Skip to main content

الخطابات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

حقوق الإنسان في العصر الرقميّ

17 تشرين الأول/أكتوبر 2019

 
كلمة مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت
الجمعيّة اليابانية، نيويورك، في 17 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2019

حضرة المحاضرين الكرام،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،

 

نرفع الشكر إلى مركز حقوق الإنسان والعدالة العالمية في جامعة نيويورك ومنظمة العفو الدولية وصحيفة الغارديان، على دعوتنا إلى هذا الحدث، ومن المرتقب أن يكون بالغ الأهمية والحيويّة.

فالتركيز على حقوق الإنسان في العصر الرقمي أساسي. فجمع البيانات يجري في الواقع على نطاق واسع، حيث تجمع الدول والأحزاب السياسية ومختلف المنظمات، ولا سيّما الأعمال التجاريّة، معلومات مفصلّة وشخصيّة عنا. كما يتم رصد العديد من جوانب حياتنا وتخزينها واستخدامها وإساءة استخدامها رقميًّا. فجميع من يحمل هاتفًا ذكيًّا في هذه القاعة اليوم مثلاً، قد خلق مسارًا رقميًّا يؤدّي مباشرة إلى هذه القاعة بالذات.

وتقدّم التكنولوجيا الرقمية في الواقع العديد من الفوائد. فقيمتها بالنسبة إلى حقوق الإنسان والتنمية لا تُقدّر بثمن. فهي تمكّننا من التواصل والترابط مع الناس في جميع أنحاء العالم بشكل غير مسبوق، ومن التعبئة والإعلام والتحقيق، ومن استخدام الاتّصالات المشفّرة وصور الأقمار الصناعية وتدفق البيانات من أجل الدفاع مباشرةً عن حقوق الإنسان وتعزيزها. ويمكننا حتى أن نستخدم الذكاء الاصطناعي كي نتوقّع انتهاكات حقوق الإنسان الممكنة ونتصدّى لها.

وفي مقابل ذلك، لا يمكننا أبدًا أن نتجاهل جانبها المظلم. ولا يمكننا أن نعبّر عن هذا الجانب المظلم إلاّ بأشدّ العبارات، فالثورة الرقمية هي قضية عالمية أساسيّة من قضايا حقوق الإنسان. وفوائدها الواضحة لا تلغي أبدًا مخاطرها الجليّة التي لا لبس فيها.

كما لا يمكننا أن نقبل بأن يكون الفضاء الإلكتروني والذكاء الاصطناعي غير خاضعَيْن للإدارة والإشراف أو غير متاحَين لحقوق الإنسان. فنحن نتمتّع بنفس الحقوق في العالم الافتراضيّ والعالم الواقعيّ. وهذا ما أكدت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان.

أيها الأصدقاء والزملاء الأعزّاء،

يجب ألا نشعر بالارتباك إزاء حجم التطوّر الرقمي ووتيرته السريعة، لكنّنا بحاجة لأن ندرك عددًا من مخاطره المحدّدة.

نركّز كثيرًا، وعن وجه حقّ، على التحدّيات التي تعيق حريّة التعبير وتحرّض على الكراهية والعنف عبر الإنترنت. وقد تفشّت المضايقات وحملات التصيد والترهيب عبر الإنترنت وشكّلت تهديدات حقيقية في الحياة الواقعيّة، وأثّرت تأثيرًا غير متناسب على النساء. وفي أكثر الحالات فتكًا، استهدفت منشورات وسائل التواصل الاجتماعي مجتمع الروهينغيا في ميانمار قبيل تفشّي عمليّات القتل الجماعي والاغتصاب في العام 2017. وقد وجد المحققون المعنيّون بحقوق الإنسان أن فايسبوك وأخباره التي تعتمد على الخوارزميات، ساهمت في نشر خطاب الكراهية والتحريض على العنف.

