الإنسان اتفاقاً والتزاماً من جانب الأشخاص ذوي الإعاقة، والدول ومنظومة حقوق الإنسان الدولية بتنفيذ بعض الجوانب الأولية للنهج الاجتماعي. وهذا النهج مُلزم لجميع الدول التي صدقت على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ويجب على الدول أن تقضي على الأفعال التمييزية وأن تمنع حدوثها. ويقر النهج القائم على حقوق الإنسان أن جميع السياسات والقوانين ينبغي أن تصمَّم بمشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة، وأن تُدرَج الإعاقة في جميع مناحي الحياة السياسية. وحسب هذا النموذج، لا ينبغي أن تصمَّم أي سياسات "خاصة" من أجل الأشخاص ذوي الإعاقة، بالرغم من الخصائص المطلوبة للامتثال لمبدأ المشاركة الكاملة.

وفي إطار هذا النموذج، الذي يفوض فيه المجتمع بتنفيذ السياسات المتعلقة بالإعاقة، تكون الدولة هي صاحبة الواجب الرئيسية – بما في ذلك جميع وزاراتها وفروعها. وتوجد بعض الأحكام التي تتناول القطاع الخاص، وهناك دور محدد منوط بالمجتمع المدني، لا سيّما الأشخاص ذوو الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم. وفي إطار هذا النموذج، تكون للأشخاص ذوي الإعاقة الحقوق والأدوات التي تمكنهم من المطالبة بحقوقهم. ويملكون الأدوات التي تمكنهم من التحكم بحياتهم والمشاركة الكاملة على قدم المساواة مع غيرهم. ويقتضي النهج القائم على حقوق الإنسان أن يشارك الأشخاص ذوو الإعاقة مشاركة وثيقة في صنع القرارات بموجب القانون.

جيم – نتائج النهج القائم على حقوق الإنسان والنهج الطبي في التعامل مع الإعاقة

عندما يتم التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم "مدعاة للشفقة" أو "مشاكل ينبغي حلها"، فإن عبء الإعاقة يقع على الفرد، ويكون التحول الاجتماعي، نتيجة لذلك، ضرباً من المستحيل. ثم إن ذلك قد يتسبب ذلك في ظهور بعض المعايير الاجتماعية التي تصعِّب حتى على الأشخاص ذوي الإعاقة المشاركة في المجتمع والتمتع بحقوقهم.

"تصور الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم أشخاصاً "خاصين

الفرق الرئيسي بين النهج الطبي والنهج القائم على الإحسان من جهة والنهج الاجتماعي والنهج القائم على حقوق الإنسان في مجال الإعاقة من جهة أخرى يتجسد في الاختلاف بين المعاملة "الخاصة" والمعاملة "الشاملة". ومصطلح "خاص" غالباً ما يُثار في ارتباط مع الأشخاص ذوي الإعاقة: الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة، المدارس الخاصة، الخدمات الخاصة، المؤسسات الخاصة. بيد أن هذا الطابع "الخاص" هو ما تنأى عنه الاتفاقية بحد ذاتها. فأن 9 يكون المرء خاصاً في سياق الإعاقة ليس بالضرورة أمراً محموداً؛ بل قد يفضي إلى التهميش.

ولنأخذ المدارس الخاصة على سبيل المثال: تمكن المدارس الخاصة الأشخاص ذوي الإعاقة من التفاعل فقط مع أشخاص آخرين ذوي إعاقة أو مع بعض "المهنيين". وهذا يجبرهم على العيش في وضع غير واقعي لأنه لا يجسد تنوع المجتمع. فمن يستفيد إذن من ذلك؟ أهُم الأشخاص ذوو الإعاقة؟ أم الأشخاص غير المعوقين؟ من الصعب أن نرى فوائد للأفعال/القرارات الرامية إلى عزل البشر. فالبشر اجتماعيون بطبعهم، والأطفال يحق لهم الدراسة واللعب مع أقرانهم. وينبغي أن يكون التنوع والإدماج هو القاعدة.

فالمدرسة المعزولة ليست مرآة حقيقية للمجتمع. فهناك يكون التنوع محدوداً جداً. والمشاكل التي تُناقَش بين الطلبة "ذوي الاحتياجات الخاصة" والأساتذة "المختصين" تتأثر بالبيئة المركزة على الإعاقة. ومقارعة الأفكار والآراء تفتقر إلى جمهور أكثر تنوعاً، بما في ذلك الأشخاص غير المعوقين الذين لا يواجهون حواجز مادية أو على صعيد المواقف.

ويمثل الحق في التعليم حقاً هاماً، يترابط مع سائر حقوق الإنسان. وفي المدرسة، يتعلم الأشخاص ذوو الإعاقة والأشخاص غير المعوقين توقعات المجتمع والفرص الكامنة فيه. ويتعلمون النظريات والمهارات والانضباط؛ وتترسخ لديهم القيم التي قد يكونوا طوروها في محيط أسرهم وأصدقائهم؛ ويطورون قيماً جديدة. والمدرسة في حد ذاتها هي مجتمع يتقاسم فيه الأطفال نفس الجداول الزمنية، والأماكن والالتزامات. ومن خلال التفاعل مع الأساتذة وغيرهم، يتعلم التلاميذ الصغار العيش في المجتمع بشكل مستقل والتفاعل باستمرار مع سائر أفراد المجتمع. وتمثل المدرسة فرصة أولية للعيش المستقل الذي يشمل في مرحلة لاحقة من الحياة العمل المجزي، والمشاركة في الحياة السياسية والعامة، وتكوين بيت وأسرة، والوصول إلى العدالة، والاستفادة من فرص العمل. ويتيح التنوع في الفصل الدراسي فرصة فريدة لمناقشة حقوق الإنسان وتداول الآراء.

وكمثال آخر على كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم أشخاصاً "خاصين" في إطار النهج الطبي/النهج القائم على الإحسان، أن يودع هؤلاء الأشخاص في مؤسسات. فكثيراً ما أُجبِر الأشخاص ذوو الإعاقة – ولا سيّما الأشخاص ذوو الإعاقات النفسية الاجتماعية والإعاقات العقلية – على الإيداع في مؤسسات للعلاج النفسي، بعيداً عن مجتمعاتهم ودون حرية في اختيار العلاج الطبي.

وفي إطار النهج القائم على حقوق الإنسان، للأشخاص ذوي الإعاقة الحق في الحرية على قدم المساواة مع غيرهم، ولا يمكن تبرير الحرمان من الحرية على أساس الإعاقة. ويُحظر الإيداع القسري بمؤسسات الرعاية أو المستشفيات على أساس الإعاقة. ولا ينبغي أن يودع شخص في مؤسسة للرعاية ضداً على إرادته ما لم تسر أسباب هذا الإيداع على غيره من الأفراد غير المعوقين في المجتمع |على سبيل المثال، السجن نتيجة ارتكاب جريمة وصدور حكم به من القاضي|.

وللأشخاص ذوي الإعاقة الحق في العيش في المجتمع، واختيار مكان العيش ومع من يعيشون، على قدم المساواة مع غيرهم. ولا يعني العيش المستقل بالضرورة العيش المنعزل. فالكثير من الناس يعيشون في اتصال دائم مع الآخرين، بما في ذلك في البيت ذاته. ويعيش الناس مع أفراد آخرين من نفس الأسرة، ومع الأصدقاء ومع الزملاء. وهذا التعايش عادة ما ينظر إليه باعتباره عيشاً مستقلاً.

وكلما أمكن لشخص أن يتخذ قراراته الخاصة – بما في ذلك المكان الذي يعيش فيه ومع مَن – وأن تحظى قراراته تلك بالاحترام، فعندها يقال إن الشخص يعيش مستقلاً. والأمر ذاته يسري على الأشخاص ذوي الإعاقة. ويمكن تقديم الدعم خلال العيش المستقل. وللأشخاص ذوي الإعاقة الحق في تلقي الدعم إن طلبوه. ويشكل العيش المستقل إطاراً للتمتع بالعديد من حقوق الإنسان: الحق في السكن اللائق، والحق في المشاركة في الشؤون العامة والسياسة، والحق في الخصوصية، والحق في حرية التنقل، والحق في التصويت وغير ذلك من الحقوق.

تصور الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم خطرين

على مر التاريخ، تعرض الأشخاص ذوو الإعاقات العقلية والذهنية لسوء المعاملة والإهمال في معظم المجتمعات. وتعرضوا لبشاعات من قبيل إجراء تجارب عقاقير مهلوسة بدعم من الحكومات على أفراد دون علمهم، والمعاملة القسرية، والعلاج بالصدمات الكهربائية وبالأنسولين، بل حتى محاولة الإبادة خلال الحرب العالمية الثانية.

10

واليوم لا يزال الوصم بالعار والخرافات حول الأمراض العقلية من الأمور الشائعة التي غالباً ما تكون نتيجتها هي التمييز والإقصاء. وهناك قوالب نمطية عن الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية/الذهنية التي تصورهم بمثابة أغبياء و"غريبي الأطوار"، وغير قادرين على العمل، ولا يرجى شفاؤهم، ويصعب التكهن بسلوكهم وأنهم مصدر خطر.

وعادة ما تكون للأخبار عن أفعال/جرائم العنف التي يرتكبها "المرضى عقلياً" تأثيرات قوية؛ إذ تعزز المعتقد بأن الأشخاص ذوي الإعاقات النفسية خطرون.

ولا تؤدي هذه التعميمات إلا لاستدامة الإحساس بالخطر، وغياب الأمان وعدم الارتياح العام في أوساط المجتمع/والمجتمع المحلي، وتؤثر أيضاً على تصور الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية والذهنية لذواتهم. وغالباً ما يفاقم غياب تقدير الذات من الوصم والخرافات. ووفقاً لمنظمات من قبيل الشبكة العالمية لمستعملي العلاج النفسي الحاليين والسابقين، "من أكبر الخسائر التي نتعرض لها هي فقدان الإحساس بمن نكون في سياق مجتمعنا. وتسبب لنا تجربة العلاج القسري التخلي عن حياتنا، ونعود إلى المجتمع الذي ينظر إلينا كأشخاص خطرين، وضعاف ومتقلبي المزاج و’مرضى’" |٤| .

وقد أدى التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية والذهنية إلى ظهور طبقة من الأشخاص الذين يُنزع عنهم التمكين ويتعرضون للحرمان بشكل ممنهج. وبسبب الوصم بالعار الذي يحيط بالمرض العقلي، أصبح الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة مشردين، وعاطلين عن العمل، وغير متعلمين ومعزولين اجتماعياً ويفتقرون للرعاية الصحية المناسبة أو قد يُتركون معزولين في ظل تلقي علاجات قوية.

ومعظم الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية والذهنية ليسوا عنيفين، ولا هم أكثر عرضة لارتكاب أفعال أو جرائم عنيفة كمن لم يعانوا من الإعاقة العقلية. والأشخاص ذوو الإعاقات النفسية لهم نفس القدر من الذكاء كغيرهم وهم قادرون على العمل مثل غيرهم في مجموعة واسعة من المجالات.

والقول إن الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية أقل عنفاً من الأشخاص غير المعوقين يقرّ بوجود العنف باعتباره مشكلة اجتماعية، لا مشكلة عقلية/نفسية. ويقر أيضاً بأن المرض العقلي تسببه عوامل المحيط والعوامل الاجتماعية، وليس فقط العوامل الجينية و/أو العضوية.

تصوير الأشخاص ذوي الإعاقات باعتبارهم أشخاصاً خارقين للعادة

عادة ما تصور وسائل الإعلام الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم خارقين للعادة نوعاً ما. وفي هذه المحاولة الظاهرة للترويج لصور إيجابية عنهم |وهو أمر مرحب به بطبيعة الحال|، قد تكون النتيجة مثلها مثل ترويج الخرافات الأخرى، ومنها أن الأشخاص ذوي الإعاقة يصبحون ذوي بعد واحد. فهم يتحلون بالشجاعة، وهم أقوياء وقادرون نوعاً ما على التغلب على صعوبة جسيمة – وهي الإعاقة. وعند التدقيق في الأمر عن كثب، فإن هذه الصورة التي قد تكون إيجابية يُفهم منها أن غالبية الأشخاص ذوي الإعاقة يعيشون حياة صعبة وبائسة |ومعظمهم يعتمدون على الإحسان|. وتغدو الإعاقة صعوبة لا سبيل إلى التغلب عليها |تقريباً|. ويُقدم البطل كشخص تمكن من التغلب على محنة لم يسلم منها الكثيرون.

ولا ينبغي أن يغيب عن البال أن الشخص ذا الإعاقة إنسان له مواطن قوة وضعف، مثله مثل غيره. ومن المهم أن يصوَّر الأشخاص ذوو الإعاقة بصورة إيجابية لدى الجمهور، ولا سيّما ، من خلال وسائط الإعلام، وهذا يشار إليه في الاتفاقية |المادة ٨ إذكاء الوعي|. ويشمل ذلك تسليط الضوء على حياة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين حققوا إنجازاً ملموساً في السياسة، والرياضة، والآداب أو أي مجال آخر. غير أنه لا ينبغي أن حصر إنجازات هذا الشخص في تغلبه على الإعاقة. بل إن الشخص قد تمكن من التغلب على مجموعة كاملة من الحواجز التي تواجه أي شخص يسعى إلى الشهرة، مثل التفوق في الدراسة، والمنافسة مع الزملاء، وتطلعات المجتمع أو الأسرة وغير ذلك.

تصوير الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم عبئ

خلافاً لخرافة الأشخاص الخارقين للعادة، غالباً ما يصوَّر الأشخاص ذوو الإعاقة باعتبارهم عبئاً على المجتمع وعلى الأسرة 11 وعلى الأصدقاء. وهذا هو الشق السلبي من نهج اعتبار الأشخاص المعاقين أشخاصاً خارقين للعادة، ومرة أخرى، يقترن هذا بالنهج القائم على الإحسان. وهذا التصور ما زال قائماً بوجه خاص في وسائل الإعلام. فكم مرة شاهدنا برنامجاً وثائقياً على التلفاز يركز على والدي طفل ذي إعاقة، والكفاح الذي يبذلانه، والصعوبات التي يواجهانها بسبب المواقف إزاء طفلهما، والطريقة التي تغيرت بها حياتهما وغير ذلك. فالتركيز على معاناة الآباء غالباً ما لا يكون القصد منه ترويج خرافة سلبية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، بيد أن الأثر المباشر قد يحمل أوجهاً ثلاثاً. أولها، في حالات الطفل ذي الإعاقة، يتم صهر شواغله ومعاناته ومصالحه وأحلامه في السياق فيصبح هو أمراً ثانوياً. وثانيها، نتيجة لذلك، يبدو الطفل ذا بعد واحد وسبباً لشقاء والديه. وثالثها، يبدو أن الطفل لا يجد من أمره مخرجاً. ونتيجة لذلك، تظهر الخرافات والقوالب النمطية السلبية. وقد يؤدي ذلك إلى آثار سلبية على الأشخاص ذوي الإعاقة، فمثلاً:

وقد يجتمع ذلك كله لمنع التحول الاجتماعي.

المبادئ الرئيسية للنهج القائم على حقوق الإنسان في التعامل مع الإعاقة |المبادئ العامة للمادة ٣ من الاتفاقية|

المبدأ المناقشة
احترام كرامة الأشخاص المتأصلة واستقلالهم الذاتي بما في ذلك حرية اختيار قراراتهم بذواتهم واستقلاليتهم

.تشير كرامة الأشخاص المتأصلة إلى قيمة كل فرد. وعندما تُحترم كرامة الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن تجاربهم وآراءهم تحظى بالقيمة وتتشكَّل دون خوف من الأذى البدني أو النفسي أو العاطفي

ويعني استقلال الأفراد أن يكونوا مسؤولين عن حياتهم وأن تكون لهم حرية تقرير خياراتهم. ويعني احترام استقلالية الأفراد أن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم، على قدم المساواة مع غيرهم، خيارات معقولة في الحياة، ويخضعون لأدنى تدخل في حياتهم الشخصية ويمكنهم أن يتخذوا قراراتهم، بدعم مناسب إن لزم الأمر

عدم التمييز عدم التمييز هو مبدأ أساسي لجميع معاهدات حقوق الإنسان وأساس لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ويحظر أساساً التمييز ضد أي فرد على أساس الإعاقة، لأن هذا التمييز يحول دون تمتع الأشخاص بحقوقهم على قدم المساواة مع غيرهم. بيد أن عدم التمييز يُفهم اليوم باعتباره مبدأ أوسع نطاقاً لا يشمل حظر الأفعال التمييزية فحسب بل أيضاً اتخاذ خطوات للحماية من أي تمييز محتمل في المستقبل ومن التمييز المخفي وتعزيز المساواة.
المشاركة الكاملة والفعالة والإدماج في المجتمع تعني مفاهيم المشاركة الكاملة والفعالة والإدماج في المجتمع، سواء في أبعاده الخاصة والعامة، أن المجتمع منظم بحيث يمكن جميع الأشخاص من المشاركة الكاملة. وتعني هذه المفاهيم أن المجتمع والجهات الفاعلة المعنية تقدر الأشخاص ذوي الإعاقة وتعترف بهم كمشاركين متساوين – على سبيل المثال، في العمليات المتصلة بالقرارات التي تؤثر على حياتهم أو في حرية تبوء منصب حكومي. وتتجاوز المشاركة التشاور وتشمل مشاركة فعالة في الأنشطة وعمليات اتخاذ القرار، وإمكانية الإعراب عن الآراء، والتأثير والشكوى عند الحرمان من المشاركة. ويقتضي الإدماج توفر بيئة اجتماعية ومادية تيسر إمكانية الوصول وتخلو من الحواجز. وهذه عملية بمسارين تُعزز قبول الأشخاص ذوي الإعاقة ومشاركتهم من جهة، وتشجع المجتمع على الانفتاح وعلى تيسير إمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة، من جهة أخرى.
12
احترام الفوارق وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والطبيعة البشرية ينطوي احترام الاختلاف على قبول الآخرين في سياق من التفاهم. وبالرغم من بعض الفوارق المرئية والظاهرة بين البشر، فلهم كلهم نفس الحقوق وهم متساوون في الكرامة. وفيما يتعلق بالإعاقة، يقتضي ذلك قبول الأشخاص ذوي الإعاقة كما هم، بدلاً من الإشفاق عليهم أو اعتبارهم بمثابة مشكلة ينبغي حلها.
تكافؤ الفرص يرتبط تكافؤ الفرص ارتباطاً وثيقاً بعدم التمييز. ويحيل إلى وضع يكون فيه المجتمع والبيئة متاحين للجميع، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة. ولا يعني تكافؤ الفرص دوماً إتاحة نفس الفرص للجميع، لأن التعامل مع الجميع بنفس الطريقة قد يؤدي إلى أوجه من عدم المساواة. بل إنه يقرّ الاختلاف بين الناس ويتكفل بحصول الجميع على نفس الفرص للتمتع بحقوقهم، رغم اختلافهم.
إمكانية الوصول إن جعل إمكانية الوصول |والمساواة| أمراً واقعياً يقتضي تفكيك الحواجز التي تحول دون التمتع الفعلي بحقوق الإنسان لدى الأشخاص ذوي الإعاقة. وتمكن إمكانية الوصول الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش باستقلالية والمشاركة بشكل كامل في جميع مناحي الحياة. وإمكانية الوصول أمر مهم في جميع مجالات الحياة، ولا سيّما في البيئة المادية من قبيل المباني، والطرقات والسكن، وغير ذلك، والنقل، والمعلومات والاتصالات، وسائر المرتفقات والخدمات المفتوحة للجمهور أو المقدمة إليه.
المساواة بين الرجل والمرأة يشير مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة إلى ضرورة الإقرار صراحة بنفس الحقوق للرجل والمرأة على قدم المساواة، واتخاذ تدابير مناسبة للتكفل بحصول المرأة على فرصة ممارسة حقوقها. وبالرغم من التداخل مع مبدأ عدم التمييز، فإن إعادة التأكيد على المساواة بين الرجل والمرأة مدرجة صراحة في المعاهدات، خاصة نظراً لاستمرار العديد من الأحكام المسبقة التي تحول دون تطبيق المعاهدات تطبيقاً كاملاً.
احترام القدرات المتطورة للأطفال ذوي الإعاقة واحترام حقهم في الحفاظ على هويتهم احترام القدرات المتطورة للأطفال هو مبدأ منصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل. وينبغي أن يُنظر إليه باعتباره عملية إيجابية وممكِّنة تدعم نضج الطفل، واستقلاله وتعبيره عن نفسه. ومن خلال هذه العملية، يكتسب الأطفال تدريجياً المعارف، والكفاءات والفهم، بما في ذلك بشأن حقوقهم. وينبغي أن يوسَّع نطاق مشاركتهم في عمليات اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم، بما في ذلك حقهم في الحفاظ على هويتهم، بمرور الوقت وبالموازاة مع تطورهم.

دال – مفهوم الإعاقة في الاتفاقية

تنص ديباجة الاتفاقية على أن الإعاقة تشكل مفهوماً لا يزال قيد التطور، بيد أنها تجسد نموذجاً اجتماعياً للإعاقة لأنها توضح أن الإعاقة تنتج عن التفاعل بين الأشخاص ذوي العاهات والحواجز الخارجية التي تحول دون مشاركتهم في المجتمع |الفقرة | |ﻫ من الديباجة|.

ومن هذا المنظور، يستند الإطار المجسد في الاتفاقية إلى المفهوم بأن البيئة الخارجية، والمواقف المجسدة في بنائها، تلعب دوراً محورياً في تهيئة الحالة المصطلح عليها "الإعاقة". وهذا يتناقض بوضوح مع النموذج الطبي للإعاقة، الذي يستند على مفهوم "الجسد المعطوب"، حيث تكون الإعاقة هي النتيجة البديهية لعلة بدنية أو عقلية أو حسية لدى الشخص المعني.

وبسبب هذا النهج، لا يمكن أن يكون مفهوم "الإعاقة" مفهوماً جامداً بل إنه يتوقف على البيئة السائدة التي تختلف من مجتمع إلى آخر. وبينما تقرّ الاتفاقية بأن الإعاقة مفهوم قيد التطور، فهي تؤيد بوضوح فهم الإعاقة باعتبارها مفهوماً منشأه المجتمع، لأنها تصرح بأن الإعاقة "تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة والحواجز في المواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة وفعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين".

13

وتبعاً لهذا المفهوم، لا تقدم الاتفاقية تعريفاً حاسماً عمّن يكون الأشخاص ذوو الإعاقة، بل إنها تصرح أنهم يشملون من يعانون من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين |المادة ١، الغرض|.

: |٥| ومن العناصر الهامة التي ينبغي تدارسها ما يلي

.والإشارة الصريحة للحواجز، الخارجة عن إرادة الشخص المعني، باعتبارها عوامل تشكل الإعاقة تمثل خطوة هامة بعيداً عن المفاهيم التي تساوي بين الإعاقة والقيود الوظيفية

هاء – ملاحظة بشأن المصطلحات

هل يتطلب التفاعل مع الأشخاص ذوي الإعاقة مهارات خاصة؟

التفاعل مع الأشخاص ذوي الإعاقة هي مسألة تعني الأشخاص لا الإعاقات. وعندما يحدث التفاعل مع الأشخاص ذوي الإعاقة في ظروف من المساواة، فما من مهارات خاصة تكون مطلوبة؛ فالأشخاص ذوو الإعاقة ليسوا أشخاصاً خاصين؛ ربما قد يشعرون أنهم كذلك |أو قد يشعرون في أغلب الظن أنهم يتعرضون للتمييز|، إنما لا توجد أي ترتيبات لتيسير تفاعلهم مع الآخرين. أمّا إذا كانت البيئة قد هُيئت تهيئة مناسبة |مثلاً بتوفير المعينات، ومترجمي لغة الإشارة، والأشخاص الذين يقدمون الدعم| وكانت المواقف تتماشى مع النهج الاجتماعي/النهج القائم على حقوق الإنسان، فيمكن أن يكون التفاعل سلساً. ولا ينبغي أن تعتبر الترتيبات خاصة بل عادية أو شاملة، كما يُفهم من الاتفاقية.

وفي الشارع، يتطلب التفاعل مع الأشخاص ذوي الإعاقة الذوق السليم والاحترام؛ وفي سياق مهني، يقتضي التفاعل مع الأشخاص ذوي الإعاقة التحلي بالمهنية. أي بالضبط ما يتوقعه منا وكلاؤنا أو معارفنا غير المعوقين، بلا زيادة ولا نقصان. ويكون التفاعل أيسر كلما كانت القواعد هي ذاتها للجميع وكل شخص مرحباً به.

14

ورهناً بالشخص الذي نحتاج إلى اللقاء به، أو مقابلته أو العمل معه، قد تكون بعض الترتيبات و/أو التحضيرات مطلوبة. وهذا أمر ينبغي أن نستعين به كجزء من عملنا اليومي ومن أجل جميع أنواع المقابلات والاجتماعات. أي هل أزيلت جميع الحواجز المادية واللغوية؟ وماذا عن الحواجز النفسية؟

لا تفترض أو تتصرف كما لو أن الأشخاص ذوي الإعاقة أبطال أو شجعان لمجرد أنهم معوقين. فهذا يكرس الفوارق. فالأشخاص ذوو الإعاقة لهم مواطن قوة ومواطن ضعف حالهم حال الأشخاص غير المعوقين.

المصطلحات

لا تخلو المصطلحات التي تستخدم للإشارة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة أو التعامل معهم من أهمية. وبعض الكلمات والجمل قد تكون جارحة، أو مثبطة للعزم و/أو سطحية. ولا ينبغي أن يعرَّف الأشخاص على أساس إعاقتهم. وتشجع المصطلحات الملائمة على الاحترام وتجسد فهماً أعمق بالإعاقة. ويعد التواصل المناسب مهماً مع جميع المحاورين. وهذه المهارة أساسية للمشاركين الذين يقيمون اتصالات يومية مع الأشخاص ذوي الإعاقة، ويتدخلون مع السلطات التي تدافع عن حقوقهم وتؤكد عليها، وتجري مقابلات أو تصيغ تقارير.

وقد اختار الأشخاص ذوو الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم بعض المصطلحات من قبيل "الأشخاص ذوو الإعاقة"، وفي هذه الحالة من الهام أن نستخدم هذه المصطلحات. بيد أنه عند تحديد المصطلحات المقبولة، هناك دوماً احتمال الانتقال إلى ما هو مستصوَب سياسياً منها، وقد يكون بذاته حاجزاً أمام حرية التعبير وانسيابها. ومع ذلك، ينبغي أن تُدرك أن بعض اللغات قد تعزز القوالب النمطية وقد تكون مسيئة للأشخاص ذوي الإعاقة. وإذا لم نستخدم لغة مناسبة، فكيف لنا أن نتوقع تغييراً في المواقف ذي مصداقية؟

15

الوحدة ٢ – مدخل موجز إلى الاتفاقية

معلومات أساسية

.اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري في ١٣ كانون الأول/ديسمبر عام ٢٠٠٦ . وفي ٣٠ آذار/مارس ٢٠٠٧ افتُتح باب التوقيع عليهما في مقر الأمم المتحدة بنيويورك. وفي سابقة من نوعها وقع على الاتفاقية في يوم افتتاح التوقيع عليها ٨١ بلداً. ولكن ما الذي أدى إلى حدث بهذا الزخم؟

.وقبل اعتماد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، سبق أن تطرقت صكوك أخرى في مجال حقوق الإنسان إلى موضوع الإعاقة، كجزء من تركيز عام أو بوجه أكثر تحديداً. وبعض هذه الصكوك، من قبيل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والسياسية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – وهي الصكوك التي تشكل مجتمعة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان – يعزز ويحمي حقوق كل الأشخاص، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة، من خلال بند عدم التمييز. وفي جميع هذه الصكوك الثلاثة، تلزم المادة ٢ الدول بضمان حقوق الإنسان دون تمييز من أي نوع، من قبيل العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غيره من الآراء، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الملكية أو الولادة أو مركز آخر. وتشمل الإشارة إلى مركز آخر الإعاقة باعتبارها من أسس الحماية من التمييز

معاهدات حقوق الإنسان المتخصصة، من قبيل اتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل وغيرها من الاتفاقيات، تتضمن أحكاماً تحمي من التمييز. وتقرّ اتفاقية حقوق الطفل بوجه خاص ضرورة الحماية من التمييز على أساس الإعاقة. وتقر أيضاً على وجه التحديد بحق الطفل ذي الإعاقة في التمتع بحياة كاملة كريمة.

ومن الأمور المهمة أيضاً أن البيانات ذات الحجية التي تصدر عن اللجان المكلفة بالإشراف على تطبيق معاهدات حقوق الإنسان |هيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدات|. ومن أبرز هذه البيانات ذات الصلة بالأشخاص ذوي الإعاقة التعليق العام ٢٠٠٩ | الصادر عن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية | رقم ٢٠ والثقافية، الذي يُدرج الإعاقة ضمن الأسس التي يشملها "المركز ١٩٩٤ | الذي يعرف العوامل التي | الآخر"، والتعليق العام رقم ٥ تتسبب في التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة؛ والتوصية العامة ١٩٩١ | الصادرة عن لجنة القضاء على التمييز ضد | رقم ١٨ المرأة، التي تتناول التمييز المزدوج الذي يؤثر على النساء ذوات الإعاقة |باعتبارهن نساءً وأشخاصاً ذوي إعاقة|؛ والتعليق العام ٢٠٠٦ | الصادر عن لجنة حقوق الطفل بشأن حقوق | رقم ٩ الأطفال ذوي الإعاقة.

وقد طرأت أيضاً مستجدات إقليمية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا، من قبيل اتفاقية البلدان الأمريكية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة .|١٩٩٩|

ومن صكوك حقوق الإنسان الأخرى ذات الصلة الإعلان المتعلق بحقوق المعوقين | ١٩٧٥ |؛ وبرنامج العمل العالمي المتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة | ١٩٨٢ |؛ القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة | ١٩٩٣ |. ولئن لم تكن هذه الصكوك التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ملزمة قانونياً، فإنها ترمز إلى الالتزام المعنوي والسياسي الذي أبدته الدول باتخاذ تدابير لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك من خلال التشريعات والسياسات الوطنية.

إذن، فما الذي دعا إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل وجود إطار قانوني دولي أصلاً؟

16

يكمن الجواب في أسباب مختلفة، منها ما يلي:

ألف – ما هي الاتفاقية؟

اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي معاهدة من معاهدات حقوق الإنسان، أي اتفاق دولي بين الدول تبيَّن فيه حقوق الإنسان وما يقابلها من التزامات واقعة على الدول.

باء – ما هو الغرض من الاتفاقية؟

تنص المادة ١ من الاتفاقية على الغرض منها، وهو: تعزيز وحماية وكفالة تمتع جميع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتعزيز احترام كرامتهم المتأصلة.

وتستحق العديد من العناصر إمعان النظر فيها:

وتشرح المادة ١ أيضاً المقصود ب "الأشخاص ذوي الإعاقة"، الذي سيتم تدارسه أدناه.

جيم – لماذا الاتفاقية هامة؟

لأن الاتفاقية:

دال – "الإعاقة" و"الأشخاص ذوو الإعاقة"

لا تقدم الاتفاقية تعريفاً ضيقاً للإعاقة. وتنص ديباجتها على أن الإعاقة هي مفهوم قيد التطور. ومع ذلك فإن الاتفاقية تجسد نموذجاً اجتماعياً للإعاقة لأنها توضح أن الإعاقة تنجم عن تفاعل بين أشخاص ذوي عاهات والحواجز الخارجية التي تحول دون مشاركتهم في المجتمع.

18

ومن هذا المنظور، فإن الإطار المجسَّد في الاتفاقية يستند إلى الفهم بأن البيئة الخارجية، والمواقف المجسَّدة في إنشائها، هي ما يلعب دوراً محورياً في نشأة الحالة المصطلح عليها ب "الإعاقة". وهذا يناقض تماماً النموذج الطبي في التعامل مع الإعاقة، الذي يستند إلى مفهوم "الجسد المعطوب"، وإلى أن الإعاقة هي النتيجة البديهية لعجز بدني أو عقلي أو حسي لدى الشخص.

وبسبب هذا النهج لا يمكن أن يكون مفهوم "الإعاقة" جامداً بل إنه يتوقف على البيئة السائدة التي تختلف من مجتمع إلى آخر. وبينما تقرّ الاتفاقية بأن الإعاقة مفهوم قيد التطور، فهي تؤيد بوضوح فهم الإعاقة باعتبارها تنشأ من المجتمع، لأنها تصرح بأن الإعاقة "تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة والحواجز في المواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة وفعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين".

وتبعاً لهذا المفهوم، لا تقدم الاتفاقية تعريفاً ضيقاً عمّن يكون الأشخاص ذوو الإعاقة، بل إنها تصرح أنهم يشملون من يعانون من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة ، كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين |المادة ١ الغرض|.

: |٦| ومن العناصر الهامة التي ينبغي تدارسها ما يلي

والإشارة الصريحة للحواجز، الخارجة عن إرادة الشخص المعني، باعتبارها عوامل تشكل الإعاقة تمثل خطوة هامة تبتعد عن المفاهيم التي تساوي بين الإعاقة والقيود الوظيفية.

فمثلاً تعرّف الإعاقة في قواعد الأمم المتحدة الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارها "مختلف القيود الوظيفية التي تحدث في أي مجموعة من السكان في أي بلد من العالم. ويمكن أن يكون الأشخاص معاقين بعاهة بدنية أو عقلية أو حسية، أو ظروف طبية أو مرض عقلي". وترتقي الاتفاقية بهذا النهج في التعامل مع الإعاقة.

ولا تنكر الاتفاقية وجود العاهات البدنية أو العقلية أو الذهنية أو الحسية |المادة ١|؛ وإنما ترفض النهج الذي يقيد الأشخاص ذوي الإعاقة أو يحرمهم من المشاركة الكاملة في المجتمع بسبب هذه العاهات.

19

والأحرى أن يحدد مكمن العاهة |التقييد أو القيد| في مختلف الحواجز، التي يمكن أن تشمل الحواجز المادية، وأيضاً المواقف التي تؤدي إلى تشريعات وسياسات تمييزية. ويمكن أن يكون الجهل بالإعاقة أمراً ضاراً ولهذا السبب أدرِج إذكاء الوعي على نطاق واسع كأحد الأهداف الرئيسة للاتفاقية.

وتحدد الاتفاقية فئتين من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يمكنهم أن يتعرضوا بوجه خاص للتمييز والاعتداء على حقوقهم، وهما، النساء ذوات الإعاقة والأطفال ذوو الإعاقة .| |المادتان ٦ و ٧

النساء ذوات الإعاقة

تقر الاتفاقية بأن النساء ذوات الإعاقة كثيراً ما يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز لا على أساس الإعاقة فحسب بل على أساس الجنس |المادة ٦|. ونتيجة لذلك، ينبغي إيلاء عناية خاصة لإعداد برامج تأخذ في اعتبارها الجوانب الجنسانية وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، من قبيل رفع النسبة المئوية للفتيات والنساء ذوات الإعاقة المسجلات في منظومة التعليم نظراً لحقهن في التعليم.

ومن المجالات التي تكون فيها النساء والفتيات مستضعَفات العنف القائم على نوع الجنس. ويقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الأشخاص ذوي الإعاقة معرضون ثلاث مرات أكثر من غيرهم للاعتداء الجسدي والجنسي والاغتصاب. والنساء والأطفال ذوو الإعاقة معرضون بشكل أكبر ليكونوا ضحايا العنف أكثر من نظرائهم الذكور |٧| .

واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة هي معاهدة حقوق الإنسان المختصة بحقوق النساء. ويمكن أن تقرأ مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لزيادة الفهم الكامل لمسؤوليات الدول بمنع التمييز وتعزيز المساواة من أجل النساء ذوات الإعاقة.

الأطفال ذوو الإعاقة

تؤثر الإعاقة في حد ذاتها على جميع جوانب حياة الطفل ويمكن أن تكون لها تأثيرات مختلفة جداً في مختلف مراحل حياته. ومن الهام جداً التكفل بمراعاة حقوق الأطفال ذوي الإعاقة في القوانين والسياسات والبرامج وسائر التدخلات حتى لا يستثنى أي طفل.

وتقضي المادة ٧ من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بأن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الضرورية لكفالة تمتع الأطفال ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وذلك على قدم المساواة مع غيرهم من الأطفال. وتقتبس هذه المادة مصطلح "المصالح الفضلى للطفل" من اتفاقية حقوق الطفل وتقضي بأن يكون ذلك اعتباراً أساسياً في جميع التدابير المتعلقة بالأطفال ذوي الإعاقة.

ويقدم التعليق العام رقم ٩ |٢٠٠٦| بشأن حقوق الأطفال

ذوي الإعاقة، الصادر عن مجلس حقوق الطفل، إرشادات شاملة عن حقوق الأطفال ذوي الإعاقة في سياق اتفاقية حقوق الطفل. وقد اعتُمد هذا التعليق إبان المفاوضات بشأن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والإرشادات الواردة فيه ذات صلة بالمادة ٧.

هاء – نهج قائم على حقوق الإنسان في التعامل مع الإعاقة

يتمثل المبدأ الأساسي الذي ترتكز عليه الاتفاقية في الانتقال من نهج قائم على الإحسان أو نهج طبي إلى نهج اجتماعي/قائم على حقوق الإنسان. فإن فهمتَ هذا المفهوم، فسيكون بوسعك فهم الاتفاقية برمتها وما تسعى إلى تحقيقه. ولشرح كامل للنهج القائم على الإحسان والنهج الطبي والنهج الاجتماعي والنهج القائم على حقوق الإنسان، انظر الوحدة ١.

20

واو – بنية الاتفاقية ومحتوياتها

: |٨| تضم الاتفاقية خمسين مادة، يمكن تقسيمها على النحو التالي

الديباجة تحدد السياق العام وتميِّز المسائل الهامة ذات الصلة بالمعلومات الأساسية، من قبيل العلاقة بين الإعاقة والتنمية.
المادة ١ الغرض

تنص على هدف الاتفاقية، وهو تعزيز وحماية وكفالة تمتع جميع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتعزيز احترام كرامتهم المتأصلة.

وتشرح المادة ١ أيضاً من يشملهم مصطلح "الأشخاص ذوي الإعاقة".

المادة ٢ تعاريف

تعرِّف المصطلحات الرئيسية الواردة في الاتفاقية، ومنها الاتصال، واللغة، والتمييز على أساس الإعاقة، والترتيبات التيسيرية المعقولة والتصميم العام. وعند الارتياب، من المفيد الرجوع إلى هذه التعاريف.

ولا يعرَّف مصطلحا "الأشخاص ذوي الإعاقة" و"الإعاقة" بحد ذاتهما، إذ يوجد قرار واع للتعامل معهما باعتبارهما مفهومين قيد التطور.

المادة ٣ مبادئ عامة تنطوي المبادئ على أهمية بالغة في تفسير وتنفيذ الحقوق وسائر مواد الاتفاقية. وعند الارتياب في معنى أي مادة، يمكنك الرجوع إلى المبادئ والاستئناس، مثلاً عند بناء خدمات اتخاذ قرار مدعومة، ينبغي أن يسترشد صناع القرار باحترام استقلالية الشخص للتكفل بحصول الفرد على قدر أقصى من الاستقلالية في اتخاذ القرار.
المادة ٤ الالتزامات العامة

إلى جانب الإقرار بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تحدد الاتفاقية أيضاً مَن يتولون مسؤولية الوفاء بتلك الحقوق وما يقومون به ومتى يقومون به |فوراً أو تدريجياً، مثلاً|.

وكل هذه الالتزامات هامة. وترد مناقشتها بمزيد من التفاصيل أدناه. وكمثالين على ذلك:

تتخذ الدول الأطراف التدابير اللازمة لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تدريجياً بأقصى ما تتيحه الموارد المتوافرة لديها. وهذا إقرار هام بأن مستوى التنمية في بلد ما يمكنه أن يؤثر على مقدار تنفيذ بعض مواد هذه الاتفاقية. ويمثل ذلك سبيلاً أصيلاً للوقوف على واقع الحال. ويُلاحظ أن البروتوكول الاختياري للاتفاقية جعل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قابلة للاستشهاد بها أمام القضاء، حتى قبل اعتماد البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في ١٠ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٨.

وهناك أيضاً التزام بالتشاور مع الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة وثيقة وفعالة وإشراكهم في إعداد التشريعات والسياسات الخاصة بتنفيذ الاتفاقية وفي سائر عمليات اتخاذ القرارات التي تهمهم. وهذا يجسد المبدأ العام للمشاركة والإدماج الوارد في المادة ٣ ويعزَّزه بوضع التزام على عاتق الدول باحترامه. ومن الأسئلة المطروحة للنقاش: كيف يمكن قياس ذلك؟ ومتى وقع تشاور فعال؟

21
المواد ٥ – ٣٠ مسائل متداخلة

تشمل الاتفاقية إطاراً متيناً لعدم التمييز وتحقيق المساواة، يسري على جميع الحقوق، سواء – المواد ٥ أكانت مدنية أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية. وتقضي المادة ٥ بأن تتكفل الدول الأطراف بتحقيق المساواة للأفراد ذوي الإعاقة، وتحظر أي تمييز على أساس الإعاقة. ويستفاض في هذا الحظر العام في سياق الحقوق الخاصة، التي تشرح ما يرقى إلى التمييز على أساس الإعاقة في سياقاتها وتدابيرها، بما في ذلك التدابير الإيجابية، لبلوغ المساواة الفعلية. وتنص الاتفاقية أيضاً على أن هذه التدابير لا يمكن اعتبارها تمييزية.

وتأتي بعد المادة ٥ مواد مواضيعية للتطبيق العام تسري على المواد الأخرى في الاتفاقية. وتشمل المادة ٦ بشأن النساء ذوات الإعاقة والمادة ٧ بشأن الأطفال ذوي الإعاقة. وقد تثار أسئلة من قبيل: لماذا أشير إلى الأطفال والنساء صراحة؟ هل هناك مسائل متداخلة أخرى يمكن أن تكون ذات صلة؟ هل يوجد أفراد أو مجموعات آخرون ذوو صلة، مثل الأشخاص المسنين، والشعوب الأصلية؟

حقوق محددة

تغطي الاتفاقية مجموعة كاملة من حقوق الإنسان. وفي تعبير واضح للترابط والمركز المتساوي لجميع حقوق الإنسان، تجمع الاتفاقية بين الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتوضح موادها الجوهرية محتوى ونطاق حقوق الإنسان التي تحق لجميع الأشخاص، كما تسري على الأشخاص ذوي الإعاقة.

الاتفاقية أتت بالجديد لأنها تبين مجموعة من التدابير التي تضع على الدول التزامات بالقيام بأمور لازمة لضمان الحقوق؛ بيد أن هذه التدابير ليست مرتبطة بشكل مباشر بأي حق واحد بوجه الخصوص. وتشمل:

إذكاء الوعي

إمكانية الوصول

حالات الخطر والطوارئ الإنسانية

إمكانية اللجوء إلى القضاء

التنقل الشخصي

التأهيل وإعادة التأهيل

البيانات والإحصاءات

التعاون الدولي

المادة ٣٢ التعاون الدولي

تأكيداً لأهمية التعاون الدولي، بما في ذلك التعاون الإنمائي، فقد أفردت الاتفاقية مادة له، من أجل الوفاء بالحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية. وهذا يستند إلى الممارسة السابقة في معاهدات حقوق الإنسان التي أشارت إلى التعاون الدولي، ولا سيّما في المواد المتعلقة بالإعمال التدريجي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتنص المادة ٣٢ بمزيد من التفاصيل على أشكال الإجراءات التي يمكن من خلالها أن يساعد التعاون الدولي على تعزيز الاتفاقية |التعاون في البحوث، والتكفل بأن يكون التعاون الإنمائي شاملاً وفي متناول الأشخاص ذوي الإعاقة|.

ويُلاحَظ أن المادة بشأن التعاون الدولي والمواد الأخرى مترابطة ومتداخلة. وبعبارة أخرى، يمثل التعاون الدولي، بما في ذلك التعاون الإنمائي، سبيلاً لإعمال الحقوق وتحسين تنفيذ الاتفاقية؛ وتمثل التنمية وحقوق الإنسان أجزاءً غير منفصلة من الاتفاقية بل متداخلة.

22
المادتان ٣١ و ٣٣ تدابير تنفيذ الاتفاقية ورصدها تنص هاتان المادتان على تدابير تنفيذ الاتفاقية ورصدها. وتقضي المادة ٣١ بأن تقوم الدول الأطراف بجمع المعلومات المناسبة، بما في ذلك البيانات الإحصائية والبيانات المستخدَمة في البحوث، لتمكينها من وضع وتنفيذ السياسات الكفيلة بإنفاذ الاتفاقية. وتنص المادة ٣٣ على مختلف التدابير التي يتعين على الدول الأطراف أن تعتمدها لإنشاء أطر لتنفيذ الاتفاقية ورصدها على الصعيد الوطني.
المواد٣٤ – ٣٩ اللجنة بدءاً من المادة ٣٤ ، تفصل الاتفاقية بنيتها المؤسسية. وتنشئ لجنة معنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لها صلاحية تلقي تقارير دورية من الدول الأطراف واستعراضها.
المادة ٤٠ مؤتمر الدول الأطراف تنشئ الاتفاقية مؤتمراً للدول الأطراف يجتمع بانتظام بغية النظر في أي مسألة تتعلق بتطبيق الاتفاقية.
المادة ٤١ وما يليها أحكام ختامية تنص الاتفاقية على إجراءات التوقيع على الاتفاقية والتصديق عليها، ودخولها حيز النفاذ وسائر المتطلبات ذات الصلة

بموجب البروتوكول الاختياري للاتفاقية، يجوز للأفراد ومجموعات الأفراد أن يقدموا إلى اللجنة بلاغات عن ادعاءات بانتهاكات أي من أحكام الاتفاقية. ويجيز البروتوكول الاختياري أيضاً للجنة، بموافقة البلدان المعنية، أن تجري تحقيقات في البلدان التي توجد فيها أدلة موثوق بها عن وقوع انتهاكات جسيمة أو منتظمة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

زاي – المبادئ

تحدد المادة ٣ من الاتفاقية مجموعة من المبادئ العامة لمساعدة الدول على فهم أحكام الاتفاقية وتنفيذها تنفيذاً فعالاً. انظر الجدول بالوحدة ١ الذي يقدم عرضاً أشمل عن تلك المبادئ.

حاء – حقوق الإنسان في الاتفاقية

المادة ١٠ – الحق في الحياة

المادة ١٢ – الاعتراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع الآخرين أمام القانون

المادة ١٤ – حرية الشخص وأمنه

المادة ١٥ – عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

المادة ١٦ – عدم التعرض للاستغلال والعنف والاعتداء

المادة ١٧ – حماية السلامة الشخصية

المادة ١٨ – حرية التنقل والجنسية

المادة ١٩ – العيش المستقل والإدماج في المجتمع

المادة ٢١ – حرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات

المادة ٢٢ – احترام الخصوصية

المادة ٢٣ – احترام البيت والأسرة

المادة ٢٤ – التعليم

المادة ٢٥ – الصحة

المادة ٢٧ – العمل والعمالة

المادة ٢٨ – مستوى المعيشة اللائق والحماية الاجتماعية

المادة ٢٩ – المشاركة في الحياة السياسية والعامة

المادة ٣٠ – المشاركة في الحياة الثقافية وأنشطة الترفيه والتسلية والرياضة

ولئن لم تستحدث الاتفاقية حقوقاً جديدة، فهي تعرِّف بمزيد من الوضوح تطبيق الحقوق القائمة على الحالة الخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة.

23

فعلى سبيل المثال تشمل بعض التدابير المناسبة لكفالة حرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات ما يلي:

ويقتضي توفير مستوى المعيشة اللائق والحماية الاجتماعية أموراً منها:

وتشمل الاتفاقية أيضاً مجموعة من الالتزامات الملقاة على عاتق الدول فيما يتعلق بجملة من المسائل اللازمة للتمتع الكامل بحقوق الإنسان. وهي كما يلي:

التدبير الشرح
|إذكاء الوعي |المادة ٨ يشمل إذكاء الوعي فهم حقوق ذوي الإعاقة ومكافحة القوالب النمطية من خلال حملات عامة، والتثقيف، وتشجيع وسائل الإعلام على إعداد تقارير مسؤولة وتوفير التدريب.
|إمكانية الوصول |المادة ٩ لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش المستقل، تمثل إمكانية الوصول أمراً هاماً فيما يتصل بالبيئة المادية والنقل والمعلومات والاتصالات وسائر المرافق المفتوحة للجمهور والخدمات المقدمة إليه.
|١١ حالات الخطر والطوارئ الإنسانية |المادة إقراراً بالمخاطر الخاصة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة خلال حالات الخطورة والطوارئ الإنسانية، فإن الدول تتعهد بضمان حمايتهم وسلامتهم.
|إمكانية اللجوء إلى القضاء |المادة ١٣ يمثل الوصول إلى العدالة جزءاً أساسياً للتكفل بالتمتع بالحقوق بغية التمتع بحق الانتصاف. ويتطلب ذلك ترتيبات تيسيرية في المنظومة القانونية وتوفير التدريب للمهنيين القانونيين.
|التنقل الشخصي |المادة ٢٠ يعزز التنقل الشخصي من الاستقلالية ويمكن للدول أن تعززه بتيسير الحصول على الوسائل المساعدة على التنقل والتكنولوجيات المُعينة، وتوفير التدريب للموظفين المختصين، وتشجيع منتجي معدات التنقل على مراعاة احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وغير ذلك.
|التأهيل وإعادة التأهيل |المادة ٢٦ مرة أخرى، من أجل تحقيق أقصى قدر من الاستقلالية، تتعهد الدول بتعزيز خدمات التأهيل وإعادة التأهيل الشاملة وتوسيع نطاقها لتتجاوز الخدمات الصحية وتشمل العمالة والتعليم والخدمات الاجتماعية.
|جمع الإحصاءات والبيانات |المادة ٣١ من أجل المساعدة على وضع وتنفيذ السياسات الكفيلة بإنفاذ الاتفاقية، تقوم الدول بجمع معلومات مصنفة بصورة تراعَى فيها حقوق الإنسان والمعايير الأخلاقية لجمع البيانات وتحليلها.
|التعاون الدولي |المادة ٣٢ تقر الاتفاقية بأن معظم الدول ستستفيد من التعاون الدولي للوفاء بالتزاماتها. ويتحقق ذلك مثلاً بضمان بتعاون إنمائي شامل ومتاح، وتبادل المعلومات والتدريب والبحوث ونقل التكنولوجيات والمساعدة التقنية والاقتصادية.
24

وتركز هذه التدابير على الإجراءات التي يجب على الدول أن تتخذها لتوفير بيئة تفضي إلى إعمال الحقوق المحددة للأشخاص ذوي الإعاقة.

طاء – الالتزامات

وتظهر الالتزامات على مستويين: تنص المادة ٤ على التزامات عامة وتنص كل مادة تليها على التزامات تتعلق بحقوق محددة.

والسؤال الأول الذي يُطرح هو مَن المسؤول عن تحقيق هذه الالتزامات؟ وكما هو الحال مع جميع معاهدات حقوق الإنسان، تضع الاتفاقية التزامات على الدول. بيد أن عدة مواد تبرز أيضاً دور الشركات الخاصة في إعمال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ولئن كان يُترك للدول التكفل باحترام الشركات الخاصة للاتفاقية |مثلاً الالتزامات لا توضع مباشرة على الشركات الخاصة|، فمن المهم الإقرار بدور الشركات الخاصة والتأكيد على ضرورة إشراك هذا الجزء من المجتمع في شراكات لتعزيز حقوق ذوي الإعاقة. وتشير معاهدات حقوق الإنسان الأخرى إلى القطاع الخاص ومسؤولية شركات الأعمال فيما يتصل بحقوق الإنسان وهو مجال اجتذب اهتماماً كبيراً في السنوات الأخيرة. بيد أن الاتفاقية تتجاوز بالتأكيد سائر المعاهدات في تحديد مجالات عمل محددة فيما يتعلق بالقطاع الخاص. وقد أشير إلى القطاع الخاص أو الكيانات/الشركات الخاصة في المواد بشأن: الالتزامات العامة |الفقرة | ١| | |ﻫ من المادة ٤|؛ إمكانية الوصول |الفقرة | ٢| |ب| من المادة ٩|؛ التنقل الشخصي |المادة ٢٠ |د | | حرية التعبير |المادة ٢١ |ج | |؛ الصحة |المادة ٢٥ |د | |؛ والعمل ١| |ح | |. | |المادة ٢٧

وإلى جانب الشركات الخاصة، يمكن تحديد جهات فاعلة أخرى، عدا الدول، لها مسؤوليات حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. فعلى سبيل المثال، تشير المادة ٢٥ إلى مزاولي المهن الصحية. وتشير عدة مواد إلى خدمات الدعم وخدمات المجتمع |مثلاً المادة ١٢ فيما يتصل بدعم ممارسة الأهلية القانونية والمادة ١٩ بشأن العيش المستقل|. وتشير المادة ٢٤ إلى عمالة الأساتذة المؤهلين لتعزيز التعليم الذي يشمل الجميع. ولئن كانت المسؤولية القانونية لاحترام المعاهدة تقع على الدولة، فإن لجهات فاعلة كثيرة أخرى دور ينبغي أن تضطلع به.

فما هي التزامات الدول إذن؟ فيما يلي موجز عن هذه الالتزامات، التي تناقَش بمزيد من التفصيل في الوحدات اللاحقة:

وهناك سبل عدة لتقديم التزامات الدولة فيما يتصل بمعاهدات حقوق الإنسان. وتستند منظومة حقوق الإنسان الدولية على تحديد التزامين واسعي النطاق:

ويتزايد التعويل على صيغة "احترام وحماية وإعمال" لتقديم الالتزامات الواقعة على الدول. وهذه صيغة مقترَحة لفهم الالتزامات:

ويمكن الرجوع إلى الالتزامات العامة وإدراج كل التزام منها ضمن هذه الفئات الثلاث. فعلى سبيل المثال:

ياء – آليات الرصد على الصعيد الوطني والدولي

تنص الاتفاقية صراحة على آليات للرصد على الصعيد الوطني والدولي.

على المستوى الوطني، تقترح الاتفاقية ثلاث آليات:

ويحتمل أن تكون لجهات الاتصال وآليات التنسيق أدوار قوية ومؤثرة في تعزيز الاتفاقية. وقد كانت قضايا الإعاقة على مر الزمن تندرج ضمن اختصاص وزارة واحدة، من قبيل وزارة الصحة أو وزارة الشؤون الاجتماعية. وفي بعض الأحيان، كان ذلك يعني أن بعض المسائل توضع خارج اختصاص الوزارة التي تتعامل مع المسألة العامة. وقد أنشأ ذلك نهجاً وتفريق موازيين. فعلى سبيل المثال، قد تتعامل وزارة الشؤون الاجتماعية مع تعليم الأطفال ذوي الإعاقة وليس وزارة التعليم، وبذلك يوضع الأطفال ذوو الإعاقة خارج منظومة التعليم العام. وتعني الطبيعة المتداخلة لحقوق ذوي الإعاقة أنها تنطوي على العديد من المسائل الأخرى، بما في ذلك العدالة، والتعليم، والعمل، والشؤون الخارجية، والإسكان، والمالية، والرياضة والثقافة. وتوفر جهات الاتصال وآليات التنسيق سبيلاً للتكفل بأن:

26

وتوفر الاتفاقية قدراً ملموساً من المرونة فيما يتعلق بشكل هذه الآليات ويمكن للدول أن تكيفها مع الظروف الوطنية. فمثلاً، قد يشارك المجتمع المدني في آلية التنسيق، كما هو الحال في العديد من مجالس الإعاقة.

ويمثل الإطار الوطني للتنفيذ والرصد وفق ما يتماشى مع مبادئ باريس عنصراً هاماً جداً لأنه يوفر أداة مستقلة للمساعدة والتحقق من تنفيذ الاتفاقية. ويمكن أن تضطلع المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان بعدة أدوار منها:

وهناك أيضاً سبل أخرى لرصد الاتفاقية وإنفاذها، تتجاوز تلك الواردة فيها، من قبيل المحاكم، ومحاكم المستهلكين وغيرها. وتوفر المحاكم الحماية القانونية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وبعبارة أخرى، توفر سبل انتصاف قابلة للإنفاذ قانونياً عند إثبات حدوث اعتداء. ويمكن أن تضطلع بدور جوهري خاصة عندما يقرر الفرد أو مجموعة الأفراد أو منظمة للمجتمع المدني تحريك دعوى تجريبية. ويمكن لقرار المحكمة أن تكون له تبعات واسعة النطاق مثل إحداث تغييرات في القانون أو في المواقف. بيد أن المحاكم يمكن أن تكون أيضاً بطيئة ومكلفة، وقد يقرر المتنازعون المحتملون ما إذا كانت قضيتهم تستحق الوقت والتكاليف.

وعلى المستوى الدولي، تنص الاتفاقية على آليتين:

وستركز وحدات التدريب الأخرى على هاتين الآليتين. بيد أنه قد يكون من المفيد مناقشة عملية تقديم التقارير وكيفية مساهمة العملية وأيضاً استعراض اللجنة للتقارير في تنفيذ الاتفاقية. وقد تكيَّف هذه المناقشات بحسب الجمهور المعني. فمثلاً، إذا كان المشاركون من ممثلي الحكومة بوجه رئيسي، فقد تركز المناقشات على السبل التي يمكن من خلالها لعمليات تقديم التقارير أن تساعدهم على التنفيذ. وقد يساعد إعداد التقرير ممثلي الدولة على ما يلي:

27

أمّا إذا كان المشاركون من المجتمع المدني، فيمكن أن يركز النقاش على سبل تأثير المجتمع المدني في تقرير الدولة وأيضاً في كيفية إعداد تقرير مواز لتقديمه إلى اللجنة بغية توفير نظرة أوسع عن حالة الأشخاص ذوي الإعاقة والتمتع بحقوقهم عدا ما يرد في تقرير الدولة.

وإذا كان المشاركون من الأمم المتحدة، فيمكنهم أن يناقشوا كيفية إعداد أفرقة للأمم المتحدة القطرية للمعلومات من أجل اللجنة. وقد لا يكون المشاركون من الأمم المتحدة على علم بأن المعلومات يمكن إرسالها على أساس سري إلى اللجنة. ويمكن أن يركز النقاش على السبل التي تكفل تعزيز توصيات اللجنة لبرامج الأمم المتحدة وإدراجها ضمن هذه البرامج في المستقبل، بما في ذلك التحاليل والبرامج القطرية المستقبلية.

كاف – مشاركة وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم

تشكل المشاركة الفعالة وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة جزءاً من المبادئ العامة للاتفاقية. بيد أنهما ينطويان على أهمية خاصة نظراً لعدم حضور الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة في اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم. وبذلك قد يكون من الأمور القيمة الاستفادة من هذا المبدأ إن سمح الوقت بذلك.

وتعزز مبادئ المشاركة والإدماج الكاملين والفعالين واقعاً يكون فيه الأشخاص قادرين على المشاركة بشكل كامل في الأبعاد العامة والخاصة لمجتمعهم وفي القرارات التي تؤثر على حياتهم.

المشاركة. لكي تكون المشاركة فعالة فيجب أن تتجاوز مجرد التشاور قبل المضي قدُماً في درب مرسوم مسبقاً أو في قرار محتوم. وينبغي أن تكون المشاركة الفعالة نشطة قدر الإمكان لكي يتسنى للأشخاص ذوي الإعاقة أن يشاركوا في عمليات اتخاذ القرار والأنشطة ذات الصلة. وتنطوي على عنصر المحاسبة. وينبغي أن يراعي صناع القرار المقترحات والأفكار التي يقدمها الأشخاص ذوو الإعاقة، سواء بتغيير إجراءاتهم أو أنشطتهم أو قراراتهم، وشرح عدم تغييرها إن تعذر عليهم ذلك.

لا يعني الإدماج مجرد وضع الأشخاص ذوي الإعاقة مادياً في نفس الفضاء مثل الأشخاص غير المعوقين |مثلاً في قاعة الدروس|. بل يعني تغيير المجتمع ومواءمته لكي يتسنى للأشخاص ذوي الإعاقة المشاركة على قدم المساواة مع الآخرين. فمثلاً في قاعة الدرس، قد يعني الإدماج تغيير المنهاج الدراسي واستيعاب الأشخاص الصم أو تغيير الأنشطة لكي تتعزز قدرات ومؤهلات كل تلميذ سواء أكان معوقاً أم لا.

ومن خلال المشاركة والإدماج:

وليست المشاركة والإدماج تجارب تقدَّم مرة واحدة؛ بل إنها تجارب تستمر على مدى الحياة.

وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يحظى الأشخاص ذوو الإعاقة بفرصة اتخاذ قرارات لا ترتبط بالضرورة بالإعاقة أو متعلقة بأشخاص غير معوقين. وفي بعض الأحيان، تتخذ بعض الترتيبات المتعلقة بإمكانية الوصول فيما يتصل بالأنشطة الموجهة بوجه خاص للأشخاص ذوي الإعاقة |مثلاً اجتماع بشأن حقوق ذوي الإعاقة|. بيد أن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم مصالح كغيرهم من أفراد المجتمع. فمثلاً، قد يرغب الشخص ذو الإعاقة في المشاركة في اجتماعات لا تتصل بالإعاقة وينبغي أن تشمل إمكانية الوصول حتى هذه الأنشطة أيضاً. وبهذا المعنى، ينبغي أن يطبَّق مبدأ المشاركة والإدماج على نطاق واسع.