لا تترك الانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة هذه مجالًا للشك. فالتهديدات والتخويف والتنمر عبر الإنترنت تؤدّي في العالم الواقعي إلى استهداف ومضايقات وعنف وقتل، وإلى مزاعم ارتكاب إبادة جماعية وتطهير عرقي حتّى. كما يؤدّي الفشل في اتّخاذ الإجراءات اللازمة إلى مزيد من التقلص في الحيز المدني، وانخفاض المشاركة، وتعزيز التمييز، واستمرار خطر العواقب المميتة، لا سيما بالنسبة إلى النساء والأقليات والمهاجرين، وإلى أي شخص يُعتَبَر من "الآخرين" المختلفين عنّا.

لكنّ رد فعل الجهات الناظمة المفرط بهدف كبح الخطابات واستخدام الفضاء الإلكترونيّ من قضايا حقوق الإنسان الخطيرة أيضًا. فعشرات الدول يقيّد الوصول إلى الفضاء الإلكترونيّ، ويكبح حريّة التعبير والنشاط السياسي، بحجّة محاربة الكراهية والتطرف في معظم الأحيان. ويبدو أنّ إغلاق الإنترنت أمسى أداة شائعة لخنق النقاش والمعارضة والاحتجاجات المشروعة. فقد أحصت المنظمة غير الحكومية Access Now 196 عملية إغلاق في 25 ولاية في العام 2018، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف الرقم المسجل في العام 2016 ويبلغ 75

ويقوم بعض الدول أيضًا بتشويه سمعة المدافعين عن حقوق الإنسان وجماعات المجتمع المدني عبر نشر معلومات كاذبة عنهم أو تنظيم حملات تحرّش تستهدفهم. وفي حين تستخدم دول أخرى أدوات المراقبة الرقمية لتعقب واستهداف المدافعين عن الحقوق وغيرهم ممن يُعتَبَر من المنتقدين أو المعارضة.

أيّها الأصدقاء والزملاء الأعزّاء،

بالإضافة إلى هذه الأخطار الحقيقيّة، من نقص في التنظيم وإفراط في التنظيم وسوء استخدام متعمّد، نشهد أيضًا مخاطر غير مسبوقة تهدّد الحقّ في الخصوصيّة. فالإجراءات الوقائية التي تصون الخصوصية فشلت في الكثير من الحالات. وقد يكون الكثيرون غير مدركين تمامًا من يحتفظ بياناتهم أو كيف يستخدمها.

ولأنّ البيانات محفوظة على نطاق واسع، فإن مخاطر إساءة استخدامها وآثارها واسعة النطاق أيضًا. فجوانب الطيف الرقمي المظلمة لا تهدّد الخصوصية والأمن فحسب، بل تقوض أيضًا الانتخابات الحرّة والنزيهة، وتهدد حريّة التعبير والمعلومات والفكر والمعتقد، وتدفن الحقيقة تحت الأخبار الكاذبة. وقد بلغت المخاطر أوجّها، بما أنّها توجّه بلدانًا وقارات بأكملها.

ولا تقتصر المسألة على الخصوصية فحسب، بل تتعلّق أيضًا بجمع البيانات على نطاق واسع وسوء استخدامها والتلاعب بالناخبين. لقد شهدنا ذلك في الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، والاستفتاء بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واستطلاعات الرأي في البرازيل وكينيا. وقد لعبت الصحافة، بما فيها الغارديان، إلى جانب مسؤولين حكوميّين متفانين، دورًا أساسيًّا في فضح عدد من هذه الانتهاكات أمام الرأيّ العام.

ومع استمرار الثورة الرقمية، سيزداد استخدام التكنولوجيا لأغراض مشروعة وغير مشروعة. وتستخدم الدول والشركات في الواقع أدوات قائمة على البيانات يمكنها أن تحدّد الأفراد الذين تعتبر أنّهم يشكّلون تهديدات أمنيّة محتملة، بما في ذلك على الحدود وضمن أنظمة العدالة الجنائية. كما تقيّم وتصنّف نظم الذكاء الاصطناعي الناس، وتتوصّل إلى استنتاجات حول خصائصهم البدنية والعقلية، وتتوقّع حالتهم الطبية في المستقبل، ومدى ملاءمتهم للوظائف، وحتى احتمال ارتكابهم مخالفات. كما يمكن استخدام ملفّات تعريف الأشخاص و"تسجيل النتائج" و"التصنيف" من أجل تقييم أهليّتهم في الحصول على الرعاية الصحية والتأمين والخدمات المالية.