ومنذ البداية، فقد كانت مشاركة المجتمع المدني النابض بالحياة، وممثلو منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، مصدر إلهام لعملية صياغة الاتفاقية.

وجرياً على الممارسة المتبعة في المناقشات المتعلقة بحقوق الإنسان، اعتُمدت المنظمات غير الحكومية بما في ذلك المنظمات التي تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة في اللجنة المختصة التي صاغت الاتفاقية وشاركت في الجلسات والاجتماعات ذات الصلة. وقدمت 28 الجمعية العامة دعماً مستمراً للمشاركة الفعالة لمنظمات الإعاقة في عمل اللجنة المختصة.

وشكل تحالف واسع يجمع بين المنظمات التي تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات غير الحكومية المتحالفة المجموعة الدولية المعنية بالإعاقة، لتكون بمثابة صوت موحد للمجموعات العاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة من جميع جهات العالم. وقد صرَّح أحد أعضائها إن الهدف منها هو "فتح أبواب للتغيير الإيجابي الذي سينهي التمييز ويكفل حرياتنا وحقوقنا".

وربما كان مستوى مشاركة المنظمات التي تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات غير الحكومية في عملية الصياغة غير مسبوق في مفاوضات معاهدات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. فخلال الجلسة الختامية للهيئة المختصة، سُجل نحو ٨٠٠ عضو من هذه المنظمات. وبعد انقضاء المفاوضات، ظلت المنظمات التي تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة تشارك بفعالية في "حياة" الاتفاقية. وقد شاركوا مشاركة وثيقة في حفل التوقيع على الاتفاقية في ٣٠ آذار/ مارس ٢٠٠٧ وشاركوا في عمل اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومؤتمر الدول الأطراف ومجلس حقوق الإنسان، أي في النقاشات السنوية بشأن الاتفاقية.

فماذا كان الدور الذي اضطلعت به المنظمات التي تمثل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟ كان للمجموعة الدولية المعنية بالإعاقة حضور أساسي طوال مراحل العملية وقد أعربت عن شواغل المجتمع المدني الدولي والإقليمي والوطني في طاولة المفاوضات. واضطلعت المنظمات التي تمثل حقوق الإنسان بدور حاسم في صياغة نص وثيقة الفريق العامل، الذي يشكل أساساً للمفاوضات عن الصيغة النهائية للاتفاقية، التي كانت نتيجة لعمل ٢٧ حكومة، و ١٢ منظمة غير حكومية/منظمة تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة ومؤسسات وطنية لحقوق الإنسان.

وكان النص النهائي للاتفاقية نتاجاً لمفاوضات شملت الجميع بحق. واتُّخذت الكثير من المواقف وقُدمت مقترحات من المجتمع المدني، لا سيّما من المنظمات التي تمثل حقوق الإنسان وخاصة من خلال المجموعة الإقليمية المعنية بالإعاقة. وتمثل المقترحات الجوهرية التي قدمتها المجموعة الإقليمية المعنية بالإعاقة، مثلاً بشأن الحاجة إلى التكفل بالتشاور مع الأشخاص ذوي الإعاقة في وضع السياسات واتخاذ القرارات، جزءاً لا يتجزأ من الاتفاقية.

وشكل دور المجموعة الإقليمية المعنية بالإعاقة والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في المفاوضات عنصراً أساسياً في التكفل بإدماج مسألة تنفيذ الاتفاقية ورصدها على الصعيد الوطني التي تقضي بأن تنشئ الدول آلية مستقلة لحماية وتعزيز ورصد الاتفاقية.

لا شيء يخصنا يتم بدون مشاركتنا!

يستند شعار "لا شيء يخصنا يتم بدون مشاركتنا" على مبدأ المشاركة وتستعين به المنظمات التي تمثل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من الحركة العالمية لتحقيق المشاركة الكاملة وتكافؤ الفرص من أجل الأشخاص ذوي الإعاقة وبهم ومعهم. والرسالة الأساسية هي أنه يجب دوماً أن يكون الأشخاص ذوو الإعاقة مشاركين بشكل مباشر عند التخطيط للاستراتيجيات والسياسات التي ستؤثر تأثيراً مباشراً على حياتهم.

وقد جاء على لسان أحد ممثلي مؤسسة وطنية معنية بحقوق الإنسان قبل اعتماد الاتفاقية، "لقد ساعدت المشاركة الفعالة للمجتمع المدني بوجه خاص في منح الاتفاقية تركيزاً وأهمية مستدامين والتسريع في صياغتها |...| وقد كفل هذا الانفتاح والشمولية أن يكون لهذا النص الطويل من الاتفاقية تيار كهربائي قوي".

ولم يتوقف الدور الأساسي للمجتمع المدني باعتماد الاتفاقية؛ بل استمر مع تنفيذها. والأشخاص ذوو الإعاقة هم عناصر رئيسية في التكفل بالأنشطة الترويجية والإعلام بشأن الاتفاقية. ويتعلق النهج الجديد للاتفاقية بشكل كبير بالتفاهم وتبادل وجهات نظر الأشخاص ذوي الإعاقة. وهؤلاء الأشخاص لهم أيضاً دور حاسم في عملية استعراض التدابير الوطنية واقتراحها.

لام – ما الذي يمكن أن تقوم به مختلفالجهات الفاعلة لتعزيز الاتفاقية؟

منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة

يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم أن يضطلعوا بأدوار متعددة في الترويج للاتفاقية، ومنها مثلاً:

30

الأفرقة القطرية التابعة للأمم المتحدة

يمكن للأفرقة القطرية التابعة للأمم المتحدة أن تضطلع أيضاً بدور في الترويج للاتفاقية ويمكنها القيام بما يلي:

أُنشئت شراكة الأمم المتحدة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وصندوقها الاستئماني المتعدد المانحين في عام ٢٠١١ لدعم البرامج التي تقودها الأمم المتحدة، لا سيّما على المستوى القطري، وأيضاً على المستويين الإقليمي والعالمي فيما يتصل بالتصديق على الاتفاقية وتنفيذها. وشملت الوكالات المؤسِّسة منظمة العمل الدولية، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة ومنظمة الصحة العالمية |٩| .

31

الوحدة ٣ – التصديق على الاتفاقية

تقديم

صُدِّق على الاتفاقية على نطاق واسع في سنوات قليلة. فبحلول ١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣ ، وصل عدد الأطراف المتعاقدة في الاتفاقية إلى ١٣٧ ووصل عددها في البروتوكول الاختياري إلى ٧٨ . وهذا يعني أن ما يزيد عن نصف العالم أعرب عن موافقته على الالتزام بالاتفاقية. بيد أنه ما يزال يجب بذل المزيد لتحقيق قبول عالمي بالاتفاقية وبروتوكولها الاختياري. وتقدم الوحدة ٣ المبادئ والعمليات الرئيسية التي ينطوي عليها التصديق، وهو ما قد يساعد على تدريب ممثلي الدول والمجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في البلدان التي لم تصدق بعد على الاتفاقية وتحفيزها على التصديق عليها.

وعند إجراء دورة تدريب بشأن التصديق على الاتفاقية، من الهام أن يُشار إلى أن التصديق على معاهدة دولية هو عملية معقدة تختلف من بلد إلى آخر. أولاً، يُستخدم مصطلح التصديق، بطرق مختلفة وقد يؤدي إلى بعض اللبس. فمثلاً يمكن أن يشير التصديق إلى اعتماد المعاهدة على المستوى الوطني |مثل اعتماد البرلمان الوطني إياها|، ويمكن أيضاً أن يشير إلى الصك الدولي بالانضمام إلى معاهدة. وبالإضافة إلى ذلك، تنضم بعض البلدان إلى اتفاقية بدل التصديق عليها، وبذلك فإن مصطلح التصديق قد يكون أقل أهمية من مصطلح الانضمام. وفي الوقت ذاته، تخضع المعاهدة إلى تأكيد رسمي تقدمه منظمات التكامل الإقليمي مثل الاتحاد الأوروبي. ولئن كانت هناك نزعة إلى استخدام مصطلح التصديق كعبارة فضفاضة، فإنه بالمعنى الحصري قد يكون مرتبطاً أكثر بهيئات قضائية منه بغيرها.

ثانياً، تختلف العملية التي ينطوي عليها التصديق من بلد إلى آخر. وتُجري بعض البلدان مناقشات وطنية شاملة قبل التصديق الدولي، بينما تصدق بلدان أخرى على الاتفاقية بدايةً ثم تُجري المناقشات الوطنية لاحقاً. وبعض البلدان تكتفي بالتصديق على الاتفاقية دولياً ولا تتخذ أي خطوات إضافية على المستوى الوطني.

وبذلك، ينبغي عند تقديم الوحدة ٣ أن يكون الميسر مطلعاُ على العمليات الوطنية ذات الصلة وأن يكيف الوحدة تبعاً لها.

ألف – التدابير الوطنية للتصديق

تنظم القوانين والممارسات الدستورية مختلف جوانب عملية التصديق التي تُتبع عموماً، وليس دوماً، على المستوى الوطني قبل التصديق على الاتفاقية على المستوى الدولي أو الانضمام إليها. ويجدر التنويه إلى أن الاتفاقية لا تشير تحديداً إلى أي عملية وطنية ينبغي أن تضطلع بها الدول فيما يتعلق بالتصديق.

وبوجه عام، هناك نهجان للتصديق الوطني يحددهما دور السلطة التشريعية. أولهما، في البلدان التي يعمل فيها بالقانون المدني، يجري التصديق عن طريق موافقة السلطة التشريعية على المعاهدة. فبعد التصويت على الموافقة، تُرسل وثيقة التصديق إلى السلطة التنفيذية لإصدارها ونشرها وإيداعها لدى وديعها. فمثلاً صدقت كل من الأرجنتين وإسبانيا وإكوادور وبنما وشيلي وكرواتيا ومالي والنيجر وهنغاريا على الاتفاقية عن طريق قانون صادر عن البرلمان. وصدقت المكسيك عليها عن طريق موافقة إحدى غرفتي جهازها التشريعي.

والنهج الثاني، في معظم البلدان التي لها تقاليد القانون العام، وكذلك في النظم القانونية الأخرى، يجري التصديق على الاتفاقية بوثيقة من السلطة التنفيذية. وحينما يشارك البرلمان في هذه العملية، فذلك يكون بصفة استشارية. وبعبارة أخرى، ما من داع لتصويت 32 رسمي يجريه البرلمان. فمثلاً، أجري التصديق في كل من بنغلاديش ونيوزيلندا وتايلند بموجب قرارات تنفيذية.

وبغض النظر عن الاختلافات بين النهجين، وبين خصوصيات النظم القانونية، فإن هذه العمليات المحلية تتيح فرصاً هامة لإذكاء الوعي بالاتفاقية وتعزيز فهمها. والواقع أن العمليات التي تفضي إلى التصديق على الاتفاقية وما بعدها قد تؤثر على الخطوة التالية، أي تنفيذها، مثلاً من خلال تحديد الثغرات القانونية وغيرها من الثغرات وحشد الدعم.

وتقيم بعض الدول منافع التصديق على الاتفاقية وتحديات ذلك بإجراء تحاليل وطنية. وتأتي هذه التقارير بعد استعراض التشريعات والسياسات الوطنية من حيث امتثالها للاتفاقية، وتبرز مسائل من قبيل الأسباب والنتائج، فيما يتعلق بالالتزامات والتكاليف التي تترتب عنها نتيجة للانضمام إلى الاتفاقية وتنفيذها. وتواكب التحاليل الوطنية مقترح التصديق على الاتفاقية محلياً وينبغي أن يكون أي استعراض لما قبل التصديق على الاتفاقية جزءاً من عملية تتواصل في مرحلة التنفيذ لاستعراض التشريعات القائمة والمقترحة. وفي أحسن الأحوال، ينبغي أن تتاح لعامة الجمهور نتائج تحليل المصلحة الوطنية الذي تجريه الحكومة.

وبالمثل، ينبغي أن تجري الدول مشاورات كافية قبل التصديق على الاتفاقية. وقد ورد دعم هذه العملية في الاتفاقية بالفعل، ٣| منها على ما يلي: | إذ تنص المادة ٤

تتشاور الدول الأطراف تشاوراً وثيقاً مع الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأطفال ذوو الإعاقة، من خلال المنظمات التي تمثلهم، بشأن وضع وتنفيذ السياسات والتشريعات الرامية إلى تنفيذ هذه الاتفاقية، وفي عمليات صنع القرار الأخرى بشأن المسائل التي تتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، وإشراكهم فعلياً في ذلك.

٣|، لأنها لم تصدق | ولئن لم تكن الدولة ملزَمة بالمادة ٤ بعد على الاتفاقية، فإن إجراء مشاورات عامة بشأن التصديق يمثل ممارسة جيدة قد تؤثر في تنفيذ الاتفاقية في مرحلة لاحقة. ومن خلال المشاورات، قد يتجاوز فعل التصديق مجرد فعل سياسي موجه إلى المجتمع الدولي ويحسن بالفعل المعايير على الأرض.

وإذا أجريت المشاورات، فينبغي أن تراعي المجموعة الكاملة من الجهات الفاعلة التي لها دور تضطلع به في التصديق. وينبغي أن يُستشار ممثلو الحكومة. بيد أن أجزاء كثيرة من الحكومة لها دور تضطلع به في التكفل بأن تشمل حقوق ذوي الإعاقة والمشاورات مختلف المستويات، مثل المستويات المركزية والإقليمية والبلدية من الحكومة. وبالمثل، يمكن أن تُجرَى المشاورات داخل الحكومة، وليس فقط على مستوى وزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة، اللتين غالباً ما تقع مسؤولية ملف الإعاقة على عاتقهما، بل أن تُشمل أيضاً وزارات أخرى من قبيل التعليم والعدل والداخلية أو المالية، التي ستشارك في تنفيذ الاتفاقية.

وينبغي أن يكون للأشخاص ذوي الإعاقة صوت في المناقشات بشأن التصديق على الاتفاقية، سواء بشكل مباشر أو من خلال المنظمات التي تمثلهم. وينبغي أن تجسد هذه المشاورات تنوع الإعاقات. فالأشخاص ذوو الإعاقة ليسوا فئة واحدة، بل يشملون أيضاً أشخاصاً ذوي عاهات مختلفة |منها العاهات النفسية الاجتماعية، والعقلية والبدنية والحسية| ومختلف الأشخاص |الرجال والنساء والأطفال ذوو الإعاقة، والشعوب الأصلية، والأشخاص المسنون وغيرهم|. وينبغي أن ترمي المشاورات إلى تجسيد هذا التنوع قدر المستطاع.

وينبغي أن تُدرَس الحاجة إلى دعم مشاركة منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في المشاورات بما في ذلك من الناحية المالية، دراسةً متأنية. وقد تجد الدول التي تنخرط في عمليات التصديق أحياناً أن من الصعب إجراء مشاورات على نطاق أوسع نظراً لقلة الأموال، مثلاً، في البلدان النامية أو تلك التي تواجه أزمات. وفي مثل هذه الأحوال، ينبغي أن تستفيد عمليات التشاور الاستفادة القصوى من الموارد على ندرتها. بيد أن التشاور ينبغي ألا يُجرَى لضمان مشاركة وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة فحسب، بل لأن هؤلاء الأشخاص لهم مقترحات تتعلق بالاستخدام الأكثر فعالية للموارد الشحيحة للتكفل بالإعمال التدريجي للاتفاقية.

وينبغي أن تُستشار كذلك الجهات الفاعلة الأخرى من المجتمع المدني، من قبيل المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان أو التنمية. وإن وجدت مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، فينبغي استشارتها ويمكنها أيضاً أن تضطلع بدور في إجراء البحوث عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتحليل القوانين والسياسات.

33

وينبغي أن تشمل عملية التصديق الجميع وأن تمثل المجتمع برمته، بما في ذلك فئات من الأقليات والمعارضة السياسية، وينبغي ألا تحركها أي أجندة سياسية. وهذه العملية الحقيقية التي تشمل الجميع تتماشى مع مبدأ القانون الدولي الذي ينص على أن الحكومات اللاحقة في بلد ما ملزمة أيضاً بأي معاهدة دولية صدقت عليها الحكومات السالفة. والخطورة تكمن في استبعاد الحكومة التي في السلطة جهات فاعلة بعينها من قبيل المعارضة السياسية لتستفرد هي بسلطة اتخاذ القرار. بيد أن ذلك قد يقوض في الأمد الأبعد تنفيذ الاتفاقية ويجعله غير مستدام عندما تتغير الحكومة.

وفي عملية التصديق الأسترالية مثال جيد عن الخطوات المتبعة. فقد وقعت أستراليا على الاتفاقية في آذار/مارس ٢٠٠٧ وصدقت عليها في تموز/يوليه ٢٠٠٨ . وشملت هذه العملية الوطنية استعراضاً شاملاً لجميع التشريعات في ولايات الكومنولث وأقاليمه للتكفل بأن أستراليا ستمتثل لجميع مواد الاتفاقية. وقامت وزارات الأسر، والإسكان، والخدمات المجتمعية وشؤون الشعوب الأصلية، والمدَّعي العام، بالتشاور مع منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة والمجالس الاستشارية المعنية بالإعاقة وشبكة الخدمات القانونية في مجال الإعاقة، بتقديم تقرير عن أثر التصديق على الاتفاقية على الحكومة. وحدد التقرير منافع وسلبيات التصديق على الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري؛ وتحقق من مدى امتثال القوانين الأسترالية للالتزامات بموجب الاتفاقية؛ وقدم وصفاً لأثر التصديق على الاتفاقية من الناحية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية؛ وأنشأ سبلاً مناسبة لإدراج الاتفاقية بشكل مباشر؛ ودقق القوانين والسياسات والبرامج الوطنية.

والتحضير للتصديق ليس عملية تقتصر على الحكومة بمفردها. فيمكن للمجتمع المدني أن يدعو إلى التصديق على الاتفاقية. ولعل ذلك يكون أشد الحوافز فعالية في دفع الحكومة إلى الفعل. وتحقيقاً لهذه الغاية، يمكن للمجتمع المدني وغيره أن يقوموا بما يلي:

وقد أعدت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مجموعة أدوات لمساعدة مراكز الإجراءات المتعلقة بالألغام على الدعوة إلى التصديق على الاتفاقية. وترد في الإطار أدناه رسالة نموذجية يمكن إرسالها إلى الجهات الفاعلة المعنية للترويج للتصديق على الاتفاقية.

34

باء – التدابير الدولية للتصديق

على الصعيد الدولي، يجب على الدول أو منظمات التكامل الإقليمي |مثل الاتحاد الأوروبي| التي تعتزم أن تصبح أطرافاً في الاتفاقية أن تعرب عن موافقتها على الالتزام بها. وتنص المادة ٤٣ على أن هذه الموافقة يمكن أن يُعرب عنها من خلال التصديق، أو الانضمام أو الإقرار الرسمي. ويقصد بمنظمة تكامل إقليمي منظمة تشكلها الدول ذات السيادة في منطقة ما، وتنقل إليها الدول الأعضاء فيها الاختصاص فيما يتعلق بالمسائل التي تحكمها الاتفاقية |المادة ٤٤|.

35

وفي هذه المرحلة، من المهم تعريف بعض المصطلحات. فبالنسبة إلى الكثير من الدول، يشمل الإعراب عن الموافقة التوقيع والتصديق ما يلي:

وبإيداع صك التصديق، تؤكد الدولة على المستوى الدولي على موافقتها بالالتزام بمعاهدة. وعلى غرار سائر أفعال الموافقة، يجعل التصديق معايير حقوق الإنسان المضمنة في الاتفاقية سارية على الدولة ويلزمها بتقديم تقارير إلى المجتمع الدولي بشأن التدابير المعتمدة لمواءمة تشريعاتها وسياساتها وممارساتها مع المعايير الدولية. وقد يختلف مدلول ذلك من بلد إلى آخر وهذا ما سيُناقش أدناه.

تتبع بعض الدول عملية واحدة للإعراب عن موافقتها بالالتزام، ألا وهي الانضمام. ويشمل ذلك إيداع صك الانضمام لدى الوديع ولهذا الإيداع نفس الأثر القانوني كالتصديق، بيد أن التوقيع لا يسبقه، كما هو الحال في التصديق.

وفيما يخص منظمات التكامل الإقليمي، لا تختلف هذه العملية عن العملية ذات المسارين المشار إليها أعلاه، حيث يعقب الإقرارُ الرسمي توقيعَ المنظمة.

ويمكن أن تقرر الدول ومنظمات التكامل الإقليمي التصديق على الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري و/أو الانضمام إليهما معاً أو التصديق على الاتفاقية و/أو الانضمام إليها بمفردها. وينبغي أن يجسَّد ذلك في الصك المنفذ والمودع. ومن الشروط المسبقة للتصديق والتوقيع على البروتوكول الاختياري توقيع الاتفاقية والتصديق عليها، بالرغم من أنه يمكن إجراء العمليتين معاً بالتزامن خلال حفل التوقيع ذاته.

جيم – التحفظات والتفاهمات والإعلانات

عند التوقيع على الاتفاقية أو التصديق عليها أو الانضمام إليها، قد ترغب الدول منظمات التكامل الإقليمي أن تعدل تطبيق المعاهدة عن طريق إبداء تحفظات. وتعرف اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات |المادة ٢، الفقرة ١|د | | التحفظ كما يلي:

ويمكن للدول أيضاً أن تقدم إعلانات لدى التوقيع على اتفاقية أو التصديق عليها أو الانضمام إليها. والإعلانات هي بيانات تفاهم عن مسألة واردة في الاتفاقية أو تفسير لحكم بعينه.

وفي بعض الحالات يمكن أن تكون التحفظات والإعلانات تجسيداً لافتقار الدولة إلى الرغبة في تنفيذ الاتفاقية تنفيذاً كاملاً، فمثلاً يمكن أن تعلل دولة عدم رغبتها بالاستشهاد بتضارب المبادئ الثقافية. وفي حالات أخرى، يمكن أن تكون التحفظات والإعلانات تعبيراً عن قلق مشروع وجدي يساور الدولة فيما يتصل بعدم كفاية مواردها الوطنية للتعامل مع الالتزامات المنبثقة عن الاتفاقية. وقد تنزع الدول إلى إبداء تحفظات لكسب مزيد من الوقت في التنفيذ. ويمكن أن تقرر الدولة تعديل أو تقييد بعض الأحكام الأشد صرامة درءاً لمؤاخذة المجتمع الدولي إياها على عدم تنفيذ الاتفاقية تنفيذاً ملائماً. وإذا كان لا بد من التحفظات، فمن المهم تقييد أثرها إلى الحد الأدنى. وتستحق التحفظات الفضفاضة والمحددة العناية عند رصد معاهدة. فمثلاً، يمكن للجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، عن طريق تفسيراتها ذات الحجية، أن تقيد التحفظات التي يبدو نطاقها عاماً وغير محدد.

وفي كل الأحوال، لا ينبغي التشجيع على إبداء تحفظات وينبغي أن يجد الميسر سبلاً لتوضيح ذلك عند تقديم هذه الوحدة، مع مراعاة الجمهور.

وتجيز المادة ٤٦ من الاتفاقية للأطراف أن تبدي تحفظات شريطة ألا تكون هذه التحفظات منافية لموضوع الاتفاقية وغرضها. ويجوز لدولة معترضة أن تخطر الأمين العام للأمم المتحدة بذلك. 36 ويعمم الأمين العام الاعتراض الذي تلقاه. وعادة ما تركز الاعتراضات على الإعلانات على ما إذا كان البيان مجرد إعلان تفسيري أو في الواقع تحفظاً قد يعدل من الآثار القانونية للاتفاقية. وقد تطلب دولة معترضة أحياناً من الدولة المعلنة أن توضح نواياها. وإذا وافقت الدولة المعلنة على أنها صاغت تحفظاً بدلاً من إعلان، فيجوز سحب تحفظها أو تأكيد ما إذا كان البيان مجرد إعلان.

وبعد تعميم التحفظ، يمكن للدول الأطراف الأخرى أن تعترض على التحفظ في غضون ١٢ شهراً بدءاً من تاريخ إيداع الإخطار بالتحفظ، أو التاريخ الذي أعربت فيه الدولة أو منظمة تكامل إقليمي عن موافقتها على الالتزام بالاتفاقية، أيهما كان لاحقاً. وعندما تبلغ دولة ما الأمين العام باعتراضها على تحفظ بعد نهاية فترة ال ١٢ شهراً، فإن الأمين العام يعمم ذلك باعتباره "بلاغاً". ولا يرغم إبداء شكوى الدولة على سحبه. بيد أنه يضع ضغطاً سياسياً على الدولة التي تبدي التحفظ. وقد يفضي إلى السحب الطوعي للتحفظ فوراً أو بعد فترة من الزمن. وبالإضافة إلى ذلك، نتيجة للاعتراض على التحفظ، يمكن أن تعتبر دولة ما المعاهدة غير سارية بينها وبين الدولة التي تبدي التحفظ – أو على الأقل فيما يتصل في الحكم الذي أبدِي التحفظ بشأنه.

وقد دأبت هيئات رصد المعاهدات على السعي إلى تقييد نطاق التحفظات وشجعت على سحبها. فقد أعربت اللجنة المعنية |١٩٩٤| بحقوق الإنسان مثلاً عن موقفها في التعليق العام رقم ٢٤ بشأن الوسائل المتعلقة بالتحفظات التي تبدى لدى التصديق على العهد أو البروتوكولين الاختياريين الملحقين به أو الانضمام إليها، أو فيما يتعلق بالإعلانات التي تصدر في إطار المادة ٤١ من العهد. واستناداً إلى معيار عدم جواز التحفظات التي تتنافى مع موضوع الاتفاقية وغرضها، أشارت اللجنة إلى مجالات تعتبر فيها التحفظات غير مقبولة. وتشمل هذه المجالات المواد التي تعتبر بمثابة قواعد قطعية. وتبحث اللجنة فيما إذا كان من الجائز إبداء تحفظات على الحقوق التي لا يجوز تقييدها. فمثلاً، رأت اللجنة أن التحفظات على التدابير التي تنشئ آلية تدعم التمتع بحقوق الإنسان، من قبيل الحق في سبل الانتصاف، ليست مقبولة. وترى اللجنة أنه يقع على عاتقها أن تحدد ما إذا كان تحفظ معين لا يتفق مع موضوع وهدف العهد، وهذا يرجع إلى أسباب منها أن هذه ليست مهمة من المناسب أن تقوم بها الدول الأطراف في اتخاذ القرار، وهي من ناحية أخرى مهمة لا يمكن للجنة أن تتجنبها في أداء وظائفها.

وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أنه يجوز تعديل التحفظات القائمة. وقد يفضي هذا التعديل إلى سحب جزئي أو قد ينشئ استثناءات جديدة أو تغييرات على الآثار القانونية لبعض الأحكام |أي يفضي إلى تحفظ جديد|. ويجوز لأي دولة أو منظمة تكامل إقليمي أن تسحب أي تحفظ أبدته على الاتفاقية أو البروتوكول الاختياري في أي وقت. وينبغي أن يحرَّر السحب كتابياً وأن يوقعه رئيس الدولة، أو رئيس الحكومة أو وزير الشؤون الخارجية، أو شخص تخوله تلك السلطات صلاحيات كاملة لهذا الغرض. وعلى غرار التحفظات، يمكن تغيير الإعلانات أو سحبها.

وقد أدرجت الدول الأطراف في الاتفاقية مجموعة من التحفظات والإعلانات، وبعضها أثار اعتراضات لدى دول أطراف أخرى.

دال – إدراج الاتفاقية ضمن نظام القانون للدولة المصدقة عليها

بمجرد التصديق الدولي على المعاهدة، تكون الدولة قد أعربت عن موافقتها على الالتزام بالمعاهدة وتدخل الاتفاقية حيز النفاذ بالنسبة إليها. بيد أنه ينبغي ألا يفترض أن الاتفاقية أصبحت تلقائياً جزءاً من قانونها الوطني.

ويوجد نهجان رئيسيان فيما يتعلق بإدراج الاتفاقيات ضمن النظام القانوني المحلي، وعادة ما ينجم ذلك عن التقاليد القانونية وغالباً ما يجسد في الدساتير الوطنية.

وتفترض البلدان ذات النهج الأحادي أن القانون المحلي والقانون الدولي يشكلان منظومة واحدة من القانون. ولا حاجة إلى تجسيد القانون الدولي ضمن القانون الوطني. فالتصديق على اتفاقية دولية يدرجها فوراً ضمن القانون الوطني. ويمكن لأي قاض محلي أن يطبق القانون الدولي مباشرة كما يمكن للمواطنين أن يستشهدوا بهذا القانون، كما لو كانت قانوناً محلياً. ويمكن أن يعلن قاض بطلان قاعدة وطنية إذا كانت تتعارض مع القواعد الدولية. وفي بعض الدول، تكون للقانون الدولي الأسبقية بينما تعتمد دول أخرى قاعدة القانون اللاحق. وفي بعض الدول الأطراف في الاتفاقية، مثل الأرجنتين وإسبانيا وسلوفينيا وشيلي وقطر وكرواتيا وكوستاريكا ومالي والنيجر وهنغاريا، يكون لأحكام الاتفاقية أثر قانوني مباشر على الإطار القانوني الوطني وتسري بشكل مباشر من حيث المبدأ، بما في ذلك في المحاكم. وفيما يتعلق بمعاهدات حقوق الإنسان الأخرى، من قبيل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والسياسية والثقافية، فقد لجأ أفراد إلى المحاكم ليعرضوا عليها مزاعم انتهاكات حقوق الاتفاقية وحُكم لهم بالتعويض أو جبر الضرر.

وفي البلدان ذات النهج الثنائي، يُنظر إلى النظم القانونية الدولية والوطنية باعتبارها منفصلة عن بعضها البعض. فليس لمعاهدات حقوق الإنسان الدولية التي تكون فيها تلك الدول طرفاً أي مفعول، ومن ثمّ ينبغي اعتماد تشريعات محلية لإدماج الاتفاقية في النظام القانوني المحلي. ولئن كانت بعض الدول الأطراف قد أدخلت تعديلات على تشريعاتها للتكفل بامتثالها للاتفاقية، فيبدو أن الخطوات المتخذة حتى الآن قاصرة عن منح الاتفاقية أثراً مباشراً في النظام المحلي.

وإذا لم تجسد دولة ذات نهج ثنائي معاهدة دولية في قانونها المحلي، لأسباب مثل الإهمال أو لأن الغرض من التصديق/الانضمام كان سياسياً فحسب، فإن تنفيذها يظل غير مؤكد. وإذا لم تجسد الدولة الاتفاقية في نظام قانونها الوطني حال تصديقها عليها، فإن من يحتاجون أشد الحاجة لتطبيق أحكامها قد لا يحظون بالحماية. وتطبق النهج الثنائي بلدان مثل أستراليا، وجنوب أفريقيا، وزامبيا، وكندا، وكينيا، وملاوي، والمملكة المتحدة، والهند.

وكثيراً ما أوصت هيئات معاهدات حقوق الإنسان بإدماج معاهداتها في النظام القانوني المحلي بغية إعمالها إعمالاً كاملاً. فمثلاً، في حين تشير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام ٢٠٠٤ | بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على |رقم ٣١ الدول الأطراف في العهد، إلى أن العهد الدولي الخاص بالحقوق 38 المدنية والسياسية لا يطلب من الدول الأطراف صراحة إدماج العهد، فإنها ذهبت إلى أن "الضمانات التي يشملها العهد قد تحصل على حماية معززة في تلك الدول التي يشكل فيها العهد تلقائياً، أو من خلال إدماجه المحدد، جزءاً من النظام القانوني المحلي" ودعت الدول الأطراف إلى السير على هذا المنوال.

وأعربت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ١٩٩٨ | بشأن | والثقافية عن آراء مماثلة في التعليق العام رقم ٩ التطبيق المحلي للعهد، حيث ذهبت إلى ضرورة تطبيق "معايير حقوق الإنسان الدولية الملزمة قانوناً على نحو مباشر وفوري في النظام القانوني المحلي" و" لا يُلزم العهد رسمياً الدول الأطراف بإدماج أحكامه في القانون الداخلي، لكن هذا النهج مستصوب".

وحتى في البلدان التي يكون من الضروري أن يشير التشريع إلى معاهدة أو يقتبس محتواها، فقد استحدث القضاة في بعض الحالات طرائق مبتكرة للاستعانة بالمعايير الدولية. فمثلاً، رغم أن جنوب أفريقيا ليست طرفاً في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والسياسية والثقافية، فقد استعانت محكمتها الدستورية بالتعليقات ذات الصلة الصادرة عن اللجنة العامة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك من أجل تفسير سياق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دستور جنوب أفريقيا.

هاء – موقع الاتفاقية في تراتبية النظام القانوني للدول

في الدول التي تسري فيها الاتفاقية بشكل فوري، أعطيت الاتفاقية مستويات مختلفة في التراتبية المحلية للقوانين. فكوستاريكا مثلاً تعترف للاتفاقيات بمرتبة متساوية مع الدستور. وفي الأرجنتين، قدِّم مشروع قانون إلى البرلمان للاعتراف للاتفاقية بمرتبة الدستور، على شاكلة معاهدات حقوق الإنسان الأخرى. وفي عدة دول، مثل كرواتيا ومالي والمكسيك والنيجر، تكون لمعاهدات حقوق الإنسان الدولية التي تكون هذه الدول طرفاً فيها مرتبة أسمى من القوانين المحلية.

وكثيراً ما طلبت هيئات معاهدة حقوق الإنسان تقديم توضيحات بشأن مكانة معاهداتها في تراتبية القوانين المحلية. وقد أعربت هذه الهيئات باستمرار عن تقديرها للدول التي اعترفت لمعاهدات حقوق الإنسان بمركز دستوري، وليست هي هذه الحال دوماً.

وقد أشارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان صراحة في تعليقها ٢٠٠٤ | إلى المركز الهام للمعاهدات الدولية الذي | العام رقم ٣١ "ينشأ مباشرة من المبدأ الوارد في المادة ٢٧ من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات والذي ’لا يجوز بموجبه للدولة الطرف أن تحتج بأحكام قانونها الداخلي لتبرير عدم تنفيذ معاهدة ما’". وأشارت اللجنة إلى أن هذا المبدأ "ينطبق بحيث يمنع الدول الأطراف من الاحتجاج بأحكام القانون الدستوري أو غير ذلك من جوانب القانون المحلي لتبرير عدم أداء أو تنفيذ التزاماتها بموجب المعاهدة".

وقد تشكل التحفظات التي تسجلها دول لا تعترف بأسبقية اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في حالة التنازع بين الاتفاقية وقوانينها الدستورية أو الوطنية، تحديات من حيث توافقها مع المادة ٢٧ من اتفاقية فيينا. ونتيجة ذلك، فحتى الدولة التي لها نظام ثنائي ينبغي ألا تحتج بالقانون الوطني على الأقل كسبب لعدم احترام الاتفاقية، حتى وإن تعذر الاحتجاج مباشرة بالاتفاقية في المحاكم الوطنية دون أي قانون إضافي من البرلمان.

واو – الترويج للتصديق على الاتفاقية: أدوار مختلف الجهات الفاعلة

الهيئة التنفيذية

39

البرلمان

المجتمع المدني

المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان

فريق الأمم المتحدة القطري

40
41

الوحدة ٤ – تدابير التنفيذ

مقدِّمة

ما هي تدابير التنفيذ التي تقضي بها الاتفاقية؟

تشير المادة ٤ |١| |ٱ| بوجه عام إلى تدابير التنفيذ المطلوبة من أجل الإعمال الكامل لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، دون تمييز. وتقضي بأن تقوم الدول:

.باتخاذ جميع التدابير الملائمة التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير، لإنفاذ القوانين المعترف بها في هذه الاتفاقية

وهناك على الأقل ثلاثة جوانب من هذه الفقرة الفرعية ينبغي تسليط الضوء عليها. بداية، تشير المادة إلى اتخاذ "جميع" التدابير الملائمة. ويُستشفّ من ذلك أن التنفيذ ينبغي أن يكون شاملاً، بمعنى أنه ينبغي أن يشمل جميع التدابير الممكنة ذات الصلة بالاتفاقية. وتشير المادة ٤ إلى بعض هذه التدابير، التي ستُستَعرض بمزيد من التفصيل أدناه. وعلاوة على ذلك، تشير الاتفاقية في جزء كبير منها إلى تدابير التنفيذ الخاصة فيما يتعلق بالحقوق المحددة. ويجدر الرجوع إلى أي مادة لفهم أنواع التدابير المطلوبة لوضع الاتفاقية موضع التنفيذ. ويمكن أن تفهَم الإشارة إلى "جميع" التدابير الملائمة باعتبارها أداة للمرونة: بعبارة أخرى، لم تترك أية خيارات وقد تحدد مختلف الدول خيارات مختلفة للتنفيذ، وفق ما يتماشى مع سياقاتها القانونية والثقافية.

ثانياً، تشير المادة إلى جميع التدابير "الملائمة". وبعبارة أخرى، يجب أن تكون التدابير ملائمة من حيث مبادئ الاتفاقية والتزاماتها. ويجب أن تحترم الاتفاقية وتروج لمبادئها. ويجب أن تكون متسقة معها.

ثالثاً، تشير المادة صراحة إلى التدابير التشريعية والإدارية، ولكنها تشير أيضاً إلى التدابير "الأخرى". وهذا يتسق مع معاهدات حقوق الإنسان الأخرى. ولئن كانت التدابير القانونية والإدارية تكتسي أهمية في تنفيذ معاهدة دولية، فإن تدابير تنفيذ معاهدات حقوق الإنسان تنفيذاً كاملاً تتجاوز إلى حد بعيد التدابير القانونية والتشريعية لتشمل التعليم والتمويل والتنمية والبرامج الاجتماعية وبناء المؤسسات، والتدابير القضائية والتدابير الأخرى. ونتيجة لذلك، يجب أن يكون نطاق هذه التدابير شاملاً حتى يتسنى تنفيذ الاتفاقية تنفيذاً فعالاً. ومن شأن فهم المعاهدة فهما ضيقاً يقتصر على تدابير قانونية |دون تدابير التمويل| أن يفضي إلى قوانين جيدة لا تطبق.

وهناك مجموعة كاملة من تدابير التنفيذ التي قد تكون ذات صلة، ومنها ما يلي:

42

وتدرس هذه الوحدة مجموعة من تدابير التنفيذ، من قبيل إصلاح القوانين للتكفل باحترام القوانين والسياسات للاتفاقية من خلال توفير ما يكفي من الخدمات وبناء المؤسسات.

وكثير من تدابير التنفيذ التي تُدرس في هذه الوحدة تستغرق وقتاً وتتطلب موارد. وسيرغب الكثير من المشاركين في معرفة الخطوات العملية التي ينبغي أن يمكنهم اتخاذها فور التصديق على الاتفاقية أو حتى بعد تلقي التدريب. ونتيجة لذلك، قبل دراسة أي تدبير من تدابير التنفيذ بمزيد من التفصيل، يجدر النظر في بعض الخطوات الفورية الإضافية التي يمكن اتخاذها لبدء عملية التنفيذ. ومن هذه الخطوات ما يلي:

ألف – بناء المؤسسات من أجل التنفيذ

المؤسسات المطلوبة بموجب الاتفاقية |المادة ٣٣|

قبل النظر في مختلف تدابير التنفيذ عن كثب، يجدر الرجوع بإيجاز إلى المادة ٣٣ ، التي تحدد ثلاث مؤسسات لها أهمية خاصة |انظر أيضاً الوحدة ٦|: جهات الاتصال، وآليات التنسيق وآليات الرصد المستقلة.

جهات الاتصال: تقضي الفقرة ١ من المادة ٣٣ بإنشاء جهة تنسيق واحدة أو أكثر داخل الحكومة تعنى بالمسائل المتصلة بتنفيذ الاتفاقية. ولا تحدد الاتفاقية من سيتولى صفة جهة الاتصال |وزارة، أو قطاع من الوزارة، أو شخص واحد أو غير ذلك|.

آليات التنسيق: تقضي الفقرة ذاتها بأن تولي الدول الأطراف الاعتبار الواجب لمسألة إنشاء أو تعيين آلية اتصال أو آلية تنسيق داخل الحكومة لتيسير الأعمال ذات الصلة بالاتفاقية. ولئن كان هذا الأمر اختيارياً، فإن إنشاء آلية تنسيق قد يكون مفيداً من خلال التكفل بقيام جميع الوزارات وجميع مستويات الحكومة |المركزية، والإقليمية والمحلية| بالعمل معاً على تنفيذ الاتفاقية وعدم تكديس مسائل الإعاقة في وزارة واحدة |مثل وزارة الصحة أو الشؤون الاجتماعية|.

وتكفل جهات الاتصال وآليات التنسيق إيجاد سلطة في البلد تتولى بصفة دائمة مسؤولية تنفيذ الاتفاقية. وقد لا يفضي ذلك بالضرورة إلى تنفيذ فعال: إذ ينبغي أن تحظى جهة الاتصال و/أو آلية التنسيق بالدعم المالي لمتابعة التنفيذ، وأن تكون لها الخبرة ذات الصلة. وينبغي أن تساعد المشاركة الفعالة للأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم على جعل جهات الاتصال وآليات التنسيق فعالة. فبدون جهات اتصال و/أو آليات تنسيق فعالة، يحتمل ألا يكون أحد مسؤولاً عن نقل معايير الاتفاقية من المستوى الدولي إلى المستوى الوطني لكي يكون لها معنى حقيقي.

ومن الأمور التي ينبغي استحضارها ما يلي:

ومن المهام الأولية التي يمكن أن تضطلع بها جهة الاتصال:

آليات الرصد المستقلة: تركز الفقرة ٢ من المادة ٣٣ ، في المقابل، على إنشاء هيئة للإشراف على تنفيذ الاتفاقية. وتقضي بأن تقوم الدول بتشكيل أو تعزيز أو تعيين أو إنشاء آلية مستقلة واحدة أو أكثر لتعزيز الاتفاقية وحمايتها ورصد تنفيذها. والأهم من ذلك، عند إنشاء آليات من هذا النوع، ينبغي أن تأخذ الدول الأطراف بعين الاعتبار "المبادئ المتعلقة بمركز وطرق عمل المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان وتعزيزها"، التي تُعرف أيضاً بمبادئ باريس. وبعبارة أخرى، يجب أن تفي الآليات بالمعايير المتفق عليها دولياً وهي معايير الاستقلالية، والتعدد والعملية.

المؤسسات الأخرى ذات الصلة بالتنفيذ

المحاكم: يُطلب أيضاً من الدول الأطراف أن تعزز التدريب الملائم بشأن الاتفاقية لصالح جهاز القضاء وفقاً للمادة ١٣ . "لكفالة إمكانية لجوء الأشخاص ذوي الإعاقة إلى القضاء فعلياً، تشجع الدول الأطراف التدريب المناسب للعاملين في مجال إقامة العدل، ومن ضمنهم الشرطة وموظفو السجون" ويشمل التدريب تدريب القضاة والمحامين على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وعلى الالتزامات الدولية للدول بموجب الاتفاقية حتى يتم التعامل مع القضايا وفقاً للقانون الدولي. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تكون إمكانية الوصول المادي إلى المحاكم ميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة ويجب أيضاً أن تتاح معلوماتها |الوثائق بلغة برايل، والمواقع التي تستخدم أشكالاً قابلة للقراءة على الشاشة، والترجمة بلغة الإشارة في المحاكم وغير ذلك|.

البرلمانات: للبرلمانات دور حاسم ينبغي أن تضطلع به في تنفيذ الاتفاقية، باعتماد تشريعات وبمحاسبة الهيئة التنفيذية على المسؤوليات والاستراتيجيات وإيصال الخدمات. وللبرلمانات أيضاً دور هام في عملية إقرار الميزانية. ولئن لم تشر الاتفاقية إلى البرلمانات، فإن تعزيزها، وجعلها إمكانية الوصول إليها ميسرة وإذكاء الوعي لدى البرلمانيين بشأن حقوق ذوي الإعاقة، سيكون له أثر قوي على تنفيذ الاتفاقية.

مشاركة المجتمع المدني:تنص الاتفاقية أيضاً على أن يساهم المجتمع، وبخاصة الأشخاص ذوو الإعاقة والمنظمات الممثلة لهم، في عملية الرصد مثلما ينبغي أن يشاركوا في وضع 44 وتنفيذ التشريعات والسياسات الرامية إلى تنفيذ هذه الاتفاقية، وفقاً للمادة٤.

وتثير الإشارة إلى المجتمع المدني مسألتين على الأقل:

باء – القوانين والسياسات والميزانيات

إصلاح القوانين

واجب إصلاح القوانين

تلزم المادة٤|١| |ب| من الاتفاقية الدول الأطراف ب "اتخاذ جميع التدابير الملائمة، بما فيها التشريع، لتعديل أو إلغاء ما يوجد من قوانين ولوائح وأعراف وممارسات تشكل تمييزاً ضد الأشخاص ذوي الإعاقة".

وبالإضافة إلى ذلك، تتعهد الدول باتخاذ جميع التدابير |١| |ج|، | الملائمة التشريعية والإدارية، وتتعهد، بموجب المادة ٤ بمراعاة حماية وتعزيز حقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة في جميع السياسات والبرامج.

وتبعاً لذلك، فإن استعراض التشريعات الوطنية وإطار السياسات يمثل خطوة هامة في تنفيذ الاتفاقية لكي يتسنى:

ويمثل استعراض القوانين القائمة |والسياسات| واجباً يسري على جميع الدول الأطراف. وحتى في الدول التي تطبَّق فيها الاتفاقية تلقائياً، ستكون ثمة حاجة إلى التكفل بأن جميع القوانين المحلية ذات الصلة، بما فيها القانون الإقليمي أو العرفي، تتماشى مع الاتفاقية.

عناصر الامتثال للاتفاقية

تحدد جوانب من المادة ٤ وسائر أحكام الاتفاقية بعض العوامل التي ينبغي استحضارها عند استعراض القوانين وإصلاحها:

ومن الهام أن يُشار إلى أنه ينبغي أن تسود معايير الحماية على مستوى أعلى: فإذا كانت أحكام الاتفاقية في بعض المسائل أضعف من أحكام القانون المطبق في الدولة، فينبغي بطبيعة الحال أن يطبق المعيار الوطني. وخلال المشاورات مع منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في أستراليا، ذُكِر أن الاتفاقية قد تضع معايير امتثال تختلف بين الدولة والفاعلين من غير الدول |مثلاً، وهو معيار يقل بالنسبة إلى الجهات الفاعلة من غير الدول|. ونظراً للدور الكبير الذي يضطلع به القطاع الخاص في توفير السلع والخدمات العامة في أستراليا، كما في تطوير وتوفير خدمات موجهة خصيصاً للمعاقين، ومعينات وتطبيقات، وفي رسم المواقف الاجتماعية، دعت منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة الحكومة الأسترالية إلى الإعلان أن أستراليا لن تقتصر على "تعزيز" أو "تشجيع" الجهات الفاعلة من غير الدول على التقيد بالحقوق المبينة في الاتفاقية، بل في بعض الأحوال أن تقضي بأن يتخذ القطاع الخاص مسؤوليات على أساس مكافئ لمسؤوليات الجهات الفاعلة في الدولة.

التكفل بسبل انتصاف فعالة

حتى يكون للحقوق معنىً، فيجب أن تتاح سبل الانتصاف من أجل تدارك الانتهاكات، وينبغي أن تكفل التشريعات أن المحاكم والهيئات المماثلة لها صلاحية تلقي الشكاوى عن عدم الامتثال للحقوق. وهذا الحكم ضمني في الاتفاقية ويُشار إليه 46 باستمرار في سياق معاهدات حقوق الإنسان الأساسية الأخرى. والأهم هو أن الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعانون من التمييز في أي مجال ينبغي أن يُيسَّر وصولهم إلى العدالة. ونتيجة لذلك، ينبغي أن تشمل سبل الانتصاف جميع حقوق الإنسان – الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وينبغي أن يُقرَّ الحق في الانتصاف في حال حدوث انتهاك للحقوق في القانون وينبغي أن تحدد التشريعات السبل التي يمكن أن يوفَّر بها الانتصاف.

وعند مناقشة سبل الانتصاف، فغالباً ما تسبق إلى الذهن سبل الانتصاف القضائية. وقد يكون للنهج الأحادية مزايا في هذا المجال. فبمجرد تصديق دولة وحدانية على الاتفاقية، فستكون ملزَمة تلقائياً بمبادئها وأهدافها. والأفراد في تلك الدولة، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة، الذين حرموا من بعض الحقوق الخاصة مثلاً نظراً لضعف التشريعات المحلية في الموضوع يمكنهم أن يستشهدوا بالاتفاقية في محكمة وطنية وأن يطلبوا من القاضي أن يطبق الاتفاقية وأن يقرر عدم سريان القانون الوطني. ولا يحتاج القاضي أن ينتظر حتى تُجسَّد الاتفاقية في القوانين الوطنية: فالاتفاقية صُدِّق عليها وأحكامها هي، مبدئياً، مطبقة بشكل مباشر. وبطبيعة الحال، ستكون للنهج الأحادي مزية ما دام القضاة المحليون أكفاء ومطلعين على معايير حقوق الإنسان الدولية.

وحتى في الدول التي لا تطبق فيها الاتفاقية مباشرة، فإن التصديق على الاتفاقية أو الانضمام إليها يشجع جهاز القضاء على تطبيق القانون المحلي بصورة تتماشى مع الاتفاقية. وبتجسيد الاتفاقية في القانون الوطني، تمكِّن الدول الازدواجية محاكمها من تطبيق الاتفاقية في أحكامها.

بيد أنه من الهام النظر إلى سبل انتصاف أخرى أيضاً. ففي البداية، قد تكون سبل الانتصاف الأخرى أكثر مُلاءَمة. فمثلاً، يحسن التعامل مع المشاكل التي تنشأ في إيصال الخدمات في محاكم المستهلكين أو من خلال لجان حقوق الإنسان الوطنية المعنية بسبل الانتصاف الإدارية، ودواوين المظالم، ولجان المساواة، ومفوضي الإعاقة وغيرهم. وقد يكون ذلك أكثر يسراً، حتى بدون محام، ويمكن أن يكون أقل تكلفة وأقل ترهيباً. وبالمثل، قد يُفضَّل في بعض الحالات اللجوء إلى الوساطة والتحكيم لأنها لا تعتمد على قدر من المواجهة وتعتمد على إيجاد الحلول |سبل الانتصاف| المقبولة لدى جميع الأطراف. ويمكن أن يوفر مفتشو العمل ومفتشو المدارس سبلاً لمساءلة أرباب العمل ومهنيي التعليم ونتيجة لذلك تقديم حلول |سبل انتصاف| أسرع، وأقل كلفة وأكثر فعالية من سبل الانتصاف القضائية.

ثانياً، قد تكون سبل الانتصاف الأخرى أقصر ومؤكدة بشكل أكثر. في بعض البلدان، يكون الجهاز القضائي مختلاً أو يفتقر إلى موارد كافية للتكفل بالوصول إلى العدالة. وفي مثل هذه الأحوال، قد لا يثق الأفراد في نظام المحاكم وقد لا يشجَّعون على إدراج شكاوى عن إنكار حقوقهم. ويمكن لسبل الانتصاف الأكثر يسراً أن توفر بدائل لعمليات ليس من المؤكد أنها تجلب الراحة.

ثالثاً قد يُفضَّل اللجوء إلى الأشكال التقليدية من العدالة، لا سيّما في المناطق القروية الفقيرة. ففي العديد من البلدان هناك غياب للمحاكم في مناطق خارج مقاطعة العاصمة والمراكز الحضرية الرئيسية. وهذه الحالة شديدة بوجه خاص بالنسبة إلى الأشخاص من ذوي الإعاقة الذين يعيشون في مناطق نائية. ويمكن أن يؤثر الفقر أو الفقر المدقع على هذه المجالات، ويجعل من المستحيل التنقل بحرية والوصول إلى المناطق الحضرية للحصول على الدعم القانوني أو غيره من الدعم. بيد أنه حتى بالنسبة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة، ليست النظم التقليدية دوماً داء لكل دواء نظراً للوصم بالعار والأحكام المسبقة. ويمكن أن تجسد القرارات بذلك نهجاً تقليدية تعزل الأشخاص ذوي الإعاقة أو تمنحهم معاملة غير متكافئة. وينبغي بذلك أن تشمل برامج إذكاء الوعي السلطات التقليدية، بما في ذلك الشيوخ وزعماء المجتمعات المحلية، وأن تدرج عناصر لعدم التمييز والمشاركة في سبل الانتصاف المحلية.

العملية

لكل دولة عملية خاصة بها في إجراء إصلاح القوانين والسياسات. بيد أن المبادئ التالية بشكل محدد ستكفل أن العملية ستشمل الأشخاص ذوي الإعاقة وسائر الجهات الفاعلة المعنية وتكون أيضاً فعالة.

والأهم من ذلك، تشدد المادة٤ |٣|على أن الدول الأطراف تتشاور تشاوراً وثيقاً مع الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأطفال ذوو الإعاقة، من خلال المنظمات التي تمثلهم، بشأن وضع وتنفيذ التشريعات والسياسات الرامية إلى تنفيذ الاتفاقية، وفي عمليات صنع القرار الأخرى بشأن المسائل التي تتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، وإشراكهم فعلياً في ذلك. وينبغي أن تتناول مشاركتهم بذلك عملية إصلاح القوانين والسياسات برمتها.

ومن الخطوات التي ينبغي اتباعها في استعراض وإصلاح القانون ما يلي:

السياسات

تجسد القوانين الالتزامات الدولية في الإطار القانوني المحلي وغالباً ما تفضي إلى إدخال تحسينات حقيقية على حالة حقوق الإنسان في الميدان.

بيد أنه في الكثير من الحالات، يمكن أن تكتسي السياسات أهمية في تسريع التنفيذ. ولئن كانت القوانين تحدد الحقوق والالتزامات، فيمكن للسياسات أن تحدد الخطوات لتحقيق أهداف مقترنة بالوقت بغية الوفاء بالالتزامات. وتكتسي السياسات أهمية خاصة في الإعمال التدريجي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. بيد أن السياسات لها أهمية أيضاً فيما يتصل بالحقوق المدنية والسياسية |مثلاً تحسين إقامة العدل|. والكثير من السياسات لها صلة بالاتفاقية، ومنها مثلاً:

وليست السياسات تُجرَى دفعة واحدة؛ بل يمتد مداها مدى الحياة:

وبطرق متعددة، يقابل ذلك ما يُعرف بالنهج القائم على حقوق الإنسان. ولهذا النهج ثلاثة عناصر رئيسية:

التدابير المتعلقة بالميزانية في سياق إصلاح القانون والسياسات

تمثل التدابير المتعلقة بالميزانية جوانب أساسية في معظم القوانين والسياسات. ولئن كانت بعض القوانين والسياسات لا تتطلب تمويلاً – مثلما هو الحال في حظر بعض السلوكيات، مثل التمييز أو التعذيب، فإن معظم القوانين والسياسات المتصلة بحقوق الإنسان تتطلب التمويل، ولا سيّما ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية. وينبغي استحضار العوامل الرئيسية التالية:

واجب الدولة في توفير الميزانيات

يجب على صناع القرار أن ينظروا فيما إذا كانت للقوانين والسياسات تبعات مالية ثم يجب عليهم أن يتوقعوا ميزانيات كافية. وعلى النحو المشار إليه أعلاه، قبل اعتماد القوانين والسياسات، ينبغي أن يشير البرلمان والهيئة التنفيذية صراحة إلى المبالغ التي ستقدم للتنفيذ. وعندما تتاح الميزانيات |والموارد البشرية|، يكون للتدابير الأخرى قدر أكبر من احتمال النجاح.

50

والمادة٤ |٢| |الالتزامات العامة| هي الحكم الرئيسي في الاتفاقية بشأن التمويل: فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تتعهد كل دولة من الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة بأقصى ما تتيحه الموارد المتوافرة لديها، وحيثما يلزم، في إطار التعاون الدولي، للتوصل تدريجياً إلى إعمال هذه الحقوق إعمالاً تاماً، دون الإخلال بالالتزامات الواردة في هذه الاتفاقية والواجبة التطبيق فوراً، وفقاً للقانون الدولي.

وغالباً ما يساء فهم هذا الالتزام. فهو لا يعني تأجيل جوانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تتطلب الموارد/التمويل إلى أجل غير مسمى. والواقع أن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية صرحت أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تشمل الالتزامات الأساسية التي ينبغي تطبيقها فوراً، بصرف النظر عن التكاليف المطلوبة. وكمثال على ذلك واجب توفير الأدوية الأساسية بأسعار معقولة في إطار الحق في الصحة.

بيد أنه عندما تكون الموارد مطلوبة وينطبق الإعمال التدريجي:

وفي ضوء الصعوبات التي تواجهها أشد الدول فقراً لتنفيذ الاتفاقية |نتيجة للمتطلبات من الموارد|، تشير المادة ٤|٢| والمادة ٣٢ إلى التعاون الدولي باعتباره سبيلاً لمساعدة الدول. وتقضي المادة ٣٢ |١|د| أن تتخذ الدول تدابير ملائمة وفعالة في التعاون الدولي بما في ذلك توفير المساعدة التقنية والاقتصادية عند الاقتضا

تخصيص الميزانية لحقوق ذوي الإعاقة

يتنامى الاهتمام ب "تخصيص ميزانيات لحقوق الإنسان" والمسائل المتصلة بذلك من قبيل تخصيص الميزانية للمساواة بين الجنسين. وستكون التجربة في هذه المجالات ذات أهمية في توجيه عملية تخصيص الميزانية من أجل الاتفاقية. ويمكن للأسئلة التالية أن تساعد في تحديد ما إذا كانت الميزانيات موائمة للقوانين والسياسات لتنفيذها:

ومن المشاكل التي تواجه مواءمة الميزانية مع عمليات سن القانون والسياسة هي مشكلة تشابه الملكية |أخذ زمام الأمور|. فمثلاً التشابه بين وزارات المالية، ووزارات التخطيط، والوزارات القطاعية، والبرلمان والمجتمع المدني يمكن أن يكون له أثر على الطرق التي تُواءَم بها الميزانيات مع السياسات ومدى إدراج السياسات والميزانيات لمبادئ حقوق الإنسان |مثلاً مدى مشاركة المجتمع المدني|.

51

جيم – الخدمات الشاملة

القطاعات ذات الصلة

يشمل إيصال الخدمات العديد من مواد الاتفاقية، بما فيها:

إيصال الخدمات في ضوء الاتفاقية

وجد إيصال الخدمات حتى قبل اعتماد الاتفاقية. بيد أنه يحتاج أن يمتثل للمبادئ والمعايير المنصوص عليها في الاتفاقية إن أريد له المساهمة في تنفيذ الاتفاقية التنفيذ الفعال. ويعني ذلك أن إيصال الخدمات يجب أن يستجيب للمبادئ العامة الواردة في المادة ٣ من الاتفاقية: فمثلاً، لا ينبغي التمييز في إيصال الخدمات على أساس الإعاقة، بل ينبغي أن تراعَى المساواة بين الرجل والمرأة، وأن تعزَّز استقلالية الفرد والتكفل بمشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم. وسيكون إيصال الخدمات الذي يعزز الميز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، في الوهلة الأولى، غير متماش مع الاتفاقية.

وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يمتثل إيصال الخدمات للمعايير الخاصة الواردة في المواد الجوهرية للاتفاقية. فمثلاً، تنص المادة ٢٥ بشأن الحق في الصحة، على أن يقدم مزاول المهن الصحية رعاية صحية إلى الأشخاص ذوي الإعاقة بنفس جودة الرعاية التي يقدمونها إلى الآخرين، بما في ذلك تقديم هذه الرعاية على أساس الموافقة الحرة والمستنيرة. أما العلاج القسري مثلاً، الذي يحدث على أساس الإعاقة، فإنه يتنافى مع الاتفاقية.

الوصول إلى خدمات شاملة موجهة للأشخاص ذوي الإعاقة

إن الوصول إلى خدمات شاملة وغير تمييزية من أجل الأشخاص ذوي الإعاقة وفقاً للاتفاقية لا يعني بالضرورة أن هذه الخدمات ذاتها ضرورية لكل فرد في جميع الأوقات. وكما هو الشأن مع سائر جوانب الاتفاقية، يقتضي إيصال الخدمات اتباع نهج ذي مسارين. ففي بعض الأحيان، تقضي الاتفاقية بالحصول على الخدمات العامة على قدم المساواة مع الغير. وفي أوقات أخرى، قد يكون تقديم دعم خاص مطلوباً من أجل الأشخاص ذوي الإعاقة حتى يتسنى لهم التمتع بنفس الحقوق مثل الأشخاص غير المعاقين.

وهناك ثلاثة أشكال من الخدمات المطلوبة لتنفيذ الاتفاقية:

دور الدولة

من أجل إصلاح السياسات والقوانين، يتعين على الدولة بوضوح أن تضطلع بدور قيادي، أمّا في إيصال الخدمات فيجب أن يُشرَك القطاع الخاص، والمجتمع المدني الوطني والدولي، والدولة. وعلى مستوى الدولة، يتعين على الحكومة المركزية أن تضطلع بدور تنظيمي وبدور إيصال الخدمات أيضاً، بيد أن سائر مستويات الحكومة، بيد أن سائر مستويات الحكومة الأخرى، ولا سيّما البلدية/المحلية منها، يتعين عليها أن تضطلع بدور أيضاً.