وبالتاليّ، إلى جانب انتهاكات حقوق الإنسان المذكورة أعلاه، تتجلّى فئة جديدة تمامًا من الانتهاكات، لربّما غير متعمّدة ولا تنتج عن رغبة في السيطرة أو التلاعب، ولكن عن حافز مشروع لتحقيق أكبر قدر ممكن من الفعاليّة والتقدّم.

تُتَرجَم أوجه عدم المساواة في العالم الواقعيّ عبر خوارزميات العالم الافتراضيّ. ولا تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي إدراك تعقيدات خبرة البشر وحاجاتهم. وتولّد النظم الرقمية والذكاء الاصطناعي مراكز قوة تنطوي دومًا على مخاطر بما أنّها غير منظّمة، بما في ذلك على مخاطر تهدّد حقوق الإنسان.

ندرك تمامًا كي يتجلّى البعض من هذه المخاطر على الأرض. منها برامج التوظيف التي تقلّل من قيمة المرأة بصورة منتظمة، والأنظمة التي تصنّف المشتبه بهم السود على أنّهم سيعاودون على الأرجح ارتكاب الجرائم، وبرامج الشرطة للمخاطر الكامنة التي تؤدي إلى المبالغة في ممارسات الشرطة في المناطق الفقيرة أو مناطق الأقليّات. ومن المرجّح أن يكون أكثر الأشخاص تأثّرًا مهمّشين أصلاً في المجتمع. ولا يمكن مواجهة هذه التحديات بشكل كاف إلا عبر نهج قائم على حقوق الإنسان يعتبر كلّ شخص على حدة من أصحاب الحقوق، فيمكّنه ويولّد بيئة قانونيّة ومؤسسيّة تسمح بإعمال جميع الحقوق والتماس الانتصاف عن أيّ إساءة أو انتهاك للحقوق.

أيّها الأصدقاء والزملاء الأعزّاء،

لا تُستَخدَم التكنولوجيا الرقمية للرصد والتصنيف فحسب بل للتأثير أيضًا. فبياناتنا ليست رقمية فحسب، بل هي أيضًا تباع وتُسَيَّس. وتقدّم لنا العمليات الرقمية بالطبع سلسلة من الخدمات ولكنّها تصقل خياراتنا أيضًا. ومن الصائب أن نشعر بقلق بالغ حيال تأثير البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية الأخرى على حياتنا ومجتمعنا.

ومن الصائب أيضًا أن نسلّط الضوء على وضع الأشخاص الذين يعملون في القطاع الرقمي، ويشغلون في معظم الأحيان وظائف هشّة أو يعملون في اقتصاد العربة، فيُحرَمون من جميع المزايا التي تؤمّنها لهم الوظائف آمنة. ومن الضروري أن يتمتعوا بكامل حقوق الإنسان، بما في ذلك الحقّ في الانضمام إلى نقابات وفي الإضراب. في بعض الحالات، قد يساهم ذلك في كبح التجاوزات التجارية.

تعيدنا هذه التحديات إلى مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان السرمديّة. فجميع الناس متساوون، ويتمتّعون بحقوق غير قابلة للتصرف وبكرامة أصيلة فيهم. كما يتمتّع كلّ شخص بالحق في أن يعيش حياته دونما تمييز، وبالحقّ في المشاركة السياسية، والخصوصية، والصحة، والحرية، ومحاكمة عادلة. ولكلّ شخص الحق في الحياة.

بهدف احترام هذه الحقوق في عالمنا السريع التطوّر، يجب أن نضمن أن تخدم الثورة الرقمية مصالح الشعب، لا العكس. ويجب أن نضمن أن تتوافق كلّ عملية تديرها آلة أو نظام ذكاء اصطناعي مع مبادئنا الأساسيّة مثل الشفافية والإنصاف والمساءلة والإشراف وجبر الضرر.

لكن مَن المسؤول عن معالجة هذه المخاطر المتعدّدة والمعقّدة العابرة للثقافات والحدود الوطنية والولايات القانونية؟ أهي الدول بما أنّها تتحّمل المسؤوليّة الأساسيّة بحماية حقوق الإنسان وضمان سبل الانتصاف؟ أم الشركات التي يمكنها أن تغيّر طريقة عملها؟ أم المنظمات الدولية التي يمكنها البحث عن حلول عابرة للحدود؟ أم الأكاديميون؟ أم الصحفيّون؟ أم البرلمانيون؟ أم المدافعون عن حقوق الإنسان؟ أم المنظّمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدني؟

نعتبر أنّ الجواب هو كلّ من سبق ذكره، وذلك عبر الشراكة بحسٍّ من المسؤولية والملكية المشتركة. نحن بحاجة إلى ردّ إنساني عالمي للدفاع عن حقوق الإنسان العالمية.

هل نتصدى لهذه التحديات عبر الأخلاق أو حقوق الإنسان؟ من المشجع للغاية أن يكون عدد من الدول والكتل الإقليمية والشركات والأكاديميين وغيرهم من الناس البعيدي النظر قد عبّروا عن روح قيادة عظيمة وإعداد مبادئ توجيهية أخلاقية تهدف إلى التصدّي للظلم والتمييز. ولكننا نعتبر أيضًا أن المبادئ التوجيهية هذه ومدونات السلوك والامتثال الطوعي لا تشكّل بحدّ ذاتها ردًّا قويًّا يوازي حجم التحديات التي نواجهها.

البيانات تمدّ بالقوة، والبيانات الضخمة تمدّ بقوة هائلة - وكل قوة قابلة لسوء الاستخدام. هذه هي الحقيقة مهما اختلف السياق، ولا يشكّل العالم الرقمي استثناءً. وفي الواقع، يتخطّى إطار حقوق الإنسان الدولي الأخلاق بما أنّه يفرض الضوابط والتوازنات المطلوبة. كما يوفّر أساسًا قانونيًّا عمليًّا يمكّن الدول والشركات من مواجهة العصر الرقمي. ويوفّر أيضًا إرشادات واضحة للغاية بشأن السلوك المقبول، والأهم من ذلك أنّه قد سبق وتمّت صياغته ووافقت عليه جميع الدول. وإلى جانب الإعلان العالمي، لدينا العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والمحاكم واللجان وغيرها من المؤسسات التي يمكن أن تحاسب الدول والشركات.

لا تتعارض حقوق الإنسان والنهج الأخلاقية مع بعضها البعض. بل يمكنها أن تعمل جنبًا إلى جنب، على حدّ ما ورد في منشور صدر مؤخّرًا عن المنتدى الاقتصادي العالمي حول الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، ما يؤدي إلى تآزر صلب تُعزِّز من خلاله حقوقُ الإنسان الأخلاقَ، والأخلاقُ حقوقَ الإنسان.

وفي الواقع، إذا أردنا الاستفادة إلى أقصى الحدود من الثورة الرقمية، نحتاج إلى هذا النوع من التفكير الذي يتخطّى الثنائيّة، مع اعتماد إطار حقوق الإنسان كبوصلة توجيهية. إطار حقوق الإنسان في قابل المعايير الأخلاقية. الالتزامات في مقابل المسؤوليات. الدول في مقابل الشركات. الذكاء الاصطناعي في مقابل الكرامة الإنسانية. ضمانات حرية التعبير في مقابل الحماية من خطاب الكراهية.

ما يعني ردودًا جريئة من جانب الحكومات عند اعتمادها القوانين والمبادئ التوجيهية والأنظمة، عبر سياسات تنصّ على حماية الحقوق الكاملة، وإيلاء الاعتبار الواجب للحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. ما يعني أن يعبّر عمالقة التكنولوجيا عن روح قيادة عند ممارسات أعمالهم. ما يعني تمكين الأشخاص من التحكم بالقرارات المتعلّقة باستخدام بياناتهم الشخصية. ما يعني ضمان وصول الفئات المهمشة والأكثر فقرًا في مجتمعاتنا إلى سبل الانتصاف عند إساءة استخدام بياناتهم، أو عندما يتعرّضون لقرارات تنطوي على تمييز جرّاء عمليات اتّخاذ الآلة القرارات. ما يعني تقييم الأثر على حقوق الإنسان في كل مرحلة من مراحل تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي ونشرها، وهذا المجال مهم للغاية حيث يمكن للشركات والباحثين إظهار روح المسؤولية والقيادة.