ما هو إذن دور الدولة؟

إن واجب الدولة بالغ الأهمية: فقانون حقوق الإنسان يحدد الدولة باعتبارها صاحبة الواجب الأولى في تعزيز الاتفاقية وحمايتها والتكفل بتنفيذها. ويجب على الدولة أن تقوم بما يلي:

54

تتعهد الدول ب ...| |ﻫ اتخاذ كافة التدابير المناسبة للقضاء على التمييز على أساس الإعاقة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة خاصة.

ويقصد بالمعنى العام للتمييز في الاتفاقية أن واجب الدولة في تنظيم القطاع الخاص |بما في ذلك الأفراد| لا يقتصر على تنظيم التمييز المباشر. بل ينبغي أن ينظم التمييز غير المباشر |مثلاً عندما يكون الأشخاص ذوو الإعاقة مستبعدين استبعاداً فعلياً بسبب تعذر الوصول إلى المرافق أو عدم تقديم الخدمات ذات الصلة|.

وتشير الاتفاقية أيضاً إلى مجالات خاصة ينبغي أن تنظم فيها الدولة القطاع الخاص:

٣ – تنظيم مختلف مستويات الحكومة: يجب على الحكومة المركزية أيضاً أن تنظم تقديم الخدمات على مستواها وعلى سائر مستويات الحكومة. وتقضي المادة٤|١| |د| بأن الدولة تكفل تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق مع الاتفاقية. وينبغي أن تُفهَم السلطات العامة بالمعنى الواسع بأنها تشمل السلطات عبر مختلف الوزارات المركزية في الحكومة وأيضاً، على نحو ما تقدم، جميع أجزاء الدولة، بما فيها المستويات الإقليمية والمحلية.

دال – إذكاء الوعي والتدريب

يمثل إذكاء الوعي، بما في ذلك التدريب، عنصراً آخر مهماً من عناصر وتدابير التنفيذ. ولما كانت الإعاقة نتيجة للتفاعل بين العاهة وبين بيئة غير مرحبة – فإن البيئة لا تشير فحسب إلى البيئة المادية بل أيضاً إلى المواقف غير المرحبة والمعلومات السلبية أو صعبة المنال في المجتمع – وإذكاء الوعي والتدريب بشأن الاتفاقية هما أساسيان إن أريد للبيئة أن تتغير.

إذكاء الوعي

أُفرِدت المادة ٨ خصيصاً لإذكاء الوعي، وهي تنص على طائفة كاملة من التدابير التي ينبغي أن تتخذها الدول الأطراف، ولا سيّما من أجل:

ويمكن القيام بذلك من خلال حملات التوعية العامة، ونظام التعليم، ووسائط الإعلام وبرامج التدريب التوعوية.

وتقضي المواد الأخرى بأن تقدم الدول الأطراف المعلومات إلى الأشخاص ذوي الإعاقة، وهذا ما يمثل أيضاً شكلاً من أشكال إذكاء الوعي. فمثلاً، تتعهد الدول بما يلي:

التدريب

تؤكد المادة ٤ على أهمية التدريب. ويُطلب من الدولة أن تشجع تدريب المهنيين والعاملين مع الأشخاص ذوي الإعاقة فيما يتصل بالحقوق الواردة في الاتفاقية لكي يتسنى تقديم المساعدة والخدمات بصورة أفضل.

وتشجع الاتفاقية على التدريب في المجتمع على نطاق واسع، لدى المهنيين والأشخاص ذوي الإعاقة مثلاً. وبالنسبة إلى الفئة الأولى، فإن الاتفاقية تشجع على ما يلي:

التدريب من أجل ضمان إتاحة الفرصة للأشخاص ذوي الإعاقة لتنظيم الأنشطة الرياضية والترفيهية الخاصة بالإعاقة وتطويرها والمشاركة فيها |المادة٣٠|.

هاء – البحوث والتطوير

.كان للبحوث أثر هام على حياة الأشخاص ذوي الإعاقة. وتساعد الابتكارات التكنولوجية القائمة على مبدأ التصميم العام الأشخاص ذوي الإعاقة على العيش مستقلين في المجتمع. ويساعد جمع الإحصاءات والبيانات الدولة وغيرها على فهم الحواجز التي تواجههم حتى توجَّه تدابير التنفيذ توجيهاً أفضل

وتشير الاتفاقية إلى التدابير المتعلقة بالبحوث في مجالات عدة:

وأخيراً، على المستوى الدولي، يقع على الدول الأطراف واجب جماعي بتيسير التعاون في البحوث والاستفادة من المعارف العلمية والتقنية |المادة ٣٢|.

58
59

واو – الرصد

بالرغم من أنه لا يُنظر دوماً إلى الرصد باعتباره تدبيراً من تدابير التنفيذ، فإن له دور رئيسي أيضاً. فمن خلال الرصد، يمكن التعرف على تدابير التنفيذ التي نجحت والتي لم تنجح. ويساعد الرصد على صقل القوانين والسياسات وسائر تدابير التنفيذ، والتكفل باستخدام الميزانية استخداماً أمثل. ويساعد أيضاً في الكشف عن خروقات حقوق الإنسان بغية ضمان سبل الانتصاف للضحايا، وتجنب انتهاكات أخرى، كما هو مأمول.

وتكتسي عملية تقديم الدول الأطراف تقاريرها إلى لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أهمية بالغة. ويمكن أيضاً للمجتمع المدني وللمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن توفر معلومات إلى اللجنة من خلال ما يسمى بالتقارير الموازية. وتبحث الوحدة ٧ تقارير الدولة والتقارير الموازية بالتفصيل.

وبالإضافة إلى عملية الرصد على المستوى الدولي، يمكن أن يُجرَى الرصد أيضاً على المستوى الوطني. ووفقاً لدليل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بشأن رصد حقوق الإنسا |ن |١١| ، فإن "رصد حقوق الإنسان" هو مصطلح واسع يصف عملية القيام بجمع المعلومات والتحقق منها وتحليلها واستخدامها لتقييم شواغل حقوق الإنسان والتصدي لها. ويُجرَى الرصد على فترات. ويشمل مصطلح "الرصد" أيضاً جمع المعلومات والتحقق منها واستخدامها للتصدي لمشاكل حقوق الإنسان المثارة فيما يتعلق بالقوانين والسياسات والبرامج والميزانيات وسائر التدخلات.

ويجدر تسليط الضوء على عدة جوانب من هذا التعريف:

وينصب الرصد أساساً على:

ويمكن لكل فرد أن يرصد حالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. بيد أن بعض الجهات الفاعلة لها مسؤوليات خاصة:

وعلى النحو المبين في المادة ٣١ بشأن جمع البيانات والإحصاءات، فإن الدول تتمكن من وضع وتنفيذ السياسات الكفيلة بإنفاذ الاتفاقية، وذلك بجمع المعلومات المناسبة، والبيانات الإحصائية والبيانات المستخدمة في البحوث. ويمكن أن يتعزز تنفيذ الاتفاقية من خلال تنفيذ سياسة قائمة على الأدلة، بالاستناد إلى عمليتي الرصد والإبلاغ على الصعيد المحلي، وعلى التقارير المقدمة إلى اللجنة وعلى الملاحظات الختامية للجنة.

62
63

الوحدة ٥ – التمييز على أساس الإعاقة

مقدمة

يشير التمييز إلى فعل يُعامَل فيه شخص أو شيء بشكل مختلف ليس سلبياً بالضرورة. والقول إن شخصاً يميز قد يعني أن هذا الشخص له ذوق سليم أو رصانة في الحكم. بيد أن التمييز قد يعني أيضاً أن شخصاً يعامل بعض الأشخاص بصورة غير عادلة نظراً لخصائص ذلك الشخص. وهذا هو المعنى الثاني للتمييز الذي يهتم به قانون حقوق الإنسان.

ويقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر. وقد تكرر هذا البيان البسيط في القوانين والدساتير الوطنية وفي المعاهدات الإقليمية ومعاهدات الأمم المتحدة. ولكن ما الذي يعنيه عملياً؟ يمكن أن يتخذ التمييز أشكالاً عدة: كأن يكون صريحاً جداً، أو أن يكون مضمَّناً في القانون أو أن يكون مستتراً. وكثيراً ما يكون نتيجة للتحيزات، والفوارق الاقتصادية والاجتماعية، والتصورات الدينية والثقافية المغلوطة. وحتى نتمكن من مكافحة التمييز، فلا بدَّ من مكافحة هذه المواقف السلبية.

يؤثر التمييز على أساس الإعاقة اليوم على قطاع كبير من سكان العالم. وهو من بين المشاكل الرئيسية التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة أو ذوو الصلة بالإعاقة. ويتجلى في أشكال مختلفة وقد تكون له آثار كارثية على حياتهم، وبالتالي على حياة المجتمع. ووفقاً للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في تعليقها العام رقم٥ ١٩٩٤|:

|...| |هناك| تاريخ طويل من التمييز ضد المعوقين إمّا بحكم القانون أو بحكم الواقع، وهو تمييز |يتخذ| أشكالاً مختلفة. فهو يتراوح من التمييز الشنيع، مثل إنكار الفرص التعليمية، إلى أشكال التمييز "الأكثر دقة" مثل الفصل والعزل بفعل حواجز طبيعية واجتماعية مفروضة. |...| وكثيراً ما تعرض المعوقون من ممارسة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على قدم المساواة مع غير المعوقين، وذلك بسبب الإهمال أو التجاهل أو التحامل أو الافتراضات الخاطئة، وبسبب الإقصاء أو التمييز أو العزل. وقد كانت آثار التمييز بسبب العجز قاسية بوجه خاص في مجالات التعليم والتوظيف والإسكان والنقل والحياة الثقافية ودخول الأماكن والمرافق العامة. |أضيف التشديد|

ولئن كان التعليق العام يركز بوجه خاص على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن الأمر ذاته يسري على الحقوق المدنية والسياسية. فمثلاً، في الكثير من البلدان، ما يزال الأشخاص ذوو الإعاقة محرومين من الحق في التصويت ومن الأهلية القانونية للزواج أو إبرام عقود لشراء أو بيع ممتلكات.

ومن الصعب مناقشة التمييز دون النظر في مفهوم المساواة. ففي قانون حقوق الإنسان، فإن عدم التمييز والمساواة هما في الواقع وجهان لعملة واحدة. وبمكافحة التمييز، نأمل أن نكافح العوامل الكامنة في المجتمع التي تفضي إلى عدم المساواة. وعند التعامل مع العوامل التي تفضي إلى عدم المساواة، نأمل أن نمنع التمييز.

بيد أن العلاقة بين عدم التمييز والمساواة تثير التباساً بشأن المعنى المقصود من ب "المساواة". وعند الإشارة إلى مصطلح "المساواة"، غالباً ما نفكر في الأشياء التي تكون متشابهة، ومتطابقة أو متكافئة. بيد أنه عندما نتحدث عن المساواة في سياق حقوق الإنسان، فنحن لا نقول بالضرورة إن جميع الأشخاص متشابهون أو متماثلون. بل إن ما نقوله هو إن لكل شخص نفس الحقوق. ومن أجل كفالة نفس الحقوق لكل فرد، قد يتعين في بعض الأحيان التعامل مع شخصين بشكل مختلف نظراً لاختلافهم المتأصل |مثلاً 64 جنسين مختلفين، أو إرثين لغويين مختلفين، أو مركز أقلية مختلف أو عاهات مختلفة| .

والتعامل مع شخصين بشكل مختلف بهذه الطريقة قد يفضي إلى الالتباس وأيضاً إلى ادِّعاءات بممارسة التمييز. لكن هذا الأمر لا يشكل تمييزاً. بل إنه مجرد اعتراف بأن الأشخاص مختلفون لكن لهم نفس الحقوق؛ ومن أجل جعل المساواة حقيقة، فقد يتعين اتباع استراتيجيات مختلفة من أجل أشخاص مختلفين.

ألف – أشكال التمييز المحظور

هناك مجموعة من المفاهيم التي ينطوي عليها قانون عدم التمييز ومن المهم فهمها.

التمييز بحكم القانون وبحكم الواقع

|التمييز بحكم القانون|التمييز في القانون

يحظر قانون حقوق الإنسان التمييز في القانون. وفي بعض البلدان، تنص التشريعات الانتخابية على حظر التصويت على الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية الخاضعين للوصاية. وبموجب قانون حقوق الإنسان الدولي، فهذا مثال على التمييز على أساس الإعاقة. وهذا تفريق، في القانون، على أساس الإعاقة العقلية الغرض منه وأثره هو إلغاء الاعتراف بحق التصويت لبعض الأشخاص ذوي الإعاقة.

التمييز بحكم الواقع |التمييز عملياً|

تتجاوز الحماية من التمييز حظر التمييز في القوانين وتشمل الحماية من التمييز في الواقع. فمثلاً، تحمي من أفعال أرباب العمل الذين يتخذون قرارات استناداً إلى قوالب نمطية أو افتراضات بشأن قدرات الموظفين ذوي الإعاقة أو أدائهم. وإن كل رب عمل يرفض ترقية شخص ذي إعاقة بسبب اعتقاده أن الإعاقة ستمنع الشخص من أداء مهام وظيفته دون أي دليل على ذلك، فهو يمثل تمييزاً بحكم الواقع. وهو تفريق على أساس الإعاقة يكون الغرض منه وأثره هو تعطيل الحق في العمل |بما في ذلك الارتقاء المهني|.

التمييز المباشر وغير المباشر

التمييز المباشر

يحدث التمييز المباشر عندما يلقى من الأشخاص معاملة أقل حظوة من غيره في ظروف مماثلة لداعٍ يتعلق بالإعاقة. فرفض قبول تلميذ ذي إعاقة في نظام التعليم العام يرتقي إلى التمييز المباشر. ولنتخيل الحالة المتصورة التالية: شركة لها سياسة تقضي بعدم توظيف أي شخص له سجل طبي بمشاكل الظهر بصرف النظر عن مهام الوظيفة. فهذه السياسة تمارس التمييز بشكل غير قانوني على الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يمكنهم أن يستوفوا المتطلبات الأصيلة في العمل. ويعاملون معاملة أقل حظوة من المترشحين الآخرين للوظيفة على أساس إعاقة.

التمييز غير المباش

يحيل التمييز غير المباشر إلى قوانين أو سياسات أو ممارسات تبدو محايدة في ظاهرها، ولكنها تخلف أثراً غير متناسب على ممارسة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. فمثلاً، أن يفرض على جميع العاملين في مكان العمل متطلب غير مرن بأن يتناولوا وجبة الغذاء في نفس الوقت وهذا قد يشكل تمييزاً ضد شخص ذي إعاقة يتعين عليه أن يأخذ الدواء في وقت معين أو أن يأخذ فترات استراحة خلال اليوم. ويبدو هذا المتطلب للوهلة الأولى أنه يسري على جميع الموظفين ولا يشير إلى الأشخاص ذوي الإعاقة، بيد أن أثره تمييزي. وتساعد مكافحة التمييز غير المباشر على الوصول إلى أشكال الانحياز الكامنة في المجتمع التي تسبب التمييز والإقصاء في المقام الأول. ومن المهم أن يشار إلى أن التمييز غير المباشر قد يتعذر أحساناً إثباته.

أشكال التمييز المتعددة

تذكر ديباجة الاتفاقية ب "الظروف الصعبة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة الذين يتعرضون لأشكال متعددة أو مشددة من التمييز على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي وغيره من الآراء، أو الأصل الوطني أو الإثني أو الاجتماعي، أو الملكية، أو المولد أو السن أو أي مركز آخر". فمثلاً، يمكن أن تتعرض امرأة ذات إعاقة إلى التمييز على أساس الجنس والإعاقة أيضاً.

65

ولنتخيل امرأة مشردة داخلياً هاربة من الحرب. وهي تعاني الفقر الشديد وتنتمي إلى أقلية إثنية ولها إعاقة بدنية. تبدو هذه الحالة المتصورة مألوفة في الكثير من البلدان المتأثرة بالنزاعات والأزمات الإنسانية. وقد تتعرض المرأة إلى أشكال متعددة من التمييز بسبب جنسها وظروفها الاجتماعية وإعاقتها. وكثيراً ما تتعرض النساء للعنف الجنسي خلال النزاعات. وكثيراً ما يتعرض الأشخاص ذوو الإعاقة أيضاً للعنف الجنسي نظراً لأنهم مخفيون أو متجاهلون وقد يواجهون أشد التحديات في التواصل. ونتيجة لذلك، قد تواجه النساء ذوات الإعاقة مخاطر متعددة للتعرض للعنف الجنسي خلال النزاعات، لا سيّما إن أخفقت استراتيجيات التأهب في أخذهم بعين الاعتبار.

المضايقة

تحدث المضايقة عندما يتعرض شخص إلى تعليقات، أو سخرية أو أي سلوك مذل على أساس الإعاقة. وينبغي أن تحمي التشريعات من المضايقة. وتشير المادة ٢٧ |ب| من الاتفاقية صراحة إلى الحماية من التحرش المرتبط بالعمل والعمالة. فمثلاً، أن يطلب مشرف على العمل باستمرار من شخص ذي إعاقة أن يقوم بمهام بسيطة في العمل بينما يقوم آخرون بنفس المؤهلات لكنهم بدون إعاقة بأعمال أكثر تعقيداً وأهمية، فقد يشكل ذلك تعريض الموظف ذي الإعاقة إلى التحرش.

المعاملة التفضيلية المبرَّرة

لئن كان التمييز كله محظوراً، فإنه يجوز في بعض الحالات معاملة شخصين معاملة مختلفة على أساس الإعاقة. وللنظر إلى الحالة التالية: رجل يعاني من ألم شديد في الظهر وغير قادر على الانحناء يُرفض في وظيفة موضب الزرابي لأنه غير قادر على أداء المتطلبات الأساسية للعمل، أي توضيب الزرابي.

ولا تشكل كل مفاضلة في المعاملة تمييزاً. وتوجد معايير لتقييم مبررات المعاملة التفضيلية في سائر مجالات قانون حقوق الإنسان:

|أ | ينبغي أن تكون معايير هذه المفاضلة معقولة وموضوعية؛

|ب | يجب أن يكون الهدف من المعاملة التفضيلية هو تحقيق غرض مشروع، أي بعبارة أخرى، غرض يتسق مع مبادئ حقوق الإنسان.

إذا تعذر على شخص القيام بوظيفة وتعذر إيجاد ترتيبات تيسيرية معقولة، فعندئذ تكون المعاملة التفضيلية مبرَّرة.

باء – تعريف التمييز في الاتفاقية

رِّف الاتفاقية التمييز في المادة ٢ منها على النحو التالي:

"يعني التمييز على أساس الإعاقة" أي تمييز أو استبعاد أو تقييد على أساس الإعاقة يكون غرضه أو أثره إضعاف وإحباط الاعتراف بكافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة مع الآخرين، في الميادين السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو المدنية أو أي ميدان آخر. ويشمل جميع أشكال التمييز، بما في ذلك الحرمان من ترتيبات تيسيرية معقولة.

ومما يساعد على فهم هذا التعريف تقسيمه إلى أجزاء.

على أساس الإعاقة

تحيل الاتفاقية إلى "التمييز على أساس الإعاقة". ويتجاوز ذلك التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة لأن التركيز لا ينصب على حماية الأشخاص ذوي الإعاقة فحسب بل على مكافحة التمييز في حد ذاته |والقضاء عليه في نهاية المطاف|، سواء أكان ضد الأشخاص ذوي الإعاقة أو أي شخص آخر. وبذلك، فإن التمييز على أساس الإعاقة لا يستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة بمفردهم بل أيضاً الأشخاص الذين يرتبطون لأسباب شتى بالأشخاص ذوي الإعاقة |التمييز بالارتباط|.

وهذا يعكس النهج الاجتماعي/القائم على حقوق الإنسان الذي تنتهجه الاتفاقية في التعامل مع الإعاقة. فبدلاً من "حماية الأشخاص ذوي الإعاقة"، وهذا قد يشكل نهجاً يقوم على الإحسان في بعض الحالات، تسعى الاتفاقية إلى مكافحة التمييز، أي المواقف السلبية والبيئية التي قد تجعل الأشخاص ذوي الإعاقة معرضين لحالة الخطر أو التهميش. والهدف من ذلك هو الوصول إلى صميم المشكلة. فإذا كان شخص يعاني من التمييز على أساس إعاقة مفترضة، فهذا يدل على أن التحيز قائم وأن قانون حقوق الإنسان يسعى إلى التصدي لمثل هذه المواقف السلبية. ومن خلال القيام بذلك، يمكن تصور عالم خال من الإعاقة.

الغرض أو الأثر

توضح المادة ٢ أن حالات التمييز أو الاستبعاد أو التقييد تشكل انتهاكات إذا كان لها:

|أ | غرض |نية التمييز|؛ أو

|ب | أثر |النتيجة الموضوعية، سواء كانت ناجمة عن القصد أو لا|

إضعاف أو إحباط الاعتراف بالتمتع بممارسة جميع الحقوق من لدن الأشخاص ذوي الإعاقة.

وما من داع لوجود نية التمييز لكي يحدث التمييز. بل إن التركيز ينصب على تجربة الشخص الذي يعاني من الإعاقة. فقد يكون لعدم التروي والإهمال نفس الأثر التمييزي بل أثر أسوأ من فعل التمييز المقصود.

وتبرز الإشارة إلى الغرض والأثر أن الاتفاقية تحظر التمييز المباشر والتمييز غير المباشر معاً. ولئن كانت بعض الأفعال تفضي مباشرة إلى التمييز – مثلاً تقييد حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التصويت – فإن كثيراً من التمييز يحدث بمعاملة شخصين في حالات مختلفة بالطريقة ذاتها. فبناء أدراج في مدخل مستشفى ينم عن معاملة الأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص غير المعوقين بالطريقة ذاتها، بيد أن النتيجة تمييزية، لأن الشخص في كرسي متحرك لا يمكنه دخول المستشفى بينما يمكن لشخص قادر على المشي أن يدخل. ولئن كان يبدو أن ما من تمييز في هذه الحالة |المستشفى مفتوح للجميع| فإن الأثر قد يكون تمييزياً. وتمنع الاتفاقية هذا التمييز غير المباشر أيضاً.

لحرمان من ترتيبات تيسيرية معقولة

يقر هذا التعريف بالحرمان من الترتيبات التيسيرية المعقولة باعتباره أحد أشكال التمييز. ومن أجل تعزيز المساواة والقضاء على التمييز، يجب على الدول الأطراف أن تتخذ جميع الخطوات المناسبة لكفالة توافر الترتيبات التيسيرية المعقولة للأشخاص ذوي الإعاقة.

وتعني "الترتيبات التيسيرية المعقولة" مثلاً إدخال تعديلات على تنظيم بيئة عمل، مؤسسة تعليمية، أو منشأة للرعاية الصحية أو خدمة للنقل بغية إزالة الحواجز التي تمنع شخصاً ذا إعاقة من المشاركة بنشاط أو تلقي خدمات على قدم المساواة مع غيره. وفي العمل، قد يشمل ذلك إدخال تغييرات مادية على المقار، واقتناء أو تعديل المعدات، وتوفير قارئ أو مترجم فوري، وتوفير ما يلائم من التدريب أو الإشراف، وتكييف إجراءات الاختبار أو التقييم، وتغيير ساعات العمل المعتادة أو إسناد بعض مهام وظيفة إلى شخص آخر.

ولئن كانت الاتفاقية تقضي بأن تستوعَب الاحتياجات الخاصة لشخص ذي إعاقة، فهي تشير إلى الترتيبات التيسيرية المعقولة. وإذا كانت الترتيبات تفرض عبئاً غير متناسب أو غير ضروري على الشخص أو الكيان المتوقع منه تقديمها، فإن عدم توفيرها لا يشكل تمييزاً.

وفي عدد من البلدان، تنص التشريعات على عدد من العوامل التي ينبغي أخذها بالحسبان عند تقييم ما إذا كانت الترتيبات المطلوبة ترتقي إلى عبء غير مناسب. ويشمل ذلك ما يلي:

والترتيبات التيسيرية المعقولة هي تغييرات تُجرَى لصالح شخص وبطلب منه. وهكذا، يمكن لموظف تعرض لحادثة بسيارة وتتطلب حالته إدخال بعض التغييرات لمواصلة العمل أن يطلب ترتيبات تيسيرية معقولة من رب العمل. وهذا يختلف عن تدابير إمكانية الوصول العامة بموجب المادة ٩ من الاتفاقية التي ليست موجهة بالضرورة إلى أفراد |حتى وإن كان الأفراد يستفيدون منها| بل إلى المجتمع برمته. ولئن وجب على الدول أن تحقق إمكانية الوصول العامة بمرور الوقت، فيمكن لشخص أن يطلب ترتيبات تيسيرية معقولة فوراً وأن يرفع شكوى لدى المحكمة إن لم تجرَ هذه الترتيبات.

وتفرض الاتفاقية على الدول عبء التكفل بالترتيبات التيسيرية المعقولة. ونظراً إلى أن الكثير من هذه الترتيبات مطلوب من القطاع الخاص، فينبغي أن تلزم الدول القطاع الخاص، من خلال التشريعات، بتقديم الترتيبات التيسيرية المعقولة.

68

جيم – مظاهر التمييز

ولطالما واجه الأشخاص ذوو الإعاقة أشكالاً مختلفة من التمييز، لكن الأمل هو أن اعتماد الاتفاقية سيقلص من هذا التمييز في أنحاء العالم.

وكان يُنظر إلى الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم مخلوقات غريبة، ومظاهر للنحس أو مدعاة للفضول. وكانوا يتعرضون للتصفية، أو الميز أو يرغمون على الخضوع إلى تجارب طبية. وكانوا يتعرضون للسخرية والازدراء وكان يُنظر إليهم بأنهم مصدر نحس. وفي الكثير من الحالات، كانوا يعتبرون مخلوقات دنيا ولا يراهم سواسية سوى الله ومن ثمّ فهم يستحقون الشفقة والعطف.

وتطور التمييز والتمييز يتطور ولا ينقص بالضرورة. ففي عام ٢٠٠٦ ، خلال اعتماد الاتفاقية، صرح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان قائلاً:

"في أغلب الأحيان، يُنظر إلى الأشخاص ذوي الإعاقة بوصفهم باعثاً للحرج، وفي أحسن الأحوال، بوصفهم باعثاً للشفقة والإحسان الاستعلائي ... فعلى الورق، ربما كانوا يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها الآخرون؛ ولكن في واقع الحياة، فإنهم كثيراً ما يردون إلى هامش الحياة ويحرمون من الفرص التي يعتبرها الآخرين أمراً مسلماً به."

ولننظر إلى بعض الأمثلة:

ولا يتصرف الأوصياء أحياناً بما يخدم مصلحة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يمثلونهم. بل قد يتسم هؤلاء بالشطط باستخدام مواقع سلطتهم وينتهكون حقوق الآخرين. وعند غياب الأهلية القانونية، يمكن إجراء تدخلات طبية قسرية |العقاقير، الجراحة، والتعقيم| والتجارب الطبية دون موافقة حرة مستنيرة. وكثيراً ما تتعرض النساء والفتيات ذوات الإعاقة العقلية مثلاً للتعقيم القسري.

وفي بعض البلدات القروية في هاييتي، يشعر الآباء الذين ينجبون طفلاً ذا إعاقة ذهنية أو بدنية بأنهم يعاقبون على إثم ارتكبوه. وعندها تكون العواقب وخيمة: فقد يعاشر الأب نساءً أخريات ليظهر أنه لم يكن المسؤول عن الإعاقة. وقد يُبقَى الطفل حبيس البيت، ومخفياً عن المجتمع.

وفي كمبوديا، فقد الكثير من الأطفال والبالغين أطرافهم في انفجارات الألغام الأرضية، لا سيّما في المناطق القروية. والإصابة بإعاقة تعتبر اجتماعياً مصدراً للشؤم وكثيراً ما ترغم الأشخاص على العيش في هامش المجتمع. وحتى اليوم، فقد يتجاهل الباعة في السوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ويلزمهم أن يطلبوا المساعدة من شخص آخر لخدمتهم.

دال – ربط عدم التمييز بالمساواة: تدابير خاصة

تتجاوز مكافحة التمييز مجرد حظره. وتقتضي أيضاً الوصول إلى صميم التمييز غير المباشر – تغيير أوجه التحيز الكامنة في المجتمع التي تفضي إلى التمييز في المقام الأول – بتعزيز المساواة. ولهذا السبب، هناك غالباً حاجة إلى المساعدة على تحقيق المساواة من أجل الأشخاص الذين يواجهون التمييز، بمن فيهم الأشخاص 70 ذوو الإعاقة. ولا تعد التدابير الخاصة الموجهة لصالح شخص ذي إعاقة تمييزية؛ بل ترتقي إلى المعاملة التفضيلية المبررة. وهذا ما تقر ٤| منها على ما يلي: |به الاتفاقية. إذ تنص المادة ٥

تعتبر التدابير الضرورية للتعجيل بالمساواة الفعلية للأشخاص ذوي الإعاقة أو تحقيقها تمييزاً بمقتضى أحكام هذه الاتفاقية.

وبذلك فإن الاتفاقية تقر أنه قد يكون من الضروري أحياناً اتخاذ تدابير خاصة إزاء الأشخاص ذوي الإعاقة للتكفل بتحقيق المساواة الفعلية مع الآخرين.

ويمكن أن تكون هذه التدابير دائمة – مثلاً بناء أماكن لركن السيارات تراعي تيسير إمكانية الوصول في المجالات الحضرية من أجل السيارات التي تقل الأشخاص ذوي الإعاقة – أو مؤقتة – مثل تخصيص حصص لتشغيل العاملين ذوي الإعاقة. وهذه التدابير مقبولة بموجب الاتفاقية ولا تشكل تمييزاً كما هو معرف في المادة ٢ منها.

وفي بعض الأحيان، قد تجابه التدابير المحددة لصالح شخص أو مجموعة باستياء من الآخرين، الذين ينظرون إلى هذه التدابير باعتبارها غير منصفة بل حتى تمييزية. بيد أن هذه التدابير ليست مقبولة إلا في الحدود التي تصحح بها الاختلال في التمتع بحقوق الإنسان بين الأشخاص المعوقين وغير المعوقين. وعندما تتحقق المساواة بينهم؛ فإن التدابير الخاصة لا تبقَ ضرورية.

وينبغي أن تقرأ الصيغة الواردة في المادة ٥ بالاقتران مع التدابير الخاصة لعدم التمييز والمساواة التي تتصل بمجموعة واسعة من الحقوق الواردة في الاتفاقية، كما في أمور الزواج، والأسرة، والأبوة والعلاقات |المادة ٢٣ |، والتعليم |المادة ٢٤ |، والصحة |المادة ٢٥ |، والعمالة |المادة ٢٧ |، ومستوى العيش والحماية الاجتماعية .| |المادة ٢٨ |، والمشاركة في الحياة العامة والسياسية |المادة ٢٩

ولنأخذ مثلاً الحق في العمل الوارد في المادة ٢٧ . فقد التزمت الدول الأطراف في الاتفاقية بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام وبتعزيز توظيفهم في القطاع الخاص، بما في ذلك من خلال برامج تحيز إيجابي. وهذه البرامج تمثل تدابير خاصة تسعى إلى تدارك النقص في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في مجال يكون للدولة فيه تأثير مباشر، أي سياساتها في التوظيف. ومن خلال السعي بفعالية إلى توظيف أشخاص ذوي إعاقة، يمكن أن تعزز الدولة التمتع المتساوي بالحق في العمل. ويمكن أن تؤثر الدولة في العمل مباشرة بإلزام القطاع الخاص أو تشجيعه بالأخذ ببرامج التحيز الإيجابي.

ومن أنواع التحيز الإيجابي الأخذ بنظام الحصص – مثلاً، أن تكون نسبة ٥ في المائة من العاملين من ذوي الإعاقة وأن تُفرَض غرامة على رب العمل الذي لا يحترم هذه الحصة. ولا تقتضي الاتفاقية أي حصص. لأن للحصص مزايا وعيوب. فقد تفضي إلى الرمزية، حيث يوظف أرباب العمل أي شخص ذي إعاقة في أي مستوى ببساطة للوفاء بالحصة أو أداء الغرامة لتفادي التدبير برمته. وفي المقابل، قد يكون نظام الحصص سبيلاً لجلب الأشخاص ذوي الإعاقة إلى مكان العمل، وقد يفضي ذلك إلى التمكين الاقتصادي والتمتع بالحقوق الأخرى. ولما كانت الاتفاقية تشير إلى برامج التحيز الإيجابي دون تحديد ماهيتها، فمن المستصوب النظر في البرامج المرجَّحة لجلب تحسينات مستدامة للأشخاص ذوي الإعاقة وحقهم في العمل. وفي بعض الحالات، قد يعمل نظام الحصص، وقد لا يعمل في حالات أخرى.

وقد حددت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، في تعليقها ،| | ١| ٢٠٠٤ | بشأن التدابير الخاصة المؤقتة |المادة ٤ | العام رقم ٢٥ بعض التدابير التي يمكن أن تكون ذات صلة بتحديد التدابير الخاصة لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة. ومن هذه التدابير ما يلي:

71

هاء – من المسؤول؟

متى يحدث التمييز على أساس الإعاقة؟ ومن يرتكبه بالفعل؟ ومن المسؤول عنه؟

وإليكم بعض الأمثلة:

وبعد النظر إلى هذه الأمثلة المشار إليها أعلاه، من المسؤول إن كان هناك مسؤول؟ أهو الراكب، أم الأسرة، أم المصرف، أم الإدارة، أم قسم الموارد البشرية؟ عند الحديث عن التمييز، تبرز طبقات مختلفة من المسؤولية، بيد أن الدولة هي صاحبة الواجب الأولى.

واو – ماذا بوسع هذه الجهات فعله لمكافحة التمييز؟

تبين الوحدة ٤ مجموعة من التدابير التي تساعد في تنفيذ تبين الوحدة ٤ مجموعة من التدابير التي تساعد في تنفيذ الاتفاقية: وضع قوانين وسياسات؛ التكفل بتخصيص موارد كافية؛ توفير خدمات شاملة؛ إذكاء الوعي وتدريب المهنيين وغيرهم؛ إجراء البحوث والتطوير؛ توفير سبل الانتصاف؛ وبناء المؤسسات. وعند النظر في مختلف الأمثلة المشار إليها في الجزء السابق، يمكن تحديد بعض الإجراءات التي يمكن لهؤلاء الفاعلين اتخاذها لمكافحة التمييز.

في جميع هذه الحالات، من المهم عدم التفكير فقط فيما ينبغي أن تقوم به الدولة بل فيما يتعين أن يقوم به الشخص المعني. فمثلاً، قد يسعى الشخص إلى سبل انتصاف من خلال المحاكم، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أو نظم حل النزاعات غير الرسمية، أو قد يلتمس المساعدة من منظمة غير حكومية أو يمارس الضغط على الحكومة أو على الآخرين مباشرة للتدخل |توجيه رسائل إلى البرلمانيين المحليين مثلاً|.

زاي – الإعاقة باعتبارها أحد أسباب حظر التمييز في سائر معاهدات حقوق الإنسان

إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تحمي جميعها الأفراد من التمييز. وتنص المادة ٢ من هذه المعاهدات على التمييز بسبب الإعاقة ضمن "مركز آخر":

لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر . |الإعلان العالمي|

تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق لمنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب |العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية|

وتنص الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، على التزامات الدول بمكافحة التمييز والقضاء عليه. ومن هذه الاتفاقيات، لا يشار صراحة إلى "الإعاقة" باعتبارها من أسباب حظر التمييز إلا في اتفاقية حقوق الطفل:

تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عرق الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه، أو لونهم، أو جنسهم، أو لغتهم، أو دينهم، أو رأيهم السياسي أو غيره، أو أصلهم القومي أو الإثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر. |المادة ٢|

وتشرح لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ٢٠٠٩ |، أن "الوضع الآخر" يشمل | في تعليقها العام رقم ٢٠ أموراً منها:

وتقدم في تعليقها العام رقم ٥ ضد الأشخاص ذوي الإعاقة. وتدرج لجنة مناهضة التعذيب "الإعاقة العقلية أو غيرها" ضمن أسس التمييز في تعليقها العام ٢٠٠٧ |. وتشير لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، في | رقم ٢ ١٩٩١ |، إلى مشكلة "التمييز المزدوج" | تعليقها العام رقم ١٨ الذي يؤثر على النساء ذوات الإعاقة. وفي ديباجة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، هناك إقرار أنه ينبغي أن "يتمتع الأطفال ذوو الإعاقة تمتعاً كاملاً بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الأطفال الآخرين"، وشددت من جديد على "الالتزامات التي تعهدت بها الدول في اتفاقية حقوق الطفل تحقيقاً لتلك الغاية".

وفي اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ١٥٩ ١٩٨٣ بشأن التأهيل المهني والعمالة |الأشخاص المعوقين|، يُتناول تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة وعدم التمييز. ومن الجدير بالاهتمام أيضاً اتفاقية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة |اليونسكو| لمكافحة التمييز في التعليم، خصوصاً إن شُفعت بمبادئ التعليم الشامل التي اعتُمدت في المؤتمر العام المعني بالاحتياجات التعليمية الخاصة: الوصول والجودة، لعام.١٩٩٤

ومن الصكوك الإقليمية ذات الصلة اتفاقية البلدان الأمريكية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، التي وضعتها منظمة الدول الأمريكية، واتفاقية الاعتراف بالمؤهلات بشأن التعليم العالي في المنطقة الأوروبية، التي وضعها مجلس أوروبا، وخطة عمل المجلس لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومشاركتهم الكاملة في المجتمع: تحسين جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة في أوروبا |٢٠١٥–٢٠٠٦|.

وتعد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بمثابة أداة جديدة لمكافحة التمييز على أساس الإعاقة عن علم وتصميم. وحتى إن لم تصدق دولة ما على الاتفاقية، فإن عليها التزامات بحظر التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة بموجب معاهدات حقوق الإنسان الأخرى التي صدقت عليها.

75

الوحدة ٦ – أطر تنفيذ ورصد الاتفاقية على الصعيد الوطني

مقدمة

تنص اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على إنشاء آليات ومؤسسات وطنية لتنفيذ الاتفاقية ورصدها على الصعيدين الدولي والوطني.

وفيما يخص آليات التنفيذ والرصد على الصعيد الوطني، ينصب التركيز في هذه الوحدة على ما ورد في المادة ٣٣ من الاتفاقية. وهذه الآليات هي:

جهات الاتصال: تنص الفقرة ١ من المادة ٣٣ على تنفيذ الاتفاقية على الصعيد الوطني من خلال تعيين جهة اتصال أو جهات اتصال داخل الحكومة. ولا تشير الاتفاقية بالتحديد إلى من يمكنه أن يعمل بمثابة جهة اتصال |وزارة، أو قطاع من وزارة، أو شخص أو غير ذلك|. بل إن إنشاء جهة اتصال يعني في الحد الأدنى ألا تظل الاتفاقية ضمن اختصاص وزارة الشؤون الخارجية حصراً، باعتبارها مسألة دولية، بل ينبغي أن يخصَّص لها كيان يركز على تنفيذ الاتفاقية على الصعيد الوطني.

آلية التنسيق: تقضي الفقرة ذاتها، على أنه ينبغي أن تولي الدول الاعتبار الواجب لمسألة إنشاء أو تعيين آلية تنسيق داخل الحكومة لتيسير الأعمال ذات الصلة بالاتفاقية. ولعل من المفيد إنشاء آلية التنسيق هذه حتى وإن كان الأمر اختيارياً. وقد جرت العادة أن تتولى وزارة واحدة، مثل وزارة الصحة أو وزارة الشؤون الاجتماعية، تناول المسائل المتعلقة بالإعاقة. ومن الأمور التي قد تحدث أن تعليم الأطفال ذوي الإعاقة يوكل أحياناً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بدلاً من وزارة التعليم. ومثل هذا الترتيب قد يفاقم من الإقصاء ويعزز التفرقة. ولما كان نطاق الاتفاقية يشمل جميع الحقوق، فإن مجموعة من الوزارات ينبغي أن تتولى هذه المسؤولية، من قبيل وزارة الداخلية، ووزارة العدل، ووزارة التعليم، ووزارة العمل وغيرها. ويمكن أن تساعد آلية التنسيق في التكفل بأن الاتفاقية لا تظل حبيسة وزارة واحدة وأن المسؤوليات مشتركة.

الآلية المستقلة للتنفيذ والرصد: تركز الفقرة ٢ من المادة ٣٣ ، في المقابل، على إنشاء هيئة للإشراف على تنفيذ الاتفاقية. وتقضي بأن تقوم الدول بتشكيل أو تعزيز أو تعيين أو إنشاء آلية مستقلة واحدة أو أكثر بغية تعزيز تنفيذ الاتفاقية وحمايته ورصده. ومن المهم أن يشار إلى أن على الدول، عند إنشاء آليات من هذا النوع، أن تراعي "المبادئ المتعلقة بمركز وطرق عمل المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها"، التي تعرف أيضاً بمبادئ باريس. وسيتم تناول هذه المبادئ بمزيد من الإسهاب أدناه. وفي هذه المرحلة، من المهم الإشارة إلى أهمية هذه المبادئ للتكفل باستقلالية وحسن أداء آلية الرصد الوطنية كما تقضي به الاتفاقية.

وتنص الاتفاقية أيضاً على أن يسهم المجتمع المدني، ولا سيما الأشخاص ذوو الإعاقة والمنظمات الممثلة لهم، في عملية الرصد ويشاركون فيها مشاركة كاملة، كما ينبغي أن يشاركوا في وضع وتنفيذ التشريعات والسياسات الرامية إلى تنفيذ هذه . الاتفاقية، وفقاً للمادة

وتثير الإشارة إلى المجتمع المدني مسألتين اثنتين على الأقل:

|أ | ينبغي أن يساهم المجتمع المدني، ولا سيّما الأشخاص ذوو الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم، في عملية الرصد التي تجريها آلية الرصد المستقلة المنشأة بموجب المادة ٣٣ |وأن يشاركوا في أحسن الأحوال أيضاً في عمل جهة الاتصال وآليات التنسيق|؛

ب | يضطلع المجتمع المدني أيضاً بدور في رصد الاتفاقية، بشكل مستقل عن الآليات الأخرى المنشأة بموجب المادة ٣٣.

76

وبالإضافة إلى الإطار المحدد لرصد الاتفاقية وتعزيزها وحمايتها الذي ينشأ بموجب الاتفاقية، يمكن أن تضطلع البرلمانات والمحاكم الوطنية أيضاً بدور رئيسي في تعزيز الحقوق الواردة في الاتفاقية وحمايتها. وتشمل الآليات الأخرى المعنية مفتشي العمل، ومفتشي المدارس وأي آليات أخرى تضطلع بدور في رصد الحقوق. وينبغي أن يرصدوا حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مهام الرصد العامة التي يتولونها.

ولا يختلف إدراج مادة تفصل هيئات التنفيذ والرصد على الصعيد الوطني ومهامها عن النهج المتبع في معاهدات حقوق الإنسان الرامية إلى تعزيز رصد حقوق الإنسان على الصعيد الوطني. فقبل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، قضى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بأن تنشئ الدول الأطراف آليات وقائية على الصعيد الوطني.

ألف – جهات الاتصال وآليات التنسيق في الحكومة

لمّا كانت للدول الأطراف في الاتفاقية أشكال مختلفة من الحكومات تختلف في تنظيمها، فإن المادة المتعلقة بجهات الاتصال وآليات التنسيق تتسم بالمرونة ومن ثمّ يمكن تكييفها.

وبما أن الصكوك الدولية الأخرى، مثل برنامج العمل العالمي بشأن الأشخاص المعوقين والقواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة، قد دعت أيضاً إلى إنشاء كيانات مشابهة، فمن الجدير التفكير بتجربتها للاسترشاد بها في تنفيذ المادة٣٣.

جهة |جهات| الاتصال

ويحدد دليل البرلمانيين بشأن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختيار ي |١٢| مهاماً يمكن أن تضطلع بها جهة أو جهات الاتصال الوطنية وهي كما يلي:

آلية التنسيق

تشجع الاتفاقية على إنشاء آلية تنسيق على المستوى الحكومي بالإضافة إلى جهات الاتصال، وإن كانت آلية التنسيق مسألة اختيارية.

ويمكن أن تتخذ آلية التنسيق مثلاً شكل فريق مشترك بين الوزارات، أي ممثلين عن الوزارات المعنية المكلفة بتنسيق تنفيذ الاتفاقية بين دوائر/قطاعات أو مستويات الحكومة. ونظراً لاتساع نطاق الاتفاقية، فسيكون لجميع الوزارات بعض المسؤوليات عن تنفيذ أجزاء منها.

وتشمل بعض آليات التنسيق ممثلين عن مختلف الوزارات ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، وسائر منظمات المجتمع 78 المدني، والقطاع الخاص ونقابات العمال. وكثيراً ما تركز ولايتها على إعداد السياسات، وتعزيز الحوار بشأن الإعاقة وإذكاء الوعي ومهام مماثلة.

وينبغي أن يشار إلى أن آلية التنسيق يمكن أن تكون مفيدة بوجه خاص في البلدان التي فيها نظم إدارة مفوَّضة، مثل الدول الاتحادية.

وينبغي أن يسعى المدربون إلى تحديد الآليات الوطنية والإقليمية ذات الصلة بسياق التدريب حتى يتسنى تزويد المشاركين بما يكفي من الأمثلة عن الآليات القائمة.

باء – الآليات المستقلة لتنفيذ ورصد الاتفاقية على الصعيد الوطني

بالإضافة إلى تعيين المؤسسات المشار إليها أعلاه، تقضي الاتفاقية بأن تقوم الدول بتشكيل أو تعزيز أو تعيين أو إنشاء إطار عمل ل "تعزيز وحماية ورصد" تنفيذ الاتفاقية.

وقد تختار الدول الأطراف إنشاء آليات خاصة بالإعاقة أو إسناد مهمة الرصد للكيانات القائمة. وبالإضافة إلى ذلك لا تنص المادة ٣٣ على شكل تنظيمي بعينه يخص إطار الرصد الوطني وتُترك للدول الأطراف حرية تحديد البنية المناسبة لسياقها السياسي والتنظيمي.

وأياً كانت البنية التنظيمية، تنص المادة ٣٣ على ثلاث متطلبات في إطار الرصد:

جيم – البنية التنظيمية لإطار الرصد: البدائل وأوجه المفاضلة – آلية واحدة أو آليات متعددة

ينبغي أن تنظر الدولة الطرف مبدئياً فيما إذا كان عليها أن تعين |أو تقيم أو حتى تعزز| آلية قائمة أو أن تنشئ إطاراً جديداً. وفي هذا الصدد، تكتسي العوامل التالية أهمية خاصة:

وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تنظر الدولة فيما إذا كان إطارها الوطني سيضم آلية واحدة أو أكثر. وفيما يلي بعض الخيارات الممكنة:

١ – إسناد مهمة الرصد إلى كيان واحد، أي آلية مستقلة واحدة مثلاً؛

ويستشف من الربط الصريح في المادة ٣٣ |٢| بين إطار العمل ومبادئ باريس أن هناك تفضيل لإسناد مهمة الرصد إلى المؤسسة الوطنية المعنية بحقوق الإنسان. وإسناد المهمة هذا سيكون بالتأكيد متماشياً مع الاتفاقية.

وفي الوقت الراهن، تم إنشاء ما يزيد عن ١٠٠ مؤسسة وطنية معنية بحقوق الإنسان في العالم. وقد تسمى لجان حقوق الإنسان، أو أمناء المظالم أو معاهد.

٢ – إسناد المهمة إلى إطار عمل يتألف من أكثر من آلية مستقلة واحدة.

وتتوقع الاتفاقية إمكانية تعيين أكثر من آلية تنسيق مستقلة.

دال – مبادئ باريس في سياق الاتفاقية

خلال حلقة عمل دولية بشأن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، عقدت في باريس في عام ١٩٩١ ، أعدت مبادئ أولية تتصل بمركز وسير عمل المؤسسات الوطنية المعنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان، التي تعرف اليوم بمبادئ باريس.

وتقضي المادة ٣٣|٢|من الاتفاقية بأن تأخذ الدول بعين الاعتبار هذه المبادئ، عند تعيين أو إنشاء آليات لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها ورصدها. وبالإشارة إلى الاتفاقية، يمكن أن تثير مبادئ باريس المسائل التالية:

الاختصاص والمسؤوليات

بعبارات عامة:

وفيما يتعلق بالمسؤوليات الخاصة:

مبادئ إضافية فيما يتعلق بمركز اللجان ذوات الاختصاص شبه القضائي

من المبادئ الاختيارية ما يتصل بالإذن لآلية بالاستماع والنظر في الشكاوى والعرائض المتعلقة بفرادى الحالات، من قبيل الادعاءات بأن حقوق شخص ذي إعاقة قد انتُهكت. وعندما يُكفل هذا الخيار، ينبغي أن تستند سلطة الآلية على المبادئ الأربعة التالية:

ولكي يتسنى تطبيق مبادئ باريس تطبيقاً كاملاً على النطاق الوطني بموجب المادة ٣٣ ، من الواجب التكفل بالوصول إلى العدالة. وفي هذا السياق، تقضي المادة ١٣ بأن تقوم الدول:

ويمكن أن تتناول اعتبارات إمكانية الوصول والترتيبات مثلاً:

هاء – مهام الإطار الوطني للرصد

يُتوقع من إطار الرصد المستقل أن يعزز تنفيذ الاتفاقية وحمايتها ورصدها. وتبين الشريحة ١٠ في عروض الحاسوب بعض الأمثلة عن المهام المطلوبة في تعزيز وحماية ورصد حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

واو – مشاركة المجتمع المدني والأشخاص ذوي الإعاقة وإشراكهم

تقضي المادة٤|٣| بأن تقوم الدول الأطراف بالتكفل بالتشاور تشاوراً وثيقاً مع الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم، بشأن وضع وتنفيذ التشريعات والسياسات الرامية إلى تنفيذ الاتفاقية، وفي عمليات صنع القرار الأخرى بشأن المسائل التي تتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، وإشراكهم فعلياً في ذلك.

81

.وتقتضي المادة ٣٣|٣| أن يسهم المجتمع المدني، وبخاصة الأشخاص ذوو الإعاقة والمنظمات الممثلة لهم في عملية الرصد ويشاركون فيها مشاركة فعالة

وفي الحد الأدنى، يعني ذلك أن على الهيئات الوطنية المنشأة بموجب المادة ٣٣ أن تسعى إلى إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم. وما من إرشادات عن كيفية هذه المشاركة وشكلها. ويمكن للمدرب أن يفتح باب النقاش أمام المشاركين في دورة التدريب بشأن مجالات المشاركة، من قبيل:

زاي – البرلمانات

بالإضافة إلى ترتيب الرصد الخاص المنصوص عليه في الاتفاقية، يضطلع البرلمان، من خلال وظيفته الإشرافية، بدور رئيسي للتكفل باحترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وتشمل مختلف الآليات البرلمانية التي يمكن التعويل عليها ما يلي:

حاء – المحاكم الوطنية

يمكن أن تضطلع المحاكم الوطنية أيضاً بدور هام في تنفيذ الاتفاقية ورصدها.

:ونتيجة للقضايا المعروضة على المحاكم الوطنية

وقد يطرح المدرب فكرة عرض قضية وطنية لتحديد قضايا متصلة بالإعاقة. ويمكن أن يقدم المدرب موجزاً عن القضية ومن ثم يشجع المشاركين على مناقشة مختلف السبل التي تمكن بها الجهاز القضائي من تعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

83

الوحدة ٧ – تقديم التقارير إلى اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: تقرير الدولة والتقارير الموازية

تقديم

الغرض من هذه الوحدة هو تزويد الدول والمجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بتفاصيل عن عملية تقديم التقارير إلى اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وتقضي المادة ٣٥ من الاتفاقية بأن تقدم كل دولة طرف تقريرها الأول، وذلك خلال فترة عامين عقب بدء نفاذ هذه الاتفاقية بالنسبة إلى الدولة الطرف المعنية، وأن تقدم تقاريرها عقب ذلك مرة كل ٤ سنوات على الأقل، وكذلك كلما طلبت منها اللجنة ذلك. ويتعين أن يضطلع المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بدور حاسم في عملية الإبلاغ بتكملة المعلومات التي توفرها الدولة الطرف. وتشمل هذه الوحدة محتويات تقارير الدولة والتقارير الموازية وعملية صياغتها، وتقديمها إلى اللجنة ومتابعة الملاحظات الختامية للجنة وتوصياتها.

ألف – تقارير الدولة

١ – اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

وقبل مناقشة التقارير، من المهم فهم طبيعة ودور اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي اللجنة التي تتولى التقارير من الدول الأطراف وسائر الأطراف المعنية وتستعرضها. وتُنشأ اللجنة بموجب المادة ٣٤ . وهي هيئة معاهدة تتألف من ١٨ خبيراً مستقلاً يعملون بصفتهم الشخصية. وتنتخبهم الدول الأطراف في الاتفاقية في مؤتمر الدول الأطراف ولهم بعض المواصفات من قبيل:

وعند انتخاب هؤلاء الخبراء، ينبغي أن تولي الدول الأطراف الاعتبار الواجب إلى مجموعة من الجوانب المشار إليها في المادة ٣٤ من الاتفاقية، وتشمل:

أما المعيار الأخير – وهو مشاركة الخبراء ذوي الإعاقة – فهو من المستجدات التي جاءت بها الاتفاقية ويشهد على أن الأشخاص ذوي الإعاقة كثيراً ما يستبعدون من عمليات اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم. وفي السياق ذاته، فإن الدول الأطراف مدعوة لإيلاء ٣| عند تعيين الخبراء. وتقضي المادة | الاعتبار الواجب للمادة ٤ ٣| بأن تتشاور الدول الأطراف تشاوراً وثيقاً مع الأشخاص |٤ ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأطفال ذوي الإعاقة، من خلال المنظمات التي تمثلهم، بشأن وضع وتنفيذ التشريعات والسياسات الرامية إلى تنفيذ هذه الاتفاقية، وفي عمليات صنع القرار الأخرى بشأن المسائل التي تتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، وإشراكهم فعلياً في ذلك. ولئن كان طلب المشاركة يتسم بالضعف نسبياً – إذ إن الدول مدعوة فقط لكي تنظر فيه عند تعيين الخبراء – فإنه يشير إلى أن عملية التعيين لا ينبغي أن تكون شأناً حكومياً صرفاً بل أن تضطلع الجهات الأخرى من المجتمع بدور فيه وأن يكون لها اهتمام بالانضمام إلى عضوية اللجنة.

وينتخب خبراء اللجنة لفترة أربع سنوات. ويجوز أن يعاد انتخابهم مرة واحدة.

84

وتتمثل المسؤولية الرئيسية للجنة في تلقي تقارير شاملة من كل دولة طرف في الاتفاقية |انظر أدناه|.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للجنة، بموجب البروتوكول الاختياري أن:

:وتضطلع اللجنة أيضاً بعمل مواضيعي. فهي

:وأخيراً، تملك اللجنة الصلاحية فيما يتصل بإدارتها الخاصة. مثلاً

٣– دورة الإبلاغ

لا تختلف دورة الإبلاغ عن مثيلاتها بموجب أي معاهدة من معاهدات حقوق الإنسان. والعامل الأهم الذي ينبغي تذكره هي أنها دورة. وهي بذلك ليست، ولا ينبغي أن تكون، حدثاً فردياً معيناً بل عملية تشمل الخطوات التالية:

٤ – الوثيقتان المطلوب إعدادهما

:يتعين على الدولة أن تعد وثيقتين رئيسيتين، هما

٥– المنهجية

ما من منهجية صارمة يتعين على الدول اتباعها في إعداد تقاريرها، بيد أن الخطوات التالية تكتسي أهمية:

86

٢– المحتوى: المبادئ التوجيهية المتعلقة بالإبلاغ |١٤|

أعدت اللجنة المبادئ التوجيهية المتعلقة بالإبلاغ بغرض إسداء النصح إلى الدول الأطراف بشأن شكل ومحتوى تقاريرها من أجل تيسير إعداد التقارير وضمان أن تكون هذه التقارير شاملة وأن تعرضها الدول الأطراف بطريقة موحدة. كما سيؤدي الامتثال للمبادئ التوجيهية المتعلقة بإعداد التقارير إلى تقليل حاجة اللجنة إلى طلب معلومات إضافية بموجب المادة ٣٦ وبمقتضى الفقرة ٣ من القاعدة ٣٦ من القواعد الإجرائية.

وفيما يتعلق بالحقوق المعترف بها في الاتفاقية، ينبغي أن تشير الوثيقة المتعلقة بمعاهدة محددة إلى الآتي:

.وينبغي إعداد الوثيقة المتعلقة بمعاهدة محددة بالشكلين الإلكتروني والورقي

وينبغي أن يتبع التقرير الفقرات ٢٤ إلى ٢٦ والفقرة ٢٩ من المبادئ التوجيهية المنسقة لتقديم التقارير.

وينبغي أن يتماشى شكل الوثيقة المتعلقة بالاتفاقية المحددة مع الفقرات ١٩ إلى ٢٣ من المبادئ التوجيهية المنسقة لتقديم التقارير. وينبغي أن لا يتجاوز حجم التقرير الأولي ٦٠ صفحة وأن تقتصر الوثائق اللاحقة الخاصة بالاتفاقية على ٤٠ صفحة. كما ينبغي ترقيم الفقرات.

وتقترح المبادئ التوجيهية المتعلقة بالإبلاغ اتباع التنظيم العام التالي:

وتنص المبادئ التوجيهية المتعلقة بالإبلاغ التي وضعتها اللجنة على مسائل محددة ينبغي أن تبلغ عنها الدول الأطراف، حكماً تلو الآخر.

،|CRPD/C/PER/1 ويقدم التقرير الأولي الذي قدمته بيرو | الذي يُقتبس جزء منه أدناه، مثالاً جيداً لأن الدولة الطرف أبلغت عن كل مبدأ من المبادئ التوجيهية التي حددتها اللجنة. فبالنسبة إلى المادة 29 مثلاً، يبين الجدول أدناه المبادئ التوجيهية للجنة في العمود الأيمن والتدابير المتخذة في العمود الأيسر. وهذا المثال يدعو للاهتمام لسببين على الأقل:

٢٣ – المادة ٢٩ : المشاركة في الحياة السياسية والعامة

٨١ – تكفل هذه المادة الحقوق السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة.

تقرير عن التقدم المحرز
التشريعات والتدابير المتخذة لضمان الحقوق السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة، والأشخاص ذوي الإعاقة العقلية أو الذهنية بالتحديد، بما في ذلك تمكينهم من تجاوز القيود التي يواجهونها والتغلب على تلك القيود إن تطلب الأمر ذلك منذ اعتماد القانون رقم ٢٩٤٧٨ في مجلس النواب في كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٠٩ ، وضع المكتب الوطني لإجراءات الانتخابات الإطار القانوني المطلوب لتسهيل مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في التصويت في الانتخابات.
88
التدابير المتخذة لضمان حق التصويت في الانتخابات لكل الأشخاص ذوي الإعاقة بالاعتماد على أنفسهم أو بمساعدة شخص يختارونه بأنفسهم تعتبر هوية الأحوال المدنية وثيقة التسجيل الوحيدة لأغراض التصويت في الانتخابات. ويُعد استخدامها ملزماً لكل المواطنين. كما أن المكتب الوطني للأحوال المدنية أصدر قراراً إدارياً ينص على إصدار الهويات الشخصية للأشخاص ذوي الإعاقة مجاناً بعد التأكد من أهلية المتقدم.
التدابير المتخذة لضمان إمكانية الوصول الكاملة إلى إجراءات التصويت في الانتخابات والتسهيلات والمواد وفقاً للقانون رقم ٢٩٤٧٨ ، يحتفظ المكتب الوطني لإجراءات التصويت بسجل خاص بالمواطنين ذوي الإعاقة لتيسير وصولهم إلى صندوق الاقتراع من خلال: |أ| إعداد بطاقات الاقتراع بلغة "برايل" |نموذج برايل| للمواطنين ذوي العجز البصري؛ |ب| إقامة مقصورات التصويت في الطابق الأرضي في مراكز الاقتراع؛ |ج| إزالة صناديق الاقتراع من الطوابق العليا بشكل مؤقت كي لا يضطر الأشخاص ذوو الإعاقة إلى الصعود إلى تلك الطوابق؛ |د| وضع لافتات في مراكز الاقتراع لتوجيه المواطنين ذوي الإعاقة والتعريف بالإجراءات المتخذة لتيسير وصولهم إلى مقصورات الاقتراع. ويمكن زيارة الموقع الإلكتروني للمكتب الوطني.
مؤشرات قياس التمتع الكامل بالحق في المشاركة في الحياة السياسية والعامة للأشخاص ذوي الإعاقة

في الفترة بين عامي ٢٠٠٤ و ٢٠٠٧ ، مارس ٧٥٨ ١٠ شخصاً ذوي إعاقة حقهم في التصويت.

وعلى الصعيد الوطني، بلغ إجمالي عدد بطاقات الهوية التي أصدرت مجاناً للأشخاص ذوي الإعاقة في الفترة بين عام ٢٠٠٣ و ٥ آذار/ ٣٨ بطاقة ٦٧ بطاقة، منها ٨٠٥ مارس ٢٠١٠ ما مجموعه ٧٢٩ أصدرت للبالغين و٢٨٩٢٤ بطاقة أصدرت للقاصرين.

الدعم المقدم إن وجد للأشخاص ذوي الإعاقة من أجل إنشاء وتشكيل منظمات تمثل حقوقهم ومصالحهم على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية منذ عام ٢٠٠١ ، وضع المجلس الوطني لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة سجلاً بالرابطات، والمنظمات غير الحكومية، وسائر المنظمات التي تعمل لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة والتصدي للمشاكل التي تواجههم؛ وفي عدد من هذه المنظمات، يشغل آباء وأقارب الأشخاص ذوي الإعاقة مناصب في هيئة الإدارة. وفي الوقت الراهن، أدرجت ٣١٠ مؤسسة في القائمة الاحتياطية لدى هيئة التسجيل الوطنية؛ وهذا يخولهم إبرام ترتيبات تعاونية، ويمنحهم إمكانية الحصول على تمويل التعاون الدولي ويمكنهم من تعزيز الاندماج الاجتماعي لذويهم.
89

٧ – قائمة المسائل

بعد أن تتلقى اللجنة تقرير الدولة الطرف، يقوم مقررها القطري |وهو عضو من اللجنة| بدراسته، وتقرر اللجنة بمساعدة المقرر ما إذا كانت معلومات قد أغفلت من التقرير. وعلى هذا الأساس، تحيل اللجنة قائمة المسائل إلى الدولة الطرف بغية تكملة المعلومات في التقرير. وعموماً، ترد الدول الأطراف على قائمة المسائل كتابة قبل إجراء الحوار البناء مع اللجنة.

وعادة ما تحسم اللجنة قائمة المسائل في الدورة التي تنعقد قبل الحوار البناء مع الدولة الطرف. وهذا يتيح للدولة الطرف ما يكفي من الوقت لتقديم ردودها. ويمنح اللجنة أيضاً وقتاً للتفكير في المعلومات الإضافية التي تقدمها الدولة الطرف وتقرر ما إذا كانت قد حصلت على معلومات كافية بشأن موضوع بعينه أو ما إذا كان ينبغي إجراء متابعة إضافية خلال الحوار البناء.

ويقدم تقرير تونس مثالاً عن كيفية عمل قائمة المسائل. فقد قدمت الدولة الطرف في تقريرها الأولي معلومات عن حقوق الأطفال ذوي الإعاقة، بالرغم أن هذه المعلومات ركزت في المقام الأول على الصحة والتعليم. ولم تقدم تونس معلومات عن حماية الأطفال من العنف والاستغلال. وبذلك طلبت اللجنة |CRPD/C/TUN/Q/Add.١| هذه المعلومات. في الرد الذي قدمته تونس ١ ،أشارت إلى أن:

ومن المثير للاهتمام أن الدولة الطرف قدمت معلومات قليلة عن حماية الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل خاص، ومعلومات أكثر استفاضة عن نظام حماية الأطفال بشكل عام. ولئن كان ذلك يسري بالطبع على الأطفال ذوي الإعاقة أيضاً، فإن هناك مجموعة من الأسباب التي تدعو القوانين والسياسات بوجه خاص إلى ذكر حماية الأطفال ذوي الإعاقة. فمثلاً، قد يواجه البالغون صعوبة في التواصل مع الأطفال الصم، وهذا ما قد يجعلهم أكثر عرضة للعنف والاعتداء لأنه قد يتعذر عليهم طلب الحماية.

ولئن لم تتناول الدولة الطرف بشكل كامل سؤال اللجنة، فقد ساعدت اللجنة على التعرف على وجود نظام لحماية الأطفال، وهو ما سيسمح بتوجيه أسئلة أكثر تحديداً خلال دورة اللجنة ومن ثمّ التكفل بالاستفادة المثلى من وقت اللجنة المحدود.

٨ – دورة اللجنة

المرحلة الموالية هي مثول الدولة الطرف أمام اللجنة للدخول في حوار بناء. وعلى هذا الأساس، ستصدر اللجنة ملاحظاتها الختامية وتوصياتها إلى الدولة الطرف.

وتعقد اللجنة حالياً دورتين في العام تتناولان العديد من بنود جدول أعمالها. وابتداء من مطلع عام ٢٠١٤ ، ستخصص خمسة أسابيع للاجتماعات العامة وأسبوعين لاجتماعات الفريق العامل قبل عقد الدورة. وعادة ما يبدأ اليوم الأول بإلقاء بيانات افتتاحية يدلي بها رئيس اللجنة وممثل عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. وتعقبها مناقشات في جلسة عامة مع ممثلي منظمات الأمم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة |اليونيسيف| ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ثم مع ممثلي المجتمع المدني. وقد تجتمع اللجنة في جلسة خاصة للتحضير للحوار مع الدولة الطرف المعنية.

ثم تجتمع اللجنة بالدولة الطرف. ويقسم حوار اللجنة مع الدول الأطراف إلى اجتماعين يدوم كل واحد منهما ثلاث ساعات ويعقدان في يومين مختلفين. ويبدأ الاجتماع بعرض يقدمه ممثل الدولة ثم يليه تقديم من المقرر القطري في اللجنة. ثم يتناول أعضاء اللجنة الكلمة لإبداء آرائهم على تقرير الدولة الطرف ويطرحون أسئلة إضافية. ويمر الحوار بثلاث مراحل يطرح خلالها أعضاء اللجنة أسئلتهم فتليها ردود تقدمها الدولة الطرف. ويُمنح ممثلو الدولة الوقت للرد على مراحل خلال اليوم. ثم تجتمع اللجنة في جلسة خاصة لمناقشة ملاحظاتها الختامية وتوصياتها، وقد تستغرق بعض الوقت.

وبالإضافة إلى الحوار البناء، تناقش اللجنة البلاغات المقدمة بموجب البروتوكول الاختياري، وسائر المسائل المواضيعية من قبيل تقريرها إلى الجمعية العامة |إن كان ذا صلة بهذه الدورة|، وتعزيز هيئة المعاهدة، وأساليب عملها، وصياغة أي تعليقات عامة أو التحضير للأيام المقبلة من المناقشة العامة.

وتتبع الملاحظات الختامية الشكل ذاته في هيئات المعاهدات الأخرى. فتبدأ بالجوانب الإيجابية للتنفيذ من جانب الدولة الطرف. ثم تنتقل إلى "العوامل والصعوبات التي تعوق تنفيذ الاتفاقية" و"دواعي القلق الرئيسية والتوصيات". ويُعرب عن هذه الأخيرة بالبدء بالملاحظات تليها التوصيات وهما يتبعان شكل التقرير، أي المواد ٤–١ وحقوق محددة، والتزامات محددة.

واسترسالاً في مثال تونس، من المثير للاهتمام أن نرى أن شواغل اللجنة الواردة في قائمة المسائل يبدو أنها مستمرة وأن الردود التي قدمتها الدولة الطرف غير كافية لتبديد هذه الشواغل. |CRPD/C/TUN/CO/ فقد أشارت اللجنة في ملاحظاتها الختامية | ١ إلى ما يلي:

91

٩–المتابعة

بعد أن تُعتمد الملاحظات الختامية، تُنشر في معظم الأحيان .|www.ohchr.org| فوراً على موقع المفوضية السامية الإلكتروني

بيد أن الدولة الطرف تضطلع بدور رئيسي في المتابعة. فوفقاً للمادة ٣٦|٤| من الاتفاقية:

تتيح الدول الأطراف تقاريرها على نطاق واسع لعامة الجمهور في بلدانها وتيسر إمكانية الاطلاع على الاقتراحات والتوصيات العامة المتعلقة بهذه التقارير.

ولذلك ينبغي أن تنشر الدول على الأقل التوصيات الختامية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تسعى إلى إيجاد سبل لمتابعة التوصيات إذ سيتعين عليها أن تفيد عن تنفيذها بعد أربع سنوات.

وإذ تستحضر الدولة هذه المسؤوليات، يمكنها أن تقوم بما يلي:

ومنذ نيسان/أبريل ٢٠١٢ ، أعدت اللجنة إجراءات للمتابعة. إذ تحدد اللجنة اثنتين إلى ثلاث توصيات لمتابعتها – وهي المواضيع التي ترتئي أن لها الأهمية القصوى في تحسين حالة الأشخاص ذوي الإعاقة في البلد المعني – وتطلب من الدولة الطرف أن تعود إليها بتقرير في غضون ١٢ شهراً عن التدابير المتخذة لتنفيذ تلك التوصيات.

باء – التقارير الموازية

١ – مساهمة المجتمع المدني/المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في دورة الإبلاغ

ليست عملية الإبلاغ عن تنفيذ الاتفاقية حدثاً فريداً أو منعزلاً. بل إنها عملية متسلسلة يمكن أن تساهم فيها منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في مختلف مراحل العملية. وينبغي إيلاء العناية الخاصة لمشاركة ممثلي الأشخاص ذوي الاتفاقية. ويُعرض | ٤| و ٤ |٣| من الإعاقة، مع مراعاة المادتين ٣٥ فيما يلي لعملية الإبلاغ بشكل عام |ويبين مجالات تأثير منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان|:

٣ – هيكل تنظيم التقرير

لا توجد متطلبات بشأن تنظيم التقارير الموازية على نحو بعينه؛ بل ينبغي لواضعي هذه التقارير أن ينظروا في اتباع مقاربة منهجية تساعد اللجنة على فهم كيفية صياغة التقرير وأن توضح قدر الإمكان المسائل التي ترغب منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن تثيرها مع اللجنة، ناهيك عن الحلول الممكنة.

ويُعرض فيما يلي لتنظيم ممكن للتقرير، يستند في الجزء الأعظم منه على المبادئ التوجيهية للإبلاغ التي وضعتها اللجنة:

٤– المنهجية: إنشاء تحالف من أجل تقرير موازٍ

حتى وإن لم يكن ذلك مطلوباً، فلعل من المفيد إنشاء تحالف من الأطراف الوطنية المعنية من أجل إعداد التقرير الموازي. فذلك يساعد اللجنة بتزويدها بوثيقة واحدة تشمل مختلف دواعي قلق المجتمع المدني في البلد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن:

94

ومن المسائل التي يمكن أن يُنظر فيها عند تشكيل التحالفات ما يلي:

٥ – المحتويات: حقوق محددة

يُنصح بأن تتبع التقارير الموازية المبادئ التوجيهية المتعلقة بالإبلاغ التي وضعتها اللجنة. وهذا يعني أن هذا التقرير يتماشى مع الممارسة المتبعة في اللجنة ومع تقرير الدولة، ويفترض أن تكون الدولة قد اتبعت المبادئ التوجيهية المتعلقة بالإعلان عند إعداد تقريرها. وعلى النحو المشار إليه أعلاه، تصنف اللجنة الحقوق والالتزامات بموجب الاتفاقية ضمن المجموعات التالية:

وتوفر المبادئ التوجيهية المتعلقة بالإبلاغ قائمة من الأسئلة التي ينبغي تقديم ردود عليها فيما يتصل بمختلف الأحكام الواردة تحت تلك العناوين. فمثلاً، فإن المبادئ التوجيهية للجنة فيما يتعلق بالمادة ٥ بشأن عدم التمييز والمساواة تنص على ما يلي:

تُقرّ هذه المادة بأن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق دون أي تمييز وعلى قدم المساواة في حماية القانون والاستفادة منه.

وينبغي أن تشمل تقارير الدول الأطراف ما يلي:

وقد قدمت إسبانيا المعلومات التالية رداً على تلك الأسئلة الفقرتان ١٥ و ١٦ ، أضيف ،CRPD/C/ESP/ في تقريرها الأولي | ١ التأكيد|:

95

وخلاصة القول إن:

ويوفر التقرير الموازي للجنة رداً أكثر إسهاباً على أسئلتها ويزودها أيضاً بمعلومات مكملة. إذ يشير إلى ما يلي:

٦ – التوصيات

من المهم أن تقترح التقارير الموازية إجراءات يمكن للجنة أن تتخذها، من قبيل الأسئلة التي يمكن أن تطرحها اللجنة على ممثلي الدولة. وكبديل لذلك، يمكن أن تقترح توصيات تُدرج في الملاحظات الختامية. وما يهم تذكره هو أنه ينبغي أن تكون التوصيات واضحة وموجهة قدر الإمكان حتى يتسنى تنفيذها وتجسيدها في التقرير الدولي المقبل. أمّا التوصيات الفضفاضة أو العامة فقد تربك الدولة الطرف عند التنفيذ أو تفضي إلى عدم التنفيذ أو إلى تنفيذ غير فعال.

ومن المبادئ التوجيهية فيما يخص التوصيات ما يلي:

وفيما يتعلق بالمادة ٥ أيضاً، يقدم التقرير الموازي بشأن تنفيذ إسبانيا للاتفاقية مجموعتين من التوصيات.

وفيما يتصل بالادِّعاء بأن الحماية من التمييز لا تحمي بعض الأشخاص ذوي الإعاقة، يقترح ألا ينصب التركيز على النسب المئوية للإعاقة بل على حالة الضعف:

وفيما يتصل بالادِّعاء بأن آليات الإشراف والعقوبات ليست فعالة بشكل كامل، يوصي التقرير الختامي بما يلي:

وهذه التوصيات مفيدة، بالرغم من أنها لا تستوفي جميعها المقترحات المشار إليها أعلاه. ففي التوصية التالية مثلاً:

إدراج مؤشرات لرصد فعالية نظم الحماية لمتابعة المسائل في مجال الانضباط الإداري ومؤشرات للمتابعة في المجال القانوني

:بعبارات عامة، هذه التوصية مفيدة

:ويمكن تحسينها بما يلي

٧– جمع البيانات والتحليل

هناك مصادر عدة للبيانات لعلها تكون مفيدة للتقرير الموازي:

التقارير، من قبيل بيانات الإحصائيات والتقارير المتخصصة، الصادرة عن معهد الإحصاءات الوطنية؛

بيانات من وزارات التعليم والصحة والعدل والشؤون الاجتماعية والنقل؛

تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي التي إما أن تشمل معلومات بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة أو أن تركز بوجه خاص على الإعاقة؛

قد يكون لدى المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان معلومات من قبيل تقارير البحوث؛

قد تكون المؤسسات الأكاديمية أجرت بحوثاً أو دراسات استقصائية بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؛

٨– تقديم التقرير إلى اللجنة

ينبغي أن يقدم واضعو التقرير تقريرهم الموازي إلى اللجنة في الوقت المناسب حتى يتسنى النظر فيه كاملاً. ويمكن القيام بذلك:

ينبغي أن يُرسَل التقرير إلى مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أمانة اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في العنوان .crpd@ohchr.org

:وقد ترتئي منظمات المجتمع المدني أيضاً حضور دورات اللجنة سواء في

٩– متابعة دورة اللجنة

هناك سبل متعددة يمكن من خلالها لمنظمات المجتمع المدني، سواء على حدة أو بالشراكة مع السلطات، أن تتابع ما صدر عن اللجنة من ملاحظات ختامية وتوصيات. فمثلاً، يمكنها أن تقوم بما يلي:

98
99

الوحدة ٨ – البروتوكول الاختياري

تقديم

تقدم هذه الوحدة المعايير الأساسية للإجراءين المنصوص عليهما بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: البلاغات والتحقيق. وتشرح الخطوات المطلوب اتخاذها في الإجراءين كليهما وتحدد بعض مزايا البروتوكول الاختياري باعتباره سبيلاً لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

ألف – اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

تنص المادة ٣٤ من الاتفاقية على إنشاء لجنة معنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي لجنة دولية من الخبراء المستقلين الذين يزاولون مهام عدة. ويُنتخب أعضاؤها خلال مؤتمر الدول الأطراف، الذي يُعقد بنيويورك. وخلافاً لمؤتمرات الدول الأعضاء في معاهدات حقوق الإنسان الأخرى، فإن مؤتمر الدول الأطراف الخاص باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يعقد أيضاً مناقشات مواضيعية بشأن المسائل المتصلة بالاتفاقية.

وتنتخب الدول الأطراف الخبراء بالاقتراع السري على أساس طلبات الترشيح التي تقدمها الدول الأطراف ذاتها. وتنتخب الدول الأطراف الأعضاء الخبراء مع مراعاة تخصصهم وتجربتهم في مجال حقوق الإنسان والإعاقة، والتمثيل الجغرافي المنصف، وتمثيل مختلف أشكال الحضارات والنظم القانونية، والتوازن بين الجنسين، ومشاركة الخبراء من ذوي الإعاقة. ويعمل الخبراء بصفاتهم الشخصية: فهم لا يمثلون الدولة التي قدمت طلب ترشيحهم أو انتخبتهم. وهم مستقلون |١٦| . ومن أجل ضمان استقلاليتهم، لا يشاركون في استعراض التقارير أو الحوار البناء المتصلين ببلدانهم الأصلية.

باء – مهام اللجنة بموجب الاتفاقية

تلتزم الدول، بعد أن تصبح أطرافاً في الاتفاقية، بتقديم تقارير دورية إلى اللجنة بشأن الخطوات التي اتخذتها لتنفيذ الاتفاقية |المادة ٣٥ | وتقدم الدول الأطراف تقاريرها الأولية في غضون عامين بعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ بالنسبة إليها. ويجب أن تقدم تقارير لاحقة مرة كل أربع سنوات على الأقل وكلما طلبت اللجنة ذلك أيضاً.

وتشارك اللجنة في حوار بناء مع الدول الأطراف وتصدر ملاحظات ختامية وتوصيات لمتابعة إجراءات تحسين تنفيذ الاتفاقية وتعزيزه. ويمكن أن تشارك كذلك في هذا الحوار أطراف أخرى مهتمة، من قبيل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني. ويمكن لمنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة مثلاً أن تقدم تقارير موازية إلى اللجنة. ويمكن أن تكون التقارير الموازية قيمة جداً، لأنها تعرض لمنظور المجتمع المدني بشأن التنفيذ وتمنح اللجنة صورة أكمل عن تنفيذ الاتفاقية.

وقد تعقد اللجنة أيضاً أياماً للمناقشة العامة، وهي أيام مفتوحة للعموم، وخلالها تناقش المسائل ذات الاهتمام العام التي تنشأ من الاتفاقية. وقد عقدت اللجنة بالفعل أياماً للمناقشة بشأن الأهلية القانونية وإمكانية الوصول وعقدت مناقشة دامت نصف يوم بشأن النساء والفتيات ذوات الإعاقة.

وتصدر اللجنة تعليقات عامةبشأن أحكام محددة من الاتفاقية أو بشأن مسائل محددة. وهذه التعليقات هي بيانات ذات حجية توضح المسائل التي تنشأ عن تنفيذ الاتفاقية. وتجلت أهمية التعليقات العامة بوجه خاص في سياق هيئات المعاهدات الأخرى، 100 لأنها تقدم إرشادات موجزة لتنفيذ أحكام محددة من المعاهدة المعنية. فمثلاً، كان للتعليقات العامة الصادرة عن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أثر بالغ على المستوى الوطني، إذ فصلت أحكام العهد التي يغلب عليها الطابع العام. وقد رجعت محاكم وطنية في عدة هيئات قضائية في مختلف القارات إلى هذه الأحكام العامة كوسيلة لتطبيق العهد على حالات فردية.

جيم – مهام اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري

البروتوكول الاختياري هو صك قانوني دولي مستقل ملحق باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وقد اعتُمد مع الاتفاقية في ١٣ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٦ . ويخضع البروتوكول الاختياري إلى التصديق عليه أو الانضمام إليه بصورة مستقلة. ولكي تصبح دولة ما طرفاً في البروتوكول الاختياري، يكون لزاماً عليها أن تكون طرفاً في الاتفاقية. ويُسمح بإبداء تحفظات على البروتوكول الاختياري ما دامت لا تتنافى مع موضوع الاتفاقية والبروتوكول وغرضهما.

والبروتوكول اختياري بمعنى أن الدول ليست ملزمة بالتصديق عليه عند تصديقها على الاتفاقية. بيد أن الحق في الانتصاف أو جبر الضرر هو حق أساسي للتمتع الكامل بجميع الحقوق، كما يقرها مثلاً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ويسري هذا الحق على الأشخاص ذوي الإعاقة كما يسري على أي فرد آخر. وتوصي هيئات المعاهدات دوماً بالتصديق على البروتوكولات الاختيارية للتكفل بحماية الحقوق حمايةً شاملةً.

وإذ تغدو الدول أطرافاً في البروتوكول الاختياري، فإنها تعترف باختصاص اللجنة في تلقي شكاوى من أفراد |تعرَف هذه الشكاوى بالبلاغات| يدَّعى فيها حدوث انتهاكات لأي من أحكام الاتفاقية. وتنص المادة ٦ من البروتوكول الاختياري أيضاً على إمكانية إجراء اللجنة تحقيقات إذا تلقت معلومات موثوقاً بها تدل على وقوع انتهاكات جسيمة أو منتظمة للاتفاقية في دولة طرف. ويجوز للدول الأطراف أن تستغني عن إجراء التحقيق بتقديم إعلان بهذا الشأن وقت توقيع البروتوكول الاختياري أو التصديق عليه |المادة ٨.|

دال – معلومات أساسية عن إجراء البلاغات

لا يختلف الإجراء المتبع في البلاغات الفردية كما هو منصوص عليه في البروتوكول الاختياري عن الإجراء المتبع في معاهدات حقوق الإنسان الدولية الأخرى. ويتيح هذا الإجراء للأفراد ومجموعة الأفراد الذين يدَّعون أنهم ضحايا انتهاك لأي من أحكام الاتفاقية أن يرفعوا شكاوى أمام اللجنة. ويجدر منذ البداية الإشارة إلى بعض المعلومات الأساسية عما يعنيه البروتوكول الاختياري وما لا يعنيه درءاً للالتباس.

يعرف إجراء البلاغات باعتباره من الإجراءات شبه القضائية. ويوازي بطرق عدة نظر القضاء في الشكاوى، بيد أن هناك بعض الاختلافات الهامة بينهما مثل:

وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن اللجنة تتلقى الكثير من البلاغات. بيد أن معظمها لا يمكن تسجيله لأنه لا يستوفي المتطلبات الأساسية للمقبولية |مثلاً، قُدم كثير من البلاغات ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي ليست طرفاً لا في الاتفاقية ولا في بروتوكولها الاختياري|.

هاء – إجراء البلاغ: من تقديم الشكوى حتى حلها

يكون الإجراء عموماً على النحو التالي:

101

وقد أبدت اللجنة حتى الآن آراءها بشأن الأسس الموضوعية ،|٢٠١١/ لثلاثة بلاغات: قضية ﻫ. م. ضد السويد |البلاغ رقم ٣ وقضية سيلفيا نيوستي وبيتر تاكاكس ضد هنغاريا |البلاغ رقم ٢٠١٠/١ | وقضية جولت بويدوشو وخمسة آخرين ضد هنغاريا .| |١ |١٦| ٢٠١١/ |البلاغ رقم ٤

ﻫ. م. ضد السويد البلاغ رقم ٢٠١١/٣

٢ – الدعوى

تدعي صاحبة البلاغ أنها ضحية انتهاك السويد لحقوقها بموجب المواد ١ |الغرض|، و ٢ |التعاريف|، و ٣ |مبادئ عامة|، و ٤ |الالتزامات العامة|، و ٥ |المساواة وعدم التمييز|، و ٩ |إمكانية الوصول|، و ١٠ |الحق في الحياة|، و ١٤ |حرية الشخص وأمنه|، و ١٩ |العيش المستقل والإدماج في المجتمع|، و ٢٠ |التنقل الشخصي|، و ٢٥ |الصحة|، و ٢٦ |التأهيل وإعادة التأهيل|، و ٢٨ |مستوى المعيشة اللائق والحماية الاجتماعية|من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وتدعي صاحبة البلاغ أن قرارات 102 الهيئات والمحاكم الإدارية للدولة الطرف تميز ضدها، نظراً لأنها لم تأخذ في الحسبان حقها في الحصول على فرصة متساوية لإعادة التأهيل وتحسين الصحة. وتدعي أنه بذلك رفض حقها في التمتع بنوعية حياة كريمة. وتطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن تقرر ما إذا كانت احتياجاتها من حيث إعادة التأهيل والرعاية نتيجة إعاقتها تحظى بالأولوية مقارنة بالمصلحة العامة التي تحميها لجنة الإسكان المحلي وكما حددها قانون التخطيط والبناء.

٤ – القرار

لاحظت اللجنة أن صاحبة البلاغ تذرعت بانتهاك المواد ٩ و ١٠ و ١٤ و ٢٠ من الاتفاقية، بدون أن تقدم مع ذلك المزيد من الأدلة لدعم الادعاءات عن كيفية انتهاك هذه الأحكام. ولذلك، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات غير مدعومة بما فيه الكفاية لأغراض المقبولية، وبالتالي فهي غير مقبولة بموجب المادة ٢| |ﻫ من البروتوكول الاختياري. ورأت اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ المتبقية بموجب المواد ٣ و ٤ و ٥ و ١٩ و ٢٥ و ٢٦ و ٢٨ من الاتفاقية مدعومة بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية فانتقلت إلى بحثها بناءً على أسسها الموضوعية. ولاحظت اللجنة أن المعلومات المعروضة أمامها تبين أن الحالة الصحية لصاحبة البلاغ حرجة ويعتبر وصولها إلى حمام سباحة للعلاج بالماء في المنزل أمراً أساسياً وسبيلاً فعالاً، بل السبيل الفعال الوحيد في هذه الحالة، لتلبية احتياجاتها الصحية. والتعديلات والتغييرات المناسبة تتطلب بالتالي مخالفة خطة التنمية من أجل السماح ببناء حمام سباحة للعلاج بالماء. وبالإشارة إلى تعريف "التمييز على أساس الإعاقة" و" الترتيبات التيسيرية المعقولة" |المادة ٢ من الاتفاقية|، لاحظت اللجنة أن الدولة الطرف لم تشر إلى أن هذه المخالفة ستفرض "عبئاً غير متناسب أو غير ضروري"، وهو الشرط الأساسي في الدفع بأن طلب الترتيبات التيسيرية غير معقول. وفيما يتعلق بالمادة ٢٥ |الصحة| والمادة ٢٦ |التأهيل وإعادة التأهيل|، لاحظت اللجنة أن الدولة الطرف، عند رفض طلب صاحبة البلاغ المتعلق بترخيص البناء، لم تتناول الظروف الخاصة لحالة صاحبة البلاغ واحتياجاتها الخاصة المتعلقة بالإعاقة. ولذلك، رأت اللجنة أن قرارات السلطات المحلية برفض مخالفة خطة التنمية من أجل السماح ببناء حمام سباحة للعلاج بالماء كانت غير متناسبة وأدت إلى تأثير تمييزي أثر بشكل سلبي على إمكانية حصول صاحبة البلاغ، كشخص ذي إعاقة، على الرعاية الصحية وإعادة التأهيل اللازمتين لحالتها الصحية المحدد.

سيلفيا نيوستي وبيتر تاكاكس ضد هنغاريا البلاغ رقم |٢٠١٠/١|

١ – الوقائع

يعاني صاحبا البلاغ من عاهة بصرية. وقد تعاقد كل منهما مع مؤسسة مصرف "أو تي بي" المحدودة |OTP|للحصول على

خدمات الحساب الجاري الخاصّة. وطبقاً للعقد المبرم يحق لهما استخدام البطاقات المصرفية. لكن صاحبي البلاغ عاجزان عن استخدام آلات صرف النقود دون مساعدة الغير، إذ إن لوحة المفاتيح في آلات الصرف التابعة لمصرف OTP لا تعمل بطريقة برايل، كما أن هذه الآلات لا تقدم تعليمات وإرشادات صوتية تعين على استخدام البطاقة في العمليات المصرفية. ويسدد صاحبا البلاغ نفس الرسوم السنوية التي يدفعها باقي العملاء عن خدمات 103 البطاقة والمعاملات المصرفية. لكنهما عاجزان عن استخدام خدمات آلات صرف النقود كما يستخدمها العملاء المبصرون وبالتالي، فهما يدفعان نفس الرسوم لقاء خدمات أقل. ورفع صاحبا البلاغ دعوى أمام محكمة ابتدائية، فخلصت هذه المحكمة إلى أن سلوك المصرف أسفر عن تمييز مباشر، وأن مصرف OTP يكون بذلك

قد انتهك حق صاحبي البلاغ في الكرامة الإنسانية والمساواة في المعاملة. وحددت المحكمة كذلك عنصرين أخضعا للبحث: أولاهما أن قانون المساواة في المعاملة يسري على جميع العلاقات المدنية التي تنطوي على تقديم خدمات للكثير من العملاء بغض النظر عما إذا كانت أطراف العلاقة جهات مشغلة في القطاع العام أو الخاص؛ وثانيهما أن الأحكام المنصوص عليها في قانون المساواة في المعاملة تشمل حتى عروض التعاقد التي سبقت دخوله حيز النفاذ لأن الغرض من القانون هو إتاحة تطبيق مبدأ عدم التمييز على أي علاقة قد تشمل عدداً كبيراً من العملاء. وأمرت المحكمة بتحديث بعض آلات الصرف. وأمرت المحكمة أيضاً بمنح تعويضات مالية لصاحبي

البلاغ، واضعة في اعتبارها أن مصرف OTP قام منذ عهد قريب

بشراء آلات صرف جديدة لا يمكن تحديثها ولم يتخذ أي تدابير لتيسير إمكانية استفادة صاحبي البلاغ من خدمات آلات صرف النقود حتى بعد دخول قانون المساواة في المعاملة حيز النفاذ.

وقدم صاحبا البلاغ طعناً في القرار الابتدائي، وطالبا بإتاحة إمكانية استخدام جميع آلات صرف النقود، وأكدا على عدم جواز حصر أنشطتهما في المدن التي ستتاح فيها آلات صرف النقود عملاً بقرار المحكمة الابتدائية. وطالبا برفع قيمة التعويض. ورفضت محكمة الاستئناف الطعن الذي تقدم به صاحبا البلاغ، وأيدت حكم المحكمة الابتدائية. ونتيجة لذلك، قدم صاحبا البلاغ طلباً إلى المحكمة العليا لإجراء مراجعة قضائية استثنائية، والتمسا من المحكمة تعديل قرار محكمة الاستئناف بالعاصمة. وقد رفضت المحكمة العليا التماس صاحبي البلاغ.

٣ – ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

أبلغت الدولة الطرف اللجنة أنها لا ترغب في الطعن في مقبولية البلاغ. وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، ذكرت الدولة الطرف أن حكم المحكمة العليا يعد، استناداً إلى القوانين السارية في الدولة الطرف، حكماً صحيحاً. وأضافت أن المشكلة المشار إليها في البلاغ هي مشكلة فعلية وتتطلب تسوية عادلة، وطرحت ثلاثة جوانب للتوصل إلى حل يقبل به جميع الأطراف. أولاً، اتخاذ إجراءات لتغيير سبل الوصول إلى آلات صرف النقود وغير ذلك من الخدمات المصرفية بما في ذلك وضع تسهيلات لا تقتصر على المكفوفين فقط بل تشمل غيرهم من ذوي الإعاقات الأخرى. وثانياً، نظراً إلى التكاليف ذات الصلة والجدوى التقنية، لا يمكن تحقيق الهدف الآنف الذكر إلا تدريجياً من خلال شراء وتركيب آلات صرف جديدة تتيح إمكانية الوصول المادي إليها وإلى المعلومات والاتصالات بشكل ميسر كشرط أساسي. وأخيراً، إلزام كل مؤسسة مالية في الدولة الطرف باستيفاء الشروط الآنفة الذكر، رغم أن البلاغ يتعلق بالخدمات التي يقدمها مصرف محدد. واستناداً إلى الاعتبارات السابقة، أرسل مكتب وزير الدولة للشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والشباب في وزارة الموارد الوطنية خطاباً إلى الرئيس/المسؤول التنفيذي لمصرف OTP وطلب منه ،

تقديم معلومات عما يمكن أن يضعه المصرف من خطط ويتعهد به من التزامات بشأن آلات صرف النقود التابعة له. واقترح وزير الدولة على مصرف OTP أن يولي الأولوية في المستقبل لمسألة سهولة الوصول إلى هذه الآلات لدى شراء دفعة جديدة منها. وإذ أخذ وزير الدولة في اعتباره أن المصرف ليس وحده الملزم بضمان إمكانية الوصول، اتصل برئيس هيئة الرقابة المالية في الدولة الطرف طالباً منه تحديد الأدوات والمحفزات التنظيمية الممكنة لجميع المؤسسات المالية.

٤ – القرار

لاحظت اللجنة أن صاحبي البلاغ تذرعا بانتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٢ من الاتفاقية، دون أن يقدما مع ذلك مزيداً من الأدلة التي تبين وجه انتهاك هذا الحكم بالنظر إلى أن المعلومات المتاحة للجنة تشير إلى أن أهليتهما القانونية للتحكم في إدارة شؤونهما 104 المالية لم تتعرض للتقييد. وعليه، رأت اللجنة أن هذا الشق من البلاغ لم يدعم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية، واعتبرته بالتالي غير مقبول بموجب الفقرة | |ﻫ من المادة ٢ من البروتوكول الاختياري. ورأت اللجنة أن ادعاءات صاحبي البلاغ المستندة إلى الفقرتين ٢ و ٣ من المادة ٥ والمادة ٩ من الاتفاقية قد دعمت بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وفي ضوء عدم وجود عوائق أخرى تحول دون قبول البلاغ، أعلنت اللجنة أن هذه الادعاءات مقبولة وشرعت في النظر في الأسس الموضوعية.

فيما يتعلق بالأسس الموضوعية، أشارت اللجنة إلى أن الشكوى الأولى التي رفعها صاحبا البلاغ إلى مصرف OTP ركزت على عدم توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة، أي عدم قيام المصرف بتوفير آلات صرف تراعي تيسير إمكانية الوصول بالقرب من سكن صاحبي البلاغ، نظراً لعاهتهما البصرية. وأشارت اللجنة كذلك، إلى أن صاحبي البلاغ ذهبا أبعد من ذلك في الدعوى المدنية التي رفعاها إلى محكمة الاستئناف والمحكمة العليا وكذلك في بلاغهما المرفوع إلى اللجنة، أي عدم إتاحة سبل الوصول إلى شبكة آلات صرف النقود التابعة لمصرف OTP برمتها للأشخاص ذوي العاهات البصرية. وبالنظر إلى أن صاحبي البلاغ قد اختارا وضع بلاغهما المقدم إلى اللجنة في هذا الإطار الأوسع، فإن اللجنة رأت أن مجمل ادعاءات صاحبي البلاغ ينبغي أن يُنظر فيها بموجب المادة ٩ من الاتفاقية، ولذلك، فإنها لم ترَ ضرورةً لتقييم مدى وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب الفقرتين ٢ و ٣ من المادة ٥ من الاتفاقية، بصورة مستقلة.

وفي هذا الصدد، ذكرت اللجنة بأن الفقرة ١| |ﻫ من المادة ٤ من الاتفاقية تنص على أن تتخذ الدول الأطراف "كافة التدابير المناسبة للقضاء على التمييز على أساس الإعاقة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة خاصة". وتحقيقاً لهذه الغاية، فإنه يتعين على الدول الأطراف بموجب المادة ٩ من الاتفاقية أن تتخذ التدابير المناسبة التي تكفل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع غيرهم، إلى المعلومات والاتصالات والخدمات الأخرى بما في ذلك الخدمات الإلكترونية، ضمن أمور أخرى، وذلك عبر تحديد وإزالة العقبات والمعوقات التي تحول دون تيسير إمكانية الوصول. ويتعين على الدول الأطراف، بوجه خاص، أن تتخذ التدابير اللازمة لوضع معايير دنيا ومبادئ توجيهية لتهيئة إمكانية الوصول إلى المرافق والخدمات المتاحة لعامة الجمهور أو المقدمة إليه، ونشر هذه المعايير والمبادئ ورصد تنفيذها |الفقرة ٢|أ| من المادة ٩ من الاتفاقية|، وأن تكفل مراعاة الكيانات الخاصة التي تعرض مرافق وخدمات متاحة لعامة الجمهور أو مقدمة إليه جميع جوانب إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إليها |الفقرة .| ٢|ب| من المادة ٩

جولت بويدوشو وخمسة آخرون ضد هنغاريا البلاغ رقم |٢٠١١/٤|

٣ – ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

لم تطعن الدولة الطرف في مقبولية هذا البلاغ. وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، ذكرت أن التشريع المعني قد أُدخلت عليه تعديلات هامة منذ أن رفع أصحاب البلاغ شكواهم. وبوجه خاص، ألغي الحكم الدستوري الذي كان يستثني تلقائياً من حق التصويت كل شخص يخضع لوصاية. وبموجب التشريع الجديد، أصبح بالإمكان تناول مسألة التصويت بمعزل عن مسألة الخضوع للوصاية، وطُلب من القضاة أن يراعوا لدى اتخاذ القرارات المتعلقة بالتصويت، حالة كل فرد على حدة وفقاً لظروفه الخاصة. وبموجب الأحكام الجديدة، يجوز لشخص يخضع للوصاية استرجاع حقه في التصويت دون أن يفقد الحماية المكفولة له بموجب الوصاية. وخلصت الدولة الطرف إلى أن إدخال هذه التعديلات أدى إلى تحقيق التواؤم بين قوانينها والمادة ٢٩ من الاتفاقية، وطلبت إلى اللجنة أن ترفض طلب أصحاب البلاغ بشأن إجراء تعديل قانوني والحصول على تعويضات عن الأضرار غير المالية.

٥ – القرار

رأت اللجنة أن البلاغ مقبول لأن الدولة الطرف لم تطعن في مقبوليته ولم تعترض فيما يتصل باستنفاد سبل الانتصاف المحلية ولم تحدد أي سبيل انتصاف معين كان متاحاً لأصحاب البلاغ. ورأت اللجنة أن ادعاءات أصحاب البلاغ المستندة إلى المادتين ١٢ و ٢٩ من الاتفاقية قد دعمت بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. ولاحظت اللجنة أن الدولة الطرف اكتفت بتقديم وصف للتشريع الجديد دون أن تبين على وجه التحديد كيفية تأثير هذا النظام على أصحاب البلاغ، ولا مدى احترامه للحقوق المكفولة لهم بموجب المادة ٢٩ من الاتفاقية. وخلصت اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاء أصحاب البلاغ بشأن منعهم من التصويت واستمرار حرمانهم من حق التصويت، رغم التعديلات التي أدخلتها على تشريعاتها. ووضحت اللجنة أن المادة ٢٩ لا تنص على أي تقييد معقول أو استثناء لأي مجموعة من الأشخاص ذوي الإعاقة، وبالتالي فحتى التقييد القائم على تقييم فردي يشكل تمييزاً على أساس الإعاقة. ووجدت اللجنة أن تقييم أهلية الأشخاص يعد بحكم طبيعته تمييزاً |لأنه لا يستهدف سوى الأشخاص ذوي الإعاقة|، واعتبرت أن هذا الإجراء غير مشروع وغير متناسب. وفي هذا الصدد، ذكرت اللجنة أنه يتعين على الدولة الطرف، بموجب المادة ٢٩ ، أن تكيف إجراءاتها المتعلقة بالتصويت لكي تكفل إدلاء الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية بأصواتهم بكفاءة، على قدم المساواة مع غيرهم. وأخيراً، ذكرت اللجنة أن يقع على الدول الأطراف التزام إيجابي يقتضي منها اتخاذ التدابير المناسبة لكفالة قيام الأشخاص ذوي الإعاقة بالممارسة الفعلية لأهليتهم القانونية.

٦ – الاستنتاج

خلصت اللجنة إلى أن شطب أسماء أصحاب البلاغ من سجلات الناخبين وعدم تكييف الدولة الطرف لإجراءاتها الانتخابية . يمثلان انتهاكاً للمادة ٢٩ ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة ١٢ ، وخلصت أيضاً إلى أن التشريع الجديد يشكل انتهاكاً للمادة ٢٩ ما دام يجيز للمحاكم أن تحرم الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية من حقهم في التصويت وفي الترشح للانتخابات. وعليه، أوصت اللجنة الدولة الطرف بدفع تعويض مناسب لأصحاب البلاغ عن الأضرار المعنوية التي لحقت بهم جراء حرمانهم من حق التصويت، بما في ذلك اتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

قبل دخول الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري حيز النفاذ، كانت البلاغات المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تعرض على نظر آليات حقوق الإنسان الإقليمية، وهيئات معاهدات الأمم المتحدة، من قبيل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وهناك مثالان على ذلك: مثال من لجنة الحقوق الاجتماعية في مجلس أوروبا، ومثال من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

106

اللجنة الأوروبية للحقوق الاجتماعية مؤسسة Autism Europe ضد فرنسا البلاغ رقم |٢٠١٢/١٣|

٣ – القرار

ذكّرت اللجنة بأن تنفيذ الميثاق الأوروبي الاجتماعي يقضي بألا تكتفي الدول الأطراف باتخاذ إجراءات قانونية بل إن عليها أن تتخذ خطوات عملية من أجل الإعمال الكامل للحقوق المعترف بها في الميثاق. وعندما يتعذر إعمال حق من الحقوق المعنية نظراً لطابع استثنائي معقد يكلف حله مبالغ باهظة بوجه خاص، فعلى الدولة الطرف أن تتخذ تدابير تمكنها من تحقيق أهداف الميثاق في وقت معقول، وإحراز تقدم قابل للقياس وبقدر يتسق مع الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة. وعند القيام بذلك، ينبغي أن تستحضر الدول الآثار التي قد تخلفها اختيارات التدابير على الفئات التي تعاني من أشد أوجه الضعف والأطراف الأخرى المتأثرة، ولا سيّما أسر الأشخاص الضعاف. وفي ضوء وقائع القضية، لاحظت اللجنة أن الدولة لا تزال تستخدم تعريفاً للتوحد أشد ضيقاً من التعريف الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية مع استمرار وجود إحصاءات رسمية غير كافية قد تساعد في قياس التقدم بمرور الوقت وبصورة عقلانية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن نسبة الأطفال المتوحدين الذين يلتحقون بالمدارس العامة أو الخاصة تقل عن نسبة الأطفال الآخرين – سواء أكانوا معوقين أم غير معوقين – وكان ثمة نقص مزمن في مرافق الرعاية والدعم الموجهة للبالغين المتوحدين. ولهذه الأسباب، فإن الدولة أخفقت في تحقيق تقدم كاف على صعيد الارتقاء بتعليم الأشخاص المتوحدين. ولاحظت اللجنة أيضاً أن المؤسسات المتخصصة في تعليم ورعاية الأطفال المعوقين، ولا سيّما الأطفال المتوحدون، لم تكن تموَّل من نفس الميزانية التي تموَّل منها المدارس العادية؛ بيد أن ذلك لا يرقى إلى التمييز لأنه يعود للدول ذاتها أن تقرر طرائق التمويل.

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان م. غ. ضد ألمانيا، البلاغ رقم |٢٠٠٦/١٤٨٢|

١ – الوقائع

قدم ثلاثة من أفراد أسرة صاحبة البلاغ دعاوى ضد صاحبة البلاغ في إطار قانون الأسرة والشؤون المدنية. وقدمت صاحبة البلاغ إفادات متواترة في وثائق ضخمة خلال إجراءات المحكمة وطعنت في كل قرار رأت أنه لا يصب في مصلحتها. وسعى أفراد أسرتها إلى استصدار أمر يرغمها على الكف عن بعض البيانات وسعوا إلى الحصول على تعويضات مادية. ودون الاستماع إلى صاحبة البلاغ شخصياً أو رؤيتها، أمرت المحكمة بإجراء فحص طبي على صاحبة البلاغ لتقييم ما إذا كانت قادرة على المشاركة في الإجراءات القانونية. وعللت المحكمة موقفها بأن سلوك صاحبة البلاغ في الإجراءات، وبما في ذلك إفاداتها الكثيرة والضخمة من حيث العدد إلى المحكمة أثارت شكوكاً بشأن قدرتها على المشاركة في الإجراءات. وطعنت صاحبة البلاغ في قرار المحكمة الذي يطلب إجراء فحص طبي عليها، وادَّعت أن ما من أسباب موضوعية للأمر بإجراء الفحص، واحتجت ضد عدم إجراء جلسة استماع شفهية 107 قبل إصدار الأمر. وخسرت هذا الطعن، ولذلك نقلت طعنها إلى محكمتين ذواتي درجة أعلى، بما في ذلك المحكمة الاتحادية الدستورية، فرفضت المحكمتان طعنها.

٢ – الدعوى

ادَّعت صاحبة البلاغ أنها ضحية لانتهاكات للمواد ٧ |عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة|، ١٧ |الحق في الخصوصية| والفقرة ١ من المادة ١٤ |الحق في محاكمة عادلة|، وهي المواد الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفيما يتعلق بالمادة ٧، حاججت بأن طلب إجراء معالجة طبية كان "مهيناً" لأنه سيتسبب في مشاعر الخوف أو الأسى أو الدونية التي تحط من قدر الضحية. وفيما يتعلق بالمادة ١٧ ، حاججت أن إجراء الفحص الطبي غير الطوعي يعد تدخلاً في خصوصيتها وسلامتها، ودفعت بأن إخضاع شخص لفحوص طبية أو نفسية دون موافقته الصريحة لا يجوز إلا في ظروف استثنائية أو لأسباب قاهرة. وأخيراً فيما يتعلق بالفقرة ١ من المادة ١٤ ، حاججت بأن رفض المحكمة الاستماع إليها أو رؤيتها شخصياً قبل الأمر بإجراء الفحص الطبي انتهك حقها في محاكمة عادلة لأن جلسة الاستماع الشفهية تمثل عنصراً أساسياً من ضمانات المحاكمة العادلة.

٥ – الاستنتاج

خلصت اللجنة إلى أن أمر شخص بالخضوع لعلاج أو فحص طبي دون موافقته أو ضد رغبته يشكل تدخلاً في الخصوصية، وقد يرقى إلى اعتداء غير مشروع على شرفه وسمعته. ولكي يكون هذا التدخل جائزاً، فيجب أن يستوفي بعض الشروط، ومنها أن يكون القانون قد نص عليه، وأن يكون ممتثلاً لأحكام العهد وغاياته وأهدافه وأن يكون معقولاً في ظل الظروف. وخلصت اللجنة إلى أن إجراءات المحكمة لم تكن معقولة، لأن صاحبة البلاغ كان يتعين عليها إما أن تخضع لفحص أو أن يعد الخبير رأيه، بدل ذلك، على أساس الملف دون الاستماع إلى صاحبة البلاغ. وخلصت . إلى وجود انتهاك للمادة ١٧ بالاقتران مع الفقرة ١ من المادة ١٤ ولاحظت اللجنة أن الدولة كانت ملزمة بتقديم سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ وبمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وطلبت اللجنة معلومات بشأن التدابير المتخذة لمتابعة آرائها في غضون ١٨٠ يوماً. وطلبت اللجنة أيضاً من الدولة أن تنشر آراء اللجنة.

ومن المهم استعراض هاتين القضيتين، اللتين سبقتا الاتفاقية، في ضوء ضوابط الاتفاقية ومعاييرها. فالقضية الثانية بوجه خاص تثير مسائل معقدة. والمهم في الأمر أن إجراءات المحكمة، التي تشكك في الأهلية القانونية لصاحبة البلاغ، ستكون محل تساؤل بموجب الاتفاقية لأنها لا تحترم الأهلية القانونية على أساس متساو مع الآخرين |استخدام الإعاقة الذهنية كتمييز محتمل للحرمان من الأهلية القانونية فيما يتعلق بالقضية|. فكيف سيكون الأمر لو أن هذه القضية عُرضت على اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بموجب البروتوكول الاختياري للاتفاقية؟

واو – قائمة بالمسائل المتعلقة بتقديم البلاغ

قدمت اللجنة إرشادات مفيدة بشأن المسائل التي ينبغي أن تجسَّد في البلاغ لكي يتم تسجيله |الوثيقة CRPD/C/٥/٣/Rev. ١ | وترد هذه الإرشادات في الإطار أدناه:

108

:وجميع النقاط العشرة هامة. بيد أنه يجدر التنبيه إلى بعض المسائل الخاصة

زاي – استلام الشكاوى وقبولها

ينص البروتوكول الاختياري على معايير صارمة فيما يتعلق بالمقبولية |المادتان ١ و ٢|، ويجب أن تستوفي هذه المعايير قبل أن تقرر اللجنة بشأن الأسس الموضوعية. وتنص المادة ١ على المتطلبات الأساسية التي يجب أن يستوفيها البلاغ لكي تستلمه اللجنة وتنظر فيه. وإذا اتضح عدم استيفاء هذه المتطلبات، فلا يمكن لأمانة اللجنة أن تسجل البلاغ فلا يصل حتى إلى مرحلة المقبولية. وقد يتعين على اللجنة أن تنظر في بعض هذه المعايير بحد ذاتها في مرحلة المقبولية، إذا لم تكن واضحة خلال مرحلة التسجيل. وهذه المعايير تُبيَّن هنا على شكل أسئلة:

وتنص المادة ٢ على متطلبات قبول الدعوة. وتسري هذه المتطلبات على جميع البلاغات التي تُسجَّل وتنظر اللجنة فيها. وعلى النحو المشار إليه أعلاه، يمكن أن تقرر اللجنة أن البلاغ لا يستوفي متطلبات المقبولية، وعندها فما من حاجة إلى النظر في أسسه الموضوعية.

واستنفاد سبل الانتصاف الداخلية يمثل معياراً رئيسياً في المقبولية بموجب البروتوكول الاختياري. ولهذا السبب، من المهم أن يدرج أصحاب البلاغ أقصى قدر ممكن من المعلومات في إفاداتهم عن كيفية استنفادهم سبل الانتصاف الداخلية. وعلى النحو المشار إليه، يمكن أن تشير الإفادة إلى نوع الإجراءات المتخذة، والسلطة التي تم التوجه إليها، والقرار النهائي في حالة اتخاذ إجراء وغير ذلك. وتستفسر اللجنة أيضاً عن سبب عدم استنفاد سبل الانتصاف الداخلية. فوفقاً للفقرة |د|من المادة ٢ لا تسري هذه القاعدة في بعض الحالات، ومنها: إذا كان إعمال وسائل الانتصاف قد 112 طال أمده بصورة غير معقولة أو كان من غير المرجَّح أن يفضي إلى انتصاف فعال. وهذا يجسد المستجدات التي طرأت في مجالات القانون الدولي الأخرى. فمثلاً، تقتضي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن تكون سبل الانتصاف الداخلية قد استُنفدت عندما تكون سبل الانتصاف "متاحة" و"فعالة". وقد حدد نظام البلدان الأمريكية ثلاثة استثناءات لهذه القاعدة: |١| إذا كان التشريع | الداخلي للدولة لا يتيح تنفيذ هذه القاعدة حسب الأصول؛ |٢ إذا كان الطرف الذي يدَّعي انتهاك حقوقه قد حُرم من الوصول إلى سبل الانتصاف بموجب القانون المحلي أو مُنِع من استنفادها؛ ٣| إذا كان هناك تأخر غير مبرر في إصدار الحكم النهائي بمقتضى |سبل الانتصاف الآنفة الذكر.

حاء – التدابير المؤقتة

في الحالات المستعجلة، يجوز للجنة، بعد تلقيها البلاغ وقبل اتخاذ آرائها، أن تطلب من الدولة الطرف أن تتخذ بعض التدابير المؤقتة لتفادي حدوث أي ضرر لا يمكن جبره لضحية الانتهاك المزعوم. ويُتوخَّى من التدابير المؤقتة أن تستجيب لحالات استثنائية أو مهددة للحياة. فمثلاً، في معظم الحالات التي عُرضت على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، اتُخذت تدابير مؤقتة في حالات تتعلق بالإعدام أو الترحيل اللذين قد يؤديان إلى انتهاك الأحكام المتصلة في الحق بالحياة والحرية من التعذيب. وإذا منحت اللجنة تدابير مؤقتة، فإن قراراها النهائي قد يؤيد هذه التدابير أو يلغيها.

طاء – النظر في الأسس الموضوعية ونشر آراء وتوصيات اللجنة

تنظر اللجنة في الأسس الموضوعية سواء بعد النظر في مقبولية البلاغ أو بالتزامن معه. وبعض هيئات المعاهدات تنظر في المقبولية وفي الأسس الموضوعية في الوقت ذاته. بينما تنظر هيئات معاهدات أخرى فيهما تباعاً. ومن مزايا النظر في المقبولية والأسس الموضوعية معاً أنه يوفر الوقت. ويمكن تلخيص العملية بوجه عام على النحو التالي.

في مرحلة لاحقة تعتمد اللجنة قرارها أو آراءها بشأن البلاغ. ويتم ذلك استناداً إلى معلومات مكتوبة يقدمها الطرفان وإلى تطبيق الاتفاقية على الوقائع كما حددتها اللجنة. ثم تحيل اللجنة آراءها وتوصياتها، إن وجدت، إلى الدولة المعنية وإلى مقدم الالتماس. وإذا ثبت حدوث انتهاك، فإن اللجنة عادة ما تطلب من الدولة الطرف أن تتخذ تدابير مناسبة للانتصاف. بيد أن ممارسة اللجنة في هذا الصدد لم تتبلور بعد بطبيعة الحال. ومن خلال تجارب هيئات المعاهدات الأخرى، قد تقتصر هذه الخطوات على التوصيات بأن تقدم الدولة الطرف "إنصافاً مناسباً"، أو بوجه أكثر تحديداً، من قبيل التوصية باستعراض السياسات أو إلغاء قانون، أو دفع تعويض أو منع حدوث الانتهاكات في المستقبل.

وتنص المادة ٧٥ من القانون الداخلي للجنة أن تقدم الدولة الطرف المعنية إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر من إحالة آرائها، رداً خطياً يتضمن أية معلومات بخصوص إجراءات المتابعة. ويجوز للجنة لاحقاً أن تدعو الدولة الطرف المعنية إلى تقديم مزيد من المعلومات، ويجوز للجنة أن تطلب إلى الدولة الطرف أن تورد في تقريرها الدوري معلومات عن تلك الإجراءات.

والمهم في الأمر أن هناك جهة اتصال لمتابعة تنفيذ آراء اللجنة. وتنص هذه القاعدة على أنه يجوز أن تعين اللجنة مقرراً خاصاً أو فريق عمل للتحقق من التدابير التي اتخذتها الدول الأطراف لإنفاذ آراء اللجنة وتوصياتها. ويجوز للمقرر الخاص أو الفريق العامل القيام بالاتصالات الملائمة واتخاذ الإجراءات المناسبة لمتابعة آراء اللجنة، وتقديم توصيات إلى اللجنة باتخاذ إجراءات. ويجوز للمقرر الخاص أو الفريق العامل أن يقوما بزيارات إلى الدولة الطرف المعنية، بموافقة اللجنة والدولة الطرف المعنية، وأن يرفعا إلى اللجنة تقارير بهذا الشأن.

ياء – التحقيق

الإجراء الثاني الذي نص عليه البروتوكول الاختياري هو التحقيق.ويتيح للجنة النظر في معلومات موثوق بها تدل على حدوث انتهاكات جسيمة أو منتظمة للاتفاقية في دولة طرف ما. ويجوز للدول الأطراف أن تستغني عن هذا الإجراء، من خلال 113 إعلان وتحفظ، مع الاحتفاظ بإمكانية التصديق على البروتوكول الاختياري |المادة ٨|وللدول أن تقرر رفع التحفظات في وقت لاحق. .

ومن السمات الرئيسية للتحقيق بالمقارنة مع الشكوى ما يلي:

ويحيل الانتهاك الجسيم إلى اعتداء شديد على حكم أو أحكام من الاتفاقية، من قبيل التمييز الذي يهدد حياة الشخص، أو سلامته أو أمنه الشخصي. أما الانتهاك المنهجي فهو يحيل إلى نمط من الاعتداء، يتسم بجسامة درجته وتواتره بغض النظر عن القصد. وقد ينتج الاعتداء عن القوانين أو السياسات أو الممارسات. وقد يشمل مصطلح "منهجي" أيضاً الانتهاكات التي قد لا تعتبر "جسيمة".

أما الإجراء المتبع فهو كما يلي:

وعلى غرار إجراء البلاغات الفردية، قد يكون من المفيد للمشاركين أن يسمعوا عن التحقيق. ولسوء الحظ، لم تتح لعامة الجمهور سوى تقارير قليلة نسبياً عن التحقيق نظراً للطابع السري للإجراء. وحبذا لو ناقش الميسرون التحقيق الذي أجرته لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة في قضية اختطاف نساء واغتصابهن وقتلهن في سيوداد خواريز بالمكسيك |الوثيقة .|OP.٨/MEXICO CEDAW/C/٢٠٠٥/|

114

كاف – مزايا البروتوكول الاختياري

يوفر البروتوكول الاختياري من الناحيتين الإجرائية والجوهرية آلية هامة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز القدرات الوطنية. وهذه مزايا لا تشمل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان فحسب بل الدول أيضاً. صحيح أن الدول، قد تبدي للوهلة الأولى حماساً باهتاً فيما يخص إجراء الشكاوى أو التحقيقات. بيد أن ما يزيد عن نصف الدول التي صدقت على الاتفاقية صدقت أيضاً على بروتوكولها الاختياري، لأن البروتوكول الاختياري قد يكون مفيداً لها.

لام – دور الدول والمجتمع المدني وأفرقة الأمم المتحدة القطرية

يمكن للدول والمجتمع المدني وأفرقة الأمم المتحدة القطرية جميعها أن تضطلع بدور في تعزيز البروتوكول الاختياري والاستفادة منه. ويمكن للدول بوجه خاص:

وللمجتمع المدني ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة دور هام في تنفيذ الاتفاقية على الصعيد الوطني بالترويج للتصديق على البروتوكول الاختياري والدعوة لتنفيذ توصيات اللجنة. ويمكن للمجتمع المدني بوجه خاص أن يقوم بما يلي:

ويمكن أن تدعم أفرقة الأمم المتحدة القطرية التصديق على البروتوكول الاختياري وتنفيذ مقترحات وتوصيات اللجنة فيما يتصل بالبلاغات الفردية والتحقيقات. ويمكن لأفرقة الأمم المتحدة بوجه خاص أن تقوم بما يلي:

Notes

|١| .يمكن الاطلاع على المذكرات الموجهة للميسرين، وعروض الشرائح الحاسو بية، .www.ohchr.org : ومذكرات النشاط الجماعي، في المو

|٢| .للمزيد من المعلومات عن تقييم احتياجات التدريب، انظر المنشور الصادر بالاشتراك بين إكويتاس – المركز الدولي للتثقيف في مجال حقوق الإنسان والمفوضية السامية، تقييم أنشطة التدريب في مجال حقوق الإنسان: دليل . للمعلّمين في مجال حقوق الإنسان، سلسلة التدريب المهني رقم 18

|٣| .للمزيد من التفاصيل عن الإرشادات العملية في تقييم أنشطة التدريب في مجال حقوق الإنسان، انظر أنشطة التدريب في مجال حقوق الإنسان: دليل للمعلّمين في مجال حقوق الإنسان

|٤| .كتيب تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة |شباط/فبراير ٢٠٠٨ |، الصفحة ٣٢ من النص الأصلي

|٥| .انظر أيضاً الوحدة 2 أدناه

|٦| .انظر أيضاً الوحدة 1 أعلاه

|٧| للمزيد من المعلومات، انظر Department of Economic and Social Affairs, UNFPA, Wellesley Centers for Women, Disability Rights, Gender and Development: A Resource Tool for Action. www.un.org/disabilities/documents/Publication/UNWCW%20MANUAL.pdf تم الاطلاع عليه في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2012.|

|٨| .تأكد من أن المشاركين في التدريب يضعون الاتفاقية أمامهم وأنهم يتصفحون النص بينما تتحدث أنت عن الشريحة

|٩| للمزيد من المعلومات، انظر الموقع http://mdtf.undp.org/factsheet/fund/ RPD00 .| تم الاطلاع عليه في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2012 |

|١٠| ٢٠١١ ،منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، التقرير العالمي حول الإعاقة جنيف

|١١| سلسلة التدريب المهني رقم 7/Rev.1 |منشور الأمم المتحدة،وقت لاحق |. سيصدر في

|١٢| .|٢٠٠٧| من الاستثناء إلى المساواة: إعمال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

|١٣| للمزيد من المعلومات، انظر الوثيقة 5HRI/GEN/2/Rev.الفصل الأول.

|١٤| .CRPD/C/2/3

|للمزيد من المعلومات، انظر الوثيقة |١٥| HRI/MC/2008/3 و "مؤشرات حقوق الإنسان: دليل للقياس والتنفيذ" |منشور الأمم المتحدة، رقم المبيع .| 13.XIV.2

|١٦| .للمزيد من المعلومات عن اللجنة وواجباتها بموجب الاتفاقية، انظر الوحدة ٧

|١٧| للاطلاع على الاجتهادات القضائية للجنة، انظر الموقع www.ohchr.org/EN/HRBodies/CRPD/Pages/Jurisprudence.aspx تم الاطلاع| عليه في 24 أيلول/سبتمبر2013.|