ولكنّ الحكومات والشركات ليست بحاجة إلى أن تبدأ من العدم. فإلى جانب المبادئ التوجيهيّة للأمم المتّحدة بشأن الأعمال التجاريّة وحقوق الإنسان، لدينا أمثلة ممتازة عن المبادئ التوجيهيّة في قطاعات محدّدة، مثل دليل الاتّحاد الأوروبيّ لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات، وحوار قطاع الاتصالات ومبادئ وتوجيهات مبادرة الشبكة العالميّة.

أيّها الأصدقاء والزملاء الأعزّاء،

ما من جانب للثورة الرقمية لا يمكن أو لا يجب أن نتناوله من منظور حقوق الإنسان. ويجدر أن نبحث باستمرار عن الثغرات على مستوى الحماية ونقيّمها. هذا لا يعني أن نمرّر قوانين جديدة تواكب التطورات الرقمية فحسب، بل أن نكيّف أيضًا الطريقة التي نستخدم فيها المؤسسات والعمليّات. نحتاج إلى إنشاء مؤسّسات تراقب الشركات والدول القائمة على البيانات. ولا يمكننا أن نحمي الحقوق بشكل فعّال إلا إذا ضبطنا عمليّاتنا باستمرار وتوصّلنا إلى سلسلة التدخلات الصحيحة.

لا شك في أنّ تنظيم الحكومات للحيّز الرقميّ يمكن أن يثير قضايا أخرى، لا سيّما إذا لم يحترم الضمانات الأساسيّة لسيادة القانون، وخاصة المساواة أمام القانون والإنصاف والمساءلة.

يجب ألاّ ننسى أبدًا، أنّه في كلّ مرّة ننظم فيها وسائل التواصل الاجتماعي، نحدّد ما يمكن للأشخاص أن يقولوه أو يرَوه أو يسمعوه، في عالم يهيمن عليه النقاش العلنيّ والحياة العامة. لذلك يجب أن تكون تدخلاتنا مصممة تصميمًا مناسبًا وأن تتجنب حتمًا المغالاة والمبالغة. وفي حال تجلّت حاجة إلى التنظيم، يجب أن نركّز على سلوك المنصّات بدلاً من أن ننظّمها على أساس وجهات النظر. ونتوصّل إلى أفضل الحلول من خلال العمل ضمن شراكات، وتبادل أفضل الممارسات، وتحليل النتائج المفصّلة للأنظمة التنظيمية الوطنية، بما في ذلك أي عواقب غير مقصودة.

أيّها الأصدقاء والزملاء الأعزّاء،

من الضروريّ جدًّا أن تحمي الحكومات ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من شركات الأعمال الأركان الأساسيّة للمجتمع الديمقراطي وسيادة القانون وحقوقنا الكاملة على الإنترنت، فلا بدّ من المراقبة والمساءلة والمسؤولية. ومع توسّع الحدود الرقمية، تبقى مساعدة الشركات والمجتمعات على تنفيذ الإطار الدولي لحقوق الإنسان في الأماكن التي لم نصل إليها بعد من أكبر التحديات التي تواجهنا كمجتمع لحقوق الإنسان. ويشمل ذلك اعتماد توجيهات واضحة تتناول مسؤوليات شركات الأعمال من جهة والتزامات الدول من جهة أخرى.

في أفضل الحالات، ستنجح الثورة الرقمية في تمكين الناس وربطهم مع بعضهم البعض ومدّهم بالمعلومات وإنقاذ أرواحهم. وفي أسوأ الحالات، ستؤدي إلى تقويضهم، وإلى قطع الاتصالات فيما بينهم، وتضليلهم وزهق أرواحهم.

حقوق الإنسان تحدث حتمًا كلّ الفرق في هذه المعادلة.

وشكرًا.


الصفحة متوفرة باللغة: